أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد جلال - تنامي الحركات الاحتجاجية كرد فعل على سوء تدبير الملفات الاجتماعية















المزيد.....

تنامي الحركات الاحتجاجية كرد فعل على سوء تدبير الملفات الاجتماعية


خالد جلال

الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:50
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


يعيش المغرب ومند فترة غليانا احتجاجيا عارما واحتقانا شعبيا متناميا نتيجة تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية بسبب انتهاج الدولة للسياسات اللاشعبية الرامية إلى التفقير والتهميش والإقصاء وعدم التعاطي الإيجابي مع الملفات الاجتماعية. إن تنامي الحركات الاحتجاجية بالعديد من المدن تعتبر ظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة والتحليل مع ضرورة ربطها بالسياقات العامة التي أفرزتها. إن الوقفات الاحتجاجية والإضرابات والاعتصامات كأشكال احتجاجية ليست في واقع الأمر إلا تقنية ووسيلة محددة مسالمة نسبيا يهفو من خلالها منظموها إلى تحقيق مقاصد ومطالب معينة. إن الاحتجاج الاجتماعي تعبير عن رفض لواقع معين يستخدمه المواطنون عامة، والفاعلون الاجتماعيون على الخصوص، في وجه الأنظمة الحاكمة أوأجهزتها وهياكلها التابعة لها بهدف تحقيق تغيير معين أو تجاوز أزمة محددة. كما يمكن اعتبار الاحتجاج مؤشرا واضحا لواقع اجتماعي يتسم ببروز أزمة أو صراع معين بين فئة قليلة مستفيدة من خيرا ت وثروات البلاد أو فئة تمتلك السلطة أو كلاهما (امتلاك المال والنفوذ) وفئة عريضة من الجماهير الشعبية محرومة من هذه الثروات وتعاني من مختلف أشكال الإقصاء والتهميش والتفقير.
وتأسيسا لما سبق، فالسياق العام، الاجتماعي والسياسي، الذي تظهر وتنشأ فيه الحركات الاحتجاجية الاجتماعية عادة هو سياق "الأزمة"، إذ أن أهم العوامل التي تشكل المناخ العام لظهور الحركات الاحتجاجية هو فشل المشروع المجتمعي بسبب سن الحكومات المتعاقبة لسياسة لاشعبية ولاديمقراطية والتي تسير غالبا وفق منظور المؤسسات المالية الدولية وأزمة غياب الديمقراطية خصوصا مع تراجع دور التنظيمات السياسية في التأطير والتعبئة والتمثيل الشعبي فضلا عن الأوضاع المتأزمة للنقابات العمالية التي يعرف دورها تراجعا ملحوظا بالإضافة إلى انخراطها ومساهمتها في سلم اجتماعي/ظلم اجتماعي أدى إلى جمود قاتل في صفوف النقابة وبالتالي عدم تحريك للملفات المطلبية للعديد من القطاعات.
ونتيجة لذلك، شهدت السنوات الأخيرة مجموعة من الإضرابات الوطنية والمحلية التي شملت العديد من القطاعات العمومية (الجماعات المحلية، الصحة، العدل، التعليم، المالية، التعاون الوطني، الفلاحة....) ومسلسل مستمر من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات الوزارات والمندوبيات الإقليمية وأمام البرلمان، ناهيك عن تلك المعارك النضالية التي عرفتها العديد من الوحدات الإنتاجية والخدماتية بالقطاع الخاص، والتي دعت إليها النقابات. كما عرف المشهد الاحتجاجي بالمغرب ازدياد الاحتجاجات الطلابية والتي شملت العديد من الجامعات احتجاجا على الاختلالات البنيوية للجامعة المغربية والنظام الجديد للدراسة والامتحان وتواجد الأجهزة الأمنية بداخلها وقمع حرية التعبير... كما كان للمعطلين حاملي الشواهد نصيبهم على الساحة الاحتجاجية حيث صعدوا من لهجتهم وواصلوا معركتهم النضالية المشروعة مطالبين بحقهم العادل في الشغل حيث قاموا بالعديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات كانت أهمها تلك التي تم تنظيمها بشوارع الرباط وأمام مقر البرلمان حيث كانت آلة القمع تنتظرهم كالعادة بدل فرص العمل. كما عرفت هذه الأشكال الاحتجاجية مؤخرا منعطفا خطيرا تمثل في إقدام بعض المعطلين على إضرام النار في أجسادهم بالشارع العام كشكل جديد للاحتجاج يعكس مدى تأزم أوضاع هذه الشريحة الاجتماعية.
من المؤكد أن وثيرة الاحتجاجات الاجتماعية أصبحت تتصاعد بشكل ملحوظ حيث عرفت العديد من المناطق بالمغرب أحداثا طرحت العديد من الأسئلة، كان وراءها حركات منظمة وأخرى عفوية، كما تعددت مطالبها وتنوعت أشكالها الاحتجاجية وتنوعت مواقعها. لقد برزت إلى السطح مؤخرا تلك الحركات الاحتجاجية التلقائية وغير المؤطرة من طرف الأحزاب أو النقابات أو الجمعيات، والتي تعبر غالبا عن مطالب اجتماعية محلية كاحتجاج سكان "تماسينتّ عن أوضاعهم المأساوية من جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة، والاحتجاج على النقص في الماء بكل من تنغير وورززات واحتجاج المواطنين بطاطا للمطالبة بالحق في مجانية الخدمات الصحية والاحتجاج على غياب الأمن ببعض المدن وخروج مجموعة من المحتجين بمدينة فاس للتظاهر احتجاجا على محاولة بعض المسؤولين حرمانهم من منتزه وما يحاك ضد "جنان مولاي كامل" (ملعب الخيول سابقا) والتراجع عن تخصيصه فضاء أخضر، ومسيرة بومية من أجل رفع الحيف والتهميش والحرمان على المدينة، والاحتجاج على ارتفاع الأسعار وضرب القوة الشرائية بمجموعة من المدن المغربية
