أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - التطوير بين التلفيق والترقيع















المزيد.....

التطوير بين التلفيق والترقيع


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6003 - 2018 / 9 / 24 - 22:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



التطوير بين التلفيق والترقيع :
================
تغيير أو إصلاح أو تطوير الخطاب الديني كلها عبارات لها معني واحد وحيد هو :
إعمال العقل بدلا من الاعتماد علي النقل
وبكل صراحة ووضوح ، ودون أي لف أو دوران ، فإ ن أي محاولة لاصلاح أو تطوير الخطاب الديني لا تتضمن وضع كل الانتاج البشري من فقه وتفسير وفتاوي تلك التي تم صياغتها فيما مضي في المتحف ، ثم النظر في النصوص الدينية بعقل الحاضر وبرؤية المستقبل التي تراعي كافة المتغيرات الآنية والمستقبلية ومدي ما يمكن أن تؤول إليه حياتنا في المستقبل ، أي محاولة لتطوير هذا الخطاب دون فعل ذلك بجرأة وبلا تردد سيكون محكوما عليها بالفشل ، أو ستكون محاولة تلفيقية مغشوشة الغرض منها الاستمرار في خداع الشعب .
هذا هو معني التغيير أو التطوير أو التجديد أو الاصلاح في الخطاب الديني ، وأي شيء خلاف ذلك هو مجرد تلفيق أو أو تدليس أو تشويه أو إعادة توفيق أوضاع الخطاب السائد ليبقي في النهاية الحال كما هو عليه من استحضار الماضي ونفي للحاضر وضياع للمستقبل.
إن عملية حذف أجزاء من مناهج الأزهر ، أو حتي إلغاء كتب كانت مقررة من قبل ، أو استبدال كتب بكتب أخري ، أو حذف مقولة ، أو إضافة مقولة ، أو تحوير فتاوي ، أو إلغاء فتاوي ، كل ذلك مجرد عمليات ترقيع وتشويه وتضليل لن تؤدي إلي أية نتيجة ، ولن تفلح في تحقيق الغرض الأساسي من عملية التطوير الشامل للخطاب الديني ، تلك العملية التي تستهدف في الأساس إنقاذ العقلية المصرية من حالة الاستلاب والغياب والاتكالية والضياع التي جعلت الانسان المصري مثل دمية يحركها بعض رجال الدين كما يشاءون.
ولكي تتضح صورة وحجم ونوعية الضياع الذي يغوص فيه الانسان المصري حتي أذنيه ، فلابد من عرض الأسس التي يقوم عليها الخطاب الديني الموجه للأمة المصرية باعتباره أنه هو الدين وليس مجرد وجهة نظر في الدين :
وللعلم فإن في مصر خطابين يحملان الدين للمصريين وكما يلي :

1- الخطاب السلفي :
وهو كما يقول عنه السلفيون أنفسهم لا يعترف بالعقل ، بل إنه يكفر كل من يحاول استخدام عقله في التعامل مع النصوص الدينية.
هذا الخطاب يعتمد كليا علي النقل والقياس وما إلي ذلك من التخريجات التي تحول دون استخدام العقل في أي مرحلة من مراحل البحث في أي مشكلة.
ولدي أصحاب هذا الخطاب عدة قواعد عجيبة تمنح للتراث أي للمقولات البشرية أولوية علي النص الالهي القرآني ، حيث يقولون علي سبيل المثال لا الحصر : إذا تعارضت السنة مع القرآن فالسنة أولي ، أي يؤخذ بما جاء في الحديث ويهمل ما جاء في النص القرآني ، وحجتهم في ذلك أن السنة قيلت بعد القرآن ، وبما أن الرسول لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي ، فإن كلام الرسول في أي معضلة ما ينسخ ما جاء في القرآن بخصوص هذه المعضلة .
ناهيك عن محتوي هذا الخطاب الذي يتضمن أشياء غاية في الانحراف حتي عن الأسس الانسانية البسيطة ، كجواز زواج الطفلة ذات الأربع سنوات ، وإرضاع الكبير وما إلي ذلك من الانحرافات العقلية .
والخطاب السلفي في العموم أساسه التكفير وهو خطاب جهادي يحث علي مواصلة الحرب مع جميع المخالفين في الدين أو حتي مع المسلمين الذين يرون أنهم قد خرجوا عن ملة الاسلام.

