أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - الماركسية-اللينينية في أربعة صناديق من الكرتون















المزيد.....

الماركسية-اللينينية في أربعة صناديق من الكرتون


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 5963 - 2018 / 8 / 14 - 12:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


استهلال بين هلالين:
" حين ننتصر في النطاق العالمي, سنصنع من الذهب, كما أعتقد, مراحيض عامة في شوارع بعض أكبر مدن العالم. وسيكون ذلك أعدل استعمال للذهب واوضحه دلالة للأجيال التي لم تنس أنه بسبب الذهب ارتكبت أبشع المجازر بحق الإنسان"
لينين
من مقال "أهمية الذهب" جريدة "البرافدا" العدد 251 السابع من تشرين الثاني 1921

كُنتَ ماركسياً وتبت –سامحكَ الله- فهل أنت بالضرورة على باطل؟ وهل أنا الماركسي -ما أزال- على حق؟ هل أحدنا محق لأن صور كارل ماركس ولينين ما زالت على جدار غرفته, والآخر مخطئ لأنه أزالها عن جدار غرفته؟ أو هل كلانا محق وكلانا مخطئ؟ لا أنا ولا أنت نعرف ذلك ولا سوانا. من ينبغي أن نسأل ليعطي القرار الصحيح؟ قد تسأل أحداً يتفق معك ولكن مادام يتفق معك كيف يمكنه صوغ القرار؟ وقد تسأل أحداً يتفق معي ولكن مادام يتفق معي كيف يمكنه صوغ القرار؟
هذه التساؤلات للفيلسوف الصيني "تسوانغ تسي" ابن القرن الرابع قبل ميلاد السيد المسيح, خطرت في ذهني وأنا أستلم أربعة صناديق كرتون كبيرة, ثقيلة, محكمة الإغلاق, بذلت جهدي في نقلها من سيارة رفيقي الشيوعي المتوقفة على زاوية كنيسة الروم الأرثوذكس في مدخل زقاق المسيحيين إلى مكتبتي في رابع دكاكين ذلك الزقاق. هذه الصناديق هدية من رفيق هجر الشيوعية -أصلحه الله- فتذكرني. شكراً له على كل حال. وحقيقة أن يكون المرء شيوعياً لا يتعارض مع كونه مسيحياً مؤمناً يُصلي في الكنيسة, وذلك لا يتعارض مع كونه ينشط في حزب شيوعي, ولا يمنعه من أن يكون صديقاً لعدد كبير من المسلمين, يدخل بيوتهم ويأكل خبزهم. ولعلها نادرة تستحق الذكر أن "مصطفى جقمور" من أهل مدينة إدلب في الشمال السوري هو أحد رفاقنا في الحزب الشيوعي السوري ظلَّ لأكثر من ستين عاماً شيوعياً مؤذناً, يؤذن في الناس, ويُصلي في المسجد. حالة نادرة لا شك في ذلك, ولكن أي شخص هو عضو في جماعات مختلفة متعددة – ومن دون أن يكون ذلك تناقضاً بأي شكل من الأشكال- وكل من هذه الهويات الجمعية التي ينتمي إليها هذا الفرد تعطيه هوية اجتماعية تجعله شخصاً مهماً بالفعل.
نعم يا سادتي فتحتُ ختم الصناديق فبلغ عدد كُتبها أزيد من مئتين. رحتُ أتصفح الكتب على مهل.الوقت أوفر ما عندنا, عكس باقي الأشياء في المدينة, حيث لا غذاء ولا ماء ولا كهرباء ولا هواء ولا دواء, أعان الله الفقراء, لا حول ولا قوة إلا بالله. و الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وجدت المن والسلوى في القراءة. وتذكرتُ كم كان المتنبي حكيماً في قوله "أعزُّ مكان في الدُّنا سرج سابح, وخير جليس في الزمان كتاب" سرج سابح يخبط الأرض بسنابكه بعيد المنال يا أبا الطيب ولكنك أنتَ هُنا في حضرة كُتب أئمة الماركسية-اللينينية وشيوخها و مجاهديها.
