أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الميرغني - المسرح والمسار السياسي..قراءة في المشهد المصري















المزيد.....

المسرح والمسار السياسي..قراءة في المشهد المصري


محسن الميرغني
كاتب وناقد أكاديمي

(Mohsen Elmirghany)


الحوار المتمدن-العدد: 5838 - 2018 / 4 / 7 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


(1)
كان المسرح والمسرحيون من مختلف بلدان ومحافظات مصر،حاضرون بقوة في المشهد الثوري الذي تفجر في الخامس والعشرين من يناير عام2011م،وكانت الصورة المليونية للحشود واحدة من مكونات المشهد المسرحي المصري في أعقاب هذا التاريخ،فما أن قامت الثورة وأحداثها المتسارعة ذات الأثر في الواقع الإجتماعي المصري،إلا وتبارز مسرحيون بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية في تلقف المحتوى المشهدي الثوري لوضعه ضمن أعمالهم المسرحية التي قدم بعضها على خشبات مسرح الدولة الرسمي،فكانت الشعارات والهتافات والمظاهرات والمسيرات واللافتات المناهضة لعقود من الفساد السياسي عناصر حاضرة بوضوح في كثير من مشاهد أعمال مسرحية تغنت بثورة يناير2011م،وهو ما كان يبشر وقتها بتغيرات كبرى ستصيب مجمل حركة النشاط المسرحي المصري نتيجة لتأثرها الواضح بما حدث في الثورة.
(2)
في منتصف شهر فبراير من العام2018م عرضت مسرحية بعنوان"سليمان خاطر"في أحد النوادي الرياضية الكبرى(نادي الصيد المصري)،بعدها بأيام قليلة تم تقديم أعضاء الفريق المسرحي بقيادة مخرجه أحمد الجارحي(ممثل هاو) للتحقيق أمام المدعي العام العسكري ومن ثم حبسوا على ذمة التحقيقات بتهم من بينها الإساءة للجيش المصري،قبل ذلك وفي سابقة من نوعها صرحت وزيرة الثقافة المصرية بأن العرض لم يحصل على تصريح رقابي للعرض العام،فيما جرى العرف الرقابي أن تستثنى العروض المسرحية الخاصة بفرق الهواة وخاصة التي تقدم ضمن فعاليات خاصة من عملية الحصول على ترخيص رقابي،وهو السبب الذي تعلل به مسئولون رسميون بأنه سبب القبض على أعضاء الفريق وتقديمهم للتحقيقات،إلا أن تنفيذ عقوبة الحبس(عقوبة سالبة للحرية)على أعضاء فريق مسرحي بأكمله بسبب محتوى ومضمون العمل المسرحي المقدم للجمهور،لم تحدث من قبل وهو ما يعد سابقة خطيرة في تاريخ حركة المسرح المصري الحديث في القرن الحادي والعشرين. فمن هو "سليمان خاطر" الذي حمل العرض المسرحي اسمه والذي تسبب في اتهام أعضاء فريق التمثيل بقيادة المخرج أحمد الجارحي للمثول أمام النيابة العسكرية كجهة تحقيق؟.
سليمان محمد عبدالحميد خاطر(1961-1986م) مجند أمن مركزي قام في الخامس من أكتوبر عام 1985م بإطلاق النار على مجموعة من المتسللين عبر الحدود المصرية الإسرائيلية بمنطقة وادي برجه بجنوب سيناء،ونتيجة لهذا الفعل،تم تقديمه للمحاكمة العسكرية وصدر عليه في الثامن والعشرين من ديسمبر1985م حكما بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة لمدة 25 عاما،وتم ترحيله للسجن الحربي لتنفيذ العقوبة،ومنه تم نقله إلى مستشفى السجن بدعوى العلاج من مرض البلهارسيا، ثم وجد سليمان خاطر في التاسع من يناير1986 ميتا،وقد تضاربت الإفادات الرسمية والحقوقية عن طريقة موته التي فجرت التناقضات المحيطة بها إدانة للنظام الحاكم في تلك السنوات.
وتحمل الواقعة كثيرا من الغموض الذي يبدد أي فرصة لمعرفة حقيقة ماحدث فعلا،خاصة بعد موت الطرف الرئيسي الفاعل فيها وهو سليمان نفسه و مرور أكثر من ثلاثين عاما،وغياب أية وثائق أو تقارير رسمية تفيد بكشف ماحدث بصورة جادة وموضوعية.
ومن تضارب الروايات حول طبيعة موت سليمان خاطر، أن البيان الرسمي الصادر وقتها عن الجهات الرسمية أفاد بانتحار سليمان لأسباب نفسية،بينما ذكرت مجلة المصور المصرية أن الانتحار تم بملاءة السرير،في حين ذكر تقرير الطب الشرعي أن الوفاة تمت باستخدام قطعة قماش؟!.
