أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان محمد الركيبات - خرافة عذاب القبر المقدسة















المزيد.....



خرافة عذاب القبر المقدسة


سلطان محمد الركيبات

الحوار المتمدن-العدد: 5984 - 2018 / 9 / 4 - 11:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجزء الأول: توضيح لا بد منه.
الجزء الثاني: النبي لا يعلم الغيب.
الجزء الثالث: الاستدلالات القرآنية للقائلين بعذاب القبر وتفنيدها.
الجزء الرابع: مقارنة قرآنية تدحض خرافة عذاب القبر.
الجزء الخامس: بعض الأدلة القرآنية والحديثية تنسف خرافة عذاب القبر.
الجزء السادس: الروح، النفس.
الجزء السابع: الموت سبات بلا إدراك للزمان والمكان.
الجزء الثامن: بيان حال رواة الأحاديث التي تكلمت عن عذاب القبر.
الفصل الأول: مدخل هام إلى الأحاديث.
الفصل الثاني:الرجلان يعذبان بقبرهما.
الفصل الثالث: الاستعاذة من عذاب القبر.
الفصل الرابع: سؤال الملكين.
الفصل الخامس: القبر حفرة من حفر النار.
الجزء التاسع: غرائب وبدع الدعاء للميت.
..................

الجزء الأول: توضيح لا بد منه

يحتج صناع الرعب المروجون لخرافة عذاب القبر بتأويلات واهية لبعض الآيات القرآنية، نابعة من فهم سطحي لمعنى عدل الله تعالى واليوم الآخر، ويحتجون بأحاديث متناقضة مع بعضها –كما هي حال كتب الأحاديث- مسيئة لنبينا عليه السلام، تجعله أبلها –وحاشاه- لا يدري أيوجد عذاب قبر أم لا؟ وكفى المتأمل بلهو هذه الأحاديث المزعومة أن يعلم أن النبي علم عذاب القبر المزعوم من يهودية، رغم أنه صلى الله عليه وسلم أعلن قائلا في القرآن أنه لا يعلم الغيب -كما سنبين في النقطة الثانية من البحث- ولا يمكنه التقول على الله تعالى، ومخالفة القرآن قيد أنملة، ولا يتبع إلا ما أوحي إليه من ربه.

وفي هذا البحث سيرى من يوقر القرآن ويؤمن كامل الإيمان أنه يهدي للتي هي أقوم، ويكسر صنم الأبائية والأكثرية، أن ردنا لهذه الخرافة المقدسة سيكون قرآنيا، من خلال استعراض استدلالاتهم القرآنية مع الرد عليها بأكثر من وجه، وأيضا حديثياً من خلال توضيح حال رواة هذه الأحاديث التي نسبوها كذبا وزورا على نبينا بعد موته بقرون، وحسب قواعدهم التي يسمونها "الجرح والتعديل" وهي قواعد بشرية لا إلهية خاضعة للهوى والعصبية والتحيز وقابلة للخطأ والصواب، وليست حجة على مسلم إن رمى بها عرض الحائط ولن يحاسبه الله عليها، وقد اضطررنا لولوج ما يسمى بعلم الحديث رغم كفاية القرآن لنكمل الاحكام على كل من يؤمن بهذه العقيدة الفرعونية التي تناقلها اليهود منهم، ثم أصبحت "معلوما بالدين بالضرورة" يُكفرُ من لا يؤمن بها في الأديان السنية والشيعية والصوفية ....إلخ هذه الفرق. وهذا البحث يحوي بعض الإضاءات من كتاب أوهام عذاب القبر للمفكر أحمد عبده ماهر كثَّر الله من أمثاله.
******
الجزء الثاني: النبي لا يعلم الغيب

قد يصطدم القارئ الذي لا يتدبر القرآن جيدا، بأن النبي لا يعلم الغيب أبدا، وقد أمره الله تعالى أن يعلن ذلك في أكثر من آية: (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ...) الأعراف:188. وأيضا: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ) الأحقاف:9. وأيضا: (قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ...) الأنعام: 50.

فهذه الآيات البينات تأمر النبي أن يعلن أنه لا يعلم الغيب ولا يدري ما يفعل به ولا بغيره، ولو كان يعلم الغيب كما يكذب المسلمون عليه من إخباره لهم بالشفاعة والدجال ونزول عيسى من السماء وخروج المهدي وعذاب القبر وحديث العشرة المبشرين بالجنة وعلامات الساعة... ألخ هذا الزور. لاستكثر من الخير وما مسه السوء وهو عائش فكيف وهو ميت!!.

هناك تساؤل:
إن هذه الآيات المذكورات جاءت لتنفي عن النبي معرفته للغيب المطلق وهذا يختص بالله تعالى، لأن هناك آيات تقول باطلاع الله تعالى على النبي ببعض الغيب وها هي الآيات: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ...) آل عمران:179. وأيضا (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ...) الجن:26-27.

الجواب على هذا التساؤل:
إن القرآن لا يتعارض مع بعضه بل إنه يفسر بعضه بعضا، فالآيات التي أمر الله نبيه أن ينفي عن نفسه معرفة الغيب –أي غيب- واضحة ولا تحتاج تأويلا وتحايلا، بل حتى نجد في كتب الأحاديث التي يقدسها القوم ما يناقض عقيدتهم ويؤكد صحة عقيدتنا، كحديث السيدة عائشة الذي رواه ابن برزويه المعروف بالبخاري (7038) "من حدثك أنه "صلى الله عليه وسلم" يعلم الغيب فقد كذب" وكذلك روى حديث الجارية (5147) حين قالت: "وفينا نبي يعلم ما في غد: أنكر عليها وقال صلى الله عليه وسلم: دعي هذا، وقولي ما كنت تقولين، لا يعلم ما في غد إلا الله". فالنبي لا يعلم الغيب إطلاقا ولا يمكنه التقول على الله تعالى.

