أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عثمان بلحوزي - إشكالية التنمية بالمغرب ، بين إكراه الإقلاع ، وطموح كسب رهان التنمية المستدامة















المزيد.....

إشكالية التنمية بالمغرب ، بين إكراه الإقلاع ، وطموح كسب رهان التنمية المستدامة


عثمان بلحوزي

الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 00:34
المحور: المجتمع المدني
    


لا يماري أحد أن قضية التنمية في المغرب غدت تؤرق بال المهتمين والباحثين وعموم المواطنين المغاربة، إذ أنها أضحت تشكل موضوع الساعة داخل المنابر الإعلامية والصحفية سواء الوطنية أو الدولية .
فطالما عملت جميع الدول، وبالأحرى النامية منها إلى تحريك بوادرعجلة التنمية والنهوض بمجالاتها ، لمواكبة ومسايرة مستجدات العصر تماشيا مع مبادئ ومتطلبات العولمة . وحولت العديد من الدول (التنمية) من سلاح فتاك كاد يطمس ماضيها وحاضرها ، إلى دول تبنت صورة جديدة من خلال القيام بمشاريع طموحة حققت بها متوسطات نمو أخرجتها من دائرة التخلف والانحطاط .
إلا أنه ما فتئ هذا المصطلح (التنمية) يشكل سلاحا قاتلا ومرضا مزمنا يلاحق العديد من الدول النامية (الضعيفة النمو) التي اعتادت البحث عن علاج مناسب لحجم الاختلالات يخرجها ولو مؤقتا من دوامة الركود والتخلف ، ومن بينها الدولة المغربية التي باتت تتربع على أدنى الرتب ، من خلال تدني جميع المؤشرات المرتبطة بها ، ولعل هذا ما كشفت عنه مختلف التقارير الوطنية والدولية .(الرتبة 125 عالميا من حيث التنمية البشرية حاليا ) .
فلا غرو في هذا التأخر والتدني ما دامت عجلة التنمية في المغرب مركونة في سلة المهملات لعقود من الزمن ، حتى صار الحديث عنها يشعر الجميع بحسرة التقدم والنمو المشروع لدولة يتحدث ماضيها عن قوتها وازدهارها ، خاصة إذا علمنا أن دول كانت في الماضي القريب تسير في نفس المنحى الذي يسير وفق نهجه المغرب اليوم ، لكنها استطاعت بفعل الجهود المبذولة ، والسياسات الصارمة ، والخطابات الموحدة ، أن تخطو إلى الأمام وتنافس كبريات الدول كما هو حاصل في دولة "تركيا حاليا" . هذا رغم المسلسل الإصلاحي الذي خاضه المغرب منذ العقد الأول من الألفية الثالثة ، واهتمامه بقطاعات حيوية تشكل رافعة قوية للنهوض بمشروع التنمية ، مثل الاهتمام الذي حظي به القطاع الصناعي على وجه الخصوص في هذا الميدان (مشروع "شركة رونو" بطنجة –القنيطرة...) ، لكن حجم المشاريع يبقى غير كاف بالنظر إلى حجم المتطلبات التي باتت تفرض على المغرب تبني رؤية شمولية تدمج قطاعات مختلفة هدفها الأساس تجاوز العقبات الموروثة عن فترات مضت ، بغية تحقيق توازن مجتمعي حقيقي يوازي بين حاجيات المجتمع وتحديات الانفتاح .
