أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - البديل الحضاري عند سيد قطب(3)














المزيد.....

البديل الحضاري عند سيد قطب(3)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 5642 - 2017 / 9 / 17 - 00:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فكرة الحاكمية والاستدارة الحضارية

سعى سيد قطب لتأسيس فكرة "الاستدارة الحضارية" التي سبق وان وضع صيغتها الخطابية العامة حسن البنا، في كتبه (نحو مجتمع إسلامي) و (خصائص التصور الإسلامي ومقوماته). واعتبر أن كلاهما يكمل الآخر في هذا المجال. ومضمونها يدور حول قضية واحدة، ألا وهي أن كل ما في عالم الإسلام ينبغي أن يعترف بحاكمية الإسلام، ومن ثم عدم الاعتراف بأي منهج آخر غيره. فهو المبدأ الجوهري وما عداه إضافات وأجزاء. فالأول يمكنه النمو بمعاييره ومقاييسه، بينما ما عداه بالنسبة للإسلام هو مجتمع جاهلي لا علاقة له بالإسلام، مهما ادعى لنفسه صفة الإسلام! كل ذلك يحدد ما دعاه سيد قطب بمزاولة العقيدة والمنهج في الحياة العامة والخاصة للأمة.
إن الإسلام، حسب تصور سيد قطب، بعد أن ظهر ونما وقضى على الجاهلية الأولى، قد ظل موجودا بغض النظر عن استرداد الجاهلية لزمام القيادة. إذ وراء تراجعه "عن مكان الصدارة في الأرض" ظلت موجودة منه "خطوط عريضة ومبادئ ضخمة" استقرت في حياة البشرية وصارت مألوفة للناس . وبما أن الجاهلية قد استعادت وجودها فلا بد للإسلام من أن يستعيد وجوده الأول. وفي هذا تكمن المهمة الحضارية للإسلام الحالي والمستقبلي.
فقد أوشكت "قيادة الرجل الغربي للبشرية على الزوال" وذلك "لأن النظام الغربي قد انتهى دوره". فهو لم يعد "يملك رصيدا من القيم تسمح له بالقيادة". وان القوة الوحيدة القادرة على القيام بذلك هو الإسلام. فهو القوة القادرة على قيادة وإبقاء وتنمية الحضارة المادية (الأوروبية) بعد تزويدها بقيم جديدة كاملة وبمنهج أصيل وإيجابي وواقعي في الوقت ذاته . والطريق الأمثل والواقعي لذلك يفترض "إعادة وجود هذه الأمة لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى". وإذا كانت هذه المهمة تبدو الآن صعبة ومعقدة وشبه مستحيلة للبعض، فأنها ممكنة بسبب امتلاك الأمة الإسلامية مؤهلات خاصة لقيادة البشرية غير الجانب المادي الذي تفوقت به الحضارة الأوربية .
إن الأمة الإسلامية ينبغي أن لا تهمل الإبداع المادي، بوصفه ضرورة ذاتية لوجودها ، لكن الأكثر جوهرية وضرورية في الظرف الحالي هو "مؤهل العقيدة و المنهج الذي يسمح للبشرية أن تحتفظ بنجاح العبقرية المادية تحت إشراف تصور آخر يلبّي حاجة الفطرة كما يلبيّها الإبداع المادي. وأن تتمثل العقيدة والمنهج في تجمع إنساني، أي في مجتمع مسلم". وذلك لان الإسلام هو الحضارة. فهو لا يعرف إلا بنوعين اثنين من المجتمعات، مجتمع إسلامي وآخر جاهلي. والمجتمع الإسلامي هو المجتمع الذي يطبق فيه الإسلام بكافة مكوناته، أما المجتمع الجاهلي فهو الذي لا يطبق فيه الإسلام.
ووضع سيد قطب كل هذه الأحكام العقائدية والبلاغية الجازمة في استنتاجه القائل، بان قيام الحضارة الإسلامية المعاصرة لا يتوقف على مستوى التقدم الصناعي والاقتصادي والعلمي، بل على بقاء أصولها الخاصة، التي تجعلها متميزة عن كل مجتمعات الجاهلية . وقد كان ذلك يعني بالنسبة له التمسك بمبدأ "العبودية المطلقة لله وحده"، بمعنى اتخاذه وحده إلهاً وعقيدة وعبادة وشريعة. وفي الحصيلة ضرورة اعتقداه التام والمطلق، بأنه لا حاكمية لأحد غيره . ومن ثم ينبغي تجسيد ذلك في الاعتقاد والتصور تجاه كل شيء. وفي الموقف من الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والأصول التي تقوم عليها يقوم في تمثل العبودية الكاملة لله وحده. وينطبق هذا على التشريعات القانونية وفي قواعد الأخلاق والسلوك وفي المعرفة أيضا. باختصار أن مضمون كل ذلك يقوم في الاسلمة التامة والشاملة لكل مناحي ومستويات الوجود الفردي والجماعي للأمة .
فهو العلاج الأول والأخير للمسلمين. ومن ثم فان الرجوع إلى مصادر الإسلام وحاكميته في كل شيء هو الأسلوب الوحيد للبديل والمستقبل. وكل ما عداه في عداء معه. وذلك لا أي من خارجه وبأي قدر كان يكفي لتسميم الينبوع الإسلامي الصافي .
وشكلت هذه الثنائية المتضادة مرجعية استنتاجه النهائي بهذا الصدد والقائلة، بان هناك دارا واحدة هي دار الإسلام، أي دار الدولة المسلمة والشريعة الإسلامية، وما عداها فهو دار حرب. وعلاقة المسلم بها إما القتال وإما المهادنة على عهد أمان. وبالتالي، لا ولاء بين أهلها وبين المسلمين . إذ لا إسلام في أرض لا يحكمها الإسلام ولا تقوم فيها شريعته، ولا دار إسلام إلا التي يهيمن عليها الإسلام بمنهجه وقانونه، وليس وراء الإيمان إلا الكفر، وليس دون الإسلام إلا الجاهلية، وليس بعد الحق إلا الضلال .
وشكلت هذه الخاتمة الواضحة والدقيقة وضوح ودقة الفكرة الدينية المتشددة في موقفها من النفس والآخرين، بوصفها ثنائية الخلل والاغتراب المبطن. بمعنى أن الهمّ "الغربي" ظل متحكما فيها من حيث الرؤية والأسلوب والمنهج. والفرق الظاهري يقوم في مواجهة ما هو "غربي" بآخر إسلامي مناقض له ومبني على أساس النفي اللفظي المباشر أو القبول الجزئي بما فيه بعد صبغه بكلمات إسلامية. وفي نهاية المطاف كان البديل لا يخرج عن إطار الرؤية الدينية السياسية الراديكالية المتشددة تجاه النفس والآخرين. بمعنى أنها تستعيد ما هو "متكامل" في تقاليد الفرق الدينية المتزمتة، التي شكلت فكرة الحاكمية مصطلحها لا غير. ذلك يعني أنها بقيت ضمن سياق اللاهوت المتزمت وأسلوبه الخطابي. ومن ثم لا علاقة للفكرة الحضارية بفكرة الحضارة وتاريخها، والثقافة ومحدداتها، ومسارهما التاريخي. من هنا انعدام الرؤية التاريخية تجاه النفس والمستقبل، أي انعدام العناصر الضرورية لحراك وعي الذات الثقافي والحضاري الاسلامي أيضا.
***




