أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحق الزروالي - الشعبوية و التحريفية الماوية ...وجهان لعملة واحدة















المزيد.....



الشعبوية و التحريفية الماوية ...وجهان لعملة واحدة


عبد الحق الزروالي

الحوار المتمدن-العدد: 1533 - 2006 / 4 / 27 - 10:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مقدمات أولية للنقاش.
و نحن اعتقدنا بعد كل الأرضيات و المقالات التي وجهناها أنها ستوقف أو تنقص شيئا من السفالة و السباب و الألفاظ النابية، المقحومة في نقاشات تهم مصير كادحي هذا البلد و بشكل خاص مصير الطبقة العاملة و الحركة الماركسية اللينينية، الثورية المرتبطة بها.
وجدنا الشعوذة و الدجل عوض النقاش النقدي، وجدنا معاداة الإطلاع على التجارب بدعوى مناهضة عدوى التحول "لعبدة الكتب و المجلدات الماركسية اللينينية"، وجدنا من يدعي عدم استعمال النصوص و الكتب "للاستشهاد" بها، بأنه يستعمل الجمل، النقط و الفواصل.. المنسوخة من كتابات دار موسكو و دار بكين، وجدناه يستنسخ المقالات و الألفاظ حتى النابي و الساقط منها ـ و إن كانت على لسان لينين ـ وجدنا الرفاق "لا يستحيون أحدا ليستشهدوا بفتاوي الدموي ستالين، مصفي الثوريين البلاشفة و الطلائع العمالية الثورية الروسية، مخرب الحركة الشيوعية الأممية ـ بما فيها الحركة الشيوعية الصينية ـ... و قد لا نتعجب في آخر المطاف، فذلك الشبل من ذاك الأسد، و الشبل و أبوه كرطونيان لا غير، مزيٌفون، منافقون، ينشدون الوحدة مع الجميع" و في الخفاء سرا عن قواعدهم و المتعاطفين معهم، ثم يزعقون و ينهقون ضد "تحريفيات" من صنع الخيال، أو هي انحرافات عن معتقداتهم إن صح القول.
إذ لم تعد التحريفية هي التزوير و التراجع عن الثوابت الماركسية اللينينية في النظرية العلمية، السياسة الطبقية البروليتارية، التنظيم الثوري وحزب الطبقة العاملة المستقل.. بل أصبحت هي الرفض للنموذج الماوي الحزبي و "الجبهة" اللاطبقية و "الجيش الشعبي" و العمل الإرهابي الفردي، و دكتاتورية الطبقات الأربع".. الخ.
و من انتقد هذا فقد تراجع و خان! وجب طرده من بيئة الماركسيين.. الخ! من الحماقات الصبيانية.
فالفرق شاسع و الهوة سحيقة بين احتراف النقاش في الحلقات الجامعية المحصنة بالسيف و الساطور.. و في زمن لا ينفتح فيه الشباب عن الماركسية ـ و هناك من يشجعهم على التعاطي مع قشورها و فقط ـ إلا سنوات بعد العشرين، و الغالبية منهم لا تجٌد للإطلاع سبيلا إلا بعد مجهودات فردية، تجد إمكانياتها بعد مغادرة الجامعة و فضاءات إوطم المحدودة، فضاءات في غالبيتها تلقن الشعارات و المسلكيات الخاطئة! توزع التصنيفات و تشيع المغالطات حول التاريخ، النظرية و الحركات و الرموز الثورية المناضلة.
و هاكم نموذج حي، فلم أطلع قد داخل الأدب الاشتراكي على توجيه غريب مثل الذي قرأته عن "خالد الصقر" الذي حوله رفاقه "صفرا" فاختار "المهدي" لعل "هدايته" تنفع المومنين و المريدين في شيء من إشكالات الصراع الطبقي و العمل الثوري الميداني، توجيه مفاده معاداة الكتب و الأدب الماركسي اللينيني أو ما سماه بالمجلدات الخمس و الأربعين، فطريق الهداية ـ "يا رفيقي" ـ تبدأ بالإطلاع على التجارب، و التجارب في غالبها تحفظ في الكتب و المقالات و النشرات.. و ليس في ذاكرة الراوي.
و هنا لن نتركك تتصيد الفرص بأن تتكلم عن الممارسة و الميدان، فالذين يجهلونك ـ خاصة جمهور الانترنيت المحلي و "الأممي"ـ فلست فالح في المجالين، مجال الممارسة و مجال الدعاية النظرية.
أنت مشعوذ من الدرجة الابتدائية و مزيف من الطراز الرديء، فإذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الآخرين بالحجارة خاصة و أن زجاج بيتك من النوع الهش الرديء.
و بالرغم من كل الأساليب المنحطة التي عرفها مسار هذا النقاش و بالرغم من كل محاولات إسكات و خنق الأصوات الماركسية اللينينية البروليتارية الحقيقية، بالتشويه و التشهير و التهديد، اختارنا النقاش و الرد ـ أحيانا بالمثل و أكثر ـ دفاعا و توضيحا لأطروحاتنا و تصوراتنا بكل جرأة.
فما يفيد من هذه النقاشات و التي نعتبرها قد وصلت لجزء من أهدافنا بالرغم من كل الأساليب الساقطة و الغير مسؤولة بل و الغير لائقة بمناضلين يتداولون في أحوال كادحي بلدانهم و كادحي العالم أجمع، و بالأحرى أن تكون لائقة بماركسيين مستعدين للتضحية بأي شيء من أجل نشر الوعي وسط الطبقة العاملة و عموم الكادحين.
ما يفيد من هذه النقاشات هو في دفعها بالمناضلين للإطلاع على الماركسية اللينينية بكتبها و نصوصها ـ حيث توجد تجاربها ـ رغم الفتاوي المفضوحة لزعماء "دعوني أقرأ لكم، ثم دعوني أشرح لكم و بالتالي لأقرر لكم". إذ بدأ البحث عن و في "برنامجنا" "بم نبدأ؟" "ما العمل؟" و "تاكتيكان" و "خطوتان" و "الدولة و الثورة" و "موضوعات نيسان" "رسائل من بعيد"، "مرض اليسارية".. الخ.
فإياكم و أن تنطلي عليكم فتوى عدم الإطلاع عن المجلدات فصاحب الدعوة و الفتوى لا ينتج جملة واحدة من تجربته و لا من مخيلته، ينسخ الجمل، الكلمات، النقط و الفواصل.. ففي "مقاله" هذا أزيد من 80 نص و مقولة بحذافيرها، زيادة على محاولاته للشرح و التفسير و التي إما أنها ليست "لصاحبها" و لا يعترف بهذا في الصياغة، و إما تحايل بصياغة و تركيب جديد يُدخِل فيه التصرف و ينسبه لنفسه، و التصرف يعني التزوير المفضوح الذي يحاول "الزعيم" تفاديه ـ تفادي الفضيحة، بشعار إياكم و المجلدات الخمس و الأربعين، "إياكم أن توقفوا الماركسية عند لينين" دون أن يتساءل لماذا أوقفها هو عند حد ستالين و تلميذه النجيب ماو؟!.
لماذا لا تطلع "الرفاق" عن "نظرية العوالم الثلاث" الماوية لكي يتضح "الديالكتيك" الماوي و فهمه أو تصوره للتناقض؟ و لا أعرف أهو الجهل أم التزوير؟ حين يتكلم "الزعيم" عن علاقة ماو بمفاهيم "البرجوازية البيروقراطية" و "البرجوازية الكمبرادورية" و يدعي السبق لإنتاجها و ابتكارها، دون حياء!.
ألهذا تنصح الرفاق بعدهم بعدم الإطلاع على الكتب، ألا تستحي من كون أن المفاهيم قد تم تداولها في الأدب الاشتراكي الماركسي قبل بروز اسم ما و سطوع "نجمة"، مفاهيم يمكن الإطلاع عليها مثلا من خلال نقاشات الأممية الشيوعية حول مصير الثورة الصينية خلال سنوات 26/1927، وقد يجد الرفاق ذلك في أطروحات زينوفييف و تروتسكي في صراعهما ضد الأطروحة الستالينية المتحكمة في قرارات الأممية.
و متابعة لشرح أهدافنا من هذه النقاشات و الردود، نود توضيح بعض الأمور لمجموع الرفاق المتتبعين لهذه النقاشات بأن الهدف من هذا ليس هو إبراز المواهب و الملكات المعرفية، و قوة الإطلاع النظري الأدبي عن تجارب الشعوب الثورية ـ الفاشلة و الناجحة أو التي زاغت عن الطريق ـ و الحركات الاشتراكية المحلية و العالمية ـ خاصة تيارها الماركسي اللينيني البروليتاري ـ بل الهدف هو تجميع و توحيد الاشتراكيين الحقيقيين المغاربة في تيار ثوري مكافح، تيار واضح في منطلقاته، أهدافه و أساليبه، تيار يناضل من اجل نشر الفكر الثوري الاشتراكي، يناضل من أجل بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، يناضل من أجل القضاء على النظام السياسي الاقتصادي القائم، يناضل من أجل بناء الاشتراكية عبر استيلاء الطبقة العاملة و حزبها الماركسي اللينيني على السلطة و إقامة سلطتها دكتاتورية البروليتاريا.
تيار له من الأساليب النضالية المتعددة التي راكمتها التيارات الماركسية اللينينية البروليتارية في المغرب و في جميع مواقع الحرب الطبقية الدائرة بين البروليتاريا و الرأسمال، أساليب النضال السري و الجماهيري العلني، أساليب التشهير بسياسة النظام و بسياسة جميع الأحزاب و التيارات السياسية المناصرة له أو المتعاونة معه أو المتخاذلة الانتظارية الخادمة له، أساليب التنديد، التشهير و الاحتجاج المنظم و القيادة الطليعية في النقابات و الاتحادات الطلابية، الشبيبية و الجمعوية الجماهيرية و شبه الجماهيرية.. الخ.
تيار يعتبر الماركسية اللينينية منهج تحليل و مرشد عمل، مناضلوه مقتنعون بأن تحرير العمال لا يمكن أن يكون إلا من صنع أنفسهم.. "و دون وعي الجماهير و تنظيمها، دون إعدادها و تربيتها عن طريق النضال الطبقي السافر ضد البرجوازية بأسرها، لا يمكن حتى الكلام عن الثورة الاشتراكية" ـ تاكتيكان ـ لينين.
و هنا مرة أخرى أوضح بأن الاستعانة بنصوص ماركس، انجلس و لينين ليس كما ادعاه "خالد المهدي" أو "خالد بن الوليد"، بأن الماركسية اللينينية، نحصرها في النصوص، و فقط، بل نعتبرها أساسا و في نفس الوقت منهجية علمية و مرشد عمل، عكس ما يمارسه الماويون المتمكنون و المبتدئون حين يحاولون القفز على النصية الماركسية اللينينية بالنصية الستالينية و الماوية.
و كذلك و لكي لا يقع اللبس و الخلط لا بد و أن نوضح علاقتنا بالنظرية الماركسية اللينينية، لا بد و أن نقدم و لو تلخيصا لبرنامجنا و برامجنا القطاعية.. لا بد للإدلاء بخططنا و شعاراتنا في مجالات و فضاءات الصراع الطبقي.. فإذا كنا اشتراكيين و شيوعيين، ماركسيين لينينيين، فلا حرج بأن نوضح و لو بتركيز ما نريده كتيار، مجموعة أو حزب "بيان موجز واضح و دقيق عن كل ما يريد الحزب بلوغه و عن كل ما يناضل في سبيله.. برنامجا واضحا و دقيقا لكي يعرفه الشعب بأسره و يراه، لكي لا ينضم للحزب سوى أناس يرغبون حقا في خوض النضال من أجل تحرير كل الشعب العامل من نير البرجوازية، أناس يدركون تماما من هم الذين يجب عليهم أن يتحدوا في سبيل خوض هذا النضال، و كيف ينبغي خوض هذا النضال" لينين ـ إلى الفلاحين الفقراء ـ.
لماذا هذا الاستشهاد، لأننا صراحة، تختلط عنا الأمور حين الرجوع للكتب الفلسفية الماركسية و للكتب السياسية الماركسية اللينينية و لنصوص ماركس انجلس و لينين لدحض الخصوم المقتنعين أو المتذرعين بالماركسية.
فلا نعرف أصل حماستهم الزائدة و هجومهم الهستيري و تجنيهم المقيت.. هل هو دفاعا عن المرجعية الماركسية اللينينية، أم دفاعا عن حقهم في الاختيار من بين الخطط السياسية و العسكرية للتغيير الثوري التقدمي في التاريخ و تجارب الشعوب؟.
و نعتقد جازمين بأن الارتباك الحاصل لجميع التيارات الثورية هي في محاولة تطويع أفكارها و خططها لكي تصبح اشتراكية، و لها كامل الحق في ذلك، لكن أن تتجاوز ذلك في التقارب و التذرع بالاشتراكية العلمية ـ الماركسية اللينينية ـ فهي بهذا تتعدى التطويع للي العنق.
و كيف ما كانت الأحوال فبخوضنا هذه النقاشات، نعتقد بأننا نخدم جيدا عملية نشر الفكر الاشتراكي الثوري، و نتمنى أن يستمر هذا المنحى، منحى الإطلاع عن الماركسية من ماعونها النظيف و ليس من تلك الطنجرة الستالينية الصدأة.
فماركس كان مناضلا اشتراكيا، و إلى جانب انجلس و رفاقه الأمميين شكلوا تيارا بروليتاريا أمميا داخل، مع و ضد التنوعات الاشتراكية البرجوازية الصغيرة.
لينين و قبل أن يحدد برنامج الحد الأدنى، تاكتيك الثورة الوطنية الديموقراطية ـ حدد بوضوح و منذ سنوات عمله السياسي الأولي، برنامج تياره و مهمة حزبه الاشتراكي الثوري الحقيقي "إن هذه المهمة لا تقوم في اختلاق المشاريع لإعادة بناء المجتمع، و لا في وعظ الرأسماليين و أذنابهم بتحين أوضاع العمال، و لا في حبك المؤامرات، بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي و قيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية و تنظيم المجتمع الاشتراكي" لينين ـ برنامجنا ـ.
و حين اجتهد تياره البروليتاري من داخل الحركة الاشتراكية الروسية و قدم تاكتيكه على أنها مهمة عرضية و مؤقتة و ليست باستراتيجية معممة خارج شروط الأوضاع المحلية و الدولية، و النسبة بين الطبقات و قوة الطبقة العاملة الاقتصادية السياسية و التنظيمية.. الخ.
"إن دكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الديمقراطية الثورية ليست، ثورية بلا جدال، سوى مهمة عرضية، مؤقتة، بالنسبة للاشتراكيين، بيد أنه من باب الرجعية على وجه الضبط تجاهل هذه المهمة في عصر الثورة الديمقراطية" تاكتيكان ـ لينين.
و يضيف للتوضح بأنها مجرد تاكتيك قبل أن تشوه الستالينية هذا التاكتيك لتؤبده و تحوله لاستراتيجية صالحة لكل الأماكن و الأزمنة، و تحول التحالف الطبقي إلى تكتل هلامي داخل الحزب أو الجبهة الواحدة، و تلغي تميز الفئة الفلاحية الفقيرة التي تكلم عنها لينين لتضخم الحلف و تموه الفواصل و الحدود و الاستقلالية الطبقية، فينتقل الحلف من اثنان إلى تكتل رباعي طبقي و إلى إضافات ماوية غريبة تكلمت و ما زال أنصارها يتكلمون عن الإقطاعية المستنيرة..!
