أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام صالح مهدي - القصيدة والشعر في قصيدة الشعر















المزيد.....

القصيدة والشعر في قصيدة الشعر


بسام صالح مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


القصيدة والشعر في ( قصيدة الشعر )
قراءة تشخيصية لسمات النص الشعري المعاصر

كي يتحقق الانعتاق من عبء الموروث، لابد من رغبةٍ تُشيرُ بأناملها نحو الحرية، هذه الرغبة التي يتدخل في تكوينها الوعي المترسب من مراجعة ما هو سابق زمنياً، سواء كان شعرا أو نقداً أخذ بمعطياتها واقع الفهم الأدبي المُكلل بوعي المؤسسة الثقافية القديمة .
فالمراجعة المتأنية لمدونات الشعر/ النقد العربي قديمه وحديثه، تمنح فرصة لفرز نوع التعامل الفني لكل مرحلة، ومدى تحرك المفاهيم الفنية أو ثبوتها على حالتها الأولى أو انحسارها في جانب الادعاء ساحبة الشعر نحو تلاشيات الإبهام، مضيعة امتلاكاته الأصيله، بسمات معرفية خاضعة لمقايسٍ التحديث الوهمي، متهمة الشعر بالانتماء إلى الذاكرة والالتصاق بالشكلية والركون إلى المضامين السابقة، مما لا يلبي حسب ادعائها رغبة المعاصرة والتحديث، متناسية أن هذه التهمة لا تؤخذ على الشعر الذي يكون بطبيعته عملا حراً، إنما تؤخذ على الشاعر ومدى كفاءة وعيه الفني بما يتخذُ من زوايا النظر نحو العالم، واختياره للأبعاد والأشكال التي تتوافق مع التجربة .
ولأن رغبة اللانعتاق تتخذُ موقفاً فهمياً تعامليلاً خاصاً، هذا الموقف الذي قد يقع في دائرة السلف نفسها، إذا لم يعرج على المراجعة الدقيقة لمنتجه وللمدونات السابقة ، والاحتكام للوعي المتكون عبر زمن ليس بالهين تحديده أو الوقوف والثبات عند نتائجه الحالية التي لابد من تسليط دوافع الحرية الدائمة عليها، حتى تتخلص من مسببات التحجر التي يفرزها الإيمان بالنتائج المطلقة .
إلا أن ما تمَّ تحصيله من نتائج البحث والمراجعة للمدونات السابقة مقارنة بما أنتجناه من الشعر ، كافية في مرحلتنا هذه لتشخيص الغاية الكبرى للطموح الذي نسعى إليه، ونعني به ( قصيدة الشعر ) التي تمثل امتلاكاً حقيقياً لمفهوم ظلَّ سائباً في بداياته التي كانت في دوران محموم يسعى إلى الانطلاق من الصفر إلى بدء العد التصاعدي للإنتاج، ومن بواكير هذا السعي، الفهم المتعلق بخواص الشعر القومية، هذه التي لا يمكن انتزاعها من أشعار الأمم الأخرى كذلك لا يمكن انتزاعها مما لدينا من أشعار حتّى لو استلمنا ثقافات ناضجة في نواحي معينة، هذا لا يعني الإتباع لها والأخذ بمسلماتها كلياً، قدر ما يعني التثاقف من كلا الطرفين، لا بإنتاج نصوص تعاني من الاغتراب في موطنها؛ الاغتراب الذي دسته محركات المعاصرة حتى أفقدت النصوص جذرها الانتمائي بإرغامها على الانضمام إلى دعوة البعد الكوني التي جذبت الأنظار إليها بمغريات أفرزها الأخر الذي لا يمثل ثقافتنا، فتعلّق بها كل من لم يع قيمة ما لديه، مدفوعاً إلى الوقاية من مهمة الحفاظ على الخصوصية القومية التي هي من صميم الانتساب الأدبي الذي لم يفتقر في وجوده للدعوة السابقة، فلا وجود لنص ناجح ضمن ثقافة معينة لا يصلح لأن يكون ناجحاً في ثقافة أخرى، لأنّ النص الناجح يرتكز على مهام الشمول للغايات الإنسانية المشتركة وكفى دليلاً على ذلك ما تنقله الترجمات إلى الثقافات المختلفة من نصوص شعرية ونثرية ناجحة، على الرغم من صدورها عن ثقافة تمتلك خصوصية غير ممسوخة .