أما استشهادهم بالآيتين المذكورتين (يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ) و (مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ)، فالله هو وحده من يجتبي ويرضى اطلاع بعض رسله على الغيب وليس الناس أي نعرف ذلك من خلال كتاب الله لا كتب الناس، وحيث أن كلمة "رسل ورسول" في الآيتين جاءت منكرة لا معرفة ولم تأتي بهذه الصيغة (إلا ما ارتضى لرسوله) أو (يجتبي لرسوله ما يشاء) فنتابع القرآن لنرى أن الرسل الذين أطلعهم الله تعالى بمعرفة بعض الغيب هما (يوسف وعيسى) مع إعلانهما أن هذا من الله تعالى، على عكس البقية (كنوح وإبراهيم وموسى ومحمد) لم يطلعهم أبدا مع إعلانهم هذا دائما. فيوسف عليه السلام قال لصاحبيه في السجن: (لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) يوسف:37. وعيسى عليه السلام قال للمعاصرين له: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) آل عمران:49.

تشابه بين قول نوح ومحمد بعدم معرفة الغيب
أعلن نوح عليه السلام لقومه قائلا: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا...) هود:31. ونفس الإعلان أعلنه محمد عليه السلام لقومه: (قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ...) الأنعام: 50. وأيضا إبراهيم عليه السلام لم يجتبيه الله تعالى بمعرفة الغيب حيث أنه لم يعرف الملائكة الضيوف الذين أتوا لمعاقبة قوم لوط إلا بعدما أبوا الأكل من الوليمة التي أعدها لهم بذبح كبش فأستغرب ذلك من الضيوف فعرفوه بأنفسهم ولماذا هم لا يأكلون (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) هود:69-70.

ونعود لخاتم الأنبياء محمد عليه السلام لنجد أن هناك تأكيدا قرآنيا على أن الغيب الماضي والمستقبل الذي علمه هو الذي سطر بالقرآن فقط؛ فمثلا عن الغيب السابق أخبره الله تعالى عن قصة نوح ثم قائل له: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ) هود:49. وكذلك أطلعه على قصة يوسف وقال له: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) يوسف:102. وغيرها الكثير من قصص السابقين.

وعن الغيب المستقبلي أخبره المولى تعالى عن هزيمة الروم بعد بضع سنين وحدث، وأن كثيرا من أصحابه قد مردوا على النفاق ولم يكن يعلمهم عكس ما تقول كتب الحديث كان يعلمهم بالاسم فتخيل!! (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) التوبة:101.

خلاصة الأمر.. أن عذاب القبر ونعيمه من الغيبيات وحيث أن النبي لا يعلم الغيب فكل الأحاديث التي نسبت له بعد موته تخالف القرآن وهو بريء منه ولم يقلها، لكن ماذا تقول بمن هجر كتابه الله ولا يرى فيه الهداية والكفاية، وأنه مبهم وكتب البشر توضحه، وأنه ناقص وكتب البشر تكمله، وأنه إذا تعارض مع كتب البشر فكتب البشر تنسخه، وأنه ليس أحسن الحديث وأصدقه (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).
******
الجزء الثالث: الاستدلالات القرآنية للقائلين بعذاب القبر وتفنيدها.

أصحاب الأديان الأرضية البشرية يتعاملون مع القرآن بانتقائية، أو كما قال الله عنهم (يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض) فتجدهم يدخلون على القرآن بقناعة مسبقة، فإذا وجدوا آية توافق قناعاتهم هللوا ورحبوا بها وإذا وجدوا آية تخالف قناعاتهم المسبقة يؤولونها إن استطاعوا، وإن لم يستطيعوا ذلك ادعوا أنها منسوخة (ملغاة). ولا حول ولا قوة إلا بالله. والباحث القرآني الجاد يدخل على القرآن الكريم كتلميذ له لا كمعلم له، متطهرا من رجز الأبائية والأكثرية، ويتعامل بموضوعية بحتة، فيجمع كل الآيات التي تتكلم عن الموضوع الذي يبحث عنه، فيخرج بعدها بقناعة تامة وعقيدة متماسكة كالصخرة الصماء، لا عقيدة هشة يمكن خلخلتها بدقائق معدودة ويحرم عليه مناقشتها، ولا يضطر إلى التأويل أو ادعاء النسخ الإلغاء. وبعد هذا التوضيح نذكر الاستدلالات السبعة للقائلين بعذاب القبر.

الاستدلال الأول:
قوله تعالى: (...وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ* النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر:45-46. قالوا: "إن آل فرعون يعرضون مرتين الآن بقبورهم على النار صبح وعشاء ثم يوم القيامة يدخلهم الله جهنم وليس بالآخرة غدوا وعشيا".

والجواب حاضر وهو على أربعة أوجه أولها:
إن أول خطأ نرد عليهم به هو اعتقادهم بعدم وجود أيام وفترات في الآخرة (الغدو والعشي)، ودليلنا قوله تعالى من نفس السورة، بل وبعد الآية التي يستشهدون بها بآيتين: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ) غافر:49. ولو لم يكن هناك فترات وأيام بالآخرة لما طلب أهل النار أن يخفف الله عنهم العذاب يوما. وأيضا رزق أهل الجنة يأتيهم غدوا وعشيا كما ذكر الله تعالى: (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) مريم:61-62. وعليه فعذاب آل فرعون بالغدو والعشي ليس في القبر بل في الآخرة.

الجواب الثاني:
إن ثاني خطأ هو اعتقادهم أن الواو تفيد الترتيب الزمني بقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) بمعنى أنهم يعذبون بالقبر غدوا وعشيا ثم يوم القيامة يدخلون النار، والحقيقة أن الواو لا تعني الترتيب الزمني بدليل قوله تعالى (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ *وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ) الرحمان: 14-15. فالجان خلقه الله تعالى قبل الإنسان (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ) الحجر:26-27. وكذلك قوله تعالى (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) الصافات: 16. ومعلوم أن مرحلة العظام تكون قبل مرحلة التراب، والأمثلة على أن الواو لا تفيد الترتيب الزمني في القرآن كثيرة. بل حتى في كلامنا لو قلنا "جاء أحمد ومحمد" فلا نجزم أن أحمداً جاء قبل محمد فربما العكس أو أنهما جاءا معا. لذا فالقول (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) على الترتيب الزمني باطل.

الجواب الثالث:
وهو سيحسم النزاع في هذه المسألة.. إن الكافرين لا يرون نار جهنم في الدنيا أو البرزخ أبداً، بل يوم القيامة فقط بدليل قوله تعالى: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا *وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا) الكهف:98-99. وعليه فإن آل فرعون توعدهم الله تعالى بأشد العذاب وسيكون مضاعفا (غدوا وعشيا) والذي سيبدأ يوم القيامة وليس بالقبر. لأن الموتى –وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا- لا تشعر بالزمان والمكان وينعدم الادراك والاحساس لديها فكيف ستشعر بالغدو والعشي في قبورها.