(وادي زم، الرشيدية، كلميمة..) والاحتجاج على نهب المال العام وتفويت بعض الآراضي لأصحاب النفوذ...وغيرها. لكن، اللافت للنظر هو تلك المسيرات الاحتجاجية الشعبية التي أضحى المواطنون ينظمونها بالعديد من المدن تعبيرا منهم عن سخطهم واستيائهم لما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في غياب تام لمحاولات جادة ومسؤولة لتدبير الملفات الاجتماعية الكبرى كالتشغيل والصحة والسكن والتعليم وغيرها. ومن بين المدن والأقاليم التي عرفت مسيرات احتجاجية شعبية نذكر الحسيمة، ورززات، الرباط، طاطا، تارودانت، مراكش، خنيفرة، إيفني، كلميم، فاس ...وغير ذلك من مناطق البلاد كمؤشر حقيقي على تأزم الأوضاع الاجتماعية بصفة عامة.
لقد كان آخر هذه المسيرات الشعبية الاحتجاجية والتي استأثرت باهتمام كبير هي المسيرة التي تحركت مؤخرا مشيا على الأقدام من مدينة جرادة في اتجاه العاصمة الرباط. هذه المسيرة التي تضم عائلات ضحايا سوء تدبير ملف مناجم جرادة، والذين قرروا المخاطرة بأرواحهم وأرواح أطفالهم بعد أن استنفدوا كافة الأساليب السلمية وباءت جميع اللقاءات وجلسات الحوار مع المسؤولين الإقليميين بالفشل دون أن تحقق شيئا يذكر.إن مسيرة هؤلاء العمال المتضررين، والذين تم طردهم قبل اتفاقية 17 فبراير 1998 الموقعة بين النقابات وإدارة الشركة، جاءت نتيجة مطالبتهم بتسوية أوضاعهم إسوة بالعمال الذين شملهم بروتوكول الاتفاقية. ونتيجة لتجاهل مطالبهم العادلة، قرروا الخروج مع أزواجهم وأطفالهم في مسيرة البحث عن الخبز والكرامة.
إن تزايد الاحتقان الاجتماعي لم يكن ليحصل ويتنامى وهذه الحركات الاحتجاجية لم تكن لتزداد وتنتشر وتعم مختلف أنحاء البلاد وهذه الإضرابات والوقفات والاعتصامات لم تكن لتنفجر لولا سوء تدبير للملفات الاجتماعية الكبرى وعدم إيلائها الاهتمام الذي تستحق في قوانين الميزانيات ولولا تجاهل الحكومة تلبية مطالب العديد من القطاعات ومقابلتها غالبا بعقد اجتماعات تفاوضية مارطونية صورية دون أن تفضي لأية نتائج ملموسة. لقد أفرزت هذه الأوضاع حالة من السخط والغضب والتذمر والتشاؤم عكسها بشكل منطقي وحتمي تنامي الحركات الاجتماعية وركوب قوارب الموت وأحيانا تكوين عصابات إجرامية قد تتحول إلى خلايا إرهابية. ويتم غالبا تسجيل التعامل القمعي والتدخل العنيف وغير المبرر للأجهزة الأمنية الذي تواجه به هذه الاحتجاجات ذات الطابع السلمي، إذ بدل أن ينكب المسؤولون الحكوميون، كل من موقعه، على التعاطي الإيجابي واقتراح حلول جدية وناجعة للمشاكل الآنية والرئيسية لمختلف شرائح المجتمع أو حتى محاولتهم التقليص والحد نسبيا من مظاهر التهميش والإقصاء والتفقير والبطالة، يختارون الهروب إلى الأمام والمماطلة والتسويف والقمع وتغليب الهاجس الأمني ومواصلة ما يسمى بـ "الحوار الاجتماعي" من أجل فرض "سلم اجتماعي" بهدف امتصاص غضب الجماهير المتضررة ولجم الحركات النضالية الشعبية.
فمن المتوقع أن يستمر هذا الاحتقان الاجتماعي الذي قد يأخذ منعطفا خطيرا وانعكاسات سلبية لا تحمد عقباها وأن تزداد وثيرة الحركات الاحتجاجية ما دامت دواعي ومسببات الأزمة قائمة خصوصا وأن هذه الاحتجاجات الشعبية والجماهيرية أصبحت تأخذ أشكالا أخرى جد متطورة وتستقطب أعداد أكبر وتستغل الفضاء العمومي للتظاهر وتعرف ردود فعل جد إيجابية لدى عموم المواطنين ما دامت تلامس بشكل مباشر وأكثر واقعية القضايا الأساسية للمعيش اليومي للفرد المغربي. بدون شك، لقد أدت هذه الحركات الاجتماعية المتزايدة إلى إفراز وخلق مجتمع مدني أكثر دينامية وبلورة ثقافة وممارسة احتجاجية جديدة بدأت تتجاوز تلك الأشكال التقليدية لتؤسس لفعل احتجاجي متجدد وفعال يتميز باستعمال آليات احتجاجية جديدة ومبتكرة بفضل التجارب المتراكمة محليا أو تلك المأخوذة من الدول الأخرى، خصوصا أمام تراجع – إذا لم نقل غياب- دور الأحزاب والنقابات ولجوءها لفرض "سلم اجتماعي" مغشوش بإيعاز من الحكومات المتعاقبة دون الانتباه والتنبؤ لما قد يسببه هذا السلم الاجتماعي من ظلم اجتماعي شمل مختلف نواحي الحياة اليومية للشعب المغربي.



