أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حامد - الكاتب الفلسطيني زياد خداش انا صديق الكناسين وحليف الاشياء المتروكة والمرأة المخذولة















المزيد.....


الكاتب الفلسطيني زياد خداش انا صديق الكناسين وحليف الاشياء المتروكة والمرأة المخذولة


جميل حامد

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:14
المحور: الادب والفن
    


القاص الفلسطيني زياد خداش في حوار مع الثقافية
القاص الفلسطيني زياد خداش " للثقافية ": أنا صديق الكناسين وحليف الأشياء المتروكة والمرأة المخذولة
أنا شخص مليء بالشروخات والتناقضات والانتحارات
ابحث عن حالة تطابق مجنونة ومذهلة بداخلي واعاني من حالة اغتراب تصل حد الآقة النفسية
الاخلاق مفهوم صنعه الاقوياء
سأبقى أعاني من ثقب أوزون بداخلي اسمه اللجوء
أكره الروتين والمتوقع والمراة الجميلة

حوار :جميل حامد

الحالة التي تخلق جدلا وتعود الى كينونتها الصغيرة هنا او هناك تحت سقف الصفيح المثقوب باحلام تتحطم على مرامي الامنيات....الحالة التي تمقت الظلام الدامس وتنبري الى حلم ضاع.....الحالة التي تقبل تدخل قفص الاتهام وتنصب لها اعواد المشانق....الحالة التي اصبحت ظاهرة العلن في زمن الاقنعة .... ترفض الحقد والظلام وتنظر للوطن من نافذة الروح والجسد ....يوخزها الحصار والجدران والدمار وتبحث بين اكوام القمامة عن تعابير خالدة لم يرها البشر ... حالة تلعن الظلام واللجوء وتتنقل بين حقول الشوك لتزرع ورودها واشواكها .... حالة وان اختلفنا او اتفقنا معها لها مبرراتها ولها جنونها واحلامها وتقول في نهاية كل عبارة لا تصدقوني فبداخلي بقاع من الاحلام والرؤى والامنيات ....لا تصدقوا اباحيتي وهوسي وبوحي الجسدي فانا لا املك غير المخيلة التي تنقلني من صحارى اعماقي الى افخر الاحلام واروعها ... لا تصدقوني لانني اكذب.....لانني انا لا اعرف نفسي .... فانا في حالة اغتراب دائمة ... هو زياد خداش الذي يكره النساء الجميلات ويبحث عن الاشياء المهملة ...!!

الحقائق الثقافية / تقول يا زياد كنت اتسكع وحيدا في دروب رام الله المهجورة تبحث عن غير المالوف وغير التقليدي وغير العادي عن ماذا تبحث ؟
خداش / هذا السؤال كبير ومهم جدا فانا دائما اسأل نفسي عن ماذا ابحث وسأحاول هنا أن أجيب رغم أنني لا اضمن بان تكون إجابتي حقيقية ... قد اكذب ولا اقصد هنا الكذب السلبي العادي إنما الهرب الشرعي والجميل فالحقائق صلبة وقوية ولا يستطيع الإنسان أن يفسرها أو يجد لها تحليلا مثل حقيقة الموت مثلا والحب أو الاحتلال أو أي حقيقة أخرى غير محيرة وغير ملغزة ...بامكاني أن أقول أو أتوهم أنني وجدت الإجابة لذلك أنا ابحث عن حالة انسجام والمقصود انسجام مستحيل أو غرائبي ما بين زياد خداش وبين ما يفكر ويحس به وبما يفعله ويطبقه على ارض الواقع وهذا الانسجام مستحيل جميل وأنا اعرف انه مستحيل إلا أنني دائما ابحث عنه... أحيانا انجح بان أكون منسجما مع نفسي وأحيانا افشل لأنني ابحث عن حالة تطابق مذهلة ومجنونة في داخلي ...
أنا شخص مليء بالشروخ والتناقضات ومليء بالانتحارات والآراء المختلفة وأؤمن بأشياء كثيرة ولكني انكسر أمام امتحان هذه الأشياء لي وافشل ولا اعرف لماذا ... أحيانا هذا ما ابحث عنه وقد أكون كذبت يا جميل ...!

