أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد عزيز - انتظار السمرمر.. بانوراما سياسية















المزيد.....

انتظار السمرمر.. بانوراما سياسية


رعد عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5717 - 2017 / 12 / 3 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


انتظار السمرمر.. بانوراما سياسية

نظراً لارتباط الواقع السياسي بالحياة وتأثيره الملموس عليها، ينبري الأدباء في العالم لتناول موضوعات سياسية تخص بلدهم في معظم أعمالهم الأدبية وأخص بالذكر الأدب العراقي في مجمل الأعمال إذ قلما نرى منتجاً فكرياً عراقياً لا تنطوي مضامينه على موضوع يخلو من ثيمة سياسية.
تتناول محكيات انتظار السمرمر للكاتبة فيحاء السامرائي والصادرة عن دار عدنان، تاريخاً طويلاً من الخلطات الاجتماعية والمتغيرات السياسية التي حدثت في العراق منذ ثورة 14 تموز حتى الوقت الراهن بشكل سردي وبصيغ أدبية ماهرة خالية من التقرير والمباشرة، مستهلة تاريخ المحكيات بسنة 1979 ، الزمن الذي حدثت فيه الهجرة الكبرى لمعارضي النظام وغير المنتمين لحزب البعث، التاريخ الذي مهّد لحروب وتغييرات في الحكم وفتح الأبواب للديكتاتورية.

ان انتقال بيت أم هشام الى سكن جديد واهتمام الناس بذلك الأمر يربط ذاكرتنا بثورة تموز، واعتراض أبي هشام على التحولات التي كانت تجري آنذاك، يشير الى الجانب المتبقي من النظام الملكي الذي أعتبر رجعياً حينها. وفيما يخص التلاحم الفكري والسلام الاجتماعي الذي كان يسود العراق فقد تجسد في علاقة ستة شبان جمعتم الصداقة رغم اختلاف مشاربهم العقائدية والدينية، هشام الليبرالي وصلاح الشيوعي ومؤيد الوجودي وستار الرياضي ولافي القومي-البعثي وألبير المسيحي الرومانسي. كان التعاطف واضحاً بين الأصدقاء الستة ومواقفهم التضامنية مع بعضهم ولا سيما عند اعتقال الشيوعي صلاح، (ينوّه اسمه الى معنى أصلحَ)، من قبل السلطة البعثية وحين قام لافي البعثي بالتوسط لاطلاق سراحه رغم انه لم ينجح. وحينما يُعدم صلاح في الستينات، يمكن القول بأن تلك الحادثة تمثّل رمزاً لانتهاء الحقبة الثورية في حركة اليسار العراقية، في الوقت الذي يظهر فيها أخوه فلاح كامتداد لشخصية الشيوعي الذي يجسّد الوجه الجديد للحزب على مستوى بعض أعضاء قيادته الحزبية جراء ما فعله من مراودة ومساومة لنيدابا، وينوّه اسمه الى انه (أفلح) بعد أن تأقلم على قيم جديدة في الانتفاع من الحزب كالحصول على زمالات وشهادات دراسية ومركز. وهنا تجدر الاشارة الى علو وطغيان المدّ اليساري وعلى وجه الخصوص للحزب الشيوعي وتميّز المنتمين اليه آنذاك بالخلق القويم وبراعة الحديث والقدوة الحسنة مما جذب الناس اليهم وأجبر عامة الشعب على احترامهم والاقتداء بهم فتأثر (فارس) وأراد الانتماء للحزب بعد اعجابه بشخصية صلاح. وانتمى حسان للحزب أيضاً الا انه لم يتحمل التعذيب وتخلى عن فكرة الانخراط في التنظيم، وحذّر والد (سعدون) ابنه من انضمامه للحزب الذي غالباً ما يكون مصير أعضائه التشرد والسجون أو العيش في حالة فقر دائم. وتتسع الرؤيا البانورامية عند شخصيات الفتيات، صديقات فردوس، فتظهر خالدة الرابطية التي تدعو الى التحرر ونزع العباءة والمطالبة بحقوق المرأة فتناقض ما تطرحه زميلاتها من آراء حول عدم نضج الظروف الموضوعية لتلك التغيرات الاجتماعية المتعلقة بالمرأة.