يضيف لينين و يقول "سيأتي يوم ينتهي فيه النضال ضد الأتوقراطية الروسية و يولي فيه عهد الثورة الديمقراطية بالنسبة لروسيا، و إذ ذاك، سيكون من المضحك حتى التحدث عن "وحدة الإرادة" بين البروليتاريا و الفلاحين، و عن الدكتاتورية الديموقراطية.. الخ، إذ ذاك سنفكر مباشرة بدكتاتورية البروليتاريا، بدكتاتوريتها الاشتراكية، و نتحدث عنها بمزيد من التفصيل" نفس المرجع السابق.
و حين انتفضت الجماهير الشعبية و في طليعتها الجماهير العمالية و أقاموا ثورتهم الثانية و قضوا على "ملكيتهم" البائدة، لم يتردد لينين في الارتباط بالطليعة و لم يبق في موقع المتأمل في المأخرة أي في ذيل الحركة الجماهيرية بأن ارتبط باستراتيجية الثورة الاشتراكية، و نذكر هنا ببعض من توجيهاته القيمة "يجب أن نتذكر دائما أننا لم نأخذ قط على عاتقنا مهام اجتماعية لا حل لها و أن دكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الفقراء هي وحدها التي ستحل المهام التي لا يمكن حلها تماما، أي مهام القيام دون إبطاء بالخطوات نحو الاشتراكية، باعتبارها المخرج الوحيد من وضع بالغ الصعوبة، فالنصر، النصر الوطيد، مضمون الآن أكثر من أي وقت مضى، و أكثر من أي مكان آخر، للبروليتاريا في روسيا، إذا هي أخذت السلطة" لينين ـ هل يحتفظ البلاشفة بالسلطة؟ ـ.
هنا نلاحظ بجلاء عميق الشعارات ودقة التكتيكات، فمن لا يفهم مغزى شعار "دكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الفقراء" يمكنه أن يفهم المهام المرتبطة بالشعار و التي أوضحها لينين "بالقيام دون إبطاء بالخطوات نحو الاشتراكية" مهام و نصر مضمون بحيازة الطبقة العاملة للسلطة.
أما النقاش الدائر فهو للإجابة على سؤال الأحزاب البرجوازية و البرجوازية الصغيرة و حزب الفلاحين على سؤال "هل يحتفظ البلاشفة بالسلطة؟".
و إذا كان حزب لينين و تياره البروليتاري يمثل بدقة و وضوح و تفان مصالح الطبقة العاملة أفتك السلطة فمن البلاهة أن يقدمها أو يقاسمها مع طبقة أخرى بالفهم الضيق لشعار "ديكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الفقراء". و بديهي كذلك أن حزب البلاشفة لم يمثل تحالفا طبقيا و لا جبهة طبقات، بل كان يمثل الطبقة العاملة بشكل مستقل عن الطبقات الأخرى المناهضة للطبقات الحاكمة. استقلال فكري سياسي و تنظيمي، شرط الثورة و شرط الاستيلاء على السلطة وفق التوجه الماركسي.
وبالتالي فالتفسير العلمي الوحيد لا يمكن تلمسه إلا من خلال متابعة البرامج البلشفية التي كانت تضمن مصالح الطبقات والفئات الكادحة الحليفة في الثورة وليس باشتراكها في التنظيم السياسي وفي السلطة السياسية المركزية ـ دكتاتورية البروليتاريا ـ من خلال حكم حزب البروليتاريا الماركسي اللينيني تضمن هذه الديكتاتورية للكادحين أكبر ديمقراطية و أوسعها، لم تعرفها الجماهير الكادحة المضطهدة من قبل أي في ظل أوفر البرجوازيات البرلمانية ديمقراطية.
"و زيادة في الإيضاح ـ والكلام للينين ـ نقول أننا لا نسخر من البرامج، بل من عجز بازاروف وشركاءه عن أن يدركوا، أنهم، بإنكارهم "رقابة العمال" ونفيهم "دكتاتورية البروليتاريا" إنما يدعمون ديكتاتورية البرجوازية. و ما من وسط، فالوسط مجرد توهم باطل في رأس ديمقراطي برجوازي صغير" نفس المرجع السابق.
و لن نذكر الرفاق بموقف لينين الجريء، التاريخي والثابت، و في الظروف القاسية التي عرفتها دكتاتورية البروليتارية في السنوات اللأولى من الثورة البروليتارية الروسية ـ أكتوبر 1917 ـ الرافض لإشراك الأحزاب والتيارات الاشتراكية الأخرى في الحكومة السوفياتية.
حين تحول الماوية، الماركسية
إلى ذرائعية
لقد عجز كاتب المقال وسيظل مجموعته الماوية ومجموع التيارات الماوية العالمية ـ و ليست الأممية كما يدعون، وهذا ادعاء آخر سنحاول تفنيده ـ في إثبات الانتساب للحركة الماركسية، بل للحركة الاشتراكية، فبالتأويل التحريفي و الرجعي للتاكتيك اللينيني الخاص لعصر انقضى لقرن فما يفوق و لتشكيلة اجتماعية خاصة ببلد محدد ـ روسيا ـ قضوا على أية إمكانية استيعابهم داخل الخندق الاشتراكي.
هذا التاكتيك الذي تجنب فيه لينين التعميم ليتخذه الماويون حجة و ذريعة للدفاع عن نمط الإنتاج الرأسمالي و طبقاته "الوطنية و الثورية"، نمط الإنتاج الذي ما زال لم يتحقق، أو لم يهيمن، بالنسبة لهم في مجموعة من البلدان كالبيرو، كندا، بلجيكا، فيليبين، العراق، فلسطين و المغرب..الخ. لهذا ما زالت مطالبتهم لـ "جماهير الشعب" و"الشعب الثوري" و "جماهير الأمة" في بعض الخطابات أو جلها للقضاء على الإقطاع و البرجوازية البيروقراطية، بمثابة المدخل الوحيد الأوحد لبناء قاعدة اقتصادية للتقدم نحو الآفاق الاشتراكية!.
الشيء الذي لن يتم حسب ادعاءاتهم و استنتاجاتهم إلا بتحالف أو تكتل طبقي يضم في صفوفه العمال، الفلاحون بكافة شرائحهم من الغني إلى الفقير، البرجوازية الصغرى و البرجوازية الوطنية و الإقطاع المستنير.. الخ!.
إنها "الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية" و قد اختلفت مضامينها و الشعارات المرافقة لها و آليات الدفاع عنها منذ لينين إلى الآن، يعني قبل أن تحرف و تبتذل على يد الأممية الستالينية و قبل أن تمغرب على يد منظمتي "إلى الأمام" و "23 مارس" المغربيتين و قبل أن تتحول كذلك لكاريكاتور صبياني على يد الحلقة المنبعثة في المغرب و المرتبطة بنفر من خريجي "النهج الديمقراطي القاعدي" بالجامعة، المتعدد التيارات و الولاءات، حلقة من داخل التيار أنصار "البرنامج المرحلي" الذي يضم في صفوفه هو الآخر، حلقات و مجموعات قابلة لإعلان الاستقلال في أي وقت!.
هذا الواقع المدرر، و الذي نعتبره مظهرا من مظاهر الأزمة في العمل النضالي المناهض للأوضاع القائمة المزرية في المغرب.
وضع وجب مناهضته عوض الانبهار به للإستكان و الانتظار، أو التغني به و اعتباره انتصارا! وضع يعطينا فكرة مقربة عن المجال الذي نخوض فيه الصراع النظري و السياسي، و بالتالي إمكانية تجاوز الأشكال التي يمارس بها و من خلالها الصراع ليست بالسهلة و لكنها ليست بالمستحيلة.
هذه الحلقات المشيعة هنا و هناك، العاجزة على الارتباط بالجماهير و حركة الجماهير العمالية و الكادحة، المدينية و الريفية، عاجزة عن تنظيم وقيادة الحركات الشبابية المناضلة في الثانويات، الجامعات، جمعيات المعطلين و الشبيبة العاملة.. الخ عاجزة عن الانخراط في النقابات و جمعيات الأحياء الشعبية و جمعيات التربية و العمل الثقافي.. الخ مكبلة و مرعوبة بسياط التشهير و التشويه، تخاف أن تنعت بالانحراف و التراجع عن مهام "حرب التحرير الشعبية" و "حرب الأنصار" و "حرب العصابات في المدن و الأرياف"..الخ تخاف أن يجمعها عمل أو إطار يضم تلاوين العمل السياسي الرجعي و التقدمي، الإصلاحي و الثوري.. الخ تخاف المنافسة الانتخابية مع الخصوم أو الأعداء ـ داخل الإطارات، تسهل الأمور و ترتكن إلى الزوايا الانعزالية، المكان المفضل لإعطاء التوجيهات و الفتاوي النارية، مما يخلق المنافسة على الزعامة و ينمي الصراعات الوهمية التي تحسم في غالبها إما بالاحتضان في مواقع الزعامة أو بإعلان الطرد أو الانشقاق.
أما و نحن نشرٌِح هذه الجثة فليس في ذلك تشفيا، لكن، فقط محاولة منا محاصرة للحلقة الأكثر تشجيعا على التدرر، ألا و هي الحلقة الماوية، مسجلين بعض المبادرات الرفاقية التنسيقية في ما بين الحلقات و المجموعات الثورية هنا و هناك، سجلنا كذلك إيجابية بعض المقالات و الأرضيات المتجهة نحو الفعل، بكل تواضع نضالي، تقترح البرامج و الشعارات، سجلنا كذلك إعلان مبادئ لبعض المجموعات عرفت بهويتها و مرجعيتها و مفاهيمها و اقتراحاتها و شعاراتها.. الخ.
إلاٌ المجموعة الماوية المكتفية أبدا بالموجود، الموجود المحلي إلى "الأمام" و الموجود "الأممي"، "الأممية الماوية"!
فالصين مثلها مثل المغرب! هنا و هناك الإقطاع! و هنا و هناك البرجوازية الكمبرادورية و الملاكين العقاريين..الخ! فلماذا لا نشرع هنا في "حرب التحرير الشعبية" ليقع حتما ما وقع سنة 1949 في الصين..الخ! و من قال غير هذا أو انتقد، فهو خائن للثورة و للشهداء و لا حق له في أن يتكلم عن سعيدة، زروال، شباضة و رحال..الخ.
إنهم يقتاتون ببرامج و شعارات الآخرين، فإذا انتقدت استنساخهم للتجربة الماوية التي أثبتت عجزها في أن تكون نظرية للطبقة العاملة و أن تتجاوز شعبويتها بالرغم من ظفرها بالسلطة السياسية في الصين لمدة ليست بالقصيرة ـ 27 سنة تقريبا ـ أجابوك بلغة و استشهادات يستغلونها فقط في مقارعة الآخرين و يحترسون في أن لا تشكل قناعة لقواعدهم ـ أنظر محاربتهم لتروتسكي و التيارات الجديدة المرتبطة بمجموعات "الأممية الرابعة"، "النهج الديمقراطي"، التيارات الأخرى المدافعة عن "البرنامج المرحلي" في الجامعة..الخ ـ و إذا طالبتهم بالاقتراب من الوضع المغربي، اختبأوا وراء "منظمة إلى الأمام" و "البرنامج المرحلي في الجامعة"، و الحال أن التجربتين استنفذت إمكانيتهما و بريقهما، بل إن "منظمة إلى الأمام" و بالرغم من الانبطاح الجماعي الذي عرفته قيادتها أدخلت هي الأخرى على أيديهم إلى معبد التقديس.
فعدم الوقوف على مسار ومآل هذه التجربة والجري الإستباقي إلى الأمام دون تقيم ولا تقدير موضوعي للمنجزات والمنزلقات و الأخطاء لن يؤدي بنا سوى للنسخ السيئة الكاريكاتورية وليس للاستمرارية الثورية والنوعية.
و إننا لجد مقتنعين بأن هذه الموضة الماوية والتي ليست بالأولى من نوعها في المغرب، سيأفل نجمها بسرعة لأن الواقع عنيد، متطور وأحداثه سريعة لا تنتظر المتقاعسين فمن لا يريد التمرغ في الممارسة بدروسها وتوجيهاتها النظرية، من يروج للطٌهرانية النظرية ـ كانت ماوية أو غيرها ـ من برجه العاجي فلن يفهم شيئا في الثورة الاجتماعية التي بشر بها الاشتراكيون الأوائل "و قد زمن الهجمات المفاجئة، و زمن الثورات التي تقوم بها أقلية واعية ضئيلة تترأس الجماهير الغير واعية. و حيث يكون المقصود تحويل النظام الاجتماعي تحويلا تاما، ينبغي على الجماهير بالذات أن تشترك في هذا، ينبغي عليها بالذات أن تدرك الهدف الذي يدور النضال من أجله، الهدف الذي تهرق دمائها وتضحي بحياتها من أجل" انجلس في تقديمه لكتاب" النضال الطبقي في فرانسا" لصاحبه ورفيقه كارل ماركس.
فما نوده من خلال هذا النقاش ليس إبراز شعبوية الماوية و دحض محاولاتها اليائسة لتحريف الماركسية اللينينية بادعاءاتها في الارتباط بها كمرجعية، فقد سبقنا لهذا مجموعة من الماركسيين على اختلافاتهم و تبايناتهم، لكن الأساسي هو أن نتقدم نحن بأفكارنا كماركسيين لينينيين، كاشتراكيين مبدئيين، أفكارنا حول الاشتراكية التي نريد، التدابير التخطيطية للبناء الاشتراكي، مصادرة أملاك البرجوازية، إقامة الثورة الزراعية، التأميم.. السلطة السياسية، دكتاتورية البروليتاريا و تأسيس المجالس في المعامل، المصانع، الورشات و الضيعات.. حسم السلطة السياسية، تكنيك الإضراب القطاعي، الإضراب العام و الانتفاضة المسلحة.. التحضير للثورة ببناء منظمة المحترفين الثوريين الماركسيين اللينينيين و بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، بناء أو الانخراط في المنظمات الجماهيرية و شبه الجماهيرية، العمالية، الطلابية و الشبيبية و النسوية الاشتراكية..الخ فرز شعارات النضال في ظل سلطة النظام الملكي الرأسمالي، يعني الشعارات الإصلاحية التي تمكن التيار الماركسي اللينيني من القوة و الارتباط بجماهير العمال و الجماهير الكادحة بشكل عام..الخ.
فهذه كلها مهام تتطلب الاجتهاد النظري و الميداني و تتطلب منا الجرأة لإعلان الموقف و متابعة الموقف بالاقتراع لتجاوز العجز أو الضعف الذي نعاني منه في أغلب المواقع.
