أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمرو جنيد - لماذا ينتصر البطل الوسيم في الأدب ؟















المزيد.....

لماذا ينتصر البطل الوسيم في الأدب ؟


عمرو جنيد

الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


الدراما اليونانية بقواعدها الراسخة أسست لشكل البطل في الدراما، يجب أن يكون وسيمًا و غنيًا و شجاعًا و مقدامًا و تتمثل فيه المثل العليا و هذه خلطة تستدعي إلى الأذهان شكل البطل الأشقر مفتول العضلات يخوض غمار صراعه ضد البشر و الآلهة كما أستن منذ هوميروس، و هيزيود، و أسخيلوس في ثلاثيته، و أرسطوفان و يوربديس، اخيليس و أوديب كمثال أما أنا عن نفسي وسط كل هذا أراه يتجسد في نموذج حسين فهمي أو في نموذج فريد شوقي - الذي أراه بالمناسبة ممثل كوميدي- ذكوري الذي يخاطب بملامحه شعبوية جماهير الترسو. 
أي نعم أتت ثورة على البطل الهومري في ما بعد لكنها محاولات على استحياء حتى محاولة يوربيديس لكسر صورة البطل الإغريقي، لم تكن محاولة مكتملة،  قد يكون السبب الأساسي وراء محاولة يوربيديس هي نشأته في زمن سقراط والسوفسطائيين، وخصوصا صداقته لبروتاجوراس، فنجده في مسرحياته يتجه نحو الواقعية، كما يحاول كسر الهالة التي أعتاد الجمهور رؤيتها للأبطال التراجيديين ، فعلى سبيل المثال في مسرحيته إلكترا التي بدأها بمشهد غير معتاد على الجمهور فما أن يرفع الستار حتى يرى الجمهور كوخ بسيط وليس قصر ملكي ضخم ، و يرى إلكترا الأميرة، متزوجة من فلاح بسيط وترتدي ملابس فلاحة بسيطة، بل وتشاركه في أعمال الزراعة والأرض، ويرفض هذا الفلاح البسيط أن يكمل زواجه من هذه الأميرة التي كان يراها أفضل منه، وبعدما تدور أحداث المسرحية وتنكشف، تعرف إلكترا أن هذا الزوج هو في الحقيقة سليل أسرة نبيلة وملكية، لكنه أٌسر في الحرب، وفقد ماله وثروته.
فالبرغم من أن يوربيديس حاول أن يقترب من الواقع، لكن يظل البطل أيضًا، سليل أسرة نبيلة وإن تغيرت ظروفه وأحواله الاقتصادية والاجتماعية، هل كان رغم ثوريته على مثالية السابقين بما فيهم هوميروس أراد التضحية برواج مسرحه؟ حتى لو أكمل في درب التغير و النزول بالبطل المثالي إلى مصاف العوام هل كان سيسمح له من الطبقة الارستوقراطية الحاكمة و منظومتها القيمة؟ أظن كان سيلقي مصير سقراط بالتأكيد. 
أيضًا لنلقي نظرة على نظرية شاملة في الدراما عند فيلسوف عظيم بل أهم من نحت صخور الوعي البشري و أثر فيه المعلم الأول أرسطوطاليس، ففي كتابه العمدة (فن الشعر) يري أرسطو أن المحاكاة نزعة فطرية تولد مع الإنسان منذ نعومة أظفاره ، و أن الإنسان هو أكثر الكائنات الحية براعة في هذا  المضمار ، حيث إنه ينال تعليمه و معارفه في طفولته عن طريق المحاكاة ، و أن البشر جميعا يجدون متعة كبيرة في المحاكاة . كذلك نجد أن الكلمة التي استخدمها الإغريق للدلالة على الشاعر هي (Poietes كلمة لا تعني شخصًا يخلق من عدم ، بل تعني الشخص الذي يؤلف و يركب و ينظم الأجزاء التي نقلها عن طريق المحاكاة . و هذا يتطابق مع نظرية أفلاطون بين الأصل والصورة له . و أن كل شيء بالحياة هو صورة لأصل في السماء . و معني هذا أن المحاكاة ليست نقلًا حرفيًا و لا خلقًا  من العدم ، بل نقل يتضمن تغييرًا و إضافة ذاتية ممن قام بها . إلي جانب أنها معني لصيق بالإنسان و أيضا تحمل معني الإضافة والابتكار. 
أما عن نظرة أرسطو للبطل التراجيدي أو الدرامي بشكل أشمل فهي أنه لابد للشخصيات التراجيدية أن تتصف بالسمو و سلوك متفرد حتى تكون أكثر تأثيرًا في النفس ،  تحقق بسلوكها المتميز بالنسبة للسلوك العادي التضاد و من ثم الصراع . و من ناحية أخري فإن التراجيديا الإغريقية كانت دومًا ذات موضوع سام ، و كان هدفها باستمرار المثل الأعلى الذي كان لا يوجد - برأي الإغريق- بين البشر العاديين ، بل بين الأبطال العظام و أنصاف الآلهة ، أو علي الأقل بين البشر ذوي الصيت الذائع والشهرة العظيمة.
و كما يري الإغريق أن الفاجعة تحل بإنسان عظيم مرموق  تكون أكثر تأثيرًا في نفس المشاهد مما لو حلت بشخص عادي مغمور، هنا نجد حتى مع محاولة أرسطو الجادة في خلق معادل موضوعي مختلف لكنه يظل أيضًا جزء من بنيته التاريخية و الحضارية و الزمنية لا ينفصم عنها، فهو تطوير في سياقه التاريخي و الفكري. 