الحقائق الثقافية/ هذه الحالة هل هي ناتجة عن انكسار معين أم عن إخفاق مررت به أو ظلم لحق بك أم تعزوها إلى غربة يعاني منها خداش ....؟؟
خداش / فعلا أنا أعاني من حالة اغتراب دائمة وان لم أكن كذلك لما كنت كاتبا فأهم دافع من دوافع كتابتي وأهم منبع من ينابيعها هي حالة الاغتراب التي أحسها....أنا اجلس معك الآن وأحس بحالة من الاغتراب وليس المقصود هنا انك شخص سيء إنما يمكن أن أكون أنا السيئ.. في المدرسة أعلّم الطلاب وأحسّ أنني لا اعرفهم وأشجّعهم ولكني اشعر أنهم لا ينتمون لي ولا انتمي إليهم حتى أنني لا أنتمي لنفسي... لا أدري ما سبب هذه الحالة فقد تكون حالة شخصية أو قد تكون إعاقة نفسية ولكن ما أستطيع قوله أن هناك أسبابا موضوعية موجودة وهي حقيقة الإحساس بأنني مطرود من مكان ما... هذا هو تفسيري وقد يكون تفسيرا خاطئا لكني أحاول تشخيص هذه الإعاقة وهذا المرض وهذا الاغتراب بتحليلات قد تكون خاطئة أيضا.
حتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أتصور كيف أننا هجِّرنا من بلادنا ومن قريتنا قد يكون هذا السبب كامن في تربة اغترابي الشخصي ويمكن لا ...

الحقائق الثقافية / ألم تكن المرأة سببا في حالة الاغتراب التي تتحدث عنها ...؟؟
خداش / سؤال مهم ... المرأة إحدى تجليات هذا الاغتراب ومستوياته وإحدى مراياه .. .الاغتراب أوسع من المرأة .. هو اغتراب وجودي وكوني وهائل يشملني ويشمل ما قبل زياد وما بعده .. المرأه محور أو مساحة مبهمة من مساحات هذا الاغتراب وأنا أجد بالمرأة التجلي الأكبر لاغترابي ..هناك تجليات أخرى أنا متأكد منها وأحس بها لكن المراة تشكل التجلي الأكبر والأخطر والأدق والأكثر فضائحية في اغترابي .. هي تزيد من اغترابي وتصقله وتوضحه وتجمِّله وتحوله إلى كتابة وفن وأجمل ما بها أنها تحول إحساسي الفجائعي بها وبغيابها وفقدانها إلى فن وكتابة وأنا أشكرها على ذلك .

الحقائق الثقافية / تتحدث عن نفسك كثيرا ... وفي كتاباتك تبدأ القصة بك وتنتهي بك ألا ترى بذلك تقزيما للقصة ومضمونها لدرجة انك متهم بشخصنة القصة واختزالها بك ..؟
خداش / أنا أحب نفسي كثيرا يا جميل ... أنا اشرب الآن وأرجو منك أن تسجِّل هذه الملاحظة واشعر أنني متحرر من كل الأشياء .. متحرر من الاحتلال ومن كل القيود الاجتماعية ومن كل الضغوطات الأخرى هذا أولا أما ثانيا فلا يمكن أن يكون هناك أدب وكتابة دون أن تكون هناك أحاسيس شخصية ومشاعر شخصية وأزمات شخصية ودائما عندما يكتب الكاتب عن ظاهرة معينة ينطلق من نفسه ويحلق بعدها في كل العالم وللفضاءات الأخرى.
يمكن للقاريء أن يحس أنني اكتب عن زياد خداش او يتوهم بأنني اكتب عن نفسي حينما يرى ضمير المتكلم في قصصي وهذا ليس سببا مقنعا لهذا الوهم لأنني أحب أن استخدم ضمير المتكلم ليس لأنني أود الكتابة عن نفسي إنما عندما استخدمه في كتاباتي القصصية يقرِّب ما بيني وما بين ما أكتب عنه ويجعلني أدخل في حمى اللحظة والتجربة وفي سعار الحدث ويجعلني أتطابق معه ومع تفاصيله وحيثياته .

