أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قيس حسن - الصراع الداخلي في عقل المسلم ما بين الموروث الديني والتطور الإنساني















المزيد.....

الصراع الداخلي في عقل المسلم ما بين الموروث الديني والتطور الإنساني


قيس حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 10:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن هذا الصراع قد أصبح ظاهرة تنتشر في المجتمعات العربية والإسلامية حيث يعيش الفرد فيها تناقضات بين التزامه بالدين والعادات والتقاليد المرتبطة به ومحاولاته لمواكبة العصر الحديث والتكيف مع قيمه الأخلاقية ومختلف تطوراته الفكرية والعلمية.
هذا الصراع أصبح له تأثير كبير على حياة المسلم وسبباً في تشتيتها ما بين الماضي والحاضر، وشئنا أم أبينا فأن الموروث الديني الإسلامي بصورته الحالية التي تعكس طريقة تفكير وعقلية من الماضي قد ساهم وبشكل كبير في تحويل الإسلام إلى أحد الأسباب الرئيسية في تخلف وتأخر أفراد المجتمعات العربية والإسلامية، وكيف لا وهو يتحكم بمختلف مسارات وخيارات حياتهم من الولادة وحتى الممات ويتدخل في أبسط التفاصيل ويفرض منظوره الخاص، ويمكن شرح وصف "الموروث الديني الإسلامي" هنا بأنه المحصلة المعرفية الناتجة عن النصوص الدينية الإسلامية في مختلف مجالات الحياة، الاجتماعية والعلمية والسياسية والاقتصادية والتي خلفها رجال الدين وتناقلتها الأجيال عبر مئات السنين إلينا.

لم يدخر رجال الدين في وقتنا الحاضر جهداً لتحويل الإسلام إلى بوابة زمنية تأخذك إلي الماضي وتحديداً قبل 1400 سنة في منطقة صحراء شبه الجزيرة العربية لتشارك أهلها أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعارفهم وعلومهم وتعيش بها في القرن الواحد والعشرين، عودة إلي زمن الحروب مع الكفار والجهاد لنشر الإسلام والغزوات وسبي النساء والعلاج بالحجامة وفك السحر، كل هذه الأمور أصبحت اليوم "تخلف" و "إرهاب" و "سرقة" و "أغتصاب" في نظر العالم المتحضر المتقدم ولكنها لا زالت تلقن إلي عقل المسلم في البرامج التلفازية والندوات الدينية وخطبة يوم الجمعة، والمحصلة هي أنتشار ثقافة العداء والكره لأصحاب المعتقدات الدينية الأخرى، كل يوم جمعة يستمع المسلم إلي الخطيب من علي المنبر وهو يحكي القصص عن المآثر والبطولات التي قام بها الصحابة والمسلمون الأوائل قديماً وحروبهم وغزواتهم لنشر الدين وكيف أنتهي اليوم زمن عزة أمة الإسلام وأصبحت الغلبة للكفار بسبب تخاذل المسلمين، كل هذا يقدم في أطار استفزازي وتحريضي لمشاعر وعواطف المسلم، ويسأل الخطيب متي ستعود هذه الأنتصارات والأمجاد ! وحتي أنه يدعوا في نهاية الصلاة أن تعود !

الموروث الديني الإسلامي بصورته الحالية يرفض كل ماهو مختلف ومخالف ويحرض عليه، وكما أنه يزرع شعوراً وهمياً بالتفوق والأفضلية في عقول المسلمين بأنجازات من الماضي لم تعد تصلح لعصرنا الحالي، كل هذا يتناقض مع واقع تأخر وتخلف المجتمعات الإسلامية واعتمادها على التقدم العلمي والصناعي للدول الغير إسلامية، ويضع الحواجز والعوائق أمام المسلم للتعايش مع أصحاب الأديان والمعتقدات الأخرى وتقبل الاختلاف معهم وأحترام حريتهم والأسوء أنه يسهل الطريق على انتشار التطرف الإرهابي الإسلامي، نحن لا يمكننا القول بأن داعش والقاعدة والتنظيمات الإرهابية الإسلامية لا تمثل الإسلام عندما تكون أفكارهم ومعتقداتهم وأفعالهم موجودة في كتبنا الدينية ويتم التفاخر بها من علي منابر المساجد في خطب الجمعة ويتم تدريسها في مناهج المدارس والجامعات الإسلامية وتداع في البرامج التلفازية، متي سيدرك رجال الدين والمدافعين عن الموروث الديني ان عليهم مواكبة التقدم في الوعي الإنساني والتخلي عن المفاهيم القديمة التي كانت متواجدة عند بداية الإسلام لأنها كانت مناسبة ومقبولة في ذلك العصر لكنها لم تعد تناسب وقتنا الحاضر وأصبحت سبباً في تأخرنا.

