أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - فرقة العازفين الحزانى .. دكتاتورية الواقع .. وتوهج السرد














المزيد.....

فرقة العازفين الحزانى .. دكتاتورية الواقع .. وتوهج السرد


مرتضى هاتف بريهي

الحوار المتمدن-العدد: 6352 - 2019 / 9 / 15 - 12:44
المحور: الادب والفن
    



حينما يتشبثُ الواقعُ بمخيّلةِ القاص، يبدو أنّ لا مفرَ منه؛ لتتضاءل فكرة خلق عوالم قصصية موازية مثالية؛ هرباً من الواقع المرّ أو حلماً في عالم أفضل وإنْ كان في السّرد.

ويحاول الواقعُ أنْ يقيدَ القاص بقيوده، فينجح مرةً مع قاصٍ ويخفق تارةً أخرى مع قاصٍ آخر، لكنْ أنّى له أن يقيد الإبداع حينما يتوهج السرد بالواقعي وتلتمع بطرف عين القارئ دمعة ويخفق قلبه بالحنان الإنساني؟

الحنان الذي يطهرنا من الشرور كما قال أرسطو في حديثه عن التراجيديا، فالحنان الإنساني والتطهير لازمتان من لوازم السرد المنبثق من حكايات الواقع الحياتي، وبحسب بيرسي لوبوك فإنّ القصة هي صورة للحياة، والحياة أمر مألوف بالنسبة لنا ... ويدعونا للحكم عليها فيما إذا كانت صادقة مفعمة بالحيوية مقنعة كما هي الحياة في الواقع أم لا،1 فيجعل الصدق والحيوية والاقناع شروطاً للحكم على مهارة القاص في خداع القارئ، وإيقاظ الضمير الإنساني فيه وتطهيره من نوازع الشر الكامنة.

الخداع لا بالمعنى السلبي إنما الايجابي المرتبط بالفن والجمالية؛ بغية خلق عالم سردي ممتع ومقنع وكأنّه سرد تاريخي حقيقي، بعيداً عن مهمة المؤرخ الذي يقدم الأخبار والحقائق الواقعية للقارئ مجردة من سحر السرد وتقنيات القص.

ويبدو أنّ القاص زهير كريم قد أتقن لعبته الفنية بإحكام في مجموعته القصصية (فرقة العازفين الحزانى) حينما قارب الواقع بسحر السرد اللذيذ، ليجرّ القارئ لفخ المتعة واللوعة الممزوجة بحنان الإنسان وواقعه الجنوني، وبعد كل قصة من قصص المجموعة يشعر القارئ باللذة التي تتحرر بالمشاعر أو الدموع.

وتلمح في قصص المجموعة ثيمة الجنون بأسلوب فني إبداعي، إذ تتجلى في أشكال مختلفة، ففي قصة (زيارة إلى القصر الجمهوري) نرى (جنون الخوف)، وفي قصة (الرجل الذي لم يعترف) نرى (جنون الوهم)، وفي قصة (زهرة عباد الشمس) نرى (جنون الخيال)، وفي قصة( مدينة البكّائين) نرى (جنون الواقع)، وفي قصة (الفص) نرى (جنون السلطة)، وفي قصة(رحلة الخراساني) نرى (جنون العشق)، وفي قصة (كنز المجنون) نرى (تشظي الجنون)، وفي قصة (كوابيس الاستاذ فرحان) نرى (الواقع المجنون/تاريخ العراق من الدكتاتورية حتى الإرهاب)، وفي قصة (لحظة إسكات الرئيس) نرى (جنون الشجاعة)، وفي قصة (الهدهد) نرى (جنون الطوائف في حروبها)، وفي قصة (أبو نخلة) و قصة (طائر أسود) نرى (جنون التقاليد والخرافات المبنية على الوهم)..هذا الجنون الذي تعرضه القصص بأنواعه المختلفة هو نتاج واقع دكتاتوري بسلطته وتقاليده وعقائده الخرافية وخطاباته وحكاياته وأحداثه...الخ، واقع يسلب العقل ويحيّر القلب ويصمت الافواه عن قول الحق، واقع عاشه الإنسان العراقي في تاريخه الحديث والمعاصر، واقع لايقاومه إلا الجنون أو الحياد* واللامبالاة.

كل هذا الجنون تقدمه المجموعة بأسلوب سردي متوهج ينفذ إلى قلب القارئ عبر قصص البؤس التي يعاني شخوصها من الجنون، ليتخلص القارئ من أبشع أشكال الجنون التي وصفها فوكو مرة فقال : إن ((أبشع أشكال الجنون الإنساني عدم التعرف على البؤس الذي يحيط به من كل جانب، وعدم الحقيقة والخير، وأخيراً عدم إدراك درجة جنونه هو))2.

وتلحظ في المجموعة دهشة النهايات(لحظة التنوير) واللمسة التراجيدية في أغلب قصص المجموعة، مع تناسل الحكايات، وحضور السارد العليم من الخارج في أغلب القصص ومن الداخل في بعضها، مع توظيف الأحداث التاريخية بحرفية سردية، وكذلك يجد القارئ رؤية عميقة وفلسفة مميزة مبثوثة في أثناء السرد، مع صياغة لغوية سلسة من دون إطالة أو حشو أو وصف لا يخدم حبكة القصة أو بنيتها ككل واحد، مع ذلك لا تخلو المجموعة من الاستطرادات وعدم التكثيف والإيجاز في بعض المواضع.

………………… ...

1- ينظر : صنعة الرواية : 19-20
* تلمح صفة (الحياد/الحيادية) على أغلب الشخصيات المجنونة في قصص مجموعة فرقة العازفين الحزانى.
2- تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي : 55



#مرتضى_هاتف_بريهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بنية المفارقة إلى اللامعقول .. (عودة الكومينداتور ..بائع ...
- المكان المغيّب ومثالية الجسد .. كتاب المراحيض


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - فرقة العازفين الحزانى .. دكتاتورية الواقع .. وتوهج السرد