لكن ما يقلق بال المهتمين هو أن المغرب بصفته موضوع الاهتمام لا زال يسبح في نفس القعر الذي نصبه لنفسه منذ حصوله على الاستقلال إلى الآن . وكل ما أصبحنا نعرفه عن التنمية في البلد صدمة مدوية نتيجة تراكمات دورية تنزل سنويا على هذا الأخير كالصاعقة ، جسدتها بقوة ازدواجية الخطابات السياسية ، والشرخ القائم بين الممارسة النظرية والتطبيق ، فضلا عن الارتجالية والعشوائية في الانجاز عملا بمبدأ "إصلاح العطب أولا" وهو ما عملت به العديد من المؤسسات القطاعية التي تبنت سياسة الإصلاح الاستعجالي الذي يروم تحسين خدمات القطاعات الحيوية المحورية ، التي تعاني من مشاكل بشكل لحظي وآني ، دون النظر في تبني سياسة تنموية حقيقية تنظر للمستقبل بوجه استشرافي ، بشكل يلبي حاجيات الأجيال اللاحقة ، وهو ما لمسناه جليا في أهم القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية المرتبطة بتوفير التجهيزات . فما إن يقع خلل في بنية تجهيزية معينة "كقنوات الصرف الصحي أو الطرق مثلا" إلا وتجندت له مختلف المؤسسات التي يهمها الأمر وعملت بدون تنسيق بين مصالحها ، لأن همها الوحيد هو إصلاح المعطوب والتمادي في حجم المشكل دون إيجاد حلول جذرية تعمل على بتر المشكل من أصله . وبات يظهر أن صناع القرار أبانوا عن تجربة فاشلة في تحقيق إقلاع حقيقي يخرج المغرب من مستنقع الركود والتخلف ، الذي جعل مصطلح "جودة الحياة" شبه منعدم لدى أغلب مواطني البلد ، حتى أصبح البحث عنه مستبعدا بشكل أو بآخر ، فاسحا المجال لاستفحال وتفاقم مختلف أشكال الانحطاط الأخلاقي وانتشار مختلف أنواع وأشكال الجريمة (أكثر من 30 قضية إجرامية لكل 1000 مواطن سنويا) ، جعلت المواطنين المغاربة يعيشون في دوامة من الفزع وانعدام الأمن والاستقرار ، وخرج الأمر عن السيطرة حتى أصبح حكرا ليس فقط على المناطق الحضرية والبيحضرية بل حتى الأوساط القروية ، وما زاد الطين بلة هو تملص المؤسسات العمومية وتخليها عن أدوارها الحقيقية المتجسدة في تربية الناشئة ومواكبة تطلعاتها ، فأفرزت لنا قراراتها جيلا فاقدا لقيم المواطنة والالتزام بمبادئها الكونية ، ولعل هذا ما يظهره الشارع العام يوميا من أحداث تحز في النفس (سرقة – انحلال أخلاقي-فساد مجتمعي...) .
مما لا شك فيه أن عموم المواطنين المغاربة فقدوا الثقة في المؤسسات ومصالحها ، حتى أصبح البلد يعيش أزمة ثقة ، تفصل بين تطلعات وانتظارات المغاربة ، وانجازات المؤسسات التي أوكل لها مسألة تدبير الشأن العام الوطني ، أو بالأحرى تدبير القطاعات الحيوية التي تمس بالدرجة الأولى مسألة التنمية ، وهو ما كشفت عنه بالملموس مختلف التقارير الدولية التي عرت الستار وكشفت المخفي وأكدت على أن اختلالات التنمية بالمغرب تنبت كالفطر في مجالاته وأقاليمه ، وأثبتت أن هذا الأخير لا زال في مصاف الدول المتخلفة ، وأن عجلة التنمية تحتاج فعلا لمن يحركها بعد ما تخلت عنها جميع القوى الفاعلة ، التي انتقلت من مؤسسات إصلاحية إلى قوى ترعى مصالحها على حساب هموم وأوجاع المواطنين المغاربة ، بشكل يغرس الرعب في صفوفهم ويهدد مستقبلهم ومستقبل أبنائهم . ولعل هذا ما نلمسه من خلال الاطلاع على الأرقام والمعطيات الصادرة عن مؤسسات دولية لها مصداقية أكاديمية محترمة ، أثبتت فيها أن المغرب يحل في الرتب الأخيرة حسب لائحة الدول