الحقائق الثقافية / إذن لماذا يطغو الجنس على كتاباتك بحيث أصبح السمة التي تميز كتاباتك عن غيرها ...؟؟
خداش / كما قلت لك أنا لا اكتب عن نفسي... أنا اكتب عن ظواهر وقضايا متعددة.. اكتب عن القمع الجنسي الذي لا يعاني منه زياد خداش وحده بل كل الناس تعاني من القمع الجنسي لكن فضيلة خداش وتميزه انه يفصح عن هذا القمع ويقوله بينما الآخرون لا يبوحون به ويذهبون إلى البيت ويمارسون مع أنفسهم العادات السرية وغير السرية ومن خلف السواتر بينما زياد خداش يمارس الحقيقة مع نفسه بوضوح وصراحة لأنه يريد كما قلت لك سابقا أن يصل إلى حالة تطابق ما بين حلمه وفعله.

الحقائق الثقافية / ألم يبقَ في المعاناة الفلسطينية والأقماع الكثيرة التي يمر بها الفلسطيني سوى القمع الجنسي....؟؟
خداش / أنا اعتقد أن إحدى مسببات إرباك لحظتنا الحضارية والسياسية هو أننا أشخاص غير سويين على المستوى الجنسي والعاطفي والإنساني فالتحرر الوطني يحتاج إلى تحرر نفسي وروحي ووجداني وجنسي.. يا جميل لا يمكن أن نحرر فلسطين بأجساد مقموعة وأرواح مقموعة يجب أن نحرر أنفسنا أولاً، ففلسطين لا تتحرر بالقيود والسجون الداخلية والأذهان المغلقة بل بالانفتاح.
أنا هنا أتذكر الكاتب اللبناني العظيم حليم بركات الذي كتب رواية ستة أيام كنت قد قرأتها في صغري وهي تتحدث عن هذه التجربة وعن هذا الإحساس بان فلسطين لا تتحرر إلا إذا تحررنا اجتماعيا وإنسانيا وانه لا يمكن أن تتحرر فلسطين ونحن نعاني من القمع الجنسي أيضا....!

الحقائق الثقافية/ قلت بأنك تستخدم ضمير المتكلم لخلق التطابق ولكن يخيل إلي بأنك تكتب ليقأ زياد خداش ....!!؟
خداش / مقاطعا .. لا فأنا حينما اكتب قصة يا جميل أطيح بها بعيدا ولا أقرؤها إلا مرة واحدة .. أنا مهووس بكاتب تشيكي عظيم يعيش في فرنسا واسمه ميلان كونديرا فقد تعلمت منه الكثير وسبحت في رواياته سباحة عميقة وتأثرت به كثيرا لأنه كاتب حقيقي ويدلني في كتاباته على نفسي ... على من هو الإنسان بدون رتوش وبدون أي قمع وبدون أي زخارف لفظية ...وهناك كاتب اخر اسمه مارتينز أحبه كثيرا لأنه يكتب عن أشياء عادية بطريقة غير عادية بمعنى حين يصور لك مارتينز الحب في زمن الكوليرا قصة الرجل الذي أحب امرأة لدرجة العشق و الجنون وبقي ينتظرها حتى موت زوجها بعد تسعين عاما ويأتي إليها ويطرق الباب عليها ويقول لقد آن الأوان لان نتزوج ... تستغرب المرأة وتجن وتقول له هل انتظرتني بالفعل تسعين عاما ويقول لها نعم لم أرَ غيرك ولم اعرف غيرك رغم غزارة النساء حولي.. هذه قصة عادية لكن مارتينز كتبها بلغة في غاية العذوبة والروعة والعمق وعبر عنها بقصة نفسية واجتماعية لذلك مارتينز وميلان كونديرا اعتبرهما أبائي في التجربة الكتابية الإنسانية.