الديالكتيك و الماوية الديالكتيكية
و التطويع الماوي التبريري
"إن تروتسكي، مثله مثل مارتوف يخلط في كومة واحدة مراحل تاريخية متنوعة، مواجها روسيا التي تقوم بثورتها البرجوازية، بأوربا التي أنجزت من زمان ثوراتها البرجوازية"
يعجبني استشهاداتكم بانتقادات لينين لتروتسكي ـ وهي تخدمنا أكثر مما تخدمكم معشر التحريفيين ـ فهي صحيحة مائة بالمائة شكلا و جوهرا، لكن ما لا أطيقه هو استعمال السياط الماركسية اللينينية فقط لجلد الآخرين و الحال أنها موجهة ضدكم جميعا تروتسكيين و ماويين ـ و إن كانت تجاه ظهر تروتسكي كماركسي ثوري نصير الطبقة العاملة بدون تحفظ، بدرجة أقل، أما فيما يخص تياراتكم المتنوعة الماوية و التيارات التروتسكية المتنوعة كذلك، فكل منها يجتهد و يضني النفس ليوضح أن كاريزمه كان أكثر ماركسية من لينين ليصبح لينين تارة تروتسكيا و تارة أخرى ماويا لحد التعبير في العديد من الخطاطات و البيانات و الخطابات الصينية "عاشت الماركسية اللينينية أفكار ماو تسي تونغ".
أدرجنا هذه الملاحظة أو هذا الاكتشاف العظيم "للمهدي" و هي عينة بسيطة مما انتقدناه في المنهجية الإنتقائية المعتمدة من طرفه.
فبقدر ما يذكر الماركسي بصلابة و حزم لينين في انتقاداته اللاذعة أحيانا تجاه رفاقه البلاشفة قبل المناشفة و الاشتراكيين الثوريين، فله سجل عظيم حافل بالإنجازات الوحدوية يتحاشى اليسراويون ذكره بشكل مقيت و مفضوح و للمزيد من الاكتشاف أنصح الرفاق بالإطلاع على سيرة و سلوك لينين تجاه المعارضات المختلفة و التيارات الشيوعية المخالفة التي احتضنتها روسيا الاشتراكية و حزبها البلشفي البروليتاري.
لقد قدم الدعم و الاحتضان للفوضويين و النقابيين الثوريين و لمنظمات شعوب الشرق التحررية بأن تعقد اجتماعاتها و مؤتمراتها و انطلاقاتها من قلب موسكو.
أعاد بناء الحزب عشية الثورة بروح وحدوية استقطبت العديد من الماركسيين المخالفين و البلاشفة المنسحبين و العديد من يساريي المناشفة و الاشتراكيين الثوريين..الخ.
كان رئيس الحزب و رئيس الدولة و عاش خلال الفترات العصيبة و الساخنة داخل المكتب السياسي بأقلية لم تنفعه في الغالب في اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، كان قائدا و مناضلا "ضد التيار" لكنه لم يطرد أحدا و لم يخوٌِن أحدا و لم يغتال أحدا و لم يحاكم أحدا بـ"الخيانة العظمى" أو بـ"المؤامرة ضد روسيا السوفياتية". قدم الأفكار و التوجيهات و المقترحات، أقنع الأغلبيات و المعارضات، لكنه لم يقدم رفاقه البلاشفة، مهندسي الثورات الثلاث للمحاكمة في وضع درامي "يعترفون" من خلاله بأنهم "خونة للثورة و البروليتاريا و للدولة الاشتراكية، عملاء للإمبريالية" مبصمين بذلك على الحكم بإعدامهم.
أقول هذا فقط لتوضيح البهلوانية و الحربائية التبريرية عوض المنهج الديالكتيكي، فانتقاءاتكم المتكررة تبين عدم موضوعيتكم في الانتقاد، فمثلا ما من مرة اطلعت على إشارة منكم لانتقادات لينين لستالين و هي عديدة، خاصة في مجال الممارسة و التدبير ليلة الثورة و بعدها لأن ستالين لم يعد "منظرا" و "فيلسوفا ماركسيا" إلا بعد تقلده المنصبين رئيس الدولة و رئيس الحزب.
وأتعجب مرة أخرى لجرأتكم الزائدة حين تتكلمون عن"الكومة" التي أشار إليها لينين، ألم تعددوا"أكوامكم" الهلامية التي لا حد لها و لا شكل محدد لها ؟؟!
فهناك "الكومة الطبقية" التي دشن بها الحزب الشيوعي الصيني تاريخه "كومة الكيومنتانغ"، و سنورد خلال المقال مختلف الإجتهادات الماركسية المعارضة لإجتهادات "أب الشعوب" في تخريجاته العجيبة التي لا تنتهي.
هناك أيضا الكومة الأخرى المسماة بـ"الديموقراطية الجديدة" و "ديكتاتورية الطبقات الأربع" المنسوبة خطئا لماو، ثم هناك أخيرا "كومة العوالم الثلاث" و إن كانت جل المجموعات الماوية تتحاشى ذكرها و الانخراط في نقاش ركائزها "النظرية" لفضاعتها الفاضحة.
و قد تكون من المواظبين على قراءة النفايات، عكس أولئك الذين يكتفون بـ"الفتات"، وهنا سنورد ما عجزت عن الإطلاع عليه بحيث لم نجد له مكان في مكتبتك المحدودة، رغم ادعائك بأنك التهمت إضافة "للفتات" الطبق كله بلحمه و خضاره و مرقه و لم تترك الفتات لأحد !
هنا أنصح الرفاق مجددا بالإطلاع على مختلف التقاييم و التوجيهات البلشفية لمسار الثورة الصينية بما فيها توجيهات لينين لثوراتها الأولى و تقييماته لأطروحات "صان يات صن"، خاصة مقارنته بين الشعبويتين الروسية و الصينية من حيث منطلقاتهما و تطلعاتهما الطبقية.
فالادعاء بإنتاجات ماو لمفاهيم "الكمبرادور" و "البرجوازية البيروقراطية" و "ديكتاتورية الطبقات الأربع" و "الديموقراطية الجديدة" يمكن أن تصرفه في حلقات النقاش الطلابية التي يحميها "العنف الثوري" من أية مسائلة أو انتقاد، أما و الحال أنك تريد تلميع اسمك في مجال الأدب الاشتراكي، فما هكذا تكون المداخل. و أعتقد أن الرفيق مبتدئ في هذا المجال إذ كان من الممكن تجنب هذه الهفوات الصبيانية التي سبق أن قيل فيها الكثير ودحض فيها الكثير، كمثلا اعتبار ماو فيلسوفا له إنجازاته "العظيمة" وفتوحاته المتميزة وإضافاته ـ "في التناقض" ـ وهنا يمكن الرجوع لحجج مركز العلماء السوفيات في دحضهم لتلك الادعاءات والفتوحات الفلسفية التي لم تكن سوى تبسيط لدفاتر لينين الفلسفية و بعض الإجتهادات الخاصة بالمركز و ببعض مدرسي الفلسفة في الإتحاد السوفياتي.
و قد لا يختلف الماويون عن هذه الممارسات و النموذج أمامنا، نموذج السرقة الموصوفة التي تحارب النظرية ونشر الفكر الاشتراكي الثوري بمحاربة منابعه الصافية، مدعيا صاحبها أنه لا يكتفي بالمجلدات و الكتب، لعله يوهمنا بتجربته في الميدان السياسي و العسكري، و نحن على علم بسيرته التي لم تتجاوز التجربة الطلابية في نماذجها السيئة و الرديئة.
فمن جهتنا نحن أنصار التيار البروليتاري داخل "الحملم" نشجع بقوة على قراءة الكتب و الإطلاع الواسع على الأدب الماركسي اللينيني، ننشر على قدر إمكانيتنا الفكر الاشتراكي على أوسع نطاق، نربط التأطير بالممارسة والتنظيم في حدود الإمكانيات، لكن تطلعاتنا واضحة ومواقفنا وشعاراتنا وبرامجنا واضحة كذلك، واضحة من حيث المنطلقات، الأهداف والوسائل، ولا يتخذ قانون ومنهجية التحليل الملموس للواقع الملموس يافطة أو ذريعة، بل نجهد ونجتهد في اتجاه الإجابة عن إشكالات "الحملم" ولا نهرب إلى الأمام ولا نتخلف أو نختبئ وراء إنجازات الآخرين ـ "منظمة إلى الأمام" و "النهج الديمقراطي القاعدي" ـ
فإذا كانت المقالة مشكلة من 13 صفحة متخمة بالنصوص و الإستشهادات و الصيغ المنسوخة بما فيها سلاطة لسان أصحابها و ألفاظهم النابية... و يدعي صاحبها، دون حياء، أنه عدو الكتب و نصير للممارسة و "للتحليل الملموس للواقع الملموس".
ماذا وجدنا؟ لم نجد لا تحليل ملموس و لا واقع ملموس، وجدنا فقط حربائية تجاه الآخرين بما ليس لديها و ما لا قدرة لها عليه، تدعي الإجابات و تتهرب من الأسئلة و الإشكالات الحقيقية، تدعي الإطلاع على وضع بلد شاسع كالصين بمدنه و سهوله و جباله.. و لا تعرف شيئا عن معامل المغرب و مزارعه، و لا عن المناطق الصناعية القريبة من محل سكنى الزعماء و القواعد!.
دعاة يترددون في الانتماء و الانخراط النقابي و في مساندة جمعيات و إطارات الكادحين، هوايتهم نقل التقارير عن الآخرين، يغلفون أنفسهم بنوع من الطٌهرانية المزيفة و العاجزة العقيمة التي تخاف الانخراط في الممارسة و الميدان حفاظا على عذريتها و على نظافة تقاعدها المبكر، خاصة و أن جذريتها ارتبطت برفع سيف الاتهام و النعت بالتحريفية ضد كل من خالفها و هي تخاف الآن من قواعدها "الصعاليك" الذين بدؤوا التمرد على "الأمير"، و"الصعاليك" بالمناسبة نعت استعاره الرفيق لتصنيف "رفاق له" انتقدوا وصفاته و توجيهاته و فتاويه الماوية الانتحارية.
كنا ننتظر ربط الصين بالمغرب، و الثورة الصينية بالثورة المغربية، و البرامج الصينية بالبرامج المغربية، و الطبقات الاجتماعية و نمط الإنتاج السائد ببلادنا و وضع الطبقة العاملة و ضرورة بناء حزبها الماركسي اللينيني المستقل...الخ. كنا ننتظر التعريف بنضالات "جبل عوام" بدل جبال منطقة خونان! كنا ننتظر التعريف بالإقطاع و الإقطاعيين المستنيرين ببلادنا عوض الكلام و التأكيد و المجادلة بوجودهم في صين عشرينات و خمسينات القرن الماضي و العهدة على الراوي ـ ماو ـ.
لم نجد سوى الهروب و إبراز عضلات الدماغ الكلسي المتحجر الذي لا يريد القبول بانمحاء تجربة ثورية، بأطرها و تنظيماتها و أطروحاتها.. يلوك المقولات العلمية الصحيحة دون القدرة على استعمالها في تحليل الواقع المتغير، واقع الطبقات و وضع الطبقات و مستوى تطور و تغلغل نمط الإنتاج الرأسمالي في الواقع المغربي.. يستضيفنا "الرفيق" لكانتون و شنغاي و جبال خونان لكي يعرفنا بواقع مريرت و إمني، الحسيمة و البيضاء، سيدي إيفني و أزمور... عمالنا عمالهم، برجوازيتنا برجوازيتهم و لإقطاعهم وجب اختراع إقطاعنا كي تكتمل الصورة و تصبح الشعارات نفسها و الخطط و التاكتيكات نفسها، و مشاريع البرامج نفسها و لن تنقصنا آنذاك سوى البذلة الماوية على غرار الأفغانية الشائعة وسط شباب القوى الظلامية.
قل ما تشاء عن ماو و الماوية، قل بأنها صاحبة السبق في "اكتشاف الثغرات" التي عانتها الماركسية و اللينينية، لكن لا تتهرب بالزعيق الشعبوي المعروف "الثورة المغربية" و "ثورة الشعب المغربي"..الخ.
خبٌرنا عن نمط الإنتاج السائد في بلادنا، عن الطبقات التي من مصلحتها الثورة، و عن أي ثورة نحتاجها في هذا البلد كعمال، كادحين و فقراء الفلاحين! كيف الإتحاد و الانتظام في حزب سياسي، هل هو "حزب الشعب المغربي" أم حزب الطبقة العاملة المستقل؟
خبرنا هل نناضل من أجل إحلال نظام اقتصادي رأسمالي، أم نحن ضحاياه و نريد تجاوزه نحو الاشتراكية؟ أية اشتراكية نريد؟ وسائل تحقيق الدولة الاشتراكية، طبيعة السلطة التي ستحكمها و تديرها؟ بأي شكل سيتم توزيع الثروات و ما الموقف من الملكية الفردية؟ هل المصادرة حق و ضرورة ثورية أم لا مصادرة لأملاك "البرجوازية الوطنية و الفلاحين الأغنياء و الإقطاع المستنير" على حد قول و وصفة ماو "الديموقراطية الجديدة"؟ ما الموقف من المجالس التمثيلية للعمال الصناعيين، الزراعيين و فقراء الفلاحين؟ ما طبيعة علاقة المجالس ببعضها و بمركز السلطة و القيادة في المراقبة و التوزيع؟.. أسئلة كثيرة جدا تتطلب الإجابة من مناضلين حازمين و مبدئيين عوض التباكي و العويل على تجربة لحركة ثورية عانقت الماركسية اللينينية كنظرية و تفانت في الدفاع عن الطبقة العاملة و عموم الكادحين، انمحت عن أخرها منذ أزيد من عشرين سنة، تجربة مازال النقاش مفتوحا لتقدير ملابسات فشالاتها و لتقييم إنجازاتها الثورية العظيمة، تجربة ما زلنا نلوك أطروحاتها الستينية و السبعينية، عاجزين عن التقدم قيد أنملة تجاه طلائع الطبقة التي ندعي، عن صدق أو عن افتراء، حمل فكرها و إيديولوجيتها و قد لا نقارن في شيء التجربة السبعينية و تجربة المجموعات المنبهرة الآن بتلك التجارب، لأن الفرق كبير و شاسع، هوته ملموسة و مرئية، فعلى الأقل كانت هناك محاولات البحث العديدة الجدية و القيمة في دراسة الواقع المغربي و التعريف بطبقاته الاجتماعية و طبيعة النظام القائم بالمغرب و طرق مواجهته و مكافحته.. ثم الجرأة في الانخراط و البناء للآليات الجماهيرية الاتحادية و السرية السياسية..الخ، الشيء الذي لا يملك منه المتحذلقين و المتشدقين بماوية في نسختها الصدئة!، فكيفما كانت المنزلقات و الاستنساخات السبعينية فقد تشفع لها قلة الخبرة و جنينية التجربة بالإضافة للجو السياسي المرتبك الذي عرف خلاله النظام الهزة تلو الهزة، فكانت الدموية و الشراسة تجاه كل الحركات المعارضة كانت سلمية أو عنيفة، إصلاحية أو ثورية مكافحة.
فماذا قال "الفيلسوف العظيم" في التأكيد على "أطروحته" "الواحد ينقسم إلى اثنين"؟ فمن المضحك جدا أن يكون الكلام بحماسة عن الموضوعة و في نفس الوقت الدفاع عن موضوعة "الواحد يشمل أربعة فما أكثر"، الدفاع بحماسة عن كتلة الطبقات الأربع.