وحينما يتواصل السرد وتنتقل أم هشام وعائلتها بصمت الى دار سكنية ثانية، لا يعير الناس أي أهمية لذلك الحدث والذي يكون بمثابة رمز الى الانقلاب البعثي الذي جرى في منتصف الستينات والى فترة الانكسار إبان حرب حزيران ومزاج الجماهير السوداوي واللامبالي بعد الهزيمة.
وتتلاحق الأحداث لتبيّن كيف ان حزب البعث أجبر المنتسبين الى الجيش وجهاز التعليم على الانضمام الى صفوفه وقد تجسد ذلك بما يرويه (الاعتقال) من رفض توقيع نيدابا لاستمارة الانتماء مما حدا بمديرة مدرستها الى إخبار جهاز الأمن، وما جرى في – فصل- الاعتقال من مناجاة ومونولوج داخلي استرجاعي لنيدابا يلقي الكثير من الضوء على الحال السياسي آنذاك وسابقاً فصارت تتذكر مواقف والدتها في تخليص بنات مدينتها من قبضة الحرس القومي وانها خبأت شباب هاربين من مطارديهم، وكانت تخشى على أولادها وابنتها من مطاردات الأمن بعد علمها بهرب واختفاء خطيب نيدابا وأغان مكرّسة لتمجيد حزب البعث، فيأتي قراراها بالرحيل بعد تعذيبها في المعتقل وما تركه ذلك في نفسها من شروخ لازمتها على شكل خوف دائم وكوابيس.

نلاحظ ان نيدابا لمحّت الى ان الذين هربوا جراء القمع السياسي من المعارضين في العراق، لم يحظوا بالمعاملة اللائقة من قبل منظمات الحزب الشيوعي في الخارج وعلى سبيل المثال فقد سمحوا لرفيق عازب أن يعيش معها و زوجها في نفس الغرفة غير آخذين بنظر الاعتبار الوضع الاجتماعي في المخيم فضلاً عن عدم استقبال أفراد المنظمة الحزبية في الجزائر لعوائل الحزبيين الفارّة من النظام واثرها ظلت تسكن الحدائق، ثم طريقة إبعاد الرفاق القادمين الى اليمن الى مدن نائية وإسكانهم سكناً مشتركاً مما خلق العديد من المشاكل الاجتماعية.
في المحكية السادسة شرحت فردوس أخت نيدابا في رسالة الأوضاع المأساوية الناجمة عن الحربين والحصار وماجرى في العراق من تغييرات اقتصادية واجتماعية ونفسية، وخاصة على صعيد أسرتها وجيرانها.

كما وتلمّح المحكيات الى إذعان وانقياد أغلب أعضاء الحزب الشيوعي الى سلطة ( الرفاق في الأعلى) والى هرمية التنظيم الحزبي والضبط الحديدي لآيديولوجيا تشبه التقديس من قبل قاعدته النظيفة ( وشخصية مطيع نموذجا رمزيا يغطي هذه الظاهرة). ثم تتطرق الى قضية تهجير (التبعيين) في سوريا في منتصف الثمانينات وأحداث 1991 حين سقطت هيبة الطاغية مع عدم إغفال الاشارة الى بعض مظاهر الاختلال الاجتماعي والاقتصادي لأفراد من العالم العربي على سبيل المثال، فشل الحلول الثورية للقضية الفلسطينية وتناحر فصائل منظمات التحرير فيما بينها وفسادها، واضطرار الأستاذ فرغني الى تواصل الإعارة والتقتير لظروفه الاقتصادية السيئة في بلده، وتفكير الشباب الجزائري بالهجرة الى بلد المستعمر، والوضع الاقتصادي السيء في سوريا وممارسات الأمن وتعاملهم السيء مع المواطنين.

وفي المحكية السابعة، بعد عودة نيدابا الى بلدها إبان التغيير والإطاحة بالنظام، نلمس ما جرى من تخريب في الأرض والناس، يتضح ذلك من خلال لقائها بشخصية مخلّد حلمي الذي صار مشوشاً وفي هيئة رثّة في إشارة رمزية للوطن. وتتطرق ايضاً الى التغيير الحاصل في النفوس ومن بينهم أخوانها وأصدقائهم فمن كان بعثياً سابقاً (لافي) اصبح شخصية لامعة في النظام السياسي الجديد ومن كان عبثياً وجودياً (مؤيد) تحوّل الى شخصية تستغل الدين لمصالحها.

وفي الخاتمة يمكننا القول بأن الوضع السياسي الذي شهده العراق في نصف القرن الماضي وحتى اليوم لم ينتج حياة سياسية واجتماعية سوّية وقويمة، والأحزاب التقليدية من يسارها الى يمينها، لم تسعف في تحسين الأحوال لا في برامحها ولا في ممارساتها. ورغم كل مؤشرات الخراب المذكورة جراء الوضع السياسي والتي تناثرت في طيّات المحكيات ، تبقى شمعة الأمل متوقدة في نهايتها، من المحتمل انها تريد أن تفتح للقرّاء أبواب الأمل والحلم لكي يظلون في انتظار قدوم طائر السمرمر أو يعملون على استقدامه.



#رعد_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد عزيز - انتظار السمرمر.. بانوراما سياسية