الحقائق الثقافية / بعد هذه العقود من الغربة والمعاناة التي ارتسمت تجاعيدا على وجوهنا ... ألم نصل لمرحلة الإقتداء بالكاتب العربي وان نخلق الكاتب العربي من عمق معاناتنا... لماذا بقينا متشبثين بأدباء وفلاسفة مضى عليهم عقود وقرون... برأيك كل هذه المسيرة لم تفرز أدبا عربيا وفلسطينيا أو أدباء على مستوى الإقتداء بهم...؟؟
خداش / فعلا لم ننتج أي أدب ... هذا الحديث دقيق وصحيح جدا فانا الآن لا اقرأ روايات عربية واشعر أن العالم العربي ضعيف جدا في الرواية ... صحيح هناك شعراء كبار مثل محمود درويش وادونيس وربحي الحاج وايمن اللبدي لكن للأسف ما زالت الرواية العربية تعاني من ضحالة وسخف ومن ارباكات كثيرة على المستوى لا أطيقها على الإطلاق .
الغريب كما قلت أنت كل هذا العمق والتجارب الثرية يجب أن تنتج أدبا وسينما وفن لكن للأسف لا يوجد لدينا لا أدبا ولا سينما ولا فن .

الحقائق الثقافية / لماذا لا يرى زياد خداش من الوطن غير القمامة ولماذا تغرس يا خداش نفاياتك المفترضة في بداية أو نهاية قصتك الأدبية ؟
خداش / حلو .. أنا دائما يا جميل بشيء اسمه الأشياء المتروكة وأحب الأشياء التي لا ينتبه إليها احد وأنتمي دائما إلى الأشياء التي لا يراها أحد فانا صديق وحليف الظواهر والأشخاص والقضايا المستبعدة التي يمر الناس عنها ولا يعيرونها أدنى انتباه أو اهتمام ... وعليه فالكناسون في رام الله أصدقائي .. ألاطفهم وأتحدث معهم وهناك كناس لقبته بالكناس السعيد .. تراه يضع على عربة القمامة خاصته مسجلا ويفتح مذياعه على أغاني فيروز وأحيانا يضع البلالين الملونة ... بإحدى المرات رايته يضع كوفية فلسطينية على عربة الزبالة فسألته عن سبب قيامه بذلك فقال مبتسما حتى لا يظنها الناس سيارة مستوطنين ويرشقونها بالحجارة .. ضحكت كثيرا وكتبت عن ابتكار السعادة فهو عَّلمني كيف أكون سعيدا .. هذا الشخص متروك ومهمل ولا يراه الناس لكنني رايته وأقول بأنه علمني السعادة .

الحقائق الثقافية / وعلى صعيد المرأة ؟؟
خداش / على صعيد المرأة فانا انحاز إلى المرأة المتروكة والمخذولة والمخانة والمهملة وغير الجميلة ... أنا أكره المرأة الجميلة جدا وأعتبرها فارغة وفائضة عن الحاجة وآيلة إلى الزوال .. دائما المرأة نصف الجميلة والقبيحة هي امرأة ممتلئة وفنانة وحزينة رغم أنني لا اعتقد بان هناك امرأة قبيحة وهذا أمر آخر .

الحقائق الثقافية / هناك من الكتّاب من يصنف نفسه بالوطني أو القومي أو الليبرالي أو البوهيمي أين أنت بين هؤلاء ؟
خداش / انا إنسان يحاول أن يكون حرا ويبحث عن حريته في كل شيء لذلك انا اعتبر نفسي من حزب الباحثين عن الحرية.