ومن أبرز الصراعات التي يواجهها عقل المسلم هي وضع المرأة في الموروث الديني، قد يكون الإسلام رفع من شأن المرأة قليلاً بالنسبة لما كان عليه في ذلك الزمن قبل 14 قرناً ولكن اليوم مقارنة بالتطور في وضعها الإنساني وبالحقوق التي حصلت عليها في الدول المتقدمة فإن الإسلام قد ظلم المراة ظلما كبيرا و حرمها من حقوقها و سلبها حريتها وحقرها وسخرها لطاعة وخدمة الرجل، يصور الموروث الديني الإسلامي المرأة بأن مخلوق عاطفته تتغلب على عقله ولذلك شهادتها بنصف شهادة الرجل وهذا علمياً غير صحيح ولكنه معتقد قديم كان رائج في ذلك الزمن، وكما أنها تحتاج لوصاية الرجل المتفوق عليها عقلياً وجسدياً ورقابته عليها وتقويمه لسلوكها لحمايتها من الانحراف ويحق له تأديبها عند النشوز، ويرسخ الموروث الديني الإسلامي مبادئ النظام الأبوي الأسري، وينظر لجسد المرأة علي أنه يمثل شرف زوجها وعائلتها وهي تشكل فتنة للرجال الأغراب لذلك يجب تغطيتها والحرص على تقييد ظهورها أمامهم وتواجدها معهم، حتي أنه يربط بين دخول الرحل للجنة وتحكمه في أناث عائلته، ولأن الرجال قوامون علي النساء ومسؤولون عن تلبية احتياجاتها فهم يأخذون ضعف نصيبها في الميراث ويحق للرجل ان يتزوج اربعة نساء ولكن لا يحق للمرأة بعذر أختلاط النسب، كل هذه المفاهيم فقدت قيمتها لإن اليوم يوجد تحليل DNA ويمكن تطبيق المفهوم نفسه وتتزوج المرأة 4 رجال وسيعرف من هو الأب بسهولة واليوم لم نعد نحتاج للقوة الجسدية ولا يخرج الرجل ليصطاد أو يغزوا والوظائف تعتمد علي مقومات عقلية وجسدية متوفرة في الجنسين والمرأة اليوم أصبحت تعمل وتستطيع إعالة نفسها بل أنها في الكثير من الأحيان هي من يعول زوجها وعائلتها، ولقد أثبتت نفسها وكفائتها في مختلف المجالات والوظائف، الطبيبة والمحامية والقاضية ورئيسة لبلاد من دول العالم الأول، ولم يعد بالإمكان إجبارها على الالتزام بالجلوس في المنزل وحصر دورها في تنظيف الكهف وأعداد الطعام والأنجاب ولا يحق لأحد تقييد حريتها الشخصية بعذر حمايتها من الرجال أو لأنها تشكل أغراء لهم، زمن الخيام و الصحراء قد ولى.

إلى متى سيستمر الصراع الداخلي في عقل المسلم بين رغبته في الحياة ومواكبة التطور وخوفه من مخالفة تعاليم دينه، هذا الصراع الذي يجعل منه متناقضاً وأحياناً كثيرة مستشرفاً، متى سيدرك المسلمون بأن هناك نصوص دينية لم تعد تصلح ولا مقبولة لهذا الزمان ويجب عليهم إعادة التفكير فيها على أنها موجهة لزمن معين وتتناسب مع أحداث هذا الزمن، اليوم لم يعد بالإمكان تطبيق حد الرجم ولا قطع يد السارق أو قتل المرتد، لم يعد الزواج المتعدد أمراً مقبولا وكذلك تأديب الزوجة بالضرب، وقتال وقتل أصحاب المعتقدات الأخرى بأسم الجهاد أصبح أرهاب، إن تصفية الموروث الديني الإسلامي من الانحرافات الأخلاقية والفكرية والخرافات التي تتعارض مع التطور المعرفي الإنساني أصبح ضرورة حتمية لا مفر منها.



#قيس_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف أصبح الموروث الديني الإسلامي سبباً في تأخر وتخلف المجتمع ...
- كيف أصبح الإسلام سبباً في تأخر وتخلف المجتمعات العربية والإس ...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قيس حسن - الصراع الداخلي في عقل المسلم ما بين الموروث الديني والتطور الإنساني