وجدتُ كنزاً شيوعياً مهماً أول هذا الكنز كُتيِّب "مبادئ الشيوعية" ألفه فريدريك أنجلز في نوفمبر عام1847 كصيغة أولى لتعريف ماهي الشيوعية. وهي صيغة جميلة على كل حال في أسئلة وأجوبة. يطرح أنجلز السؤال ثمَّ يُجيب عليه. عرض هذه الصيغة على رفيق دربه كارل ماركس وكانت أول وثيقة واضحة المعالم عن المفهوم الجديد للعالم الذي تبلور في عقل الشابين. تمَّتْ صياغة شكل البيان أخيراً ونُشر تحت عنوان "بيان الحزب الشيوعي" بصيغته المعروفة لأول مرة في طبعة خاصة باللغة الألمانية في لندن في شهر فبراير عام 1848. كان ماركس في الثلاثين وأنجلز في الثامنة والعشرين من العمر. ويقول الرفيق خالد بكداش في كتاب الصحفي السوري عماد ندَّاف "خالد بكداش يتحدث" الصادر في طبعته الأولى في دمشق عام 1993: قمتُ بترجمة "بيان الحزب الشيوعي" من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية عام 1933 على ما أذكر. يقول البيان في إحدى فقراته: إن الشيوعيين قد آن لهم أن يعرضوا أمام العالم بأسره مفهوماتهم وأهدافهم وميولهم, ويضحدوا خرافة شبح الشيوعية ببيان من الحزب نفسه.
وجدتُ كتاباً فخماً و ضخماً أكثر من 600 صفحة من مراسلات كارل ماركس وفريدريك أنجلز ترجمه إلى العربية من نسخة إنكليزية الدكتور فؤاد أيوب صادر في طبعته الأولى في 3000 نسخة عام 1981. ما أهمية هذه المراسلات اليوم؟ قيمة المراسلات عظيمة كما قال لينين, فلا يقف ماركس وأنجلز هُنا أمام القارئ بصورة جريئة فحسب, بقامتهما المليئة, بل ينكشف محتوى الماركسية النظري الغني جداً بأعظم الوضوح. تجدُ في هذه المراسلات جدلاً حيَّاً في الفكر الذي يُحاول شقَّ دربه الخاص والذي سيُصبح بعد قليل علماً أحمراً يخفق في الريح عبر أرجاء الكرة الأرضيَّة.
وكان لطيفاً أن أجد كتاب "مذكرات عن ماركس وأنجلز" طبعة دار التقدم في موسكو عام 1976 وهذه طبعة نادرة مصورة -فيما أحسب- وفيها تجد ما قالته جيني فون فستالين زوجة كارل ماركس عن تلك الأيام الصعبة في لندن حيث, لا مال ولا عمل. وليس العمل سهلاً في حالة البؤس, وقد أصبحت أسرة ماركس المؤلفة من ستة أفراد أكثر بروليتارية في طابعها ابان تلك السنوات في لندن. لم يكن ماركس يستطيع الخروج في بعض الأحيان لأن ملابسه موجودة في محل الرهونات. حتى الورق الذي يكتب عليه لم يكن موجوداً, كذلك ضرورات الحياة لأسرته. وخلال الفترة التي عاشها في "دين ستريت" ولدت له طفلة هي فرانشيسكا ماتت بعد سنة من الفاقة. وقد وصفت زوجة ماركس هذه المأساة في رسالة إلى صديقة في أمريكا تقول فيها: أطفالنا الثلاثة يرقدون على الأرض ونحن جميعاً نبكي الملاك الصغير الذي كان جسده بلا حياة والموجود في الغرفة المجاورة. ولقد حدثت وفاة طفلتنا ونحن في حالة عوز شديد, وأصدقاؤنا الألمان عجزوا عندئذ عن مساعدتنا. وهرولت- والأسى في قلبي- إلى مهاجر فرنسي يسكن ليس بعيداً عنا, واعتاد أن يحضر لزيارتنا, ورجوته أن يُساعدنا للضرورة المُلحَّة. فأعطاني في الحال جُنيهين بتعاطف أخوي عميق. وقد استخدمت هذا المال في شراء كفن ترقد فيه طفلتي الآن في سلام.