الحقائق الثقافية / ماذا عن القيم والأخلاق ...؟
خداش / هناك تفسير للأخلاق .. فالأخلاق مفهوم صنعه الأقوياء ووضعته الارستقراطية والتاريخ ...صنعه الأقوياء ليسيطروا على الناس الضعفاء .. الأخلاق عبارة عن مفهوم وعبارة عن رؤيا وأنا ليس أخلاقي ولي قيمي الخاصة ومؤمن بها ...إنسان يبحث عن حريته الخاصة هذا هو زياد .

الحقائق الثقافية / هل أنت ناقم على شيء ما ..؟
خداش / نعم على الكذب .. نعم عدوي هو الكتب وهنا أعود إلى السؤال الأول وما تحدثنا به عن الانفصام .. أنا مشكلتي أنني منفصم مثلما جميعنا منفصمين .. المشكلة أن الجميع منفصمين وسعداء لكني أنا منفصم وغير سعيد ...أحاول أن أكون غير من منفصما ولكني افشل أحيانا وانجح أحيانا أخرى .. وأكون سعيدا عندما ألامس نجاحا ما في التطابق بين الحلم والواقع أو الحلم والفعل ... نعم أنا ناقم .

الحقائق الثقافية/ ماذا يعني المخيم لك ..؟
خداش / المخيم شيء سلبي جدا ... المخيم عار فرغم أنني أحبه وانتمي إليه ولي أصدقاء به وامشي به وادخل في مقاهيه إلا انه سبة وعار ... عار ليس بمعنى أنني اخجل من أنني ابن مخيم ... عار لأننا قبلنا أن نكون لاجئين .. كان يجب علينا أن نموت قبل أن نقبل باللجوء .

الحقائق الثقافية / هل تعتقد أن اللاجيء يعاني من انفصام في الحالة الوجودية على أي بقعة متطورة ؟
خداش / طبعا .. فلو ذهبت الآن إلى سويسرا وسكنت في افخر الشقق ورافقت أجمل النساء وامتهنت أعظم المهن ولو كنت بمنتهى السعادة سأبقى أعاني من فجوة هائلة وثقب أوزون داخلي اسمه اللجوء .. هذا اللجوء أنا لا أستطيع أن أتحمله اواتصوره أو أتخيله ولا أستطيع أن اعرف لغاية الآن لماذا هجرنا من يافا ومن بيت نبالا قريتي رغم أنها ليست بيارات وبيوت إنما هي فكرة أننا هجرنا من البيت عنوة إلى مكان بعيد بالتالي فان اللجوء سيبقى دائما يعاني من حالة انفصام هائلة وحالة اغتراب هائلة وكما قلت لك اعتقد أن احد أسباب تشوهي الداخلي هي أنني لأجيء .

الحقائق الثقافية / هل تعتقد أن هذا السبب هو الذي يدفع البعض لاتهامك بانتهاج أرستقراطية اللغة ..؟
خداش / نعم قد تكون هناك ردة فعل سلبية فانا لأجيء ولا أستطيع تفسير لماذا أنا لاجيء فهربت إلى حقائق وظواهر ومواضيع أخرى.. قد يكون هذا هروبا وأنا أحس به هروبا للإمام...لكن لا يمكن أن أدان لأنه هروب الإنسان المحاصر و مسلوب الإرادة الذي يبحث عن مكان وعن نافذة ليطل منها على العالم وعلى نفسه.. أنا اعترف بأنني قصرت في الكتابة عن اللجوء واللاجئين وعن هذه الحقيقة المدوية والمرعبة التي نسميها اللجوء وهربت إلى أفكار ومواضيع أخرى لأنني ببساطة لا أستطيع أن استوعب أو اقبل فكرة أنني لأجيء لأنها تحمل الرعب والألم .


