أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مخاتير الوزارات السورية














المزيد.....

مخاتير الوزارات السورية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1466 - 2006 / 2 / 19 - 09:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في مسرحية فيروز الشهيرة "ميس الريم" تتعطل سيارة "زيون" في ساحة القرية وهي في طريقها إلى ضيعة جدتها كحلون، وتفشل جميع المحاولات لإصلاحها، وينشغل المختار، في النهاية، عن مشاكل الضيعة والسيارة المعطلة في ساحة القرية بعرسه. وحين تصل الأمور إلى ذروتها الروائية تغني فيروز أغنيتها الشهيرة "هالسيارة مش عم تمشي بدنا حدا يدفشها دفشة..... إلى أن تصل إلى لب وفحوى المشكلة ملخصة إياها قائلة "بيجي مختار وبيروح مختار والسيارة مش عم تمشي". فهل يمكن أن نسقط هذه الحبكة المسرحية البارعة بكل ما فيها من عفوية، وبساطة، وفن رفيع، على عمل تلك الحكومات التي لم تفلح في إصلاح وتطوير شؤون العباد، برغم أنه قد ذهب أكثر من مختار، عفوا رئيس وزراء، وأتى آخر ولكن استمرت حالات الإفقار و"التعتير" على ما هي عليه على الدوام.

فمثلا، يحتاج السيد محمد مصطفي ميرو، مختار أحد الوزارات السورية، إلى طاقم صحفي كامل، ومؤسسة إعلامية متفرغة، الآن، بكل ما في ذلك من جهد وتعب وصرف أموال، للرد على كل المزاعم والأنباء المتكررة حول منعه من السفر، ومصادرة أمواله التي كسبها من عرق الوزارة التي تولاها لمرتين متتاليتين، على أنقاض وزارة طيب الذكر المختار المرحوم محمود الزعبي. وتقتضي الأمانة الأدبية والأخلاقية أن نوجه كل الشكر لإفلاس مؤسسة الديري التجارية الذي كشف عن حجم "الفراطة" التي كان يوظفها هذا المناضل البار في تلك التجارة الاشتراكية "البايرة" والمنهارة. ولكن، ولوجه الله تعالى، هناك نصيحة، وحل واحد يريح السيد ميرو من كل هذا العك، والتعب، وتكرار النفي ورد الكيد إلى نحور الحاسدين، وكفى الله مخاتيرنا شر التصريحات، وهو السفر إلى أية عاصمة أخرى، والإدلاء بتصريح صحفي مقتضب، من هناك، يدحض كل تلك الأقاويل والشائعات المغرضة، ويُسكت فيها كل تلك الأصوات المنكرة، والحاقدة، الشريرة التي تنعق فوق رأسه ليل نهار، وتمنعه من الراحة،والهناء والاستمتاع بما جنته له وزارتاه.

هذا، ويكتسب منصب رئيس الوزراء، في أية دولة يفوز فيها هذا الشخص بالانتخابات، أهمية وثقلا خاصا تمكنه بقوة القانون والدستور، والكاريزما الشخصية والتكنوقراطية من إدارة البلاد عبر برنامج، وخطاب سياسي أوصله إلى سدة هذا المركز المرموق. ويكون التجديد له أو خروجه من هذا المكان منوط إلى حد كبير بمدى صدق وعوده الانتخابية، وما حققه على الأرض من منجزات. أما ترقية واستمرار الفشل، وتلميع الفاسدين الخائبين في كل الميادين والساحات، فلا يتم، والحمد لله، إلا في بلد المعجزات.

وفي حالتنا السورية، لم يكن لهذا المركز أي بريق ووهج عام، على عكس أي "مقرّب" من دوائر القرار، وكان المنصب عموما عديم التأثير والفعالية، ولا يد له في توجيه ووضع السياسة العامة، أو تحريك أبسط خيوط اللعبة الداخلية في البلاد. وكان رئيس الوزراء مجرد موظف ينفذ بطاعة وإخلاص ما يُملى عليه من تعاميم، وأوامر، وتعليمات، لتصبح مهمته في النهاية إدارة مجمل الأزمات المستعصية بأردأ السبل، وأقدم الأدوات، حيث تنعدم المبادرات الفردية ويسقط الجميع في دوائر الوجوم، والرعب، والترقب، وانتظار التوجيهات. ولا نزال حتى يومنا هذا، وبرغم التغيير، والتعديل المتكرر للوزارات السورية المتعاقبة نعيش نفس المشاكل والأزمات، لا بل ربما قد أضيف لها المزيد من المستعصيات كازدياد معدلات الفقر، ونسب البطالة، والتردي العام، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. أما الوزراء فلا حول لهم ولا قوة، وتتم غربلتهم أمنيا، لضمان الولاء، فمن إحدى أهم شروط الترشيح لأي منصب عام، هو ضمان الصمت، والولاء والطاعة، والالتزام بمبادئ، وعدم الانحراف، عن أهداف المسيرة الظافرة، في المرحلة التاريخية إياها.