ولأن كل من أنجذب لهذه الدعوة كان محاطاً برغبة الانعتاق من عبء الموروث وما يسلطه من مهيمنات تقابل ضعف قدرته على الاجتياز المشروع، المنطلق من ثقافته، مخفياً ضعف قدرته باللجوء إلى محفزات لا تنبعث من خصوصيته العربية، معللاً بها جنوحه نحو عالم النثر المستورد الذي أخذ الكثير من المعاصرين الالتفاف حوله، ليمنحوه صفة الشعر . ونعني ( قصيدة النثر ) التي كشفت عن جوانب الفهم المنساقة نحو التجديد الأعمى في غفلة عن مراجعة مصطلحها أولاً قبل نتاجها الذي يمثل مفارقة لا تحسب عواقبها، فإذا أمكن تصديق ما ذهب له منظروها من أن مصطلحها ينقسم إلى الفهم السائد عن صفة القصيدة، على أنها شعر دون جدال، فإنها بذلك تؤكد على أنها تعني ( شعر النثر ) حيث تصبح كلمة ( شعر ) هنا مجرد تلميح للإمكانيات النثرية في تحصيل البغية الفنية، التي لا تعني تحول النثر إلى الشعر، قدر ما تعني إمكانية تحقق المستوى الفني في كل منهما ولأن إصرار قصيدة النثر على إهمال الوزن ،يؤكد أيضاً ما ذهب إليه أحد النقاد العراقيين عـلى أن ((مصطلح قصيدة النثر ينطوي على مصادرة قبلية تعتبر الوزن شرطاً للشعر، وتقيم تعارضاً بين الوزن والنثر؛ فقصيدة النثر تعني القصيدة الخالية من الوزن، وهذا يعني بالنتيجة أن الوزن هو شرط الشعر. وإن الخلو من الوزن هو السمة الأساسية في النثر )) ( ) .
ولعلها تزداد جنوحاً نحو الخطأ حين تقرر إمكانية استبدال الوزن بالإيقاع الداخلي الذي لا ننكره فهو غير مقتصر على قصيدة النثر وحدها، لوجوده قبل هذا في الشعر وبدرجة من التنظيم المتناسق، يمكن رصده في مدونات الشعر العربي وكذلك فأن الإيقاع الداخلي، لا يختص بقصيدة النثر مثلما يختص الوزن بالشعر . بل إنَّ أسبقية تواجده في النثر المسجوع والحكائي بارزة جداً، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على أن صُدورَهُ من قصيدة النثر لا يعني تفردها به، ولا يظهر سوى الاستعانة ببديل هزيل قياساً إلى الوزن، وتجدر الملاحظة على أن أغلب نصوصها لا يمكن أن يُرصَد فيها هذا الإيقاع، فأكثرها خالية منه .
ولوعدنا إلى المصطلح المركب من ( قصيدة ) و( نثر) وأسلمناه للنتائج التي تصل إلى إن القصيدة هي كما (نقول) : مكانٌ وزمان للحدوث الشعري / النثري أي أن لها هويتها الوجودية التي يمكن أن نشبهها من أجل الإيضاح بالمسرحية، إذا كتبت بالشعر كانت مسرحية شعرية، وإذا كتبت بالنثر كانت مسرحية نثرية، فإن حاولنا تفهم مصطلحهم (قصيدة النثر) على هذا الأساس، فإنها تسقط أيضاً من عدها شعراً. لأن مجال المحاولة الذي تسعى من خلاله للإنظمام إلى الشعر هو صفة ( قصيدة ) بمعنى ( شعر )، الذي أوضحنا خطأه سابقاً، ولأن الناقد نفسه يُنبهنا إلى أن: (( تاريخ الشعر يؤكد لنا أن جوهر الشعر يكمن في التنابذ بين الصوت والمعنى في الحيرة بين الوحدات الإيقاعية والوحدات الدلالية . في أن يقول ببنائه ما يسكت عنه في تعبيره)) ( ).
وهنا لا بدَّ من إيضاح بعض جوانب التحصيل على مستوى المنتج الشعري / النقدي لـ ( قصيدة الشعر ) بعد أن وصلت إلى مرحلة التصاعد النوعي. فبتكون الرؤيا الإنبثاقية للقصيدة كهوية وجودية تتصف بكونها (مكانٌ وزمانٌ للحدوث الشعري / النثري) . وامتلاكها لبؤرة الخلق الإبداعي، يتسنى لنا الدخول إلى عوالم الشعر، لاستقصاء أهم مقومات الأصالة الفنية التي يقف في مقدمتها مقوم لا يمكن استبعاده أو إلغاء وجوده لكونه من عناصر اللغة التي ترتكز عليها في تكوينها، ذلك هو الصوت منطوقاً أو مهموساً في الذهن أو مخزوناً في الكتابة( ) .
فالشعر في ( قصيدة الشعر ) لا يستبعد أهم مكونات الصوت، وهو الإيقاع متعاملاً معه تعاملاً تفاعلياً بنوعية ( الخارجي والداخلي ) غير أن الأول قد هيمنت عليه مفاهيم تجرّدهُ من امتلاك أي فعل إشاري أو دلالي مع أنه يمثل دلاله تخدم النص على مستوى التعرف الفوري بنوعه، إضافة إلى احتوائه على إمكانيات تعبيرية يستعين بها المعنى في أدائه. ثم أن هذا الإيقاع يتداخل مع الإيقاع الثاني ليكون الإيقاع العام للشعر، ولرغبة الدلالة الشعرية بالتمظهر الصوتي( )، فإنها لن تجد اشمل من هذا الإيقاع العام لتمظهرها، حيث يصبح ( صوت الدلالة الشعرية) تحركه تحركاً خاصاً ومغايراً لما هو سائد من مقول / مقروء، ولأن إمكانيات إيصال اللغة بدون صوت كلامي/نطقي أو قراءي / ذهني غير ممكن، فإن الإيقاع الذي يتميز به الشعر يعمل على امتلاك الدلالة الشعرية لصوت خاص بها. كما أن أبوة الإيقاع الخارجي صادرة في الشعر من الوزن في عملية القراءة، كذلك فإن أبوة الوزن صادره من الإيقاع العام . فقصيدة الشعر لا تتعامل مع الوزن بمرجعية سلفية خاوية من المعنى، بل بجعل ما ينتجه الوزن من شكل بفرعيها ( قصيدة البيت ) و ( قصيدة التفعيلة ) شكلاً للدلالة الشعرية . أي بأحداث نقلة من الثبوت إلى التهيؤ الدلالي .