الجواب الرابع:
لنفرض -تنزلا بالجدال- بصحة استشهادهم بهذه الآية على عذاب القبر، وكلنا متفق أن العرض معنويا لا ماديا، وهم لا يختلفون معنا أن العذاب في الدنيا والآخرة سيكون ماديا، فعليه فإن هذا يوقعهم بتناقض مع أنفسهم لأنهم يؤمنون أن عذاب القبر سيكون ماديا كضغطة القبر التي تختلف منها أضلاع الميت، ومزاريب الحديد التي يغوص بضربة واحدة منها الميت سبعون ذراعا تحت الأرض، ناهيك عن سماع البهائم لصراخه ...إلخ هذا السيناريو المرعب الذي يروجونه. فما هو جوابهم على هذا التناقض أن العرض شيء معنوي وعذاب القبر مادي!!.
--------
الاستدلال الثاني:
قوله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) السجدة:21. قالوا: " العذاب الأدنى في الدنيا والقبر والعذاب الأكبر هو يوم القيامة، فكلمة (من) للتبعيض، فيكون جزءاً من العذاب الأدنى وبقيته في القبر".

والجواب حاضر:
إن هذه الآية حجة دامغة لنفي عذاب القبر، فالله تعالى حدد عذابين لا ثالث لهما (أدنى في الدنيا وأكبر في الآخرة) ولم يحدد عذابا أوسطا او ثالثا، والغاية من العذاب الأدنى في الدنيا (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). ولو فرضنا –كما يقولون- أن هناك بقية للعذاب الأدنى في القبر فما فائدته والميت لا يرجع للحياة رغم إلحاحه الشديد لذلك (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) المؤمنون:99-100.
------
الاستدلال الثالث:
قوله تعالى: (مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا) نوح:25. قالوا: "إن قوم نوح بمجرد موتهم بالغرق أدخلوا النار التي في القبر".

والجواب حاضر وهو على وجهين أولها:
إن المؤمن بالخرافات لا سيما تلك تكتسب قداسة لديه يكون بينه وبين حقائق القرآن غطاءً شيطانياً يمنعه من التدبر، فلذا يجهل أو يتجاهل الحقيقة القرآنية عن الموتى بأنهم لا يشعرون بالزمان ولا المكان، قال تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ *قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) يس:51-52. فالموتى بقبورهم راقدون تماما كالنائم لا يشعر بمرور الزمان عليه وهو نائم. وعليه فتأويل حرف الفاء بقوله تعالى (فَأُدْخِلُوا نَارًا) على أنها تعني عذاب القبر جهل بهذه الحقيقة القرآنية. بل إن حرف الفاء يؤكد أن الساعة قريب، وأن الله سريع الحساب، وأن انعدام وجود الزمن بالقبر يعني كل من يموت يجد القيامة تقوم عليه فورا وهذا ما يؤكده قوله تعالى مرة أخرى (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ) المؤمنون: 112-113.

الجواب الثاني:
إن كلمة النار في الآية (فَأُدْخِلُوا نَارًا) لا تعني النار المعروفة لأنها جاءت منكرة لا مُعرفة، وهي تعني أنهم بعد إغراقهم دخلوا فوهة البركان الذي انفجر ويؤكد ذلك قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) هود:40. فالتنور هو البركان وقد كانت بلدة نوح عليه السلام على الساحل وحدث بها ما يعرف اليوم بتسونامي، فلما انفجر البركان ثار البحر وأمطرت السماء، فالتقى الماء على امر قد قُدر، وقذفت الأمواج بجثثهم الغارقة إلى ذلك البركان الثائر، بينما نجا نوح ومن آمن معه من الطوفان والحرق في البركان.
--------
الاستدلال الرابع:
قوله تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ) التوبة: 101. قالوا: "الله تعالى هنا يثبت للمنافقين عذابين ثم يعذبهم عذابا عظيما بالآخرة أي ثلاثة عذابات، فإذن تبقى عذابين الأول بالدنيا والثاني بالقبر". وهذا الاستدلال حقيقة من أقوى استدلالاتهم الركيكة.

والجواب حاضر وهو وجهين أولها:
أن التصور بقوله تعالى (سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ) على وجود عذابين بالدنيا والقبر تصور أعور، ويناقض قولهم في الاستدلال الثاني عن العذاب الأدنى: "كلمة (من) للتبعيض، فيكون جزءاً من العذاب الأدنى وبقيته في القبر" فتخبطهم دليل على هشاشة معتقدهم؛ بل العذاب لا يكون إلا بالدنيا إلا ماديا وعلى الجسد والنفس. فمثلا في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) الأنعام: 42. يوضح معنى سنعذبهم مرتين، فالبأساء عذاب أول والضراء عذاب ثاني. وكذلك قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون) التوبة: 55. فالأموال والأولاد توضح معنى (سنعذبهم مرتين).

الوجه الثاني وهو صادم جدا:
يعتقد الكثير أن هذه الآية تتكلم فقط عن بعض الأعراب المنافقين، والحقيقة أنها تتكلم أيضا عن بعض أهل المدينة "الصحابة" الذين مردوا –اعتادوا- على النفاق أيضا، وأن الله تعالى توعدهم بعذابين قبل موتهم وصدق الله دائما، فقد حدث ذلك بما يعرف بالفتنة الأولى والثانية أي الحرب الأهلية (صفين والجمل) التي قامت بين الصحابة أنفسهم بعد موت النبي عليه السلام فقتلوا بعضهم بعضا على الدنيا لا الدين، بعدما قام بعضم بأكبر ردة على الإسلام المعروفة باسم (الفتوحات) وهو غزو الأمم الأخرى التي لم تعتدِ عليهم فنهبوا خيراتها وأموالها وسبوا نسائها واسترقوا أطفالها ورجالها؛ وهناك إشارة قرآنية لهذا الغيب المستقبلي الذي سوف يحدث بعد موت النبي: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) الأنعام:65-67. الشاهد هنا لقوم النبي قوله تعالى لهم (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ).
-----
الاستدلال الخامس:
قوله تعالى: (...وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام:93. قالوا: "كلمة اليوم يراد بها يوم الموت كما يدل على ذلك سياق الآية، والعذاب الموصوف بالهون هو عذاب القبر".