عادت بي هذه الكتب إلى تلك الأيام التي كانت تفوح فيها رائحة القرنفل الأحمر وتُعطِّر فقراء العالم, و إلى ظلِّ "جذور السنديانة الحمراء" لرفيقنا الغالي اللبناني محمد دكروب. بلا شك كانت أياماً لا تُنسى لعبت دور النشر في الاتحاد السوفياتي دار "التقدم" و "رادوغا" خاصة دوراً بارزاً و مهماً في نشر الفكر الماركسي – اللينيني, صدرت ألاف الكتب بهذا الشأن مترجمة إلى اللغة العربية, و لعل أشهرها مؤلفات لينين في عشرة أجزاء بغلافها الأزرق الغامق, وكتاب" رأس المال" , ومختارات من مؤلفات ماركس-أنجلز في أربعة أجزاء بلونها البني المحروق كالقهوة العربية, وقد ضمَّت هذه المختارات بين دفتيها مؤلفات فريدريك أنجلز " أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" و "لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" وفيها كتاب كارل ماركس البديع " الثامن عشر من برومير لويس بونابرت" ومن الكتب المميزة التي سررتُ بها كتاب الصحفي الأمريكي الشيوعي جون ريد "عشرة أيام هزت العالم".
يا لتلك الأيام العظيمة التي هزت العالم عندما حاول بلاشفة روسيا بقيادة حكيمهم لينين قلب الدنيا لصالح الفقراء فنزلت عليهم نازلة من بينهم. وما زال الجياع والفقراء والمساكين وأهل السبيل في الانتظار. وهؤلاء الأبدال, كما يسميهم الباحث الجليل هادي العلوي البغدادي, حاولوا عمارة الأرض بالعدل, فما أفلحوا, فقد تحوَّل لينين في حياته إلى طاقة روحية خالصة مستثمرة لأجل الجياع. لقد أهلك نفسه من أجل الفقراء المساكين. وهذه من نوادر التاريخ, إذ المعتاد أن يهلك الحاكم نفسه من أجل نفسه. وكان ما كان مما لست أذكره/ فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر.
يمكننا القول بثقة أن لينين مات وفي عينيه الثاقبة خوفاً على جذور السنديانة الحمراء-ويظهر ذلك من خلال مراسلاته السّريَّة الحزينة إلى مؤتمر الحزب الثالث عشر والتي تجدها في المجلد العاشر من مؤلفاته المختارة- لأنه لم يجد بين رفاق دربه من يملك القدرة على صيانة هذا الحلم العظيم. في كلماته الأخيرة استعرض رفاق دربه الأكثر قرباً إليه: ستالين تروتسكي بوخارين بياتوكوف زينوفييف كامينيف. فأُصيب بخيبة أمل فظيعة. ولينين من أفذاذ البشر قلَّما يجود الزمان بمثله. وموته زاد الطين بلَّه, حُنِّط جثمانه في موسكو ووضع في الساحة الحمراء فُرْجَة للناس. وأغلب الظن أن زوجته كروبسكايا ماتت حزينة لرؤية زوجها بهذا المنظر. وقد عارضت تحنيطه وطلبت دفنه مثل كل البشر.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسطورة في وعي كارل ماركس
- كارل ماركس مفكراً
- كارل ماركس ما زال حيَّاً
- الوقوع في حُبِّ كارل ماركس
- مشاعيَّة كارل ماركس


المزيد.....




- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...
- النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يعبر عن رفضه المطلق للأحكام ا ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - الماركسية-اللينينية في أربعة صناديق من الكرتون