أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بحفيظ فريخ - كموسة














المزيد.....

كموسة


بحفيظ فريخ

الحوار المتمدن-العدد: 5725 - 2017 / 12 / 12 - 04:22
المحور: الادب والفن
    


كان يغط في نوم عميق بسبب حلم لم يتذكر تفاصيله، ثم استيقظ على صوت المنبه على الساعة السابعة صباحا، استعد بسرعة البرق لكي يتوجه إلى العمل، ولما كان يرتدي ملابسه وضع يده اليمنى في جيبه وإذا بها تتحسس شيئا غريبا لعله ورقة كتب فيها شيئا مهما ثم نسيها هناك، أو لعله ورقة للاستعمال الصحي لأنه في تلك الأيام دائم السعال والعطاس بسبب حساسية الخريف، كثيرة هي السيناريوهات التي داعبت مخيلته في تلك الآونة، لا سيما وأنه مهووس إلى درجة الجنون بالتحدي واختبار الذكاء ولو مع نفسه، بدأ بسحبه من جيبه بعد أن قرر، بما يشبه التأكيد، أن ما في جيبه هو كاغيد للاستعمال الصحي.
لما أخذه وقربه إلى عينيه، تسارعت دقات قلبه، وثقلت قدماه وطاف به ما يشبه الدوار، حاول أن يجرب الكلام فخانه اللسان، وبدت جميع أطرافه ترتعد، إنها صورة لمن يباغته الموت دون استئذان ودون سابق إنذار. فتساءل أخيرا: لماذا فشلت في أول اختبار؟ أين هي مبادئك؟ ألم تدافع باستماتة عن الأفكار التي تنفي السحر وتنكره؟ ألم تجادل جلساءك أكثر من مرة بأن الجن لا سلطة له على الإنس؟ ألم تقرر في كل مناسبة ناقشت فيها زملائك أن القوة المطلقة لله ولا يشاركه فيها لا شيطان مريد، ولا ملك مقرب ولا نبي مرسل؟ ألم تتحدَّ زملائك غير ما مرة بسكب الماء الساخن ليلا في المرحاض دون أن يمسّك سوء؟
هي أسئلة تنم عن ضعف الإنسان وفشله أمام الأفكار الرجعية التي تتسلل إلى لاوعيه مهما ادعى اعتناقه للأفكار التقدمية التي تمجد العقل وتعتبره المصدر الأول لمعرفة. وحينها تذكر حواره مع صديقه عبد المجيد حول إمكانية إيذاء الجني للإنسي، لما عجز عن إقناعه بما أوتي من أدلة نقلية وملاحظات وتجارب أن الجني يمكنه أن يدخل جسم الإنسي، دعا عليه وقال له: الله يسلطهم عليك وما تلقى لي يدر ليك الرقية ! وما كان رده سوى ضحكات ساخرة ومستهزئة من تخلفه وبلادته.
من وضع في جيبه هذه الورقة الملفوفة بالبلاستيك؟ لأول مرة فشل في أي تحدّ يعقده مع نفسه. من له المصلحة في سحره أو إيذائه؟ هل يحسدونه على حياته الزوجية المستقرة؟ أم يحسدونه على عمله الذي أرادت السياسات الحكومية أن تبخّسه؟ لا أدري.
قرر في النهاية أن يستجمع قوته ويتظاهر بعدم تأثره بالأمرفنادى زوجته ويسألها عن الورقة المطوية والملفوفة بحبل بلاستيكي. لمجرد أن رأتها أطلقت ضحكة ظهرت معها أرنبة حلقها فخاف أن توقظ قهقهتها الجيران في ذلك الصباح. زادت ضحكتها من توتره.. ألا تكون هي التي أحضرتها بعد أن زارت أمها يوم الأربعاء الماضي بمناسبة عاشوراء وما أدراك ما عاشوراء..؟ ولكن لو كان الأمر كذلك فإنها يجب عليها أن تتوتر مثله لا أن تضحك.
وبعد أن شاهد الحلقة الأخيرة من ضحكها قالت أخيرا: مجنون هذا الولد كم كنت أبحث عن كموسة الكُحل هاته منذ أسبوع! لقد أخذها من الرف ووضعها في جيب سروالك بعد أن ارتداه وارتدى قميصك ليقلدك ويقول: أنا محفوظ أنا محفوظ.
بعدها أيقن كم هو غبي لأنه صدق احتمال تعرضه للسحر، وتخليه عن مبادئه لأول مرة.



#بحفيظ_فريخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بحفيظ فريخ - كموسة