والجواب حاضر وهو وجهين أولها:
إن بين لحظة الاحتضار وقيام الساعة مرحلة البرزخ التي يفقد بها الإنسان الادراك والشعور بمرور الزمان والمكان، فلهذا يختصرها القرآن أحيانا ويأتي بين آخر لحظة يشعر بها الإنسان في حياته مع أول لحظة يشعر بها بعد بعثه يوم القيامة كقوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ--- ذَٰ---لِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) ق:19-20. وهذا ما نجده في الآيتين: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) محمد:27. وأيضا: (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ يَتَوَفّى الّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ) الأنفال:50. فالملائكة بعد أن تتوفى الظالمين بقبض أنفسهم –وهي آخر لحظة شعور لديهم- تقوم بتعذيبهم بضربهم على وجوههم وأدبارهم يوم القيامة؛ ولو فسرنا الآيتين على لحظة الاحتضار فلا يستقيم لأن الكثير منا يموت بحادث سير ولا يبقى من جسده شيئا، وهناك من تأكله الوحوش والأسماك، ومن يفجر نفسه. لهذا قال الله تعالى لهم يوم القيامة (وإذا النفوس زوجت) أي زوجت بالأجساد.

الوجه الثاني:
إن النفس لا تستطيع الخروج من الجسد لأنها ملتصقة به حتى لحظة الموت، عندما يأتي ملك الموت فينزعها من الجسد ليحملها الى عالم البرزخ. فعبارة (أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ) لا تتوافق مع لحظة الاحتضار لأن الملائكة هي من تقوم بذلك. وكذلك تتعارض مع عدم قدرة النفس على الخروج من الجسد كما يحاول أهل النار ذلك، فهذه الآية لا بد أن تكون في اليوم الذي يملك الظالم الارادة في الخروج ويكون عرضة للتعذيب وهذا اليوم الذي يتحقق فيه هذين الشرطين، هو يوم القيامة حيث سيدخل الله الظالمين لجهنم ويحاولون الخروج منها دون جدوى. ولنقرأ قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة: 36. وملائكة جهنم تبسط أيديها لتعيد كل من حق عليه العذاب إذا حاول الخروج من النار (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) الحج:21-22. والحاصل أن عبارة (أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ) تحد إلهي يخبرنا الله تعالى أنه لا خروج من النار أبدا على عكس ما تفتري كتب الحديث الكذب على الله ورسوله بأحاديث الشفاعة.

أما عبارة (فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ) لا تعني لحظة الوفاة كما يعتقد الكثير، بل هي تعبير قرآني دقيق عن حياة الظالم بجهنم حيث يعيش غمرات الموت دون أن يموت كما وصفها الله تعالى (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى). الأعلى:12-13.

أما قولهم: " كلمة اليوم يراد بها يوم الموت كما يدل على ذلك سياق الآية، والعذاب الموصوف بالهون هو عذاب القبر". فغير صحيح البتة، لأنه كلمة اليوم ويومئذ لا تعني إلا يوم القيامة وقد أوضحه الله قائلا: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) ابراهيم:42. وعذاب الهون لا يعني عذاب القبر أبداً، بل عذاب بالآخرة أو الدنيا ويتضح هذا المعنى بقوله تعالى: ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ ...) الأحقاف:20. فهنا عذاب الهون تعني الآخرة. وأما عذاب الهون بالدنيا فنراه بقوله تعالى عن قوم ثمود: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) فصلت:17.

وما ينهي الجدال بهذه المسألة تحديد الله تعالى لعذابين لا ثالث لهما (عذاب خزي في الدنيا) و (عذاب أخزى في الآخرة) بقوله تعالى عن قوم عاد: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) فصلت:15-16.
--------
الاستدلال السادس:
قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) إبراهيم:27. قالوا: "إن تثبيت الله للمؤمنين بالقول الثابت بالقبر بإجابته على أسئلة الملكين".

والجواب حاضر:
حقا إن هذا الاستدلال هزيل وضحل وهش، فالآية تكلم عن التثبيت في الدنيا والاخرة فقط، ولم يأتي ذكر القبر ولا البرزخ، والقبر لا يعد من الحياة الدنيا لأن فيها التكليف. والقول الثابت هنا ليس كما يقولون سؤال الملكين –سنبين بطلان هذه الأحاديث لاحقا- بل هو كلام الله تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل:102. والمعنى أن الذين يوقرون كتاب الله ويؤمنون كامل الإيمان بأنه قول ثابت وقول فصل وليس بالهزل ويهدي للتي هي أقوم ولا يشركون معه أو يقدمون عليه أقوالا ظنية غير ثابتة متناقضة مع بعضها فإن الله تعالى يثبتهم بكل موقف وهذا شيء جربته شخصيا بالذات في حوار غيري، ممن يقدم فقه الرواية البشرية على الآية الإلهية ويقدس الكثير من الأصنام التاريخية، وكذلك يثبتهم المولى في كل مواقف الآخرة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
---------
الاستدلال السابع:
قوله تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ *حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) التكاثر:1-2. قالوا: "إن الميت سيزور القبر يوما وسيرى النعيم أو الجحيم بعين اليقين".

والجواب حاضر:
طبعا هذا الاستدلال لا يقل سذاجة عن سابقه، فليس شرطا كل من يموت يُقبر، فهناك كما قلنا من تأكله السباع والضباع والأسماك ولا يعثر على جثته. ثم إن بقية آيات السورة تبطل تأويلهم لأنها تتكلم عن الجحيم بالآخرة: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ *لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) التكاثر:5-8. فقوله تعالى (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) يرجع إلى النار التي يكذب بها أغلب الناس والتكذيب لا يعني نكرانها كما يفهم، بل المعنى الأهم هو تزكية أنفسهم بأنهم الفرقة الناجية دون بقية الناس وأن المسلم العاصي بالشفاعة المزعومة مهما ارتكب من ذنوب سيخرجه النبي عليه السلام من النار رغم أن الله تعالى قال له: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ) الزمر:19. فالله يقول لنبيه لن تخرج من أدخله النار وهم يكذبون الله قائلين بل سيخرجنا من النار. نعوذ بالله من النكران وتكذيب القرآن.

