أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري والحسين بوزيل - حَوْلَ أَدَام سمِيث وأَشْيَاء أُخْرَى: جِدَالٌ بَيْنَ رِيكَاردُو وَمَالتُوس














المزيد.....

حَوْلَ أَدَام سمِيث وأَشْيَاء أُخْرَى: جِدَالٌ بَيْنَ رِيكَاردُو وَمَالتُوس


ابراهيم منصوري والحسين بوزيل

الحوار المتمدن-العدد: 6132 - 2019 / 2 / 1 - 17:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد استفاد أدام سميث من المفكرين الذين سبقوه في علم الاقتصاد من أمثال الفرنسيين دوبواغلبير وفرانسوا كيني والانجليزي ريتشارد كانتيون وحتى الأمازيغي ابن خلدون. في علم الاقتصاد، يظل أدام سميث شارحا متميزا لسابقيه من الاقتصاديين (أنظر في هذا الشأن، جوزيف شامبيتر في كتابه الشهير "تاريخ التحليل الاقتصادي"، والذي نشرته زوجته بعد وفاته، رغم أن شامبيتر نسي الإشارة إلى ابن خلدون، أو ربما الأرملة هي التي تعمدت ذلك). رغم أن الكثيرين ينعتون أدام سميث بأب الاقتصاد السياسي، فإن تخصصه الأكاديمي كان أساساً في الفلسفة. هذا على الأقل ما يبدو من كتابه الشهير "نظرية العواطف الأخلاقية" (The Theory of Moral Sentiments). أما أب الاقتصاد السياسي الحقيقي فهو الانجليزي ديفيد ريكاردو الذي أثر أيما تأثيرٍ في الفكر الاقتصادي لكارل ماركس نفسِه حتى أن المُلمِّين بتاريخ الفكر البشري لا يترددون في تأكيد ألاَّ ماركسية بدون ريكاردو، على المستوى الاقتصادي طبعا؛ مع العلم أن ابن خلدون كان صنديداً في هذا الحقل المعرفي، إلا أنه لم يفلح في جعل الاقتصاد السياسي علما مستقلاً قائماً بذاته حيث مزجه مع فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع والعمران وحتى بالدّين وما شابه ذلك.

قال ريكاردو في كتابه المعروف "حول مبادئ الاقتصاد السياسي والضريبة" (On the Principles of Political Economy and Taxation)، إن أدام سميث كان يأمل أن يبنيَ نظريةً جديدةً سماها "نظرية المزايا المطلقة" (The Theory of Absolute Advantage) ، غير أن الرجل لم يفلح في بناء نظرية ولا هم يحزنون. كان أدام سميث يدافع عن بلده سكوتلندا (وانجلترا) في المبادلات الخارجية، ولكن تحليله الاقتصادي خانهُ خيانةً عُظمي كأنما السيد أدام كان يدفع ببلده إلى الانمحاء من خارطة العالم كله دون إدراك.

وتصحيحا للانزلاق السميثي في هذا المضمار، بين ريكاردو أن المزايا المتأتية من التجارة بين الأمم لن تكون إلا نسبية (The Theory of Relative´-or-Comparative Advantages)، منتقداً نظرية أدام سميث العرجاء العوجاء في المبادلات الخارجية. ولم يستطيع أحد منذ القرن التاسع عشر أن ينقض النموذج الريكاردي الذي يظل مستعصيا عن الفهم لدى الكثيرين.

ومن باب المستملحات، يحلو لي أن أتذكر كيف كان أستاذنا الكبير في تاريخ الاقتصاد السياسي يحاول بشتى الطرق أن يشرح لنا ذلك النموذج الريكاردي القويم وكنا لا نستوعبه جيداً رغم محاولات الأستاذ تقريب وتبسيط المفهوم حتى أنه كان يجر آذان بعضنا جراً كي نفهم الأمر ولا حياة لمن تنادي حتى أن آذان الكثيرين منا أضحت طويلة من فرط الجر.