وكانت هذه المناصب عموما إدارات للعلاقات العامة، وإطلاق تصريحات التزويق والتجميل، وواجهات لقوى تتحكم بتحريك المشهد العام من وراء الستار، وحين تصل الأمور إلى مرحلة العجز والفشل التام، يتم تحميلها مسؤولية التقاعس وتتغير الوزارة، وتعاد الكرّة من جديد، وهكذا دواليك. ومن هنا يمكن لنا فقط أن نفهم مغزى ودلالات التصريح الذي استهل فيه السيد وزير الإعلام الجديد ولاية "المخترة" الإعلامية، قائلا إنه لمن دواعي الفخر أن يكون المرء سوريا. وبما أن كثرة الإنجازات، والمشاريع، والرفاهية، والازدهار هي وحدها التي غمرت المواطنين غمرا، وأعمتهم عن الحقيقة، فلذا صار رد الجميل بالشكر والعرفان لهذه الوزارات، وذم مبدأ الجحود والإنكار، هو ضرورة وطنية وقومية تحتم عليه إظهار كل مشاعر الفخر والاعتزاز. وفي الحقيقة، فقد فتشت عن أية أسباب مبررة لذاك التصريح الناري منذ أن تم إطلاقه في فضاء البؤس والفقر و"التشحير" والنهب المنظم والفساد، فلم أجد سببا واحدا مقنعا يدعو للفخر والاعتداد بالنفس والاعتزاز، اللهم إلا إذا كان الموضوع يتعلق بحالة فردية تخص المتكلم، وما قضاه في نعيم الحكومات، وأروقة السلطات فهو أمر مفهوم، ومعقول، ومبرر بشكل تام.

وبالعودة إلى "زيون" وسيارتها، فإن سيارة الإصلاح السورية ما تزال متوقفة أيضا على ناصية شارع الوطن العام بانتظار الفرج، وميكانيكي بارع يعيدها مرة أخرى للحياة. وفي أدبيات الإصلاح، وخطاب التحديث والتطوير السوري كَثُر الحديث والكلام عن سيارة الإصلاح القديمة والمهترئة التي لا يمكن أن تمشي بالشكل المطلوب، وربما أصبحت مهمة سيارة الإصلاح، الآن، أصعب بكثير إثر رفع سعر البنزين بنسبة 25% وغلائه الحاد مقارنة بالدخول الهزيلة، والمخجلة المتواضعة، وأن جميع الوزارات السورية بمخاتيرها الأبطال، فشلت في أن تحرك السيارة قيد أنملة، للإمام، أو حتى زحزحتها من مكانها الرابضة فيه بثبات رغم تعاقب المخاتير الشطّار. وهي ما تنفك "تحرن"، وتشخر، و"تُنتّع"، ليتبين لصبيان الميكانيك الهواة، لاحقا، أن هذه السيارة ليست بحاجة إلى مجرد إصلاح، أو عملية نفض من جديد وتغيير الطلاء، لدى أحد مخاتير الورشات، بل بحاجة إلى إرسالها إلى مقبرة السيارات، ومعمل خردة الحديد في مدينة، أبي الفداء، حماة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبر عاجل:ملاحقة خدام بتهمة إقلاق راحة الجوار
- هل تتخلى أوروبا عن علمانيتها؟
- الفالانتاين.....دعوة للحب
- حفلات التعذيب على الطريقة الديمقراطية
- متى يعتذر رسامو الكاريكاتيرات المسلمون؟
- التغيير وكيس الوزير
- البيانوني-خدام:تحالف المصالح الجديد
- من دخل دمشق فهو غير آمن
- وزراء الاعتذار العرب
- الجاهلية السياسية النكراء
- الدويخة..ولغز السيارات السوري
- ماذا لو قاطََََََعَنا الغربُ فعلا؟
- لا تنه عن خلق
- الرد السوري على خدام
- حماس: وداعاً للشعارات
- حماس والاحتلال العقائدي
- في تفسير أزعومة الثوابت
- إعلان مناقصة لتوريد معارضين
- لغز الدكتورعارف دليلة
- حكم النسوان


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مخاتير الوزارات السورية