إلى هنا نكون قد أوردنا كل استدلالاتهم حول عذاب القبر ونعيمه، ورأى من قرأ بإنصاف ضحالتها وهزلها كما رأى ردودا قرآنية قوية مفحمة تكفيه إن -كان باحثا عن الحقيقة- أن يبرأ الله ورسوله من هذه الخرافة المقدسة التي يتكسب منها تجار الدين من مشايخ القنوات والمنابر عبر ترويجها على أنها من دينه ومعلوما بدينه بالضرورة يكفر من لا يؤمن بها، وعليه أن لا يقدس إلا الله تعالى ويضع كتابه فوق رأسه ويجعله إماما وهاديا له ويضع بقية الكتب البشرية تحت قدمه إذا خالفته، وليمسك بحبله وقوله الثابت ويترك ولا يشرك بقية الأقوال المتخللة المهللة معه. إن كان حقا يؤمن بــ لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
******
الجزء الرابع: مقارنة قرآنية تدحض خرافة عذاب القبر

لنتأمل قوله تعالى بالآيات (99-100، 106-108) في سورة (المؤمنون) ثم نعقد المقارنة التي لم ولن يقوى أنصار عذاب القبر ونعيمه على دحضها: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ).
1- لو افترضنا أن الخاسرين يعذبون بقبورهم أولا لما قالوا:) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ( عن العذاب الثاني بالنار، إلا إذا كانوا يستمتعون أو لا يشعرون بعذاب القبر.
2- الخاسر عندما يموت يقول رب ارجعني لعلي أعمل صالحا فيأتي الجواب: بأنك باقٍ لا معذب بالبرزخ إلى يوم يبعثون.
3- الخاسر عندما يدخل النار يقول رب ارجعني لعلي أعمل صالحا فيأتي الجواب: بأنك باق تعذب بالنار للأبد.
4- لو كان هناك عذاب قبر مزعوم لكان سياق الآية (ومن ورائهم برزخ يعذبون فيه إلى يوم يبعثون) والله تعالى لم يقل ذلك.
5- الخاسر لا يجادل بعد يستوفي حسابه ويحق عليه العذاب بل يقر ويعترف أنه ظالم ويرجو المغفرة: (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ)، فكيف يعذب بالقبر قبل أن يستوفي حسابه أيها العقلاء كيف ثم كيف؟؟
******
الجزء الخامس: بعض الأدلة القرآنية والحديثية تنسف خرافة عذاب القبر

هناك مئات الآيات التي تنسف خرافة عذاب القبر المقدسة، ونكتفي بذكر خمس آيات خوفا من الإطالة، مع ذكر حديث منسوب للنبي عليه السلام لأن كثيراً من المسلمين لو جئت له بألف آية لن يصدقك إلا قلت له قال رسول الله فعندئذ ينصت إليك، فهو من المُعاجزين الذين يحاولون قدر استطاعتهم خلق أي عجز وعور في القرآن لينصروا رواياتهم التاريخية الظنية التي نسبوها للنبي بعد موته بقرون وهو لا يعلم عنها شيئا: (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ) سبأ:38. فتعوذ بالله أن تكون جاهلا معاجزا، وأسأله أن يجعلك عالما مؤمنا أن القرآن حق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) سبأ:6.

• قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء:47. والسؤال: ما فائدة وزن الأعمال يوم القيامة ما دام كل واحد عرف مقعده من النار والجنة؟.

• قال تعالى: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) النحل:111. والسؤال: لماذا ستجادل كل نفس عن نفسها يوم القيامة أيكون بعد العذاب جدالا؟ وهل البعث فاصلا بين عذابين أم هو كما يقول المذيع فاصل ونواصل!! وكيف تُوفى كل نفس ما عملت وقد وفاها الله تعالى بالقبر.

• قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) إبراهيم:42. توعد الله تعالى كل ظالم بأنه سيؤخره ليوم واحد لا ليومين واليوم هذا ليس قبله يوم وهو يوم الحساب، ولو كان هناك عذاب قبر لكانت صياغة الآية (إنما يؤخرهم ليوم موتهم) ولكنَّ الله تعالى لا يخلف وعده، ولا تتبدل سنته أبدا فلا يعذب قبل أن يحاسب.

• قال تعالى: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل:25. توعد الله تعالى الضالين المضلين بحمل أزوراهم كاملة "يوم القيامة" وكذلك حمل بعضا من أوزار من أضلوهم دون أن ينقص من أوزارهم شيئا، فكيف سيعذبون بالقبور ومن أضلوهم لم يموتوا بعد كي يأخذوا بعضا من أوزارهم، ألا ينتظر حتى يُستكمل حصر أعمالهم كاملة.

• قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ *وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ) الحاقة: 25-26. والسؤال: لماذا يولول من تسلم كتابه بشماله، وينوح نادما ليته لم يعلم حسابه ولم يؤتى كتابه؟ ألم يكن يرى مقعده من النار ويعذب منذ مئات أو آلاف السنوات حسب قرب تاريخ وفاته من قيام الساعة ويقول رب لا تقم الساعة كما تقول الأحاديث.

• روى مسلم في كتابه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وعلى فرض صحة هذا الحديث رغم مخالفته لقوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) نسأل: ما فائدة الصدقة الجارية والولد الصالح والعلم النافع لمن مات وقبر، ألا تزيد بحسناته ويظل أجرهن يزداد حتى يوم القيامة فأين توفية الحساب كاملا عند الحساب، إذ لا عذاب قبل الحساب؛ ورغم اكتفائنا بالقرآن كتابا كما اكتفائنا بالله ربا إلا أن هذا الحديث ينسف خرافتهم المقدسة وقد وضعناه من باب محاججة الخصم بما يؤمن.
******
الجزء السادس: الروح، النفس.

الاعتقاد الخاطئ الشائع عند الكثير أن الإنسان يتكون من جسد وروح، والحقيقة القرآنية أن الإنسان يتكون من جسد ونفس (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى..) الزمر:42. فكل الأنفس خلقها الله تعالى جميعا قبل خلق أجسادهم وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) الأعراف:172. وهذا ما يسمى بالفطرة، وكل إنسان مهما بلغ من النكران بعدم وجود خالق، فإنه في الحقيقة يكذب على نفسه ويلجأ إلى الله تعالى في لحظات ضعفه أو مصارحة مع نفسه.

