أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد الزيري - مفاهيم حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي















المزيد.....

مفاهيم حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي


محمد الزيري

الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:04
المحور: حقوق الانسان
    


* أهمية المعجم اللغوي لمفهوم حقوق الإنسان:
احتلت قضية حقوق الإنسان حيزا مهما في التفكير الدولي خلال العقود الأخيرة ، و أفرزت مجالا حيويا مشعا في ميدان التنمية الوطنية و التطور الحضاري، و انتقلت بذلك من مجرد قضية سياسية في التعامل الدولي إلى قضية فكرية حضارية تسمو بأهدافها النبيلة إلى ما هو أرقى لخدمة التقدم البشري وتدعو إلى ممارسة يومية ذات بعد أخلاقي وإنساني، وسمح هذا التطور الطبيعي لحقوق الإنسان بخلاف آليات التعامل معها، وتكونت شبكة من المفاهيم و القيم و المؤسسات القابلة لتأسيس أخلاقية دولية متعارف عليها تعتمد على ثقافات الشعوب وأنظمتها التربوية المناهضة للاضطهاد و الداعية إلى احترام كرامة الإنسان ولن يتأتى احترام حقوق الإنسان إلا من خلال معرفة ثقافية لمبادئها وأصولها، وتعميق الفهم بها من خلال معرفة من خلال الممارسة و التطبيق و الدرس في التجمعات الثقافية أو المدارس، ويفرض هذا التوجه إيجاد أدوات تربوية وتعليمية لنقل المعارف لكي تصبح هذه الحقوق مادة علمية تلقن في المدارس كغيرها من المواد ولتحتل مكانتها كدرس تربوي إشعاعي للقيم و المبادئ الأخلاقية.
ويرمي تعليم حقوق الإنسان في المدارس إلى مجموعة من الأهداف منها :
• تقوية أواصر التضامن بين الإنسان و أخيه
• التفاهم المتبادل من خلال التجربة المعيشية لاحترام الحقوق و الواجبات
• تطوير الوعي عند الفرد بالوسائل التي تسمح بوضعها في مجال التطبيق.

