أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الحكيم - الرواية بين اللغة والحكاية














المزيد.....

الرواية بين اللغة والحكاية


سلمى الحكيم

الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


أعجبني المقال الذي كتبه الأستاذ "حكمت الحاج" تحت عنوان "مَن الذي ينام في سهرة فينيقان" والمنشور في "الحوار المتمدن" بتاريخ 2018/1/12 . فقد تحدث فيه الكاتب عن "جيمس جويس" وكيفية استعماله للغة في رواياته فقال: "اذا كانت اللغة في يوليسيس قد تخلعت من مفاصلها، فإنها في سهرة فينيقان قد انطلقت من عقالها وأصبحت للكلمات حيوات اخرى".
لم أقرأ "يقظة فينيقان" أو "سهرة فينيقان".. بل لم أقرأ لهذا الكاتب الايرلندي كثيرا، ولكنني أردت ان أتحدث عن "عوليس"، ذلك الأثر الأدبي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، والذي يعتبره النقاد ثورة في عالم الرواية، بالتوازي لما قدمته " فيرجينيا وولف" و "مارسال بروست".
"عوليس"... حاولت قراءتها اكثر من مرة. وفي كل مرة أتركها جانبا وبي قلق وملل، ذلك القلق الذي يصيب القارئ حين لا يستطيع السيطرة على الاثر الذي بين يديه، وحين لا يتمكن من المسك بزمام الاحداث . وهذا ما ترك عندي انطباعا بأن "عوليس" كتابة غير مريحة، تستحق التفكير، وليست في المتناول .
ولكن ما جعلني أتخلص - نوعا ما – من فكرة انني قارئة غير جيدة ، هو قول " فيليب دى لارم" أحد الكتاب الفرنسيين المعاصرين وله عدة روايات من بينها "يوميات رجل سعيد" و "مرآة أمي" و "الكلمات التي أحب" – حين سأله " فرانسوا بوسنال" عبر برنامجه "المكتبة الكبرى" عن رأيه في "جيمس جويس" وروايته "عوليس "، فأجاب بأنه لم يتمكن يوما من الدخول الى كاتدرائية "جويس" . وبقدر ما يشعر انه يسبح كسمكة حين يقرأ "بروست" بقدر ما يغلب عليه الشعور انه يقوم بالتزلج على الجليد حينما يقرأ "جويس" وهو عاجز عن اقتحام الرواية ومتابعة تفاصيلها ، فهي في النهاية لا تثيره ، ولم يتمكن من دخول " دبلن " عبر " عوليس" خلافا لما صرح به بعض النقاد بأن " عوليس" ساعدت في اعطاء لمحة عن المجتمع الايرلندي والاماكن في " دبلن " بل هناك من أضاف بانه لو وقع قصف " دبلن " يوما ما ، لا يوجد ادق واعمق من " عوليس " لاعادة بنائها . وحين قرأت مقال "حكمت الحاج" ادركت ان كتابة "جويس" ليست بالامر اليسير او الهين !
وهنا اتساءل – واتكلم عن " عوليس" تحديدا – ما سر صعوبة هذا العمل؟ وما سر نجاحه رغم صعوبته؟ بالرغم من انه يحوي قصة عادية لا تشويق فيها ولا مغامرة …؟
هل هو ذاك الزخم الهائل من تداعي الاحداث ، وتراكم التفاصيل الصغيرة لحكاية ليست بالحكاية والتي اختُزِلت وقائعها في يوم واحد وعلى مدى الألف صفحة ؟
أم هو ذاك التشابه الواضح بينها وبين الملحمات التي ظهرت عبر التاريخ مثل "الايلياذة والاوديسة " لهوميروس " او " الكوميديا الالاهية " لدانتي " وهذا ما اكده صاحب المقال المطروح ذكره "من الذي ينام في سهرة فينيقان " حين قال: "تصل الرواية هنا الى مرحلة من مراحل تطورها يفلت فيها الاثر الفني من مواصفات السّرد ليقارب كبرى الاثار الادبية ذات الفلسفة السردية كالايلياذة والكوميديا الالاهية".