وللتوضيح أكثر.. عندما يكون الإنسان جنينا ببطن أمه يرسل الله نفسه الموجودة بالبرزخ قبل خلق جسده والموجودة فيه، وعندما يموت ترجع إلى عالمها الذي جاءت منه إلى أن تقوم الساعة فيزوجها الله تعالى جسدا آخرا (وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ). فنفسك وأنفس أجدادك وأحفادك كلها موجودة بعالم البرزخ، وكل نفس تحمل ملامح الجسد الذي تكون فيه، فلهذا يعرف الناس بعضهم بعضا يوم الحشر (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ...) يونس:45.

الروح باختصار؟!
الروح يأتي بصيغة المذكر لا المؤنث، ذكر 23 مرة في التنزيل الحكيم، واختلفت الرؤى كثيرا حول ماهيته، والمعنى الحقيقي الذي تطئمن له نفسي هو الوحي والمدد والمعرفة والتأييد ولهذا ربطه الله تعالى كثيرا بالملاك (جبريل) لأنه الروح الأمين وروح القدس، فهو من ينزل به بأمر خالقه على أنبيائه وأوليائه.
******
الجزء السابع: الموت سبات بلا إدراك للزمان والمكان.

كل آيات القرآن تتكلم عن النوم والموت بنفس الصيغة، إذا أن النوم وفاة ثم رجوع للحياة والموت وفاة ليس بعده رجوع للحياة، والنائم كالميت لا يشعر بمرور الزمان ولا المكان ولا يشعر بمن حوله، فلهذا كل الموتى تشعر فجأة بقيام الساعة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا) يس: 51-52. فالراقد لا يدرك شيئا من حوله إلا إذا صحى من رقدته، ويظن أنه كان نائما يوما أو بعض تماما كما حدث مع فتية الكهف والرجل الذي مر على قرية خاوية على عروشها فتساءل كيف يحيي الله هذه القرية، فأماته -أي أنامه- الله مائة عام ثم بعثه، ثم سأله كم لبثت في نومك فقال جازما يوما أو بعض يوم، لكنه أخبره أنه كان نائما مائة عام وأراه دليلا حسيا بحماره الميت منذ زمن طويل ولم يبقَ منه غير عظامه، وعندما أراد الله أن يريه قدرته المطلقة أعاد أمام عينيه حماره إلى الحياة بكسو عظمه لحما فتدارك خطئه عندما شك بقدرة الله فعلم يقينا (أن الله على كل شيء قدير).
******
الجزء الثامن: بيان حال رواة الأحاديث التي تكلمت عن عذاب القبر

أختلف العلماء –كعادتهم- في عدد الأحاديث المتواترة، فمنهم من قال لا يوجد حديثا متواترا واحدا، وأغلبهم قال: حديث (من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) هو الحديث المتواتر الوحيد مع الاختلاف بوجود لفظة متعمدا. والشاهد من هذا لا يعتبر منكر أحاديث عذاب القبر والشجاع الأقرع كافرا بل على أقصى تقدير في دينهم الأرضي يعد آثما. ونعود إلى أحاديث عذاب القبر ونعيمه ونطالع الكتاب الشهير للبيهقي "إثبات عذاب القبر" الذي جمع به 240 حديثا عن 39 صحابي وصحابية، وحتى نتناول الأمر بموضوعية وشمولية فهذا الجزء قسمناه على خمسة فصول وهي:
الفصل الأول: مدخل هام إلى الأحاديث.
الفصل الثاني:الرجلان يعذبان بقبرهما.
الفصل الثالث: الاستعاذة من عذاب القبر.
الفصل الرابع: سؤال الملكين.
الفصل الخامس القبر حفرة من حفر النار.

الفصل الأول: (مدخل هام إلى هذه الأحاديث)
من البلاهة والحمق أن نصدق أن عذاب القبر وفتنته علمه نبينا عليه السلام من يهودية دخلت على السيدة عائشة وقالت لها: وقاك الله عذاب القبر، فلم تصدقها وسألت نبينا لتتأكد فجاءت الأحاديث على أربعة أوجه تناقض بعضها بعضا وتخرج النبي أبلها يرجم بالغيب –وحاشاه- فأين الذين يستشهدون بحديث (ما يخرج من فيه –فمه- النبي إلا الحق على وحي السنة).

ففي الرواية الأولى كذَّب النبي اليهودية قائلا: "كذبت يهود وهم على الله أكذب لا عذاب قبل يوم القيامة". وفي الرواية الثانية كذَّب اليهودية قائلا: "إنما تفتن اليهود". وفي الرواية الثالثة كذَّب اليهودية قائلا: "إنما ذاك لأهل الكتاب". وفي الرواية الرابعة تحمل نفس السيناريو دخلت يهوديتان على السيدة عائشة وقالتا لها: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم فكذبتهما؛ فجاءها النبي فسألته فصدقهما قائلا: "صدقتا إنهم يعذبون عذابا لم تسمعه البهائم". والعجيب أن كل الروايات صحيحة وانتهت باستعاذة النبي عليه السلام من عذاب القبر فتأمل ومطلوب منك أن تطلق عقلك وتصدق هذه التناقضات أنها عقيدة ومن دين الله!!.