إذن تعتبر هذه (المبادئ) أو الأهداف اللبنة الأساسية لتشكيل الرؤية العلمية حول ماهية حقوق الإنسان، وكيفية التعامل معها في مجال التدريس، إنها مادة خاصة وفرع استوجب علينا أن ننظر إليها في مجال التعليم كمادة مندمجة في مختلق العلوم الإنسانية، شأنها شأن كل علم، وهذا ما يؤهلها لتستقل بذاتها لتعلم كمادة معرفية من ميادين الفلسفة و العلم السياسي و التاريخ.
كل مادة من المواد العلمية إلا ولها لغتها الخاصة، ولها مصطلحاتها وبنيتها المتميزة تتشكل من خلال نصوصها وما يكتب عنها من أبحاث ودراسات، ويمكن القول أن لغة مادة حقوق الإنسان تتشكل عبر التاريخ من خلال القوانين و الممارسة و المعاينة، ومن خلال النصوص الدينية، وتبلورت بشكل أدق خلال السنوات الأخيرة، و أصبحت تمتلك بالفعل تراثا هائلا أضفى بحاجة إلى التحليل والدراسة والتأمل.
ومن البديهي أن تشكل اللغة المدخل الطبيعي لفهم أبعاد و مضامين مادة حقوق الإنسان لأن كل علم يتطور وينمو من خلال اللغة التي يتكون منها، ويعتبر إنجاز معجم لغوي لحقوق الإنسان من بين الأوليات لتدعيم مادة حقوق الإنسان من أجل فهم دقيق للمفاهيم وبناء ثقافة حقوقية لتعميق المعرفة بالحقوق و الحماية.
ومن هذه الزاوية يقع الاهتمام بإنجاز المعاجم اللغوية المختصة للتحكم في دلالة المفاهيم و التمكن منها، وتغدو ضرورة أولية، لإستخدام العلمي وقاعدة البحث العلمي و النظري فيما بعد، وهذا ما يغذي أي مادة علمية بمعطيات موضوعية دقيقة لتطورها تدريجيا في أفق ترسيخ قواعدها، لكي لا تتحول إلى مادة جوفاء.
وهذا وقد تم تحديد منهجية إنجاز هذا المعجم في ضوء مصطلحات القانون الدولي و النواة الصلبة للغة حقوق الإنسان، وذلك من أجل تحديد فهم عميق لدلالتها و استعمالاتها كما وردت في المواثيق والعهود و الإعلانات الدولية و الإقليمية، وأصبحت بذلك كنقطة انطلاق من أجل استكمال حلقة المواثيق الدولية والإقليمية وتتبع تطورها، ولكي يستوفي معجم حقوق الإنسان المرحلة التاريخية بكاملها، وبها نستطيع التعرف على قضايا الشعوب الإفريقية و العربية.
*حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي:
أصبحت مسألة حقوق الإنسان في الفترة الأخيرة تكتسي أهمية بالغة سواء على الصعيد الفكري أو الدبلوماسي ... ولقد تضاربت المواقف والقراءات والتأويلات بخصوص الاستقطاب الكبير الذي سارت الظاهرة مركزه، فهناك من اعتبر قضية حقوق الإنسان أم القضايا التي يجب أن تصبح مثلا أساسيا للبشرية جمعاء تهدف إلى توفير المجال الحيوي لوحدة الشعوب على أسس من القيم المشتركة المنبعثة من الثقافات الأصلية كمحور أساسي لتوفير تربية أخلاقية تتلاءم مع تطور العصر الذي نعيشه، فقد تعددت قراءات هذه المسألة و انحصرت في الحدود التي يجعل منها وجود إستراتيجية سياسية إعلامية يقصد من ورائها إحدى القوى العظمى التي استكملت بسط هيمنتها ونفوذها على العالم فهناك من أدرجها ضمن نزعة الهيمنة الثقافية والحضارية الغربية باسم الحداثة، إذن فتنوع القراءات والاختلافات في زوايا النظر إلى الظاهرة يشير إلى اختلافات أوسع في شأن طبيعة ومضمون حقوق الإنسان نفسه، فمهما كانت التأويلات فإن حقيقة ما يصيب الأفراد والجماعات من مظالم سياسية، اقتصادية، بل وجسدية تضل القاعدة التي تغذي النقاشات حول مبادئ حقوق الإنسان و النضال الذي يسعى إلى إقرارها كممارسة فعلية.