وكأننا "بجويس" هنا يحاول ان يسمو باليومي ويجعله بمثابة قصيدة ملحمية .
أم هل يكمن ذلك في جرأتها وانحلالها وثورتها على القيم وكسر جميع" التابوهات " كما عبر عن ذلك الكاتب المصري " عمر العدلي " وهذا ما جعلها تُحضر من النشر لمدة طويلة؟
أم هي اللغة تقف بكل رهبتها وأسلحتها. فكسر "التابوهات " لم يقتصر على الاحداث على ما يبدو بل شمل اللغة وقام بهز ثوابتها . ولعل تعلق "جويس " باللغة جعله يعمل على تفتيتها واللعب بها . وقد وصف احد الكتاب الفرنسيين وهو "ميشال كان " الذي تحصل على الجائزة الكبرى للادب البوليسي وله عدة روايات من بينها "شتاء مع الشيطان "، وصف "عوليس " بالزلزال اللغوي . وكأننا باللغة تلعب دور البطل في الرواية وتقوم بانجاح العمل وتميّزِهِ ، بما ان أحداث الرواية لم تكن بالقيمة التي تخول لها التميز والتفرد ، فهي أحداث عادية لرجل ايرلندي وقد عرّج الاستاذ "حكمت الحاج " في مقاله عن ذلك حين قال: "لا شيء اكثر تفاهة واشد ابتذالا من مادة الرواية، فما من مغامرة وما من حكاية تستحق ان تُروى". وتحدثت الكاتبة الفرنسية " كلوي دي لوم " ضمن هذا السياق وأكدت بأن احساسها بجمالية اللغة وبهائها في "عوليس " جعلها تكتفي بذلك وتستغني عن الحكاية بكل ما تحمله من قصة وحبكة ومغامرة وتشويق .
وفي النهاية أقول: هل يبقى أدب "جيمس جويس " أدباً للنخبة؟ وهل تبقى "عوليس " أثرا غير جماهيري؟ وهل يمكن اعتبار هذا العمل رواية أم انها قصيدة ملحمية في شكل رواية؟ وهل تعبّر "يوليسيس" – كما يشاء أن يسميها "حكمت الحاج" – فعلا، عن ذاك "الصراع العنيف بين الرواية وتلك التي تريد عبور الرواية"؟
أم هي كما قال "طه محمود طه" - مترجم الأثر أو كما يطلق عليه " راهب عوليس " – بأن هذا العمل ليس بقصة او رواية، بل هو عالم بأكمله. هو تراث أمة… ؟
أم هي شيء آخر؟
وهل يمكن ان نعتبر نجاح "عوليس" عائد الى تلك الثورة الاخلاقية والغوية بكل تنافضاتها والتي تجلت في مزج الفن وابداعاته مع بذاءة اليومي والعادي مثلما أشار صاحب المقال في قوله: "ان هدف جويس لواضح هنا، فالحياة العامة جدا والتافهة جدا والتي لا معنى لها – يوم في حياة ايرلندي من الطبقة الوسطى عام 1904- تحتوي على بناء شعري خفي يجعلها شبيهة بالملحمة.
وبالتالي، الى أي مدى يمكن ان نعتبر اللغة مسؤولة عن تميز العمل الفني والادبي؟
تحدث "جويس" عن فكرة الخلود في تصريح صحفي حيث قال انه ترك في "عوليس" الغازا واسرارا ستشغل الاساتذة مئات السنين، وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان الخلود! فهل تمكن فعلا من تحقيق ذلك عبر " عوليس " ؟
وفي الاخير اتساءل الى اي مدى تبقى الفوضى ضرورية لخلق عالم بديع كما قال "جيمس جويس"؟



#سلمى_الحكيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية بين اللغة والحكاية


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الحكيم - الرواية بين اللغة والحكاية