إشكالات لا حل لها حول هذه الأحاديث الأربعة
1- هل نبينا كان يعلم بعذاب القبر أم لا؟ فالرواية الأولى تبين أنه لا يؤمن بعذاب القبر أو أنه لا يعلم، أما الثانية والثالثة والرابعة تقول أنه يعلم.
2-الأحاديث تناقض بعضها ولو سلمنا جدلا بالنسخ فلا نسخ بالعقائد والأخبار، كما أنها لا تتكلم عن أربعة حوادث منفصلة لأن ردة فعل السيدة عائشة كانت واحدة.
3-الأحاديث تناقض بعضها بعضا في أمر آخر هو أن النبي في الرواية الأولى قال لا أحد يعذب، وفي الثانية خصص عذاب القبر لليهود حصرا، وفي الثالثة أضاف مع اليهود النصارى، وفي الرابعة أضاف الجميع بلا استثناء.
والسؤال لكل المؤمنين على وجه الأرض بخرافة عذاب القبر: لمن عذاب القبر بالضبط؟. وهل يعقل أن يقع النبي بهذا التناقض وأنتم يقولون من فمه لا يخرج إلا الحق.
-------
الفصل الثاني: أحاديث (الرجلان يعذبان بقبرهما)

على قاعدة علماء الحديث "الجرح مقدم على التعديل"، فإن هذه الأحاديث الكثيرة ليست بشيء لأن جميع أسانيدها لا تخلو من راوٍ مجروح، وقد روي هذا الحديث موقوفا على خمس صحابة (جابر بن عبدالله، نفيع بن الحارث، عبد الله بن عباس، ، يعلى بن سبابة، أبو إمامة الباهلي).
أما الأسانيد التي رفعت الحديث عن طريق جابر بن عبدالله فلا تخلو من راويين:
محمد بن مسلم القرشي (مدلس)
عمران بن داور العمي (ضعيف يرى السيف على أهل القبلة)
------
أما الأسانيد التي رفعت الحديث عن طريق نفيع بن الحارث فلا تخلو من راويين:
بحر بن مرار (اختلط بآخر عمره)
محمد بن صفوان البكري (مجهول الحال)
-------
أما الأسانيد التي تتصل بـ عبدالله بن عباس فلا تخلو من هؤلاء الرواة السبعة:
الأعمش (صدوق مشهور بالتدليس)
محمد بن خازم أبو معاوية (ثقة لكنه يدلس ومرجئ)
حبيب بن حسان الكوفي (متروك الحديث)
محمد بن سابق (ترك المحدثون حديثه)
أبو قلابة (صدوق كثير الخطأ)
سفيان بن وكيع (ضعيف)
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (ثقة لكنه اختلط)
-------
أما الأسانيد التي رفعت الحديث عن طريق يعلى بن سبابة فلا تخلو من ثلاثة رواة:
جعفر بن محمد العباداني (مجهول الحال)
حماد بن سلمة (تغير حفظه)
حبيب بن أبي جبيرة (مجهول الحال)
-----
أما الأسانيد التي رفعت الحديث عن طريق أبي إمامة الباهلي فلا تخلو من راويين:
معان بن رفاعة (ضعيف)
علي بن يزيد بن أبي هلال (منكر الحديث)

الفصل الثالث: أحاديث (الاستعاذة من عذاب القبر)

أما الأحاديث التي نسبوها لنبيا عليه الصلاة والسلام عن الاستعاذة من عذاب القبر، فهي كثيرة جدا، رويت عن كثير من الصحابة والصحابيات يصعب حصرها، لكن هناك مشكلة بالمتن والسند، فأما المتن –محتوى الحديث- فهو ذلك الربط الغريب الذي اخترعه مالك في موطئه واقتبسه البخاري ومن جاء بعده في كتابه مع إضافات طفيفة. فالبخاري يضع بابا في كتابه بعنوان (الصلاة في كسوف القمر) وليس خسوفه ورقم الحديث (1013)؟! وهذا يدل على جهله بالقرآن لأن القمر هو من يخسف (وخَسَفَ القَمَرُ) ثم لا يذكر القمر بتاتا.. حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين.

إن الربط الغريب الذي لن لا نجد له تفسيرا مقنعا عند المؤمن بخرافة عذاب القبر هو الربط بين عذاب القبر وصلاة خسوف الشمس في أحاديث دخول اليهودية أو اليهوديتين على السيدة عائشة واستنارها لذلك، والتخبط المنسوب لنبينا كما ذكرنا ذلك في (إشكالات لا حل لها حول هذه الأحاديث الأربعة)؛ فإن تم حل الإشكالات هذه الإشكالات مشينا ورائه، وإن لم ولن يستطع حلها وجب عليه إن كان الحق أحب إليه كما يزعم أن يسير ورائنا فالحق أحق أن يتبع. لأن الذي صحح أحاديث استعاذة النبي من عذاب القبر يجب عليه كما يقال أن يثبت العرش ثم ينقش، لأنه لا يستقم أن يستعيذ نبينا من عذاب أنكره أو خصصه لليهود ثم لأهل الكتاب ثم أقره على الجميع. وعلى كل حال تتبعنا حال رواة أحاديث الاستعاذة فوجدنا السواد الأعظم منها من الرواة المجروحين الذين ذكرنا سابقا، وأيضا هناك بعض الرواة المجروحين نضيفهم للقائمة:
أشعث بن سوار (ضعيف الحديث)
هشام بن عروة (ثقة ربما يدلس وقد تغير حفظه في كبره)
موسى بن عبد الرحمن (انفرد بتوثيقه ابن حبان المعروف بتساهله بالتوثيق)
يحيى بن أبي كثير (ثقة كثير الارسال والتدليس)
الوليد بن مسلم (ثقة كثير التدليس والتسوية)
محمد بن عباد المكي (صدوق يهم)
سعيد بن إياس (صدوق تغير حفظه قبل موته)
بقية بن الوليد الكلاعي (صدوق كثير التدليس على الضعفاء)
إبراهيم بن عبد الملك البصري (ضعفه بعض المحدثين)
محمد بن كثير الثقفي (يروي المناكير)
البراء بن يزيد الغنوي (ضعيف الحديث)

الفصل الرابع: أحاديث (سؤال الملكين)

هذه الأحاديث فلم تصح لها طريقا، إذ لا يخلو سند من أسانيدها من رواة مجروحين وبالذات قتادة عن أنس بن مالك، ويحيى بن كثير عن أبي هريرة وهم:
عبد الوهاب بن عطاء (ليس بالقوي وربما يخطأ)
سعيد بن مهران (اختلط اختلاطا قبيحا)
خليفة بن خياط الصفري (ضعيف)
عبد الأعلى بن عبد العلى بن محمد (ليس بالقوي)
قتادة بن دعامة السدوسي (ثقة كثير التدليس والإرسال)
عبد الرحمن بت إسحاق بن كنانة (ضعيف رمي بالقدر)
سعيد بن أبي سعيد المقبري (صدوق اختلط بآخر عمره)
أحمد بن المظفر الواسطي (مجهول الحال)

ملاحظات تستحق الإشارة لها:
أولا: اسم الملكين هو (منكر ونكير) لم يثبت البتة، وهم يعترفون بذلك؛
ثانيا: كيف لملك كريم يحمل أسما قبيحا جدا أم أن هذا من لزوميات صناعة الرعب بالقلوب، وأتحدى كل مؤمن بعذاب القبر أن يسمي ابنه بـ (منكر) تيمنا بهذا الاسم،
ثالثا: أحاديث (منكر ونكير) وصفت لونهما بالأزرق والأسود وهما لونان جعلهما الله تعالى للكافرين يوم القيامة.