الضعيفة من حيث مؤشرات التنمية ، سواء البشرية أو الاقتصادية ، حيث بوأ المغرب الرتبة 41 في ما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد ، فيما قدر نمو الناتج المجلي الإجمالي للبلد في 1.7 بالمائة ، ونمو إنتاجية العمل ب 2 بالمائة . أما فيما يخص المؤشرات الاجتماعية فقد حصلت توقعات الحياة الصحية على 1.7 بالمائة ، فيما سجلت نسبة التوظيف ناقص 0.4 بالمائة ، بينما صافي الدخل ركن في مستوى 0.2 بالمائة ، وصافي الادخار بدوره سجل نموا ناقص 1.9 بالمائة .
كل هذه الأرقام والمعطيات تجعلنا في موضع مساءلة ، وتفرض علينا التحري والتقصي عن حقيقة الركود والتخلف الذي يقض مضجع المغاربة على حد السواء ، والذي لا يعد بالشيء الغريب على دولة ألفت التقهقر والرضوخ للتبعية الخارجية ، دون أن تفكر مؤسساتها بشيء اسمه الإفراج عن الملفات التنموية العالقة في جسور ممثليه ، والتي تجعل الدولة بقوة القانون جسد مشوه يخطو خطواته بقدم مبتور أمام مسار مسلسل العولمة المفروض على الدولة المغربية الانخراط فيه .
فمنذ تبني المغرب لسياسة التقويم الهيكلي "PAS"في ثمانينات القرن الماضي واستجابته لتوصيات صندوق النقد الدولي ، التي استهدفت المس بمختلف القطاعات الحيوية الاجتماعية في مقدمتها التعليم والصحة، وما واكبه من مظاهرات واحتجاجات صاخبة ، والبلاد في منعرج خطير قد يجني الويلات لمستقبل الأجيال اللاحقة، فاستنادا على ما سبق يتضح لنا أن طريق المغرب يلفه منعرج غامض ، وليس له سبيل لبعث آفاق التقدم والازدهار .
لا يسعنا القول أخيرا إلا أن نؤكد أن المستقبل التنموي بالمغرب يحتاج إلى هياكل وطنية تتوفر على كفاءات عالية قادرة على تحريك عجلة التنمية والنهوض بمجالاتها ، وإلى ضرورة الفصل بين الممارسة النظرية والأفعال الإجرائية ، ومحاولة تبني مشاريع تنموية أقدمت دول في مصاف المغرب إلى العمل بها ، وحققت بها نتائج لا يمكن وصفها إلا بالناجعة والخدومة في ظل إكراهات العولمة والانفتاح . ويحتاج الأمر كذلك إلى استدماج ومواكبة التحولات المجتمعية المغربية وتسخيرها لخدمة أهداف التنمية ، وتوفير الشروط الكفيلة لتطبيقها ، وجعل مفاتيح تحريك التنمية في يد الشباب الطموح الذي يلتزم بمبدأ التغيير ، ويطمح إلى تعرية الستار ونفض الغبار عن الواقع المتدني ، وإصلاحه بما يتماشى مع مؤهلات وإمكانات المغرب ، والانتقال من المخططات الاستعجالية التي تجعل من المغرب جسدا مشوه الأعضاء ، إلى مشاريع تنموية موحدة تؤمن بمبدأ القول والفعل ، بغية جعل المواطن المغربي يحس بدوره الفعال داخل المجتمع من خلال إشراكه في التدبير المحلي المرتبط بمجاله الترابي ، ويتحول حينها من عضو بشري آلي يفقد روح المواطنة نتيجة إحساسه بالغربة والضياع في وطنه ، إلى إنسان فاعل يستطيع تحريك المجتمع وخدمة مكوناته...



#عثمان_بلحوزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عثمان بلحوزي - إشكالية التنمية بالمغرب ، بين إكراه الإقلاع ، وطموح كسب رهان التنمية المستدامة