و في حوار جميل خضته مع صديقة مثقفة من العيار الثقيل عن مفهوم القبح والجمال من زاوية مجتمعية و انعكاسها المرير كما وصفت على مناحي الأدب و الفن عموما،سألت لم لم نرى بطل أو شخصية رئيسة في كتاب أو مسرحية قبيح أو مشوه أو مصاب بعجز أو ما شابه؟
قلت لها ماذا عن كوزيمودو بطل أحدب نوتردام في أهم أعمال هوجو، فتعجبت و قالت لكن كوزيمودو لم ينتصر، كان مجرد أداة لايضاح الجمال الآخر الناقص فيه. 

فقلت أن الأدب هو نتاج للعالم حتى لو اتخذ أشكال أرقى أو أعمق أو أكثر انفتاحًا لكنه يظل صورة عن العالم الخارجي، نفرض جدلًا أن كوزيمودو انتصر كأي بطل تراجيدي وسيم آخر هل سيتقبل الجمهور تلك الرؤية - رغم اني مع عظمتها و أفضلها تبعًا لرؤيتي السردية - و يروج للكتاب علي انه من عيون الأدب، الجمهور يبتغي ترسيخ للصورة الاستهلاكية الذهنية التي ساهم في تكوينها الأدب نفسه في عصور بعيدة و من ثم التلفاز و الأفلام و الأغاني، شكل معلب متبرجز يقتات على طموح المهمشين في صعود درجة أو التوحد مع مثل أعلى كاذب أو مخايل.

المجتمع متوحش و سيظل متوحشًا و القطيع سيظل ينفر من الشاه العرجاء و تلك الصورة التي رسخها أدب حقب الرومانتيكية البلهاء و الترجيديات الجوفاء، على الأدب الحديث أن يعيد إصلاحها و تدشين مفهوم أكثر تقبل للآخر الأقل حظا إذا جاز لنا أن نوصفه بهذا الوصف.

أنا ضد البطل دائمًا و أبدًا ضد البطل الأسطوري، ضد حسين فهمي، وضد كتابة الإعلانات التجارية التي تسربت إلى الأدب، كذلك ضد القشرة الأخلاقية التي يدسها متوسطي الموهبة على سطورهم ، أحب شخوصي مشوهين داخليًا، أحب أن يشقوا طريقهم عبر غابات العالم الوقحة، أحب أن تٌخلد قصص المنعزلين المنبوذين المختلفين عن الصورة العليا لمنظومة الإنسان و وصفات السعادة المعلبة، لا يكون البطل بطلًا إلا أن يكون مشوهاً داخليًا أو خارجيًا من لحم و دم و طينة بشرية ، تلك الكائنات الملائكية ذات الجسد الأولمبي الممشوق والأخلاق النبيلة الخالصة لا تنتمي لعالمنا.

لتكن الكتابة صوت مغاير وانتصار للعالم الحقيقي، بما فيه وليذهب حسين فهمي إلى الجحيم و كل رومانسيات القرون .



#عمرو_جنيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمرو جنيد - لماذا ينتصر البطل الوسيم في الأدب ؟