الفصل الخامس: أحاديث (القبر حفرة من حفر النار)

أما أحاديث (القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار) فهي ضعيفة، ضعفها الترمذي والألباني والشوكاني والمنذري والزرقاني والسخاوي والعسقلاني والطبراني، رغم شهرة هذا الحديث بين العوام إلا أنه ضعيف جداً، لأن أسانيده وعلة ضعفه لا تخلو من هؤلاء الرواة المجروحين:
أيوب بن سويد (سيء الحفظ)
محمد بن عمر الواقدي (متروك الحديث)
شملة بن عمر بن واقد (مجهول الحال)
عمر بن شيبة الأشجعي (مجهول الحال)
عبيد الله بن الوليد الوصافي (متروك الحديث)
القاسم بن الحكم العرني (في أحاديثه مناكير)
عطية بن سعد العوفي (ضعيف)

لا شك أن كل قارئ لاحظ العدد الهائل جدا من الرواة المجروحين في أسانيد عذاب القبر ونعيمه، وأننا سرنا على حسب قواعد علماء الحديث بأن الجرح مقدم على التعديل، رغم أننا نعترف أن علم ما يسمى بعلم الحديث علم قائم على قواعد بشرية مرفوضة قرآنيا (تزكية النفس، والتنابز بالألقاب، والدخول في السرائر) فالمحدث يزكي نفسه بتقييم غيره انطلاقا من هوى نفسه وموافقه المذهب، لا على أسس علمية بحتة، والله وحده هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وبمن اهتدى، والنبي كان حوله الكثير من المنافقين ومع ذلك لم يكن يعرف، وعليه فلا تستغرب إذا رأيت راويا قويا عند محدث وبنفس الوقت ضعيفا عن محدث آخر، وقد قال الإمام الذهبي: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف أو تضعيف ثقة. وقال رب الذهبي ورب كل المحدثين: (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) النجم:28.
******
الجزء التاسع: غرائب وبدع الدعاء للميت

الدعاء للميت لا شك جائز يعود به الأجر على الداعي نفسه لأن الدعاء عبادة والمؤمن قد يدعو لنفسه أو لغيره، لكن الصلاة والصيام والحج والتصدق عنه ليس من دين الله بشيء إذا لا يدخل الميت الجنة أو النار إلا سعيه في حياته، لكن المهرجون نسبوا للنبي دعاءً مشهوراً يخالف القرآن والمنطق وعدل الله يرددونه في صلاة الجنازة: ".. واغسله بالماء والثلج والبرد.."؛ فهل يعقل أن نغسل أحدا بالثلج إلا إذا كنا نستهدف أذيته فما بالنا بالدعاء لذلك الميت ونطلب من الله أن يغسله بالثلج. أم أن الدعاء مخصص لأهل البلاد الحارة فقط، وأهل البلاد الباردة فندعو لموتاهم بغسول ساخن!! والأكثر طرافة أن المغسلين من خبلهم وحمقهم يعتقدون أن الميت يشعر بالحرارة فيغسلونه بماء فاتر.

وهناك هراء آخر في أدعيتهم وهو: "اللهم ابدله داراً خيرا من داره، وأهلاً خيرا من أهله"؛ فهذا الدعاء يخالف الدعاء الذي تدعو لنا به الملائكة يوم القيامة: (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) غافر:8. فهل ندعو بدعاء القرآن الذي لا استبدال فيه للصالحين والصالحات من أزواجنا وآباءنا وذرياتنا أم بدعاء استبدالهم مهما كان صلاحهم –بخير منهم- لأننا بشر نحب التبديل!!. ولأن الله عادل لا يظلم مثقال ذرة ويأمر بالعدل والاحسان فقد قبل دعاء الملائكة ولم يقبل دعائهم المنسوب لنبينا عليه السلام فقال: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ) الرعد:23. فألغى بذلك نظام الاستبدال الأهوج الذي يروق لأولئك الدعاة، وكم من المخجل حقاً أن يكون مطلوبا من زوجة صالحة قضت عمرها مع زوجها بيوم جنازته وهي تسمع هذا الدعاء (اللهم ابدله داراً خيرا من داره، وأهلاً خيرا من أهله) أن تقول الثكلى: آمين. ألا يكفي مُصابها بفقده أم هو موت وطلاق بينونة كبرى لها.

أيضا هناك هراء آخر من الأدعية وهو قولهم: (اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار).. فمن الذي قال أن القبر روضة أو حفرة؟ وماذا عمن يموت ولا يقبر هل سيعفى الفائز من ضريبة النعيم لأن حظه سيئا إذ لم يقبر، وعلى النقيض هل سيعفى الخاسر من ضريبة العذاب لأن حظه جيدا إذ لم يقبر!! ثم كيف يتنعم أو يتعذب الإنسان –إذا وضع بالقبر- وجثته بعد فترة قصيرة ستختفي من الوجود وتحلل في الأرض وهم يقولون أن العذاب مادي.

وأخيرا.. حتى متى ستظل نسير خلف خرافات مقدسة ما أنزل الله بها من سلطان، تسيء لله ودينه وكتابه ورسله، جعلتنا أضحوكة بين الأمم، ومطلوب منك أن تطلق عقلك وأن لا تغادر قطيع الجهل والعته، وأن لا تناقش خوفا من التكفير، وأن تظل عاكفا على صنم ما هو معلوم بالدين بالضرورة، وأن تغض البصر إذا رأيت هذه الخرافات مخالفة للقرآن، وأن تظل تثني ركبتك عند أحد كهنة الدين.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.



#سلطان_محمد_الركيبات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالخمر إثم لا كله إثم


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان محمد الركيبات - خرافة عذاب القبر المقدسة