2- الخطاب الأشعري ( الأزهري )
وهو ما يقول أصحابه ( رجال الدين الأزهريين ) عنه إنه خطاب وسطي ، وبالمناسبة فإن كل أصحاب مذهب أو خطاب ديني يقولون عن أنفسهم إنهم وسطيون وأن خطابهم هو الخطاب الوسطي ، الأمر الذي يضعنا في حيرة ونحن نبحث عما تسمية عبارة الوسطية هذه ، فهل تعني الوسطية الوقوف في المنتصف بين الانحراف والاعتدال ، علما بأن التوسط أي الوقوف في المنتصف يعني أنك لا مع هذا ولا ذاك وإنما فيك من هذا ومن ذاك ، أي بوضوح تام فيك من الانحراف بقدر ما فيك من الاعتدال .
لكنني أعتقد أن تعبير الوسطية عند الأزاهرة الأشعرية تعني :أن الخطاب الأشعري (الأزهري) يقف في المنتصف بين العقل وبين النقل ، أي أنه لا يعتمد علي العقل بشكل مطلق ، ولا يعتمد علي النقل بشكل مطلق ، وإنما كما يقولون هم أنفسهم :
يأخذون بالعقل بشرط أن يوجد في النقل ما يوافقه.
حين تتأمل في هذه القاعة الفكرية التي يقوم عليها المذهب الأشعري وهي الأخذ بالعقل بشرط أن يوجد في النقل ما يوافقه ستكتشف علي الفور أن الأشعرية لا تختلف عن السلفية إلا في الاسم ، وأن ما يثور من خلاف أحيانا بين ما يطرحانه من رؤي حول أية قضية خلافية ما هو إلا خلاف شكلي تتحكم فيه المصالح إلي حد كبير .
وهكذا الخطابين اللذين ينقلان الدين الاسلامي للمسلمين في مصر (السلفي والأشعري) يعليان من شأن النقل ويجعلان من فقه وثقافة وفكر الأولين سلطة معرفية تبسط سيطرتها علي الضمير المصري وعلي وجدان المصريين وعلي ثقافة الشعب ووعيه ومعارفه .
بكل وضوح وصراحة فإن كل تفاصيل حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية مبرمجة حسب مفاهيم ماضوية ، ولن تفلح أي محاولة لانكار ذلك ، ولك أن تنظر في كل تفاصيل حياتنا ، وفي مجمل نظراتنا وتفسيراتنا للظواهر والحوادث التي تمر بنا ، وفي مجمل سلوكياتنا ، وحتي في طريقة حياتنا الاجتماعية ، وفي علاقة بعضنا ببعض ، وفي نظرتنا للمرأة ، وفي نظرة المرأة للرجل ، وفي مفاهيمنا عن المخالفين لنا في الدين ، وفي نظرتنا للفن ، وللفكر وللفلسفة ، وحتي في طريقة تربيتنا لأولادنا .
الماضي إذن حاضر فينا بكل قوة ، الماضي مسيطر إلي الحد الذي صار الحاضر فيه منفيا ومستلبا ومشوشا إلي الحد الذي جعلنا وسط بقية العالم من حولنا غرباء لا ننتمي إلي ما يجري ولا نعرف شيئا عنه ، كأننا لم نبرح أماكننا منذ ما يزيد علي الألف عام ، نفكر عكس العالم ، وننتج قيما ماضوية ، ونعاني من تشوش رهيب لا نعرف ما إذا كنا هنا والآن أم أننا مازلنا هناك حين كان الأولون يعالجون مرضاهم بشرب بول البعير.

هل يمكننا أن نخطو خطوة واحدة إلي الأمام ونحن نحتقر العقل ، هل يمكن لحياتنا أن تتغير أو تتطور ونحن ننتظر من شخص مات منذ ألف عام أن يحل لنا مشاكلنا الحالية ؟؟؟!!
من هنا فإن تطوير الخطاب الديني أو اصلاحه هو عملية جذرية تحتاج إلي مواجهة حاسمة مع من يريدون الاستمرار في تغييب العقل لكي تستمر تجارتهم ، ولكي تستمر تلك الظلمة تحيط بنا بينما ونظل في حاجة دائمة لمن يأخذ يأيدينا كالعميان .



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة ، والحب والزواج وكثير من الأكاذيب والجرائم


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - التطوير بين التلفيق والترقيع