أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محي الدين محمد يونس - خرند أو وادي الموت















المزيد.....

خرند أو وادي الموت


محي الدين محمد يونس
(Mohiadin Mohammad Yonis)


الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 13:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثناء تصفحي لمحتويات مجلة سفيل العدد 273 وتاريخ 18 نيسان 2015 والتي تصدر في محافظة أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق , وقع نظري على مقال جذب انتباهي بعنوان (خرند راوندوز وادي موت الجيش الروسي ) والخرند تسمية لوادي جبلي عميق يقع في اسفل مدينة راوندوز وفي موقع وسط بين المدينة المذكورة وجبل هندرين, ذكرني هذا المقال بما يتداوله الناس في المنطقة عن هذا الوادي والمسمى (وادي الموت) لكثرة حوادث الانتحار التي تحصل فيه.
ابدء السرد في مقالتي هذه بقضية قريبي (فريق كانبي) والذي كان من مواليد عام 1957 , وطالبا في المرحلة الاعدادية , كان ذكيا وخلوقاً ويتردد علينا بحكم علاقة القرابة بين عائلتينا , وفي يوم 7 نيسان 1982 عدت من دائرتي بعد انتهاء الدوام وكانت الساعة تشير الى الساعة الثالثة بعد الظهر, وفور دخولي المنزل ناولني ابني (ديار) رسالة وذكر لي حضور قريبنا (فريق) صباح هذا اليوم الى منزلنا , وطلب تسليم هذه الرسالة لي , عند فتحي لمظروف الرسالة وقراءتها انتابتني الدهشة والقلق والخوف على مصير محررها , استفسرت من عائلتي عن وقت حضور المذكور الى منزلنا فكان الجواب (( بأنه حضر في الساعة العاشرة من صباح هذا اليوم )) وكانت الرسالة أو بالأحرى الوصية مكتوبة باللغة الكردية والعربية والانكليزية , وفحواها :
الأخ محي الدين محمد المحترم
بعد السلام :
يئست من هذه الحياة التي لا تساوي شيئاً والاستمرار فيها وتحمل متاعبها هو ضرب من الجنون لست مجبرا على تحملها لذلك قررت وضع حد لهذه الحياة , ومن أجل ذلك أنا ذاهب إلى راوندوز لألقي بنفسي في وادي خرند
وختم وصيته ببيتين من شعر عمر الخيام والمترجم من قبل الشاعر المصري أحمد رامي والمغناة من قبل كوكب الشرق أم كلثوم:
لبست ثوب العيش لم استشر وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت أين المفر
اتصلت على الفور بضابط مركز شرطة قضاء راوندوز مستفسرا منه عن الحالة الأمنية للقضاء وواقع الحوادث لهذا اليوم دون الاستفسار منه مباشرة عما كان يشغل بالي ومحاولاً استبعاد فكرة تنفيذ ( فريق ) لقراره بالانتحار.
أجابني ضابط المركز : ((سيدي لا شيء هذا اليوم سوى حادث انتحار شاب يدعى فريق كانبي , في تمام الساعة الواحدة ظهرا في وادي خرند ))
إذن لقد نفذ ما نوى عليه و انهى علاقته بالحياة والتي كان يشكو دائماً جورها وظلمها والخلل في المستوى الاجتماعي والاقتصادي بين الناس ومردها الاستغلال والفساد وغياب العدالة والمساواة , وهنا اختم حديثي عن (فريق كانبي) بنشر صورته مع صورة كرت معايدة كان قد أرسله لي بمناسبة العيد تحمل صورة الفنان والمطرب ( فريد الأطرش) وسطر خلفه كلمات جميلة كتبها بخط يده وهي :
الماء يجري .................. والرمل يبقى.
الانسان يموت ............ والذكرى تبقى
اهدي هذه الصورة للفنان الراحل – F –
الى قريبي المحب الأخ محي الدين محمد المحترم
أخوك: فريق كانبي
3/2/1979
والآن لنعود إلى أصل الحديث عن وادي خرند ولماذا سمي بوادي الموت , وبالرجوع إلى ما ورد في مجلة سفيل فالمصادر التاريخية تذكر بأنه في عام 1916 وفي خضم الحرب العالمية الاولى تقدمت القوات الروسية من محور حدود حاج عمران واجتازت مناطق جومان وكَلاله إلى ان وصلت إلى حوض مدينة راوندوز وجوبهت هذه القوات بمقاومة شرسة من قبل أهالي المنطقة إلا أن فوارق العدد والتسليح والإعداد بين الطرفين مكنت القوات الروسية مساء يوم 9/5/1916 من اتمام احتلالها لقرية برزيوه ومنبع ماء جنديان وسفوح جبل هندرين.