فلماذا الزعيق الأهوج ضد التصفويين، التحريفيين، الدماغوجيين، التروتسكيين..الخ؟ و كاريزمك التحريفي ماو ينعت رفاقه "بالمنحرفين اليساريين" فقط لأنهم اقتصروا في دعايتهم على الفلاحين الفقراء و الأجراء الزراعيين "بدل أن تروج فكرة وجوب اتحاد البروليتاريا مع جميع الشغيلة و مع جميع المظلومين: البرجوازية الوطنية و المثقفون و الوطنيون الآخرون (بمن فيهم الإقطاعيون المستنيرون الذين لا يعارضون الإصلاح الزراعي)" ماو : المجلد الرابع.
هنا الكومة تندمج في واحد، هنا يتضح الفرق بين الجدل و الدجل، هنا يصحح رفيقكم و نبيكم ماو الانحراف اليساري الذي "يزعم ـ أي الانحراف اليساري ـ أن على الفلاحين الفقراء و الأجراء الزراعيين" أن يستولوا على الأنهار و الجبال و يعلنوا سيادتهم عليها "أو أن الحكومة الديمقراطية يجب أن تكون حكومة فلاحين فحسب أو ألا تصغي إلا إلى العمال و الفلاحين الفقراء و الأجراء الزراعيين، إن هذا خطأ مبدئي خطير" ماو ـ صححوا أخطاء الانحراف اليساري ـ المجلد الرابع.
خطأ مبدئي و انحراف يساري بأن يستولي العمال و الفلاحين الفقراء على الأنهار و الجبال، خطأ خطير أن يقيم الكادحون سلطتهم و يبسطوا سيادتهم، و خطأ فادح أن تصغي الحكومة لهم و فقط، فهناك الأغنياء من الفلاحين و هناك الإقطاع المستنير..! إنها اشتراكية ماو العجيبة و فقط!!
أسئلة محرجة
تابعنا المقال نقطة بنقطة، و سطرا بسطر، و حاولنا الإطلاع عن أهداف المجموعة الماوية و ماذا تقول في إشكالات العمل الثوري بالمغرب، و حاولنا ربط خلاصات و مسار الثورة الصينية بمسار الثورة بالمغرب و لم نعثر خلال البحث على أي شعار، برنامج أو أفكار توجيهية لهذا القصد! لا شيء، انتقاد لأفكار و اطروحات و شعارات و برامج الآخرين دون أن تعثر على ما يريدونه هم لهذا البلد و لهذا الشعب الكادح، زعيق، صراخ أجوف و فقط.
لدا سنعيد الأسئلة و سنعطي ملامح الإجابات التي تستوجب النقاش بين مجموع الماركسيين اللينينيين الحقيقيين فماذا قال ماو و من بعده الماويون بخصوص حزب الطبقة العاملة و مهمة وسبل بنائه، و بخصوص الدفاع عن استقلاليته النظرية السياسية و التنظيمية؟ ماذا قال عن مهام الطبقة العاملة في الثورة و تحالفاتها و تصورها للدولة و لبناء الاشتراكية؟ لم يقل ماو شيئا و لم يجتهد سوى في تفسير الانحرافات الستالينية و تبريرها، حاول تبسيط بعض المقولات النظرية و بعض الاجتهادات العلمية للعلماء السوفيات ـ لما لها و ما عليها ـ و لا نريد الخوض في نقاش أشكالها و مضامينها، لثانويتها من جهة، و لكي لا نبتعد، من جهة أخرى، عن أولويات الماركسيين اللينينيين المغاربة، لكي لا نبتعد عن الأسئلة الحارقة و المحرقة، أسئلة البناء و الانخراط في الصراع الطبقي، أسئلة قيادة نضالات الكادحين و تنظيم طلائع الكادحين، أسئلة تشييد حزب الطبقة العاملة الماركسي اللينيني المستقل.
فبناء الخط الفكري و السياسي لحزب البروليتاريا لا يتم بالحربائية و الكذب و الافتراء عن النضالات الطبقية و عن المناضلين المخلصين للطبقة العاملة و عن التاريخ، على العكس يتم بالصدق في المعلومات و في الجرأة بإعلان المرجعيات و في عدم التجني على الآخرين المخالفين ـ حلفاء، خصوم أو حتى أعداء ـ فحبل الكذب قصير و قد يربحك بعض المعارك الصغيرة، لكن نشوة الانتصار المغشوش لن تطول فهي محدودة في الزمان و المكان و ستخسر الحرب لا محالة.
فنحن معشر الثوريين الماركسيين اللينينيين المغاربة لم يعد يجمعنا فقط الموقف من النظام ! و من الثورة ! و تحية مجددا لـ"دعاة الوضوح النظري" و لـ"مناهضي الضبابية الفكرية".
أي نظام، أية ثورة، و أي حزب ثوري مغربي تتكلمون عنه ؟ فالكلام عن "وحدة النظرية و الممارسة" و "الوضوح الفكري" و "التحليل الملموس للواقع الملموس".. يجب أن نجد له حيزا في زعيقكم، سبابكم و صراخكم الهستيري الأجوف، و إلا أضحى دجلا و شعوذة ملموسة "للرفاق" قبل الخصوم و الأعداء!
فماذا تقولون في التشكيلة الطبقية بالمغرب، و في نمط الإنتاج السائد بالمغرب و في طبيعة الثورة المغربية و حزبها، الحلفاء و الأعداء و ما بين المنزلتين..الخ.
فهل الماوية، قناعة انبنت على تحليل و تشريح للمجتمع المغربي و متطلبات التغيير الثوري، أم هي اختيار ـ موضة ـ ضمن اختيارات عديدة منسقة، ومنمقة، ملمعة، نارية.. تثير الشهوات و تعفي الكسالى من البحث في المقولات و الادعاءات؟ ادعاءات فاضحة و مفضوحة فهل من السهل الادعاء و بدون حياء "بأن نظرية البلاشفة حول مسألة القوميات هي نظرية ستالين"؟! أليست هذه سرقة موصوفة و ادعاء دجال، لن يدافع عنه سوى معتوه جاهل، لأن أصدقاء الماركسية و أعدائها على إطلاع واسع بأن الأطروحة الوحيدة، الدقيقة و الموسعة، الماركسية هي للينين بكتاباته و مقالاته العديدة التي أرخت لصراعه ضد حزب العمال اليهودي ـ البوند ـ و لصراعه ضد الماركسية الثورية روزا، للمزيد من الإطلاع "الثورة الاشتراكية و حق الأمم في تقرير مصيرها"، "مسائل السياسة القومية و الأممية البروليتارية" "الاستقلال الذاتي للثقافة القومية "، "خطابات مؤتمرات شعوب الشرق".الخ.
فحين تتحول المنزلقات التحريفية لستالين إلى إنجاز و توجيه للبلاشفة، فهذا اكتشاف جديد!
لماذا لا تعترف بأن ستالين الذي فضحته "القضية الجيورجية" بتعامله البرجوازي المتطرف معها، كان على يمين البلاشفة اللينينيين دائما؟ لماذا لا تعترف بأن البلاشفة الذين يجري الكلام عنهم ليسوا رفاق لينين، بل ما تبقى من المقصلة أي الخدم الطيعين ليس إلا؟
عودة للنصوص و لمنهجية
الإسقاطات الستالينية الماوية
و لتوضيح المفاهيم سنبدأ باستفزاز"الرفاق" مرة أخرى حول أسطورة قيادة ماو و حزبه للصراع ضد التحريفية من خلال المؤتمر العشرين ـ نوع من الأممية الستالينية -!. ماذا أنتجت الماوية مناهضة لقرارات المؤتمر العشرين؟ لا تعرفون شيئا، لأنها صراحة لم تفعل سوى تجديد الولاء لجثة ستالين المحروقة و لأطروحتها القديمة المعروفة.
فماذا تعنون بالتحريفية؟ هل هي التراجع و الارتداد عن أفكار ماركس إنجلس و لينين الثورية، أم هي تراجع و ارتداد عن مقولات و سياسة الستالينية الماوية؟!
فدفاعا عن كارزمية "أب الشعوب" لم يفعل ماو و الحركات الموالية له سوى الانتفاض دفاعا عن أطروحات "الجبهات المتحدة" و ذوبان الأحزاب الشيوعية في الأحزاب القومية البرجوازية كنظرية شعبوية..الخ. قام الزعيق الأهوج ليصبح نظرية "جديدة مجددة" و ليؤسس للقيادة "الجديدة المظفرة" ـ الصين-.
"نعم إن ماو هو الذي نظر للديمقراطية الجديدة" هذا ما يردده المعتوهون، إنه افتراء آخر لأن النظرية أو الأطروحة ظهرت قبل لمعان اسم ماو في الصين، و التاريخ بوثائقه و أحداثه بيننا مرة أخرى!.
فإذا كان لينين يقول بأن "على الحزب الشيوعي البلشفي ألا يخشى من الوقوف إلى جانب الديمقراطية البرجوازية في محاربة العدو المشترك، و لكن بشرط ألا يقدم في حال من الأحوال على دمج تنظيمه بالتنظيمات الأخرى. لنسر على حدة و لنكافح معا. و لا نخفي الاختلاف في المصالح، و لنراقب الحليف بقدر ما نراقب العدو"
فماذا يقول ستالين "أن على الشيوعيين أن ينتقلوا من سياسة الجبهة الوطنية الواحدة إلى سياسة الكتلة الثورية للعمال و البرجوازية الصغيرة و تستطيع الكتلة أن تأخذ في مثل هذه البلدان شكل حزب وحيد، حزب عمالي و فلاحي على غرار الكيومنتانغ" مسائل اللينينية.
و كيف عبرت هذه الوحدة و هذا التكتل عن نفسه من خلال هذه التجربة / النموذج "لا بد أن نكون متحدين بالرغم من آرائنا الأساسية ليست متطابقة حول جميع النقاط، واضح أن الحزب الشيوعي الصيني لا يختلف مع الكيومنتانغ إلا حول أمور جزئية تفصيلية" ـ بيان مشترك بين الكيومنتانغ و الحزب الشيوعي الصيني 05/04/1927 ـ
"و ما قمع الإضرابات إذن و تجريد العمال من سلاحهم و إطلاق النار على العمال و الفلاحين إلا أمور جزئية تفصيلية ليس إلا!" و التعليق لزينوفييف رئيس الأممية الشيوعية آنذاك.
فالشيوعيون الصينيون رضعوا منذ ولادتهم الحليب الستاليني الفاسد و انخرطوا في الكيومنتانغ أفرادا و بشروط غير محددة، بل و بالتزامهم عدم التعرض للنظريات الشعبوية لحزب الكيومنتانغ.
و طبيعي أن تجد في بعض تصريحات الحزب ـ اللجنة المركزية حزيران 1926" و هي لا تدرك ـ أي البرجوازية الصينية ـ فضلا عن ذلك، أن ازدهار البرجوازية الصينية منوط بنجاح نضالها المشترك مع البروليتاريا ضد الإمبرياليين ذوي النزعة العسكرية، و ليس باستمرار صراعها الطبقي ضد البروليتاريا" ألم ننصحكم بالرجوع "للبيان الشيوعي" إن كنتم قرأتموه أصلا؟ فأين هي التوجيهات اللينينية الثابتة، توجيهات من شاكلة "و ينبغي على الأممية الشيوعية كذلك عقد اتفاقات مؤقتة، بل تحالفات مع الديمقراطية البرجوازية في المستعمرات و البلدان المتأخرة، و لكن شريطة ألا تندمج بها و إن تحافظ بدون أي قيد أو شرط على استقلال الحركة البروليتارية حتى و إن كانت في مرحلة جنينية بدائية ـ المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية ـ لينين.
الصراع النظري أم الجدل الماوي اللامبدئي
و لنرجع لإحدى التصنيفات التي يتم بها نعت المخالفين و المتهمين "بالتروتسكية اللعينة" و هي التصفوية، إذ لم أطلع قد على ما يفيد الشرح و التوضيح، من سيصفي من؟ و من سيصفي ماذا؟ ـ هنا الإسقاطات مرة أخرى و عدم الاستيعاب للمصطلحات و للتاريخ.. ـ
فإذا كانت الكتابات الماركسية اللينينية واضحة بما فيه الكفاية، تناقش بموضوعية جميع الاتجاهات الاشتراكية على أرضية المصالح الطبقية للبروليتاريا في اللحظة و المرحلة و في استراتيجيتها الثورية أو بالاستناد للمرجعية الماركسية التي لا تحرج لينين في شيء حين يدافع عن رأيه بالنصوص، و أحيانا بنصوص من ارتد عن المرجعية و من تخلى عن استراتيجية الطبقة العاملة ـ مثال ذلك استشهاداته المتكررة بلاسال، بليخانوف و كاوتسكي ـ الشيء الذي ليست لكم الجرأة على عمله.
فحين تنتقدون تروتسكي مثلا، فلا تتناولون خلافاته الحقيقية مع لينين و اللينينية لكي لا تتورطوا أنتم أنفسكم و تنفضح شعبويتكم التي لا علاقة لها بالماركسية، حين تنتقدونه تجدون أنفسكم خارج الرقعة أو الحلبة التي كان الصراع دائرا في قلبها، ألا و هي حلبة الحركة العمالية.
ترددون خلافاتهما حول التنظيم و الثورة الدائمة و الاشتراكية في بلد واحد.. لكن لا تقدمون مواقفكم النظرية و العملية التي ليست بدورها لا هذا و لا ذاك.
فإذا كان الخلاف حول التنظيم، فكلاهما ـ تروتسكي و لينين ـ يؤمن و يدافع بشراسة عن الموقف الماركسي بصدد بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، لينين صاحب نظرية التنظيم البروليتاري الحديدي و الممركز، و تروتسكي صاحب نظرية الحزب البروليتاري الجماهيري لحد الإفراط و لحد التماهي مع الطبقة ـ مما أسقطه هو و روزا في نظرة أقرب للعفوية و الفوضوية، على خلاف لينين صاحب التنظيم الطلائعي الواعي، تنظيم اندماج المثقفين الثوريين بطلائع العمال الثوريين، تنظيم حديدي و محترف لدرجة نعته من طرف معارضيه بمن فيهم تروتسكي و روزا، بالبلانكية و التآمرية ـ
هذا بشكل عام و مختصر، الصراع بين تيارين بروليتاريين حول نقطة محددة.
لهم نظرتهما المختلفتان في التنظيم و في قضايا أخرى، لكن الطريقة الستالينية أفقدت الصراع محتواه و نكهته و أغلقت باب الصراع بالطرق السهلة، تكميم الأفواه المعارضة، الاعتقال، النفي، الإعدام، التشهير المزيف، كإدعاء بعض الماويين المبتدئين بعمالة تروتسكي لمخابرات CIA و هو الذي اغتالته السواطير الستالينية قبل ولادة CIA.
و يمكن الرجوع لأحد المنظرين في دفاعه عن الستالينية الماوية ـ برار في كتابه "تروتسكية أم لينينية" ـ و هو يتلذذ في سرده لإعدامات خيرة الشيوعيين و خيرة الطلائع العمالية و خيرة البلاشفة القدماء، دون أدنى تسائل عن كيفية هذا التحول الغريب من الدفاع الشرس عن الثورة الاشتراكية و دكتاتورية البروليتاريا إلى "الاعتراف" بالتآمر و العمالة للإمبريالية ضد الوطن الاشتراكي، كيف تحولت المدرسة المثال لشيوعيي و ثوريي العالم أجمع إلى مختبر للمتآمرين و المخربين و العملاء..الخ.