#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل الحضاري عند سيد قطب(2)
- البديل الحضاري عند سيد قطب(1)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر (3)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر(2)
- الحضارة الإسلامية في الفكر الاسلامي المعاصر(1)
- الحضارة الإسلامية في مرايا المناهج الغربية(4)
- الحضارة الإسلامية في منهج التعارض الحضاري
- الحضارة الإسلامية في مرايا المناهج الغربية- المنهج التاريخي
- الرؤية الغربية لقضايا وإشكالات -الشرق والغرب-
- الاستشراق-الوجه الآخر للمركزية الأوربية ووعيها الذاتي
- الحضارة الإسلامية في دهاليز الوعي الغربي (الأوربي)
- نهج الحضارة ومنهج البدائل
- فلسفة الحضارة ووعي الذات القومي الثقافي
- إشكاليات الحضارة بين الفلسفة والسياسة
- الحضارة وإشكالية التقديس المزيف
- أبجدية اللغة وأبجدية الروح الثقافي
- تقاليد العقل الثقافي وبدائل الرؤية المستقبلية
- موت الحضارة وبقاء الثقافة
- الصراع الروسي من اجل شرعية الدولة في سوريا
- بوتين – لغز المستقبل الروسي


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - البديل الحضاري عند سيد قطب(3)