أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فلاح علوان - بصدد السترات الصفر















المزيد.....

بصدد السترات الصفر


فلاح علوان

الحوار المتمدن-العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 22:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تجتاح فرنسا منذ أسابيع موجة احتجاجات واسعة اتخذت من ارتداء السترة الصفراء شعاراً أو رمزا لها، وسرعان ما اتسعت الحركة في عدة مدن اوربية متخذة نفس الرمز. أصبحت الحركة ملهمة للعديد من التحركات الشعبية في عدة بلدان، سواء من الناحية الرمزية والمعنوية أو من ناحية تشابه المطالب والشعارات.
تناولت العديد من الاوساط هذه الحركة بالتحليل والوصف، ورغم الاشادة بالجرأة والاندفاع فان النقد الاساس الموجه لها هي انها تعلن عن استقلاليتها عن أي حزب أو تنظيم، وقد انتقدت العديد من الاوساط اليسارية هذه السياسة، واعتبرتها حركة عفوية ترفض التنظيم.
وفي الحقيقة فان منطلق هذا النقد هو غير علمي، فهذه الحركة ليست عفوية بمعنى انها ليست طارئة أو عابرة. ان تحديد الهدف والتعبئة باتجاهه ليست عفوية، واستخدام وسائل اجتماعية للتنظيم الجماهيري ليست عفوية، وتحديد أماكن التجمعات والشعارات والهتافات، وتوقيت الاحتجاجات وتنظيمها بالتجمع العام ليست عفوية، والقدرة على ادامة زخم حركة واسعة ولعدة اسابيع لا يمكن ان تكون عفوية. أي ان هناك الهدف المحدد، والوسائل النضالية، والمادة البشرية التي تتبنى الهدف وتنفذ السياسة، وهي حركة قابلة للنمو والتطور والتنظيم.
ان تردد بعض النقابات في الانخراط في الحركة، بدعوى وجود قوى يمينية وراءها أو ما صار يعرف باليمين الشعبوي، له ما يبرره، ولكن لا يعطيه مشروعية وصف الحركة او التعبير عن تطلعاتها واهدافها. حيث ان سيطرة اليمين على الحركات المطلبية الشعبية هو الشكل الذي اتخذه مسار تطورالعديد من الحركات الشعبية خلال عقود، أو الحركات التي تطورت الى انتفاضات وثورات، مثل الثورة الايرانية، الثورة المصرية، الحراك في اليمن وتجارب أخرى. بحيث كانت الحركات تبدأ مطلبية شعبية عمالية ثم تنتهي بانتصار التيارات اليمينية.
هذه الحركة وبدرجة ما بدأت تقلب تلك المعادلة، وبدأت تسير في خط متصاعد، من حركة شعبية عامة، الى حركة معبرة عن الصدام مع رأس المال في داخل المدن. وهو التعبير عن درجة تسليع كل الحياة الاجتماعية، ليس في ميدان تجارة البضائع فقط، بل في كل ما يخص الخدمات والمعيشة والصحة والنقل. وهذا ما أشار اليه منذ سنوات الاقتصادي الامريكي ديفيد هارفي، وهي احدى نقاط قوة هذه الحركة، كونها أعطت صبغة طبقية أوضح للنضال داخل المدن، بعد ان كان يوصف بالشعبوي، حيث لم يكن اليسار يعتبر سوى نضال المصانع، نضالاً طبقياً.
الجانب الهام الاخر؛ هو ان فئات المفقرين والكادحين والعمال هم من يرفع المطالب العامة للمجتمع اليوم وليست البرجوازية. اي انهم المعبر عن المجتمع والممثل السياسي له، مقابل عجز البرجوازية عن رفع شعار تمثيل كل المجتمع، والذي كانت تستخدمه لدى انخراطها في الحراك الشعبي وتوجهه الوجهة التي تريد وتمرر سياساتها من خلاله. وهذا برهان على كون الحركة في مسار تصاعدي، وكون البرجوازية في أزمة فعلية.
اصبحت هذه الحركة ملهمة للحراك في عديد من البلدان، مما يؤشر الترابط العالمي بين مصالح الفئات المفقرة، ومعاناتها من نفس التوجهات النيوليبرالية، ونفس السياسات التقشفية التي تسببت في تشديد حرمان وفقر الملايين، حيث انطلقت حركات مماثلة في المجر والنمسا وهولندا.
لقد تعلمت الجماهير خلال الحركة، وستبني وسائلها النضالية في أطوار متقدمة، وتبني سياستها ونظريتها اذا تطلعت لتحقيق أهداف أعلى.
ويمكن للقوى الاشتراكية بناء نظريتها وسياستها على أساس فهم تصاعد الحركة، والبرهنة على ان المطالب الراهنة هي شكل تجلي الصدام بين مصالح رأس المال ومطالب الانسان المضطهد. والرأسمال لا يمكنه العيش بدون تعظيم أرباحه التي لا تأتي الا بتشديد الاستغلال. ان النضال ضد الاستغلال هو حرمان رأس المال من القدرة على تعظيم ارباحه، أو اجباره على التخلي عن قسم منها لتأمين الخدمات العامة للمجتمع عبر الضغط، أي ادخال الرأسمالية في أزمة اقتصادية وسياسية أعمق، وبالتالي ازمة ثورية. وهنا يبدأ بناء التكتيك الثوري والبرنامج الثوري، أي ان يستمد مشروعيته من أساس موضوعي للحركة والثورة.
ليست هذه الحركة من يرفض التنظيم، بل ان التنظيمات اليسارية الحالية والنقابات، لا توفر اطراً تنظيمية وبنى مرنة يستطيع العامل والكادح ان يعبر عن نفسه من خلالها. التنظيمات الحزبية تريد اعتناق تعليماتها، وتريد طاعة القائد مهما قال. والنقابات، حتى العريقة منها، تضع سياساتها على اساس تناسب القوى الحاكمة وتوازن النظام السياسي القائم. وكلا السياستين لا تجيبان على متطلبات حركة الطبقات الثورية في المجتمع، ولا على درجة تفاقم الصراع.
يصف بعض اليسارويين والسياسيين من اصحاب الجمل المدوية هذه الحركة باللا تنظيم والعفوية وينتقدونها، ولكن انتقادهم نابع من عقدة نزعة السيطرة على حركة الجماهير لتصبح تحت قيادتهم. وهم بهذا يفوتون على انفسهم حتى فرصة التعلم من التجارب التاريخية. ان هؤلاء يسعون لوضع انفسهم فورا، في موقع المسيطر والموجّه والقائد المفترض، الذي يخرج من سبات الاقبية ليوجه الجموع.
في الحركة الحالية في فرنسا، يتطور دور القادة الميدانيين والسياسيين من خلال القدرة على الاجابة على متطلبات الحركة، لا أن يجري تصنيعهم في ورش فاشلة اصلاً. وسيكون فشل اليسارويين واصحاب الجمل المدوية وخروجهم من الميدان نهائياً، احدى ثمار الحركة الحالية.
ينتقدون عدم وجود قيادة، وهم الذين يفرضون قيادتهم من الاعلى. وهذا ما جرى في العراق من تنصيب لقائد شيوعي من المهجر، وتم خلع لقب "ليدر" عليه، لا يجوز مناقشته ولا انتخابه ولا التدخل في ترشيحاته لمعاونيه، اي امبراطور شيوعي. وجرى طرد العمال الماركسيين الذين ينتقدونه، وينتقدون النزعة الامبراطورية في حزب العمال. وبعد كل هذا يأتي من تبقى من مجموعة وانصار الليدر لكي يدعو الى قيادة الطبقة العاملة، ولينتقدوا ويوجهوا الحركة في فرنسا، بعد تجربة مخجلة مماثلة خلال الثورة المصرية.
الخلاصة؛ لايعتمد عمق هذه الحركة وتجذرها في أوساط الفئات الاجماعية المحرومة على موقف اليسار منها او موقف النقابات. ان هذه الحركة تمثل طوراً جديداً من النضال ومن التطور السياسي، وايذاناً بأفول العديد من التنظيمات اليسارية والنقابات التقليدية. ولكن تطور الحركة التي اتخذت السترات الصفر رمزا لها، يتطلب موقفاً من النظام الرأسمالي نفسه وتعريف الحركة نفسها على أساس طبقي وسياسي. وسواء انجزت الحركة الحالية هذه المهمة أم لا، فان هذه الاهداف والتوقعات قد دخلت مسار التاريخ بلا رجعة. وهنا تحضرني جملة قالها ماركس " ما ان يبدأ الجديد حتى لا يعود القديم قديماً.