اقتصرت تشكيلات القوات الروسية على صنوف المشاة والخيالة والمدفعية لعدم توفر الآليات بكافة أنواعها في ذلك الوقت , وحتى في حال توفرها فإنه لم تكن الطرق متوفرة في هذه المنطقة.
في مساء أحد الأيام استعدت القوات الروسية المستقرة على سفوح جبل هندرين للهجوم على مدينة راوندوز وبدأت بالقصف المدفعي على المدينة وتصاعدت اعمدة الدخان منها, وبحلول الظلام بدأ الهجوم وبحكم جهل الجيش الروسي بطبيعة المنطقة والتضاريس فيها قتل ما يقارب (670 جنديا) في هذا الهجوم من المشاة والخيالة الروس أغلبهم بسبب السقوط في هذا الوادي العميق والذي سمي في ذلك الحين وادي الموت , وكان للجنود القوقاز نصيب وافر بين أعداد القتلى .
بعد الاندحار في هذه المعركة قامت القوات الروسية بتجميع وتنظيم صفوفها مرة أخرى والهجوم على المدينة من عدة محاور , وبسبب عدم التوازن في العدة والعدد بين الطرفين استطاعت القوات الروسية أخيرا من احتلال المدينة وقيامها بقتل مواطنيها دون تحديد بالإضافة إلى اعمال السلب والنهب وحرق الدور والمخازن طيلة وجودهم في المدينة, وبعد انسحابهم منها بفترة قصيرة.
استمر نعت وادي خرند بوادي الموت وبقيت التسمية حية بسبب استمرار الأحياء بإلقاء أنفسهم فيه ليومنا هذا , حيث يندر مرور سنة دون وقوع حادث انتحار.
ومن الحوادث الأخيرة في السنوات القريبة , قام المنتحر (هـ . ج ) بتاريخ 22/2/2011 , وهو يقود سيارته ومعه الأشخاص ( أ . ح )و( س. ع )و( ن. ع) وعند وصوله محاذاة وادي خرند أدار مقود السيارة باتجاه الوادي فسقطت السيارة ومن فيها في الوادي لانه أبى أن يموت لوحده.
وبتاريخ 22/2/2014 قدم المواطن ( هـ . غ ) من قضاء جومان إلى قضاء راوندوز وعند وصوله إلى القضاء المذكور أوقف سيارته بالقرب من حافة وادي خرند , وأقفل أبوابها وبعد وضع مفاتيح التشغيل في مكان معلوم بالقرب من السيارة اتصل بشقيقه وبدم بارد يخبره بأنه سيلقي بنفسه في وادي خرند , وطلب منه ابلاغ سلامه وتحياته إلى جميع الأهل والأقارب , ورغم صراخ شقيقه وتوسله منه في عدم الإقدام على هذا العمل إلا أنه وضع الهاتف النقال بجانب مفتاح تشغيل السيارة وألقى بنفسه في عمق وادي خرند.
بتاريخ 3/6/2015 قام الشاب (ر.أ.خ) وهو من مواليد 2002 ومن سكنة ناحية راوندوز بإلقاء نفسه منتحراً في هذا الوادي.
آخر حادث انتحار في هذا الوادي مسجل في سجلات الشرطة وقع بتاريخ 6/3/2017 عندما قام (هـ. أ. ط) وهو من مواليد عام 1996 ومن سكنة ناحية خليفان بإنهاء حياته, ومن الجدير بالذكر من أن معظم هذه الحوادث وحسب ادعاء ذوي الشباب المنتحرين مردها الحالة النفسية القلقة لهم.
نأمل أن تكون الحادثة الأخيرة آخر حادث انتحار في وادي خرند رغم استحالة ذلك بسبب بقاء واستمرارية الأسباب التي تدفع الإنسان لاتخاذ هذا القرار الصعب وبقاء وادي خرند متلهفاً لاستقبال المنتحرين ولسان حاله يقول: ((هل من مزيد)), ولسان حالنا يدعو من الله العلي القدير أن يهدي كل من يفكر بهذا العمل... ومن الله التوفيق...



#محي_الدين_محمد_يونس (هاشتاغ)       Mohiadin_Mohammad_Yonis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التهرب من الخدمة العسكرية في ظل النظام السابق أنواع وهذا أحد ...
- كيفية صدور القوانين في ظل النظام العراقي السابق -قانون الخدم ...
- الحملة الوطنية الشاملة للتبرع بالمال والذهب الذي لا ندري أين ...


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محي الدين محمد يونس - خرند أو وادي الموت