ونتيجة لهذا التضارب تقدمت أسرة سليمان خاطر بطلب لإعادة تشريح الجثمان عن طريق لجنة مستقلة لتحديد سبب الوفاة،لكن تم رفض الطلب وهو ما أثار شكوكا حول غموض واقعة موت مجند مصري،وفتح بابا للاحتجاجات الواسعة في بعض مدارس وجامعات مصر،في الوقت الذي تسلمت فيه إسرائيل من الحكومة المصرية تعويضات عن قتلاها المتسللين، لم يكشف حتى الآن عن السر الحقيقي وراء إدانة ومقتل سليمان خاطر.
من أقوال سليمان خاطر في التحقيقات التي أجريت معه ونشرتها جريدة الوفد المصرية المعارضة "كنت على نقطة مرتفعة من الأرض،وأنا ماسك الخدمة ومعايا السلاح،شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال تقريبا راجل،وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بيكيني ومنها عري.فقلت لهم"stop no passing".ماوقفوش خالص وعدوا الكشك،وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات مايصحش حد يشوفها،والجبل أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي. دي منطقة ممنوعة وممنوع أي حد يتواجد فيها،وده أمر وإلا يبقى خلاص نسيب الحدود فاضيه،وكل إللي تورينا جسمها نعديها"(انظر رابط المقال التعريفي على موقع ويكيبيديا، https://ar.wikipedia.org/wiki).
تبدو إفادة سليمان خاطر الواردة في نص التحقيقات متماسكة وجادة،لا تشي بوجود خلل نفسي أو عقلي كما أشارت بعض التصريحات الرسمية الصادرة في التقرير الرسمي الخاص بالحالة النفسية لسليمان خاطر بأنه"مختل نوعا ما" أوأن السبب فيما حدث هو"أن الظلام كان يحول مخاوفه إلى أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش في فزع".
هذه التضاربات الصارخة لوقائع إدانة وموت سليمان خاطر تجعل من قصته مادة درامية غنية لأي مبدع درامي(روائي أو مسرحي)، فبحسب المصادر الدرامية المتعارف عليها في فن الكتابة المسرحية/الدرامية،تعتبر الحوادث اليومية التي تقع في المجتمع-أي مجتمع_معينا لا ينضب لكاتب الدراما لكي ينسج منها عوالمه المختلقة بناءا على جذور لها في الواقع المعاش يوميا.
(3)
بالطبع لم يستطع كاتب هذه السطور الإطلاع على النص المكتوب للعمل،أو مشاهدته في أي من مرات عرضه،فقد سبق تقديم العمل قبل واقعة عرضه في نادي الصيد،ضمن فعاليات مهرجان مسرح بلا إنتاج المقام بقصر ثقافة الانفوشي بالإسكندرية في أواخر عام2016م،وهو ما ينفي أي ادعاءات رسمية بعدم حصول العرض على التصريح الرقابي قبل العرض العام،ومن ثم إتهام صناعه بمخالفة القوانين الرقابية، لكن ما يمكن قراءته من تداعيات هذاالمشهد هو تصاعد نغمة القمع التي يمارسها النظام السياسي القائم تجاه حرية الإبداع،فالمادة 65من الدستور المصري المتفق عليه بين أطياف الشعب ومن بينها(القائمين حاليا على حكم البلاد)تنص على أن" حرية الفكر والرأي مكفولة.ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول،أو الكتابة،أو التصوير،أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر". ومن ثم لا يمكن النظر لواقعة حبس هؤلاء الشباب من فناني المسرح إلا في إطار المخالفة الدستورية التي قامت بها مؤسسات وهيئات رسمية من السلطة بينها المدعي العام العسكري الذي باشر التحقيقات بغير صفة قانونية في موضوع التحقيق مع الفرقة المسرحية،فالمفترض أن يقوم بهذا التحقيق-إذا كان جائزا وضروريا للمصلحة العامة-متخصصون من جهة مختصة بالتعامل مع الأعمال الفنية كلجان فنية مهنية من نقاد وأكاديميين لهم دراية بأصول اللعبة المسرحية والفنية.



#محسن_الميرغني (هاشتاغ)       Mohsen_Elmirghany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الميرغني - المسرح والمسار السياسي..قراءة في المشهد المصري