وكما تحدثنا عن المقوم الأول ضمن النتائج المقرونة بالتطوير المستمر، فإن الحديث عن المقوم الثاني المتمثل بالأسلوب تأخذ بعداً جدياً بعد جعله هدفاً ( للتجاوز بالعلاقات الأنزياحية ) كما أوردته تنظيراتنا السابقة. مما يضمن وثوق الأداء الشعري من إمكانياته ومعطياته الواسعة من دون الإخلال بوحدة النص الذي يرتكز على بنيته ( الشعورية) و ( الرؤيوية ) اللتان لا تخلوان من بعد فكري، يمكن استلامها من العوامل التركيبية والتحليلية التي لا تفتقد إلى الإدهاش كشرط لانبعاثها من الروح الباثة التي هي بدورها تمثل إنزياحاً وجودياً عن العالم المادي، متجاوزة بطاقاتها الأسلوبية والتعبيرية حواجز المنع والكبت المترسبة من صياغات عالقة بالذاكرة،مما يدفع إلى التخلي عن موقع الانطلاق والصدور الكلي من الذاكرة، إلى الانطلاق الفعلي من الحاضر بالتباسات الماضي المستقبل، دون الانصياع لمفردات المعاصرة التأثيثية ، وذلك بالانفتاح الكبير على خزائن اللغة التي أصبحت تمثل وعياً فنياً، محملاً بجميع مفرداتها المستهلكة والغير مستهلكة تعبيرياً، بإكساء هذه المفردات أبعاداً تَشيء بعدم المبلاة لواقعها المادي الجاف، محدثة باشتراط الإدهاش تأثيراً مشابهاً لدى الملتقى،تشعرهُ بالإنزياح عن العالم الميحط ولو آنياً، إلا أن ما يترسب من آنية التأثير لا يفنى عند المتلقي الواعي حيث يخلق هذا الترسب إنتاجاً فكرياً وروحياً .
ولانَّ العبء يقع أولاً على الشاعر فلا بدَّ له أن يكون هو المتلقي الأول لنتاجه، مزيحاً بذلك دعوة الجمهور المطالب برغباته، جاعلاً نفسه منهم مرةً وغريباً عنهم مرة أخرى، إن عملية المتلقي الأول هي دليل على وعي بالتعامل الفني مع الشعر في قصيدة الشعر، هذا التعامل الذي يحيط بالتوتر الحاصل من التكثيف التركيبي والانفتاح الدلالي في النص الذي لا يفتقر إلى التصعيد الروحي في مضمونه .
ولا يقتصر التعامل في القصيدة على ما ذكرنا فحسب، بل يأخذ على المضمون تعلقه الشديد بالمقومات السابقة، بعدم خلوه من الرغبة في تعدد الدلالة لا في انحسارها وارتكازها على الأغراض الشعرية القديمة، هذه الأغراض التي أخذت بالانفتاح عبر مراحل زمنية مختلفة في واقعها الاجتماعي والمعرفي والذوقي، حتى تسنى لنا الإمساك بتحولها النهائي إلى مسبب ( واخز ) للشروع بالقول الأدبي والشعري على الخصوص، المتجاوب مع رغبة الوصف الأدبي بالشمول والبروز النوعي، بفنية متعالية عن السائد والسابق من المضامين الثابتة والمحددة سلفاً مترافقة مع رغبة الاختيار الموافق لمقدار الألم والفرح الروحي بمنظور أدبي لا يخلو من هنَّات الأداء الوقتية لحين الوصول إلى إلغاء التعامل بالممكن .
وليس في هذا تضيقاً إلى ما تسعى إليه قصيدة الشعر،بل هو توسيع قطر الدائرة ومحيطها لا تمزيقها والخروج منها إلى المجهول لالتقاط الحب من حقول الآخرين.
إذ أن ما يسود من النتاج الشعري الراهن لا يغادر البرك الراكدة التي استقرت ولم يعد التجريب يحرك مياهها، ومع كثرة المنتج يبدو الأمر أكثر غرابة عندما يتحول الشعر الراهن إلى منتج تراكمي بعد أن كان يمارس إلقاء المهيمنان الأسلوبية السابقة من عصرٍ إلى آخر بقفزات نوعية مبدعة.



#بسام_صالح_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام صالح مهدي - القصيدة والشعر في قصيدة الشعر