لم تتوقف عبقرية ريكاردو في انتقاد آراء سميث الاقتصادية، بل تحضرني وقائع قصة جمعته بالاقتصادي الانجليزي روبرت مالتوس الذي لا يكاد يفارقه. كان الاقتصاديان بارعيْن في الرياضيات بما فيها الجبر والمقابلة بتعبير الخوارزمي العظيم. سهر الاثنان في إحدى الليالي ب"كوخ المخمليين" بضاحية لندن، وهما يتجاذبان أطراف الحديث حول الريع العقاري وعلاقته بتوزيع المداخيل ونظرية القيمة وما شابه ذلك، إلا أنهما لم يتوصلا إلى وجهة نظر موحدة حول الموضوع.

في الليلة الموالية، كانا يتجاذبان أطراف الحديث حول أهمية نظرية المجموعات في علم الاقتصاد. تساءل مالتوس قائلاً: " What does it mean exactly that set theory ? ". رد ريكاردو معقباً: "لقد تعلمت نظرية المجموعات على يد أستاذ لا علاقة له بالانجليز ولا بثورتهم الصناعية. كان ذلك الغريب يقول إن أصل نظرية المجموعات هو أن تقول إن مجموعتين E و F تتساويان إذا وفقط إذا كانت E جزأً من F و F جزأً من E. أخذ مالتوس ورقة وقلماً ثم بدأ يخطط رياضياتياً، إلا أنه نسي شيئاً من المنطق الذي تعلمه حول الاستلزام والتكافؤ؛ ثم نطق: "عمت مساء، صديقي ديفيد، إلى اللقاء؛ ولنكمل حديثنا في الغد لأني لم أنمْ جيّداً البارحة وعائلتي تنتظرني هذه الليلة". نطق مالتوس نطقاً بتلك الطريقة وكان يعرف تمام المعرفة أن صديقه ديفيد يحبذ التمادي في سبر أغوار نظرية المجموعات في صلتها بعلم الاقتصاد.
فهم ريكاردو أن مالتوس ليس صبوراً بما فيه الكفاية ليفهم كنه منطقه، مع العلم أن صديقه قد نام البارحة أحسن نومةٍ، على الأقل بالمقارنة مع نومته هو. وحيداً كان المِسْتر ديفيد عندما تركه روبرت مالتوس،فقال متفلسفاً مع نفسه الأبيّة: "سأطاوع صديقي هذا؛ إنه روبرت، مالك الأراضي وصاحب الريع العقاري؛ بيْد انه يبدو لي أن الريع والريعيين عامةً لا مستقبل لهم ولا لطبقتهم المخملية في العالم الصناعي الناشئ".

أكمل ديفيد شُرْب نخْبِه ثم غادر كوخ المخمليِّين كمَلكٍ مُتوّجٍ للتّو، متفلسفاً من جديد: "لقد ألهانِي روبرت مالتُوس البارِحة واليوم، ربّما لغرض في نفس يعقوب؛ لقد شغلني عن تفقُّدِ أموري الخاصة، فما حال القيم المنقولة هذا اليوم؟ ما حال البورصة في هذا اليوم الجميل، في عاصمة الضباب؟". غشاه الضباب فجأةً ثم مشى بخُطىً متثاقلة إلى منزله السَّرْمدي ثم تذكّر وفكر: "روبرت، هذا الرِّيعي الذي تَرَيَّعَ حتى النُّخاع، بل حتى عاد بلا رقبة، ربما ستكون أيامه سوداء، ولكنه صديقي وأنا أحبه في الله، لن أتخلَّ عنه مهما كان؛ سأقول له غداً إن نظريتك في السكان ستفيدني حتى في فهم المزايا النسبية؛ سأقول له، ولكن بشكل مختلف: "إنك لست عِلْمياً بِما يكفي رغم أهمية نظريتك في السّكّان؛ سأقول له ببساطة إن الريعي لن يكون عالِما أبدأً مهما حاول؛ وغداً ستقولون: ديفيد ريكاردو قال....".



#ابراهيم_منصوري_والحسين_بوزيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدبير النقود والسياسة النقدية في المغرب: أي دور للمتغيرات ال ...
- دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب: نموذجة بمتغيرات توا ...
- دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب: نموذجة بمتغيرات توا ...


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري والحسين بوزيل - حَوْلَ أَدَام سمِيث وأَشْيَاء أُخْرَى: جِدَالٌ بَيْنَ رِيكَاردُو وَمَالتُوس