و قد لا نستغرب نحن الماركسيون اللينينيون المغاربة من قاموس المنتوج الوطني من التيار الماوي، فهناك "الصعلوك"، "المرتزق"، "الجبان"، "الخائن"، "الحقير"، "المندس"، "عميل المخابرات".. و هي ألفاظ قد تستعمل في حقك غداة اعتراضك عن موقف أو إبداء رأيك في قضية خلافية، شكلية أو مرتبطة بموضوع أو حالة مؤقتة..الخ، فالرفاق "الماويون" يجالسون الجميع و أحيانا يناقشون الجميع و ينسقون مع الجميع خلسة على الجميع!
و لكي أكون أكثر وضوحا فلا حرج في التعامل مع "النهج الديمقراطي" و مع "الخيار القاعدي" و مع "تروتسكيي الشمال" و مع "الدماغوجيين بمراكش" و مع "صعاليك مكناس"...الخ لكن خلسة على رفاقهم، و قد ينسقون و يتفقون، لكن بدون علم قواعدهم، حفاظا على طهرانيتهم المزيفة الكاذبة و المنافقة.
نصيحة ماوية
عن وحدة الماركسيين الحقيقيين
و كالعادة اعتقدنا مرة أخرى أن يتقدم التلاميذ بأطروحة جديدة ـ و هم من مطوري الماركسية على ما يدعون ـ يعرفون خلالها بالماركسيين، و يفصلون بين الماركسيين الحقيقيين و الماركسيين النسخ ليخلصوا للوحدة كما في تصورهم و مرجعيتهم... لكننا لم نجد شيئا من هذا، وجدنا الاختباء من جديد وراء نصوص لماركس و لينين! لم يقدم"الرفاق" ما قاله ستالين و بعده ماو في هذا الصدد، أي الوحدة مع الجميع و بين الجميع، وحدة البروليتاري و الرأسمالي "الوطني"، وحدة الفلاح الفقير و المعدم مع الفلاح الغني، و وحدة الأقنان مع الإقطاعيين.. و الشرط أن يكونوا مستنيرا، أي مناهضا للاستعمار و لو نهش لحم الأقنان و أبنائهم و بناتهم و زوجاتهم.. لا يهم مادام مناهضا للاستعمار فيجب الوحدة معه..
فلماذا الحاجة لماركس و لينين؟ لماذا التطويع و الاستشهاد المقلوب بلينين عن وحدة الماركسيين الحقيقيين؟ لماذا محاربة الآخرين بأسلحة غير أسلحتكم؟ لماذا اللجوء للينين؟ أيصعب عليكم ـ و هذه هي الحقيقة ـ مقابلة مقولات ماو الستالينية بمقولات و تحليلات لينين، قبل أن تتكلموا عن تروتسكي!؟
ألا تخجلوا من الكلام عن الخوف من الوحدة مع مشوهي الماركسية و أنتم تركعون أمام نظرية "كتلة الطبقات الأربع" و "الجبهة الموحدة" و "الديمقراطية الجديدة" و إضافات ماو "التاريخية" ـ لتعزيز الجبهة و الحلف الطبقي العجيب ـ الإقطاع المستنير! ألا تتساءلون عمن هم مشوهي الماركسية الحقيقيين؟
"لا يمكن أن يقوم حزب اشتراكي صلب إذا لم تكن ثمة نظرية ثورية توحد جميع الاشتراكيين و يستمدون منها جميع معتقداتهم و يطبقونها في أساليب نضالهم و طرق نشاطهم" لينين: برنامجنا 1899.
تقديم يوحي إلى طموح الماويين إلى وحدة الاشتراكيين و إلى مهمة بناء الحزب الاشتراكي و مع الارتباط المبدئي و الميداني بأساليب النضال المتنوعة، خدمة لهذه الأهداف.
لكن شتان بين سرد و استظهار النصوص الماركسية، و بين استيعابها و تحويلها لقناعة مبدئية تصحح الممارسة و المسلكيات العملية! و دون بتر و تزوير نجدد الروح في النص التاريخي لماركس في نقده لبرنامج غوتا "إذا كان لا بد من أن تتحدوا فاعقدوا اتفاقيات من أجل تحقيق الأهداف العملية للحركة، و لكن إياكم و المساومة في المبادئ، إياكم أن تقوموا ـ بتنازلات في النظرية ـ".
و في نفس السياق و بنفس المنهجية و الروح الثورية، سبق أن قال ذلك الثوري المنظر للطبقة العاملة و طلائعها و أحزابها و تياراتها الثورية "لا يمكن أن يخاف من التحالفات المؤقتة ـ و لو مع أناس لا يركن إليهم ـ إلا الذين لا يثقون بأنفسهم. و إنه لمن غير الممكن لأي حزب سياسي أن يعيش بدون مثل هذه التحالفات.. و لكن الشرط الذي لا بد منه لهذا التحالف هو أن تتوفر الإمكانية التامة للديمقراطيين الاشتراكيين ليبينوا للطبقة العاملة تناقضها العدائي مع البرجوازية".
فما رأيكم في هذه الموضوعات و هل من تعليق على الفروقات الواضحة بين الدروس و التوجيهات النظرية الماركسية، و بين التوجيهات الستالينية التي صقلت و ربت الحزب الشيوعي الصيني منذ ولادته على الهلامية الطبقية و على الإتحاد مع الجميع، بتنازل و تخلي عن المبادئ و على النظرية الماركسية.. و هو عكس ما نعمل به نحن معشر "الدماغوجيين" "خونة الماوية"..الخ.
نتحد و نعقد اتفاقيات معكم و مع غيركم، من أجل تقوية التيار الاشتراكي المكافح و لكن دون أن نتخلى عن خطنا الماركسي اللينيني البروليتاري، دون أن نتخلى عن استراتيجيتنا في النضال من أجل بناء حزب الطبقة العاملة المستقل، و من أجل ديكتاتورية البروليتاريا و من أجل الثورة و البناء الاشتراكيين.
عن الكمونة الباريسية العمالية
و عن ثقافة حرب الأنصار البروليتارية
مرة أخرى نقف منبهرين، فعجيب أمركم حين تستشهدوا بالكمونة و دروس كمونة باريس البروليتارية، التي سماها ماركس و إنجلز بديكتاتورية البروليتاريا... و عجيب أمركم، في محاولاتكم اليائسة لإظهار قدراتكم في الإطلاع على الأدب الماركسي اللينيني، و هو إطلاع موجٌه و منتقى بعناية ماوية فائقة، يغطي أعينكم بغبش سميك لن تروا من خلاله سوى شبح ستالين بشنبه الكث و نظراته المرعبة، لن تروا من خلاله الواقع، واقع الكادحين و واقع الطبقة العاملة المغربية، و لن تلمسوه، و بالتالي لن تكون لكم القدرة على تحليله.
فما علاقة الماويين إذن بكمونة باريس العمالية و بقيادتها الاشتراكية، ما علاقتهم بأول دولة عمالية أقامها العمال الباريسيون سنة 1871؟
تجربة فكت مجموعة من الإشكالات و الفراغات النظرية التي عجزت عن حلها الحركة الاشتراكية، بما فيها اجتهادات ماركس، انجلز، و خاصة فيما يتعلق بالدولة و شكل الدولة ـ ديكتاتورية البروليتاريا-.
فما علاقة ديكتاتورية البروليتاريا بـ"ديكتاتورية الطبقات الأربع"؟ و ما علاقة التيار الأممي المشارك في الكمونة بتوجيه من ماركس، و توجيهات ستالين لماو و الماوية لشبابنا المناضل؟ و كيف كانت مشاركته لتقارنها بمشاركة الشيوعيين الصينيين في حزب قومي برجوازي و في حكوماته المحلية؟ هل على أرضية التميز و الوضوح الطبقيين أم على أرضية الذوبان في أحزاب البرجوازية الصغيرة الثورية؟
هل تخلى التيار البروليتاري الأممي بقيادة ماركس يوما عن مهمة بناء حزب الطبقة العاملة المستقل الذي اعتبره شرطا لابد منه للقيام بالثورة؟
فما هو السياق الذي انتزعت منه نص لينين؟ ألم يكن يناقش سياق ثورة 1905 و مقارنتها بالكمونة من حيث شعار الحكومة الثورية المؤقتة؟ لماذا الافتراء و التزييف للتاريخ؟ هل الحركة الثورية البروليتارية ساذجة لهذا الحد بأن تقبل بوصفات مجردة من سياقها و من ظروفها الخاصة لتستبلد الجميع و تقول بأن الثوابت واحدة و القوانين العلمية واحدة، لهم عمالهم و لنا عمالنا، لهم باريسهم و لنا بيضاءنا.. فالأوضاع تتشابه بل متماثلة و بالتالي فنحن محتاجين لنفس الوصفات و لنفس البرامج و التاكتيكات و الشعارات دون وجع الدماغ.
"لقد عرف الاشتراكيون ـ الديمقراطيون كيف يحطموا، في البروليتاريا الفتية، الأوهام "القومية المشتركة" و "الوطنية".
و عندما تم انتزاع بيان 17 أكتوبر من القيصر، بفضل تدخل البروليتاريا المباشر، بدأت هذه البروليتاريا نفسها تعد بقوة للمرحلة القادمة و الحتمية من الثورة: الانتفاضة المسلحة. و بعد أن تخلصت البروليتاريا من الأوهام "القومية المشتركة"، حشدت قواها الطبقية في تنظيماتها الجماهيرية الخاصة: مجالس (سوفييتات) مندوبي العمال و الجنود..الخ.
و بالرغم من مختلف الفوارق القائمة بين أهداف و مهام الثورتين: الروسية 1905 و الفرنسية 1871، فقد كان على البروليتاريا الروسية أيضا أن تستخدم أسلوب النضال ذاته، الذي استخدمته كمونة باريس: الحرب الأهلية. كما أن البروليتاريا، في الوقت الذي كانت تعي فيه دروس كمونة باريس، كانت تعرف أيضا بأن عليها ألا تغفل عن استخدام أساليب النضال السلمية ـ هذه الأساليب التي تخدم مصالحها اليومية العادية، و التي هي ضرورية في فترة الإعداد للثورة ـ لكن يجب عليها ألا تنسى أبدا أن الصراع الطبقي ينقلب، في ظروف معينة، إلى صراع مسلح و حرب أهلية. و أن هناك لحظات تتطلب فيها مصالح البروليتاريا إبادة الأعداء بلا رحمة خلال صدامات مكشوفة".
لماذا أغفلت هذا النص مثلا؟ نص يتكلم عن المهام البروليتارية بشكل واضح و عن تنوع أساليب النضال، و عن تجاوز البروليتاريا للأوهام "القومية المشتركة" و" الوطنية"، لماذا؟
أجيبك ببساطة بأن هذا النص يعتبر إحدى الإدانات من بين مئات الإدانات من الأطروحة الماركسية اللينينية للأطروحة الستالينية و نسختها الرديئة الماوية.
و عودة أخرى للتقييم النقدي اللينيني لتجربة الكمونة، حينما قال: "بقي العمال وحدهم أوفياء حتى النهاية للكمونة. ما لبث الجمهوريون البرجوازيون و صغار البرجوازيين أن انفصلوا عنها سريعا: بعضهم رعبا من الطابع البروليتاري الاشتراكي و الثوري للحركة و الآخرون جبنا عندما رأوا الحركة محكوم عليها بهزيمة أكيدة. البروليتاريا الباريسية وحدها قاتلت و ماتت في سبيل حكومتها أي في سبيل تحرر الطبقة العاملة و في سبيل مستقبل أفضل لجميع العمال، هي من دعمت لوحدها حكومة الكمونة.
الكمونة التي تخلى عنها حلفاء آخر لحظة و فقدت كل دعم كان محكوما عليها بالهزيمة.
لقد تحالفت ضدها برجوازية فرنسا كلها، جميع الملاكين العقاريين الكبار، كل مضاربي البورصة، كل أصحاب المصانع، كل اللصوص كبارا و صغارا و كل الاستغلاليين".
و للتوضيح أكثر، أي لتوضيح الموقع و الزاوية النظرية و العملية، الطبقية، التي تكلم من خلالها و على طول تجربته، لينين، نضيف ما يفيد في الشرح للمبتدئين، في شروط و طبيعة الثورة التي ناضل من أجلها لينين و تيار لينين البلشفي البروليتاري.
إذ قال: "يوجد على الأقل شرطان ضروريان لنجاح ثورة اجتماعية: قوى إنتاج عالية التطور و بروليتاريا جيدة الاستعداد. في سنة 1871 كان هذان الشرطان غائبين. كانت البرجوازية الفرنسية ما زالت متخلفة و كانت فرنسا بلد البرجوازية الصغيرة (حرفيين، مزارعين و أصحاب دكاكين..الخ) و فضلا عن ذلك لم يكن هناك حزب عمالي. لم تكن البروليتاريا لا مهيأة و لا حائزة على تدريب طويل. و لم تكن جماهيريا واعية بكامل الوضوح بمهامها و بوسائل تحقيقها. و لم تكن هناك منظمة جدية سياسية بروليتارية و لا نقابة و لا جمعيات تعاونية جماهيرية" ـ دروس الكمونة ـ لينين.
و هنا الفرق شاسع بين التقييم النقدي و بين الانبهار و التقديس لتجربة استنفذت إمكانياتها و إشعاعها الثوري أمام المهام الحالية الملموسة.
و لإغلاق الباب أمام أي اختراق شعبوي ماوي أو غيره، اختراق يريد به أصحابه جاهدين، التستر و التخفي داخل جسم الحركة الاشتراكية و الحركة الماركسية اللينينية المغربية، مستنجدين في ذلك بنصوص ماركس و لينين و في نفس الوقت مدافعين شرسين عن "الثورة المغربية" و عن "الشعب المغربي و ثورته" و ع "الجماهير المغربية"..الخ. يقول لينين في إحدى تقديراته لإنجازات الكمونة و بروعة متميزة: "إن الكمونة، المحارب الطليعي من أجل الثورة الاشتراكية، تتعاطف معها في كل مكان البروليتاريا التي تتألم و تناضل. إن لوحة حياتها و مماتها، صورة الحكومة العمالية التي اكتسبتها و احتفاظها لأكثر من شهرين بعاصمة العالم و مشهد نضال البروليتاريا البطولي و آلامها بعد الهزيمة ـ كل ذلك رفع معنويات ملايين العمال و كسب عطفهم على الاشتراكية و بعث من جديد آمال الكمونة ـ إن دمدمة مدافع باريس قد أيقظت أكثر الفئات البروليتاريا تخلفا من نومها و أعطت في كل مكان دفعا قويا للدعاية الاشتراكية لذا فإن مأثرتها لم تمت، إنها لا زالت إلى الآن تحيا في قلب كل واحد منا. إن قضية الكمونة هي قضية الثورة الاجتماعية، قضيت تحرر العمال السياسي و الاقتصادي الشامل، قضيت البروليتاريا في الكون كله. و بهذا المعنى فهي حية لا تموت" لينين، نفس المرجع.
و من غرائب الأمور كذلك، أن يستشهد المرء بما ليس له و بما لا يدعم أفكاره، كأن يستشهد "الرفاق" الماويون بماركس إنجلس و لينين في قضايا واضحة و محسومة فيها تاريخيا.