#فلاح_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على مداخلة الدكتور مظهر محمد صالح بخصوص الموازنة
- رد الى السيد عبد الحسين سلمان
- ملاحظات انتقادية حول بحث المجالس العمالية للرفيقة نادية محمو ...
- مسيل الدموع
- هل بلغت الحركة الحالية في جنوب العراق اقصى مداها؟
- انتقائية، تصفوية، تصورات برجوازية. في الرد على سكرتارية الحز ...
- رسالة استقالة من الحزب الشيوعي العمالي العراقي
- حول الاعتصامات الاخيرة في اطراف بغداد
- العمل الهش في العراق
- بصدد رسالة السيد رائد فهمي الى التحالف الجديد
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 3 ...
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 2 ...
- السياسة الاقتصادية النيوليبرالية في العراق والموقف العمالي 1 ...
- بصدد الكادحين، الى الاخ عبد الحسين سلمان
- الى العزيز فؤاد النمري مع التحية
- في الرد على التصورات التصفوية واللاعلمية -2-
- في الرد على التيار التصفوي ثانية
- بصدد الاستفتاء، في الرد على ريبوار احمد
- ملاحظات حول - مبادئ واساليب القيادة الشيوعية- لمنصور حكمت.
- التجمع العام والنقابية في العراق


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فلاح علوان - بصدد السترات الصفر