إذن فمن أبرز المظاهر المرتبطة بحقوق الإنسان في العالم اليوم ذلك التعارض الصارخ القائم بين ما راكمته البشرية من مكتسبات في مجال تطوير وضبط الآليات القانونية لحماية حقوق الأفراد وبين ما تتعرض له هذه الحقوق من مساس وقد يتم في الغالب اللجوء لتبرير هذا التعسف على هذه الحقوق إلى الخصوصيات القومية والثقافية و السياسية أو إلى الاعتبارات الأيديولوجية التي تقوم على أسبقية الجماعي على الفردي وبأولوية المثل الأخلاقية و القيم الجمعية على اعتبار أن قيمة الكل أرقى بالضرورة من قيمة العناصر المكونة له، لأن المجموعات البشرية منذ القدم وهي تسعى إلى إسباغ نوع من الشرعية و المصداقية على معتقداتها و مسلكياتها الخاصة فلجأت إلى إنتاج براهين مختلفة بما فيها الأخلاقية فكان هذا السلوك سمة رئيسية عبر التاريخ الذي فرض نزعتين متعارضتين: نزعة فعلية على قاعدة من تلاشي الحدود والمسافات في ضل شروط يميزها الاندفاع، ونزعة تتمثل في انتشار الفضاءات التي تحتضن النزاعات و الدعوات الانتكاسية في الجهة المقابلة، إن أصحاب الخطاب الراهن يقولون بعالميته سواء من حيث قيمته أو من حيث بعده، إلا أن هذا الخطاب يتعرض لانتقادات مختلفة ومتنوعة تشكل عائقا فعليا في وجه سيادة حقوق الإنسان في العالم ، وللبحث في الخطاب السائد حول حقوق الإنسان اليوم لابد من استحضار الثورة الفرنسية لسنة 1789 والتي خلقة قطيعة في تاريخ البشرية لم تتمثل هذه القضية في إعلان مبادئ الحرية و المساواة و الإخاء، بل في كون مصدر الحق صار إنسانيا بعدما كان يعتبر إلهيا وفي الإقرار بمركزية الفرد، أما الحرية و المساواة فلم تكن في يوم من الأيام معطيات لصيقة بالتكوين الطبيعي أو الفطري للناس بقدر ما هي مكتسبات تبني وتؤسس .
لقد تم نزع حقوق الإنسان عبر كفاحات محدودة في الزمن و المكان سواء في فرنسا أو في الولايات المتحدة الأمريكية،أو في انجلترا، ولكن الكثيرين يتجاهلون اليوم تاريخية هذه المبادئ ويوظفونها وكأنها حقائق مطلقة ذات طبيعة دينية، فهذا المعطى من شأنه أن يتسبب في مغالطات فادحة عن الخصوصيات والإقرار من حيث المبدأ بحق القوة.
إذن فهل تنحصر قيمة المبادئ التي جاءت بها الثورة المذكورة في حدود المجالين اللذين أنتجاها؟.
وفي هذا الباب لابد من التمييز بين مبادئ حقوق الإنسان باعتبارها قيمة إنسانية لا يجادل فيها من حيث المبدأ أي الحد بين المبادئ إذا ما أريد لها أن تكون حقوقا كونية، فحقوق الإنسان كقيمة تصلح أن تكون أساسا لمبادئ التسامح الذي يجب أن يحكم وينظم العلاقات بين المرجعيات المختلفة، ويحل محل نزعة التطاحن والحروب المقدسة وتصلح أيضا كإطار معنوي كوني للحماية والدفاع عن حقوق الإنسان دون تجاوز الخصوصيات الثقافية والمذاهب السياسية، أما الانتقال من القيمة الكونية إلى الحقوق الكونية فيختلف عبر الحوار والبحث الصادق في أقوم السبل لصياغة جدلية الخاص و العام، جدلية القيمة الكونية وشروط تحققها في المكان والزمان.
أذن فهذا التصور الإستراتيجي لمسألة حقوق الإنسان يدفعنا إلى البحث في الأشكال الثقافية و الدينية التي تعتمدها المجموعات البشرية باعتبارها صيغا خاصة لنفس القيم والمعاني الإنسانية النبيلة و الأصيلة.
فإذا أردنا فعلا تفعيل العلاقة المرتبطة بين ما هو خصوصي و ما هو كوني، فقد تكون الخصوصية فعلا من أسباب إغناء ثقافة حقوق الإنسان إن هي كانت تسمح بتنمية التقاليد الثقافية المتشبعة بحرية الفرد و المساواة وحماية السلامة الجسدية للأفراد، لكن في المقابل قد تستعمل الخصوصية لتمرير المساس بحقوق الإنسان وطمس مبادئها وهذا ما يشهده العالم في الغالب، لذلك فإن الإنسانية أحوج ما تكون اليوم إلى التأكيد على الطابع الكوني لمبادئ حقوق الإنسان كما انتزعتها قطاعات من البشرية بكفاحاتها ومواجهة الموروثات السلبية التي تثقل خصوصياتنا.
محمد الزيري



#محمد_الزيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل الجمعوي بالمغرب واقع و افاق
- العمل الجمعوي و رهانات التنمية
- الشباب المغربي و العمل السياسي


المزيد.....




- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد الزيري - مفاهيم حقوق الإنسان في جدلية الكوني والخصوصي