فحين يستشهد أحد الزعماء المغمورين، خريج حلقات النقاش الطلابية و "حروب الأنصار" بالجامعة المغربية حيث اختلطت عليه الأمور بين دروس موسكو و دروس جبال الصين و النيبال. بين دروس الانتفاضات العمالية و دروس انتفاضات الفلاحين، أغنياء، متوسطين و فقراء و إقطاعيين مستنيرين ـ قاعدة الثورة الماوية العظيمة بجيشها الشعبي العظيم ـ وجب الوقوف بحزم ضد المغالطات و ضد ثقافة التولع بالإرهاب و ثقافة الإرهاب و الإطناب في الدعاية لها. إذ سبق لكاتب المقال أن تلفظ في إحدى النقاشات الشبه جماهيرية، منبهرا بالأحداث الإرهابية الظلامية 16 ماي "بأن الأحداث بينت إمكانية وسهولة دخول الأسلحة للمغرب" معتبرا إياها خلاصة "لنقاش نظري دقيق" روج له بمعية مجموعة من رفاقه.. و كأن حل أزمة العمل الثوري في المغرب مرتبط و فقط بكيفية إدخال السلاح للبلاد!.. نقول للرفيق إننا نخشى أن يقع له ما وقع لبليخانوف و يصرخ عند الحاجة "ما كان ينبغي حمل السلاح"، نخشى أن يقع للرفيق ما وقع للزعيم الماوي صاحب المسدس الصدئ، الذي لن يقوى على قتل ذبابة ـ أحمد حرزني ـ الذي دخل السجن داعية و مبشرا "بالكفاح المسلح" و "الجيش الشعبي" و "حرب التحرير الشعبية".. فخرج منه مقبلا اليد الملكية و راكعا أمام أسياده الرأسماليين!
نخشى أن تجهد في البحث في تكنيك "حرب الأنصار" و ينتهي بك الأمر مستشارا ماويا في البلاط الملكي كما وقع لأبراهام زعيم "القواعد الحمراء المتحركة" قبل أن يقعده "الزمان" و قلة الصحة و كبر السن في كرسيه المتحرك.
تتكلمون عن "حرب الأنصار" و بدون حياء، في الوقت الذي نطالبكم فيه بعدم الربط و المقارنة بين تجربة الجيش الشعبي الصيني، الذي كان له من القادة الكثير من البرجوازيين، الفلاحين و الإقطاعيين المستنيرين على حد اعتراف قائدكم العظيم ماو، و بين تجربة قادها حزب عمالي يدعو و يقوم بكل الأشكال النضالية، بما فيها تنظيم القتال المسلح، حزب لم يتأخر في التنويه بإحدى قلاعه العمالية التي أحسنت هذا الشكل النضالي ـ الإقليم اللاتفي، حيث كان الحزب يصدر بانتظام 30000 نسخة من جريدته "النضال" ـ فلكم أن تقارنوا و تتمعنوا بين تجربة الحزب الطبقي العمال البلشفي و بين تجربة لمناضلين شيوعيين ابتدءوا بالانخراط في حزب برجوازي قومي ـ الكيومنتانغ ـ ليشكلوا يسارا للحزب، قبل أن يتحولوا و بعد العديد من الأحداث المأساوية في صفوفهم و في صفوف قواعدهم الفلاحية ـ لدعاة التأسيس لجيش شعبي أو جبهة تحررية لا هوية طبقية لها، و لخوض حرب شعبية طويلة المدى ـ.
أن يتكلم لينين عن ممثلي الديمقراطية المناضلة و المظفرة، ديمقراطية تقدمية صينية و يقارن بينها و بين الشعبوية الروسية بقوة الشبه لدرجة التماثل التام في الأفكار الأساسية و في جملة من التعابير في بلد لم تتشكل فيه بعد حركة بروليتارية قوية و لا حزب اشتراكي أو شيوعي يمثلها، شيء، و أن ينظر زعيم الشعبوية في عصر و في ظروف لا شعبوية و ضد شعبوية، عصر النضال البروليتاري، و يقول بأن "واجب البروليتاريا أن لا تهمل هذه الصفة الثورية للبرجوازية الوطنية.. "لحد الاندماج و الذوبان في حزب واحد و لحد منع الصراع و نبذه ضد البرجوازية بل تصفية و طرد الداعين للصراع ضد "البرجوازية الوطنية" بل ضد الفلاحين الأغنياء و الإقطاع المستنير! شيء آخر ـ المجلد الرابع ـ
و بديهي جدا أن يتباهى ناسخو النصوص و التجارب بأن يأخذوا العبرة من شعوب الشرق و تجاربها، فالقريحة الفياضة تفتقت لتنصحنا بنصوص لينين الموجهة لأفغانستان، تركمنستان، الهند و الصين للأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الخاصة المغايرة لأوضاع البلدان الأوربية "ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد الرأسمال، بل ضد بقايا القرون الوسطى"
إنه استشهاد يعفينا من الاستنتاجات التي تنعت بالتجني، "فرفاقنا" يؤجلون النضال ضد الرأسمال و الرأسمالية و يلغونه من جدول أعمالهم باعتبارهم "ماركسيين" أقحاح فهموا الديالكتيك و التناقض، و استعملوا "التحليل الملموس للواقع الملموس" ليخلصوا بأن بلدنا تعج بالفلاحين و بالإقطاع و الأقنان، ليكون المطلوب الآن هو الثورة على الإقطاع لا على الرأسمال و الرأسمالية لأن طبقتها ما تزال "ثورية وطنية" وجب التحالف معها و لما لا الاندماج معها في جبهة أو حزب على شكل الكيومنتانغ.
ثم لماذا لا تتابع الخلاصات اللينينية لآخر المطاف؟ لماذا تنتقي فقط ما يوافق "ماويتك" و بشكل انتهازي؟ و كأن ما حصلت عليه من أدبيات بات مفقودا من السوق أو انقرض.
لماذا لم تنشر التوجيهات اللينينية الصارمة "لتنظيم الخلايا الشيوعية في الشرق. ينبغي لكم أن توجدوا أشكالا خاصة لهذا التحالف بين البروليتاريين الطليعيين في العالم كله و جماهير الكادحين و المستغلين في الشرق الذين غالبا ما يعيشون في ظروف القرون الوسطى"؟.
ألا تلاحظ الفرق بين التوجيهات اللينينية و التوجيهات التحريفية الستالينية القاتلة، توجيهات الذوبان وسط الأحزاب القومية على شاكلة الكيومنتانغ.
فالغنج و التبرج لن يخفي دمامة و عنوسة ماويتك المهترئة، فالماركسية دائما جديدة متجددة و لا تخشى الواقع في تطوراته و لا تومن بالمقدسات الوثنية و بالجثث المحنطة، نومن إيمانا راسخا بالتحليل الملموس للواقع الملموس كمنهجية علمية ثابتة، الشيء الذي لا قدرة لكم عليه.
تكلموا عن الأبطال في خونان و الفلبين و نيبال.. و لا تتكلموا عن تماسينت، مريرت، إمني، ازمور، طنجة و البيضاء.. تكلموا بانبهار عن أحداث 16 ماي الإرهابية و لا تتكلموا عن الاعتصامات بالمصانع و الأوراش، و بالمناجم تحت الأرض و في الضيعات الرأسمالية.. تكلموا عن "حرب الأنصار" و لا تتكلموا عن مهمات تنظيم الشباب و تدعيم و مساندة احتجاجاتهم و لا تقدموا أي شيء لمفتاح الثورة الاشتراكية، تنظيم الطبقة العاملة في حزب ماركسي لينيني مستقل.
تكلموا عن أي شيء، تحدثوا عن كل شيء حتى عن الضفادع و نابليون ـ عن لينين ـ لكن إياكم و التحدث عن المهام، البرامج و الشعارات التي ستضيء و تنير طريق الشباب الماركسي اللينيني من أجل تقوية "جيش الأنصار" للظفر بالانتصار، و ليس هناك من انتصار سوى افتكاك السلطة لمصلحة و من طرف الطبقة العاملة و حزبها الثوري المستقل، و ما من ضمانة لهذا سوى التهديم و البناء الجديد في شكل الدكتاتورية المجالسية الطبقية، دكتاتورية البروليتاريا و دعامتها مجالس الكادحين بالمدينة و الأرياف.
عن الأممية البروليتارية
و الأممية الماوية
أما عن الأممية، و في ذلك طرافة، فالرفاق بتجاوزهم الحدود "الوطنية" عبر شبكة الأنترنيت ربطوا الاتصال اللا مرئي مع مجموعة تقاسمهم المفاهيم و الولاءات ليعلنوا فجأة أنهم أمميين و مع الأممية، مع العلم أن شهورا قلائل قبل هذا الاتصال كان البعض يخاف الإعلان عن أمميته لكي لا ينعت بالتحريفي التروتسكي!
و بما أن المقال هو مقال موجه للعموم، كان الأحرى أن لا تختلط عليك الأمور بين لغة النقاشات الداخلية و النقاشات المفتوحة العمومية لأنك تخاطب آراء و مجموعات لا يعرفهم العموم، فمن باب "الرفاقية" النضالية، لكي لا نسميها شيئا آخر، كان الأجدر أن تحاسب الآخرين على ما تحملوا المسؤولية في الإدلاء به علنا، و إما أن تشرح بالتفصيل عمق الخلافات و المواقف و التصريحات... و ستتحمل المسؤولية آنذاك، فيما و عما قد تدلي به من معلومات عن الآخرين.
فإذا وضعت نفسي كقارئ متتبع من المغرب أو خارجه، فلن أفهم السياق الذي أتت فيه فكرة الدفاع عن الأممية المغربية ـ العراقية الماوية! أما إذا وضعت نفسي كمناضل معني بما يتداول داخل المجموعات الثورية المغربية فأعتقد بأن النزاع بين "الأممية" المغربية ـ العراقية و بين "الأممية" المغربية ـ البلجيكية، بعد أن احتد لحد التراشق بالساقط من الكلمات، خارج عن سياق موضوع النقاش و لم أفهم صراحة جدوى الإقحام.
فعجبت أمركم، أبهذه السرعة الفجائية و المدهشة اكتشفتم شعار "يا عمال العالم اتحدوا"؟ أبهذه السهولة يتم الدوران بـ 180 درجة؟ سيتحد العمال ضد من؟ و لأجل ماذا؟ أتحاولون مرة أخرى تزييف الشعار، أم هو التبرير و الذرائعية، مرة أخرى؟
ألم يكن ـ و ما زال ـ هذا الشعار من أجل الاتحاد و النضال ضد البرجوازية و الرأسمال؟ فما هذه الحربائية و الحال أنكم تناضلون من أجل تعزيز النظام الرأسمالي و من أجل نشر ثقافة "الجبهات المتحدة" و "الديمقراطية الجديدة، ديمقراطية الطبقات الأربع".
فنورونا أيها الرفاق، هل اتحاد العمال من داخل "الجبهات" أو خارجها أم هو اتحاد من اجل الجبهات؟
فكيف ترفضون النقاش، التعامل، التنسيق و الاتفاق مع ماركسيين ثوريين بدعوى "تحريفيتهم" و "تصفويتهم" و أصولهم "البرجوازية الصغيرة".. ثم تنظرون للحلف الطبقي العمالي، الفلاحي، البرجوازي الصغير و المتوسط و الإقطاع المستنير..الخ.
فماركس، انجلس و العصبة الشيوعية و مختلف مؤتمرات الأممية رفعوا هذا الشعار متوجهين للقلاع الرأسمالية، التي لم تخترق بعد البقاع كلها.
بعدها تم رفع شعار "يا عمال العالم و يا شعوبه المضطهدة اتحدوا" في ظل قيادة البلاشفة اللينينيين للأممية، ليتحول في ظل القيادة الستالينية، الشعار إلى الاتحاد في "الجبهات الوطنية الموحدة" و "الكتل الثورية المتعددة الطبقات" و يتمادى "أبو العرٌيف" في ادعاءاته التي لا يبررها بنص، فقط يحكي و العهدة على الراوي، أما الراوي فلا يريد الخروج من حالة التلبس، و قد تكون مريحة بالنسبة له و لبعض مريديه الذين يتشبهون به في كل شيء، من حيث طريقة لباسه، طريقة كلامه، تدخينه و حلاقة دقنه..الخ
فأن تنسب فكرة أو نصا أو اجتهادا أو مفهوما لماركس انجلس و لينين فليس ذلك بالسهل لأن المكتبة و المكتبة فقط بيننا من البيان إلى المجلد 45.
أما و أن تكون قد عجزت في إثباتك لادعاءاتك فلا تؤول ما كتب، فالمحاججة بالنصوص شيء و الاجتهاد في تأويل النصوص شيء و الممارسة المبدئية و الميدانية شيء آخر.
ماو "يقدم" الثورة العالمية
إلى الأمام
"و بهذه الروح الماركسية سوف يقدم ماو الثورة العالمية إلى الأمام"
إنها الأسطورة و فكر الأسطورة المتستر وراء الماركسية و مفاهيمها العلمية، حين تتحول حركة الصراع الطبقي و نضالات الطبقة العاملة أمميا و نضالات الشعوب المستعمرة المنهوبة و المضطهدة لصفر مسكين و يحل محلها سيف بن دي يزن ـ ماو ـ و يقدم الثورة إلى الأمام، إنه "الديالكتيك" الماوي البائس و البئيس.
و للفهم أكثر أنصح الرفاق بالإطلاع على "نظرية العوالم الثلاث" لتقدروا جيدا إسهامات ماو النظرية في الثورة العالمية و كيف استعملت "الديالكتيك" لفهم التناقضات العالمية!.
فإذا كنتم من دعاة الوضوح النظري، فما نطابه ليس سوى الوضوح و التوضيح لن يأتي من "الرفاق" الماويين المغاربة لصغر سنهم و قلة تجربتهم المتواضعة بل و المنعدمة عند جلهم فيما يخص قضايا الارتباط بالطبقة العاملة و الجماهير الكادحة، التوضيح نطلبه من المنظرين المتمكنين، خصوصا الماركسيين الأوربيين الذين لمعوا التجربة الصينية ـ باديو، بتلهايم، ماتيو..
فإذا كانت الكمونة و السوفييتات منظمتين عماليتين و سلطتين عماليتين معبرتين عن دكتاتورية البروليتاريا قد جسدتا فعلا تحكم الطبقة العاملة في مصيرها بيدها، فأين إسهامات الماوية في هذا الاتجاه؟
فالمعروف أن الرفاق الصينيين قد حطموا كل ما له علاقة بتنظيم الطبقة العاملة المستقل، حطموا الكمونات الأولى إرضاءا لستالين و للكيومنتانغ و لم ينظموا أية كمونات عمالية، لا قبل الثورة و لا بعدها.
لم تحصل الطبقة العاملة الصينية على أي تقدم في اتجاه تعزيز سلطتها، لا قبل الثورة الثقافية و لا خلالها و لا بعدها.. لم تشترك الطبقة العاملة قط في سلطة الثورة الصينية.. فأين نحن من ادعاءات المجموعة المغربية بأن ماو و ثورته الثقافية أوقفت رجوع الرأسمالية للصين! و لن نكتفي هنا بالرجوع لبعض المسلمات و الثوابت النظرية الماركسية في تصورات البناء الاشتراكي و شروطه من حيث السلطة المتحكمة في الدولة و طبيعة خطها و ظروف البلد المعني بالثورة و حجم و نوع الإكراهات الطبقية المعادية الداخلية و الخارجية..الخ.