#خالد_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى فاتح ماي 2006 قطاع التربية والتكوين بالمغرب: بين واق ...
- لتنعبأ ضد انتهاك الحريات النقابية ومحاكمة النقابيين بسبب مما ...
- عيد الشغل - العيد الأممي للطبقة العاملة - 2006 : الحصيلة وال ...
- كلنا ضد ارتفاع الأسعار وضد ضرب القوة الشرائية للمواطن المغرب ...
- التكتل والتوحد النضالي في مواجهة السياسات اللاشعبية
- تأجج نار الاحتجاج بقطاع التعليم بالمغرب في مواجهة اللامبالاة ...


المزيد.....




- “اعرف هتقبض كم؟؟”.. قيمة مرتبات شهر مايو 2024 بالزيادة الجدي ...
- ثلاث حوادث لطائرات بوينغ في 48 ساعة…هل هو العامل الإنساني أم ...
- اليونان تعتزم استقدام آلاف العمال المصريين في مجال الزراعة
- Meeting of the WFTU committee for Democratic and trade union ...
- 100 ألف دينار زيادة فورية. سلم رواتب المتقاعدين الجديد يُفاج ...
- زيادة 500 ألف دينار على الراتب.. “وزارة المالية” تُفاجئ روات ...
- برنامج أنشطة اتحاد النقابات العالمي في مؤتمر العمل الدولي رق ...
- سوق العمل والوظائف.. -اليد العليا- لصناعة الروبوتات
- حقيقة إيقاف منحة البطالة في الجزائر 2024 في هذه الحالات.. ال ...
- WFTU Program of Activities in the 112th ILC, Geneva 3-14 Jun ...


المزيد.....

- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد جلال - تنامي الحركات الاحتجاجية كرد فعل على سوء تدبير الملفات الاجتماعية