فالسلطة شرط لا بد منه رغم أنه غير كافي لبناء الاشتراكية و النموذجين، كمونة باريس و ثورة أكتوبر 1917 العماليتين كافية لدحض الادعاءات.
أما ما يخص الثورة الصينية فمتابعة مسارها و مصيرها كاف للخروج بالخلاصات الموضوعية عن مدى ارتباطها بالطبقة العاملة و بمصالحها و عن مدى ارتباط الطبقة العاملة بالسلطة القائمة على تلك الثورة و ذلك البلد.
فشعار ماو و حزبه "إن ملكية الصناعيين و التجار و نشاطهم المشروع سوف يصانان" ليس من اختلاقنا نفس الشيء بالنسبة للنص التالي "إن ما ترمي ثورة الديمقراطية الجديدة إلى إزالته هو الإقطاعية و الرأسمالية الاحتكارية فحسب، هو طبقة الملاكين العقاريين و البرجوازية البيروقراطية فحسب و ليس الرأسمالية بصورة عامة" .أما المبادئ الموجهة لاقتصاد الديمقراطية الجديدة الوطني "فينبغي أن نتفق اتفاقا شديدا و الهدف العام، هدف تطوير الإنتاج و ازدهار الاقتصاد و مراعاة المصالح العامة و الخاصة على حد سواء و النظر بعين الاعتبار إلى العمل و الرأسمال في آن واحد. إن كل مبدأ أو كل سياسة أو كل تدبير يبتعد عن هذا الهدف العام و هو مغلوط"، الوضع الراهن و مهماتنا ـ ماو- المجلد الرابع.
فطبيعي أن يقدم ماو هذه التوجيهات لحزب لا يملك من الشيوعية إلا الاسم، و للتأكيد على ما نقول نرجع مرة أخرى لتوجيهات "ماو العظيم"، و شهد شاهد من أهلها "ذلك أن عددا لا بأس به من الملاكين العقاريين و الفلاحين الأغنياء و العناصر المصفاة طبقيا، اغتنموا الفرصة للتسرب إلى حزبنا، و هم في المناطق الريفية يسيطرون على عدد من منظمات الحزب و هيئات الإدارة المحلية و المنظمات الشعبية". فأين توجيهات لينين و تقييمه للثورة الصينية الأولى "و سيتشكل في أكبر الظن لونا من حزب عمالي اشتراكي ديمقراطي صيني ينتقد طوباويات صن يات صن البرجوازية الصغيرة و نظرته الرجعية..". فهل يمكن اعتبار الحزب الشيوعي الصيني بنسختيه الأولى و الثانية هو الحزب العمالي الذي تنبأ به لينين؟
و إذا كان ذلك فأين هو التجاوز لطوباوية صن يات صن؟ و أين هي توجيهات لينين الأممية ؟ "هل نستطيع أن نسلم بصحة الرأي القائل أن المرحلة الرأسمالية من التطور الاقتصادي أمر لا مفر منه بالنسبة لجميع الشعوب المتأخرة التي في سبيلها حاليا إلى التحرر و التي نلمس لديها حركة تقدمية؟ نجيب على هذا السؤال بالنفي. فإذا ما مارست البروليتاريا الثورية المنتصرة دعاية منظمة، و إذا ما هبت الحكومات السوفياتية لمساعدتها عندئذ يصبح من الخطأ، كل الخطأ، الافتراض بأن مرحلة التطور الرأسمالية مرحلة لا مناص منها بالنسبة للشعوب المتأخرة" المؤتمر الثاني للأممية - لينين -.
لقد أصبح "للرفيق" ماو "فكرا"، و أصبح لهذا "الفكر" موقعا نظريا، بل تعدى ذلك ليصبح "قائدا" للبروليتاريا العالمية و هو الذي لم يقد حتى بروليتاريا بلده، قبل الثورة من أجل الظفر بالسلطة، أو بعد الثورة لإشراكها في السلطة.. إطلاق الكليشيهات و فقط، دون اعتبار لمسؤولية النقد و المحاسبة على هاته المهاترات.
فأين براهينك؟ أيها "المطلع جدا" و "القارئ جدا".. و لا يمكن أن أسميك بـ"الممارس جدا" لأن ارتباطك بالممارسة أقل من عادي، بضع سنوات في الجامعة و بعدها الفتاوي و السلام، لا جمعية معطلين، و لا نقابة، و لا شبيبة عاملة، و لا خلايا عمالية و لا فلاحية و لا أنصار و لا جيش تحرير شعبي.. و لا هم يحزنون !!!
فثمة كلام كثير عن أسطورة "الثورة الثقافية" و الزعيم القائد لهذه الثورة الثقافية في الصين بمليشياتها و قياداتها الشابة التي اختفت فجأة بل و مباشرة بعد حملة التصفية التي عرفها جيش الخصوم، الصادقين و المدافعين عن مشروع الثورة الاشتراكية، منهم، و المصطفين المتخندقين على يمين ماو و حزبه الشيوعي بأطروحاته الغريبة العجيبة.. دون الإشارة لأصل الأطروحة و جوهر الأطروحة المرتبطة بمجهود لينين منذ استلام الطبقة العاملة الروسية السلطة و منذ الخطوات الأولى للبناء الاشتراكي، أطروحة قدمت التوجيهات و الاقتراحات لكل الأطراف و الفاعلين في حقل الثقافة و التعليم آنذاك "من أجل غرس الاشتراكية في بلد غير مثقف ثقافة كافية.." راجع التعليم الشعبي ـ لينين ـ و تجربة كوبا و قيادتها الاشتراكية في هذا الميدان.
توضيحات إضافية
حول "أطروحات" المجموعة الشعبوية
فبعد المتابعة الدقيقة للمقال الشيق و الذي لا يختلف في شيء عن سابقيه، أي المقالات السابقة لنفس القلم، مقالات يصعب عنك متابعتها و ضبط الخيط الناظم، المنهجية المستعملة و علاقة العنوان بالموضوع و علاقة العناوين ببعضها..الخ و إن كان هذا ليس موضوعنا الآن، أو أن ما يهمنا هو علاقة مجموع الدعوات، الأفكار و الاقتراحات الشعبوية، بمشروع التحرر من رقبة نظام الاستغلال و الاستبداد. لبناء مجتمع المنتجين تحت سلطة مجالس المنتجين الكادحين الديمقراطية.
فإذا كان عنوان المقال الذي يدعي البحث عن موقع للثورة الصينية في التاريخ و لموقع ماو في مجال النظرية! فمن خلال المتابعة، لاحظنا المجتهدين يتجنبون الكلام عن المنهجية المستعملة في البحث في ذات هذه الثورة بخلفياتها الطبقية، برامجها، شعاراتها ثم حصيلتها.. بالرغم من الشعارات و الادعاءات المرفوعة و المروجة قبل، خلال و بعد الثورة.. نرى كذلك عدم التطرق أو الإشارة للمجال الذي يبحث فيه الماويون عن موقع، الحركة الديمقراطية البرجوازية، الشعبوية أو الشيوعية.
و نعتقد جازمين أن الموقع الأخير، أي مجال الحركة الشيوعية مجال واسع كذلك تتخلله تيارات و توجهات تم التعبير عنها تاريخيا من داخل جناحين، جناح أمل ثوري و يضم البلانكية التآمرية، الفوضوية النقابية و التيار الأممي البروليتاري، جناح ثاني إصلاحي و يضم جميع التيارات البرلمانية، الشرعية و الإقتصادوية الانتهازية..الخ.
ما يجمع هذه التيارات أو هذه المدرسة أو العائلة هو دفاعها عن الاشتراكية و المشروع المجتمعي الاشتراكي، هو ارتباطها بالطبقة العاملة، هو تفانيها في مناهضة الاستغلال الرأسمالي و نظام رأس المال برمته.
اختلفت و تمايزت و كان ذلك طبيعي، فبالرغم من كونها تيارات عمالية لا يشكك فيها اشتراكي عاقل، إلا أن منطلقاتها و تطلعاتها الطبقية، تختلف و تتراوح ما بين الخط البروليتاري و الخط البرجوازي الصغير بجناحيه الثوري و الإصلاحي .
خلال البحث عن "الموقع" الذي تحدث عنه عنوان المقال، حاول "الرفيق" طرح بعض الأسئلة المهمة و الهامة، و التي انتظرنا منه إجابة لكن بدون جدوى.
فمن أسهل طرق التحايل في النقاش هي أن تطرح الأسئلة و تتركها بدون إجابة، أسئلة و إن كان المرء لا يملك تجاهها الإجابة الشافية فقد يكون لديه على الأقل ملامح الإجابة فما بالك و "الرفاق" يحتضنهم تيار و التيار عالمي، و ليس أممي، و شتان بين العالمي و الأممي كمفهوم تنظيمي بروليتاري فهل نؤجل الإجابة عن، ثورة اشتراكية أم ثورة ديمقراطية برجوازية؟ دكتاتورية البروليتاريا أم دكتاتورية الشعب الثوري؟ و هل نستعين بالتجارب العمالية للإجابة عن هذه الأسئلة؟ أم نكتفي بالتجربة الشعبوية، فإياكم و جلب الأجوبة من الكتب ـ باستثناء المجلدات المختارة من و لماو !- بل من الواقع الموضوعي، من واقع التناقضات الطبقية!
طيب، لنترك بعيدا السخرية و البوليميك فالحاجة لنقاش جدي تفرض نفسها بقوة فـ"رفيق"نا الباحث يروق له البحث في الكتب لوحده ليعيد النقاش لقرن إلى الوراء، نقاش الماركسيين و نضالهم ضد التيارات العفوية، التآمرية و الإقتصادوية، فمن أين تأتي الأفكار الاشتراكية؟ "دكتاتورية الشعب الثوري"! شعار طنان له رنين خاص لكنه أجوف، يفضح الثقافة الشعبوية التي تتهرب من سؤال تعريف "الشعب"، فإذا كانت استعمالاته من طرف ماركس و لينين مرات عديدة، فقد حذروا من الإفراط في استعماله و طالبوا بتوضيحه لمرات و سندرج هنا تعريفاتهم و شروحاتهم مقابل أطروحات ماو. "و ليس ثمة ما يدعو إلى الدهشة إذا كان مذهب ماركس الذي يهدف مباشرة إلى تنوير و تنظيم الطبقة المتقدمة في المجتمع المعاصر، يشير إلى مهمات هذه الطبقة و يثبت أن النظام الحالي سيستعاض عنه تماما، بأوضاع جديدة من جراء التطور الاقتصادي، ليس ثمة ما يدعو إلى الدهشة إذا اضطر هذا المذهب إلى أن يخطو في طريق الحياة بعد نضال شديد" لينين: الماركسية و النزعة التحريفية.
و عن الديمقراطية البروليتارية و حزبها، و عن الثورة البروليتارية و مضمونها الشعبي يقول لينين " إن الديمقراطية البرجوازية التي لا جدال في قيمتها لأجل تربية البروليتاريا و تدريبها للنضال، هي دائما ضيقة، منافقة كاذبة، مزيفة، و تبقى دائما ديمقراطية من أجل الأغنياء و خداعا من أجل الفقراء. أما الديمقراطية البروليتارية، فإنها تقمع المستثمرين، تقمع البرجوازية، و هي لهذا السبب لا تنافق، لا تعدهم بالحرية و الديمقراطية ـ و تعطي الكادحين الديمقراطية الحقيقية" لينين: الثورة البروليتارية و المرتد كاوتسكي.
فلماذا نقول حزب الطبقة العاملة المستقل و ليس الجبهة الطبقية ـ كيومنتانغ ـ و لا حزب الكادحين؟ لماذا نوضح المصالح الطبقية المتميزة و المتمايزة خلال مرحلة الثورة و لا نقول الثورة الشعبية و ثورة "الشعب المغربي" أو "ثورة الجماهير"؟
لأن مرجعيتنا اللينينية تقول "ينبغي على الاشتراكيين ـ الديمقراطيين ألا ينسوا أبدا في أي حال من الأحوال حتمية النضال الطبقي الذي تخوضه البروليتاريا في سبيل الاشتراكية و ضد البرجوازية و البرجوازية الصغيرة مهما كانت عليه من نزعة ديمقراطية و جمهورية. ذلك أمر لا يقبل الجدل. و لذا كان من الضروري حتما وجود حزب اشتراكي ـ ديمقراطي متميز و مستقل، مشبع بالروح الطبقية الصرفة " لينين: تاكتيكان.
و عن مفعول كلمة "الشعب" الساحر و الخلط المريب الذي يمكن أن يثيره حذر لينين باستشهاد ماركسي فقال: "أجل الثورة الشعبية، لقد حاربت الاشتراكية ـ الديمقراطية و لا تزال تحارب عن حق و صواب شطط الديمقراطية البرجوازية في استعمال كلمة الشعب، و هي تطالب بأن لا تكون هذه الكلمة وسيلة لإخفاء عدم تفهم التناحرات الطبقية في قلب الشعب، و هي تلح إطلاقا على ضرورة الاستقلال الطبقي التام لحزب البروليتاريا. و لكنها إذا كانت تقسم "الشعب" إلى "طبقات"، فليس ذلك لكي تنطوي الطبقة الطليعية على نفسها، و تنحصر في إطار ضيق، و تخصي نشاطها خوفا من أن ينصرف أسياد العالم الاقتصاديون، بل لكي تكافح الطبقة الطليعية، التي لن يبقى لها أن تعاني من تأرجح الطبقات الوسطية و تذبذبها و عدم ثباتها، لكي تكافح بمزيد من الحماسة في سبيل قضية الشعب بأسره، في طليعة الشعب بأسره، في طليعة الشعب كله، و لاسيما الفلاحين، من أجل الحرية الكلية من أجل الثورة الديمقراطية المنسجمة، من أجل الجمهورية ! في طليعة جميع الشغيلة و جميع الكادحين، من أجل الاشتراكية !
هكذا يجب أن تكون عمليا سياسة البروليتاريا الثورية، ذلك هو الشعار الطبقي الذي يجب أن يسود، أن يحدد حل جميع القضايا التاكتيكية، جميع الخطوات العملية التي يخطوها حزب العمال إبان الثورة" لينين: نفس المرجع.
مستندا دائما و مستشهدا بماركس و الماركسيين، يميز بين الخطاب البروليتاري و الخطاب الشعبوي البرجوازي الصغير، فيقول و من نفس المرجع العزيز على "أنصار الثورة الوطنية الديموقراطية" دائما و أبدا و في أي مكان "أية هي الطبقات التي كانت و تستطيع و يجب عليها، حسب ماركس أن تقوم بهذه المهمة (تحقيق مبدأ سيادة الشعب فعلا وإلى النهاية و ضد هجمات الثورة المضادة)؟ هنا يتحدث ماركس عن "الشعب" ، و لكننا نعلم أنه كافح على الدوام بلا رحمة و لا هوادة ، الأوهام البرجوازية الصغيرة حول "وحدة الشعب" ، حول انعدام النضال الطبقي في قلب الشعب ، فإن ماركس لا يطمس الفوارق الطبقية حين يستعمل كلمة الشعب ، إنما يجمع فيها عناصر معينة قادرة على القيام بالثورة إلى النهاية".
و نوضح دون كلل لمن لا هوية و لا مرجعية له كيف يتميز الخط البروليتاري عن الخط الشعبوي الهلامي "إن الطبقة العاملة لا يمكنها أن تتصرف كطبقة ضد هذه السلطة الجماعية المالكة ، إلا عن طريق تشكيل نفسها في حزب سياسي متميز و معارض لكل الأحزاب القديمة التي شكلتها الطبقات المالكة . و إن هذا التشكيل للطبقة العاملة في حزب سياسي لا يمكن الإستغناء عنه لضمان انتصار الثورة الإشتراكية و هدفها النهائي – إلغاء الطبقات –" ماركس إنجلز 1871 مؤتمر إتحاد العمال الأممي.
و في موضوعاته حول التاكتيك أوضح لينين بعمق مادي ديالكتيكي، تناقض الطبقات و المصالح و تغيرها بتغير موازين القوى الطبقية مما يفضي لتجدد و تغيير التاكتيكات التحالفاتية .. و في ذلك درس للإنتهازية اليمينية و اليسارية على السواء ، فإذا كانت الأولى تتشبث بالتاكتيك لحد إلغاء الإستراتيجية ، فالثانية تجرم التاكتيكات و تبشر بالإستراتيجية و فقط !
"إن مذهبنا ليس عقيدة جامدة بل مرشد عمل" هكذا قال دائما ماركس و رفيقه إنجلز، ساخرين ممن تعلم "الصيغ" غيبا و مجرد تكرارها ، الصيغ التي تصلح في أحسن الأحوال ، لرسم أهداف عامة يعد لها بالضرورة الوضع الإقتصادي السياسي الملموس في كل طور من أطوار المجرى التاريخي " لينين: رسائل حول التاكتيك .
بعد توضيح المنهجية نضيف هذا النص لنتابع مجرى التاكتيكات اللينينية بعلاقة مع تطور الصراع الطبقي "و إلى جانب هذه الحكومة .. ظهرت حكومة عمالية تمثل مصالح البروليتاريا و جميع العناصر الفقيرة من سكان المدن و الأرياف ، عنينا بها سوفييت نواب العمال في بطرسبورغ الذي يبحث عن صلات مع الجنود و الفلاحين و كذلك مع العمال الزراعيين و خاصة و بالطبع مع هؤلاء الأخيرين و بالدرجة الأولى معهم أشد مما مع الفلاحين" لينين : رسائل من بعيد .
و عن تصوره للديكتاتورية و مضمونها الطبقي البروليتاري قال "و من جهة أخرى ، ليس من الصعب على المرء أن يقتنع بأن الديكتاتورية ضرورية في كل انتقال من الرأسمالية إلى الإشتراكية ، و ذلك لسببين أو في اتجاهين رئيسيين . أولا ، لا يمكن التغلب على الرأسمالية و استئصالها دون أن يصار بلا رحمة إلى قمع مقاومة المستثمرين الذين لا يمكن تجريدهم دفعة واحدة من ثرواتهم ؟ من فوائد تنظيمهم و معرفتهم ، فيحاولون حتما خلال فترة طويلة نسبيا ، إسقاط سلطة الفقراء التي يكرهونها " لينين : التنظيم المنسجم و الديكتاتورية .
أضفنا هذا النص لإبراز الترابط الديالكتيكي بين الأفكار و الأطروحات اللينينية بعد أن عم التعامل الإنتقائي السيء مع النصوص ، و خاصة في الإشارة لسلطة الطبقة العاملة و ديكتاتورية البروليتاريا التي لم تفقد من شكلها و طبيعتها و مضمونها شيئا حين أسماها و في نفس الفقرة لينين بسلطة الفقراء .
ملاحظة أخرى تهمنا في الصراع ضد أنصار "الديموقراطية الجديدة" الستالينية الماوية، توضح بجلاء التصور اللينيني للديموقراطية الجديدة – ديكتاتورية البروليتاريا -.
إن هذه التجربة التاريخية التي كدستها جميع الثورات ، إن هذه العبرة – الاقتصادية السياسية ـ التي يعطيها التاريخ العالمي هي التي لخصها ماركس في صيغة وجيزة، قاطعة دقيقة، ناصعة.. ديكتاتورية البروليتاريا. و أن تكون الثورة الروسية قد واجهت بطريقة صالحة إنجاز هذه المهمة التاريخية العالمية الشأن ـ فهذا ما أثبته السير الظافر للتنظيم السوفياتي عند جميع الشعوب و القوميات في روسيا، لأن سلطة السوفيات ليست سوى الشكل التنظيمي لدكتاتورية البروليتاريا، لدكتاتورية الطبقة الطليعية التي ترفع إلى ديمقراطية جديدة، إلى الاشتراك الذاتي في حكم الدولة عشرات و عشرات الملايين من الشغيلة و المستغلين الذين يتعلمون من تجربتهم أن يروا في الطليعة المنظمة و الواعية للبروليتاريا أوثق زعيم لهم" نفس المصدر و التسطير على الديمقراطية الجديدة من عندنا.
الديمقراطية الجديدة اللينينية، التي تؤسسها الطبقة الطليعية ـ البروليتاريا الثورية ـ و البعيدة كل البعد عن الديمقراطية الجديدة الستالينية الماوية، نعني بها دمقراطية الطبقات المتكتلة الأربع ـ البروليتاريا، الفلاحون، البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية!!!
و هاكم نموذج مما نعارضه و نناهضه "ترتدي الثورة الصينية في مرحلتها طابع ثورة جماهير شعبية واسعة، بقيادة البروليتاريا، ضد الاستعمار و الإقطاعية و الرأسمالية. و الجماهير الشعبية تعني جميع الذين يضطهدهم الاستعمار و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية أو تضر بمصالحهم أو تقمعهم ألا و هم العمال و الفلاحون و الجنود و المثقفون و التجار الوطنيون الآخرون...
... في هذا البيان يعني "المثقفون" جميع المثقفين المكبلين، و يعني "التجار" جميع العناصر المضطهدة و المكبلة من البرجوازية الوطنية أي من البرجوازية المتوسطة و الصغيرة، و يعني "الوطنيون الآخرون" أو ما يعنوه الإقطاعيين المستنيرين "حول مسألة البرجوازية الوطنية و الاقطاعيين المستنيرين ـ ماو ـ المجلد الرابع.
قدمنا هذا النص لكي لا نتهم بالتزييف و التجني.. بحيث سبق و أن تكلمنا عن توجيهات الستالينية و أمميتها التحريفية خلال سنوات 26 / 28، أي قبل بزوغ نجم ماو، و الآن و عبر هذا النص و نصوص أخرى نرى اجتهاد ماو ليس في مجال الإنتاج النظري كما يدٌعي تلامذته الكسالى بالمغرب، بل في مجال التفسير، و سيطلع المناضلون الماركسيون اللينينيون عن سفسطة الدعاة المبتدئين و سيرون بجلاء الدرب المؤدية له هذه الاجتهادات"، درب التنازلات و التبرير لها، على خطى ما فعله بإخلاص الأساتذة السابقون ـ باستثناءات قليلة طبعا ـ "إلى الأمام / النهج الديمقراطي".
فما اجتهاداتهم سوى تفسير و تعميق للماوية، فهم لا يناضون الآن سوى على عزل "المافيا المخزنية" غير المستنيرة، عن باقي طبقات "الكتلة الرباعية فما فوق" و لا نستبعد، أن في دعوتهم للتحالف مع جماعة "العدل و الاحسان" الرجعية الظلامية، نفحة مما يعمق التحالف مع "جميع الذين يضطهدهم الاستعمار و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية أو تضر بمصالحهم أو تقمعهم"
و قد سبق أن تكلمنا عن مناهضة ماو لما أسماه بالانحراف اليساري، "الذي لم يفهم و يستسغ "وجوب اتحاد البروليتاريا مع جميع الشغيلة و مع جميع المظلومين: البرجوازية الوطنية و المثقفون و الوطنيون الآخرون (بمن فيهم الإقطاعيون المستنيرون الذين لا يعارضون الإصلاح الزراعي، لقلب سيطرة الاستعمار و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و لإقامة جمهورية صين شعبية و حكومة ديمقراطية شعبية : ماو : صححوا الانحراف اليساري.
إنها حقيقة "الثورة الشعبية" و" الدكتاتورية الشعبية"!
و تنقصكم بل تنعدم فيكم الجرأة الثورية لشرحها و تفصيلها لأنكم صراحة تخافون الفضيحة بل الفضائح النظرية و السياسية و التنظيمية، تخافون أن يطلع رفاقكم في القواعد المحصنة على توجيهات "ماو العظيمة"، مثل، "ينبغي ألاٌ يكرر خطأ السياسة المتطرفة التي طبقت في الأعوام 31/ 1934، "لا أرض للملاكين العقاريين و أرض جذباء للفلاحين الأغنياء" ماو : المجلد الرابع.
فما رأيكم أيها الرفاق في شعار المصادرة لأملاك البرجوازية و الملاكين العقاريين في المدينة و الريف؟ إنها سياسة يسارية متطرفة في نظر ماو!
و ما رأيكم في الثورة الزراعية و في المصادرة و تحديد المِلكية لأدنى حد، أي ما يضمن انتصار التخطيط الاشتراكي و البناء التعاوني للملاكين الصغار في البادية؟ إنه التطرف حسب النظرية الماوية!.
"إن ما ترمي ثورة الديمقراطية الجديدة إلى إزالته هو الإقطاعية و الرأسمالية الاحتكارية فحسب، هو طبقة الملاكين العقاريين و البرجوازية البيروقراطية (البرجوازية الكبيرة) فحسب، و ليس الرأسمالية بصورة عامة و لا الفئة العليا من البرجوازية الصغيرة و لا البرجوازية المتوسطة".
لنرجع إلى الرد اللينيني، و في مرحلة محددة حيث فرض على البروليتاريا و حزب البروليتاريا الإبداع في التاكتيك الذي تحول بقدرة قادر إلى استراتيجية ثابتة خارج الزمان و المكان والأحوال.. ، ضببت مفاهيمنا و عطلت مهامنا لمدة ليست بالقصيرة "إن نجاح انتفاضة الفلاحين، إن انتصار الثورة الديمقراطية، إن ما يمهد السبيل فقط للقيام بنضال حقيقي حازم من أجل الاشتراكية في ميدان الجمهورية الديمقراطية. و إن طبقة الفلاحين، بوصفها طبقة لمالكي الأرض ستضطلع في هذا النضال بنفس دور الخيانة و التذبذب الذي تضطلع به الآن البرجوازية في النضال من أجل الديمقراطية. و أن ينسى المرء هذا الأمر، فكأنه ينسى الاشتراكية و يخدع نفسه بنفسه، و يخدع الآخرين حول مهمات البروليتاريا و مصالحها الحقيقية" لينين: تاكتيكان.
فما رأي الرفيق لينين، إن أخبرناه بأن العمى الستاليني الماوي أفقد "الرفاق" و أنساهم حتى ما كان يسميه ببرنامج الحد الأدنى الحازم، فما بالك بالاشتراكية التي لم يعد لها مكان في شعاراتهم و مواقفهم مخافة تفكك الكتلة و انصراف أطرافها عن "يساريتنا البروليتاريا المتطرفة" التي تناضل من أجل المصادرة و من أجل التأميم و من أجل الثورة الزراعية...
و ما رأي الرفيق لينين الذي قال في الثورة الصينية "ستنمو البروليتاريا الصينية بمقدار ما تزداد "الشنغهايات" في الصين. و سيتشكل في أكبر الظن لون من حزب عمالي اشتراكي ديمقراطي صيني ينتقد طوباويات "صان يات صين" البرجوازية الصغيرة و نظراته الرجعية، و يبرز على ما نعتقد بحرص و يصون و يطور النواة الديمقراطية الثورية في برنامجه الزراعي و السياسي".
بالضبط ذلك ما فعلته الستالينية الماوية أيها الرفيق لينين! لقد طورت النواة الديمقراطية الثورية برنامجها الزراعي و السياسي! و تجاوزت طوباوية "صان يات صين" ب"شان كاي تشيك" الدموي العميل، و الحزب العمالي الاشتراكي الديمقراطي، الحزب الشيوعي الصيني، بأن فرضت تنفيذية الأممية الشيوعية على الشيوعيين الالتحاق أفرادا بالكيومنتانغ.
هذا الحزب الذي اعتبرته الأممية بأنه حزب "كتلة الطبقات الثورية الأربع" عام 1926، أي كتلة العمال و الفلاحين و المثقفين و برجوازية المدن، إنضم للأممية الشيوعية باعتباره حزبا نصيرا، و حصل رئيسه "شان كاي تشيك" على العضوية الفخرية في رئاسة هذه الأممية، و لم يتأخر ستالين في نعته بـ "الحليف الموثوق و قائد الثورة الصينية" مطلقا على حكومته لقب "حكومة كانتون الثورية". هذا الحليف الموثوق و القائد الثوري الذي لم يتأخر بدوره بعد أيام فقط بحصده لهذه الألقاب عن إغلاق مقرات النقابات و اعتقال الشيوعيين و العمال المضربين بعد أن جردهم من أسلحتهم.
بعد سنة، أي خلال عام 1927 قام بمذبحته الشهيرة، "مذبحة شانغهاي"، التي ذهب ضحيتها الآلاف من الشيوعيين و من الطلائع العمالية النقابية و الثورية حيث قدرت بـ 30000 . تلتها مجازر أخرى و إعدامات فردية و جماعية.. لم تكن كافية لستالين بأن يتخلى عن إصراره على ضرورة بقاء الشيوعيين في حزب "شان كاي تشيك"، الكيومنتانغ، "فالكيومنتانغ هو بمثابة برلمان ثوري تقوم لجنته المركزية مكان المكتب السياسي.. إن "شان كاي تشيك" يمتاز قطعا عن أشباه "تسيريتيلي" و "كيرنسكي" لأن الظروف تفرض عليه محاربة الإمبرياليين" ستالين.
نداء أخير
نداء أخير لكل المجموعات الثورية الميدانية في المغرب، نداء من مناضلي التيار البروليتاري الماركسي اللينيني، نداء يستهدف النقاش الجدي و المسؤول المباشر، من أجل تقوية عمل الحركة الماركسية اللينينية المغربية وسط العمال و الكادحين و أبناء الكادحين، التقوية في شكل الوحدة حول الشعارات، البرامج، الأرضيات.. في اتجاه بناء النواة الصلبة لحزب الطبقة العاملة المستقل.
أما السب و القذف دون توضيح للمواقف و الأطروحات، ليس سوى تهرب من الأسئلة و الأجوبة عن إشكالات النضال الثوري بالمغرب، إذ ليس من الصعب التخفي وراء يافطات "القضايا المصيرية للشعب المغربي" و "دكتاتورية الشعب الثوري"..الخ.
ملاحظة:
بعض المعطيات أخذت من كتاب تقييم و آفاق الثورة الصينية ـ تروتسكي ـ
و من كتاب لزينوفييف ـ أطروحات حول المسألة القومية و الثورة الصينية ـ.
انتهى
عبد الحق الزروالي شتنبر 2005.



#عبد_الحق_الزروالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحريفية من منظور ماركسي لينيني بروليتاري
- اليد الممدودة من القوى التحريفية الى القوى الظلامية


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحق الزروالي - الشعبوية و التحريفية الماوية ...وجهان لعملة واحدة