الحقائق الثقافية / ماذا يريد زياد خداش ...؟
خداش / لا اعرف .. هناك أمور أريدها وعندما اصل إليها تفقد بريقها وسحرها وقيمتها وأواصل الحلم باتجاه أشياء أخرى... هذه هي مشكلتي وقد أكون محقا في ذلك لان الوصول للحلم يمثل النهاية لذلك أحاول أن أجدد أحلامي وابحث عن أحلام جديدة .. أنا مؤمن بان الطريق إلى الحلم هو السعادة وليس الحلم ذاته مثلما قال محمود درويش الطريق إلى البيت هو البيت .

الحقائق الثقافية / ما هو المتوقع وغير المتوقع في ذهنية خداش ....؟؟
خداش / أحب دائما الأشياء غير المتوقع والبشر غير المتوقعين وأحب المرأة غير المتوقعة والإنسان الذي يفاجئني ويجدد نفسه ليمنحني نافذة لحالة أخرى من الحياة والرواية التي تضيف بعدا جديدا إلى مداركي فانا عدو الروتين وعدو السكون والعادي.

الحقائق الثقافية / هناك شاعر المرأة فهل خداش كاتب المرأة ؟
خداش / لا .. لا .. أنا لست كاتب المرأة.. أنا اكتب عن نفسي واكتب عن المرأة التي بداخلي.. بكل رجل هناك امرأة يكتب عنها وبكل امرأة هناك رجل تكتب عنه.. أنا لست كاتب المرأة ولا أحب هذا الوصف .

الحقائق الثقافية / كيف ينظر خداش للأدب النسوي ؟؟
خداش / لا يوجد هناك ادب نسوي وآخر رجولي .. هناك ادب تكتبه المراة والرجل لكن الذي يرسخ الادب النسوي هو ضعف كتابات المرأة في بلادنا وتمحورها في موضوع الرجل وخياناته وهذا ما يدفع البعض للقول بان هناك أدبا نسويا واخر غير نسويا ويقود الى هذه التقسيمات المؤلمة .

الحقائق الثقافية / ماذا تقول لمنتقديك....؟؟
خداش / اقول لهم انتم اروع من بالوجود فانا ابحث عن من يخطئني ومن ينتقدني لكن دعني اقول ان هناك نوعا من المنتقدين حاقدين ومرضى وهؤلاء انفيهم من تفكيري ولا اراهم لأن لا وقت لدي لافكر بهم لكن للذين ينتقدون افكاري لهم محبتي .

الحقائق الثقافية/ هل اخترت شريحة قرائك ام ان هذه الشريحة اختارت خداش ...؟
خداش / سؤال رائع لم أُسأَلهُ ابدا من قبل انا اكتب دائما كتابات تتمحور حول قيمة الحرية سواء أكانت حرية الجسد أم حرية التفكير والانسان لذلك اجد دائما من يحب كتاباتي ومن ينتمي اليها ومن ينحاز اليهم من القراء ممن يبحثون عن حريتهم .

الحقائق الثقافية / زياد انت تتبنى نوعا من الكتابة والثقافة يرى بها كثيرون ثقافة جنسية .. هل ترى بان القاريء العربي جاهزا للتعاطي مع ثقافة جنسية ابداعية اشبه ما تكون بكليبات فضائيات التعري.؟
خداش / انا لا افكر بالقاريء العربي عندما اكتب .. انا اكتب ما اشعر به ولا يهمني من يوافق ومن لا يوافق وكلاهما احترمهما وعندما اكتب عن الجنس العاري والاباحية وعن البوح الجسدي انا اكتب عن الصراحة وامارس الصراحة.
كل واحد في العالم العربي يفكر ويمارس الجنس ويحبه ولكن اغلب هؤلاء الذين يمارسون هذا الهوس يمارسونه بالخفاء لكني احب ان امارسه في العلن .. لانني دائما احب الاشياء المكشوفة وان اكشف الاقنعة والظواهر وان اكون حرا في تفكيري .

الحقائق الثقافية / واضح انك تحمل حقولا من الشوك في عقلك وقلبك ما مفهومك للظلم والى أي مدى أصابك الظلم ؟
خداش / الظلم كلمة بشعة جدا والشخص المظلوم هو الاقرب للفنان والاله .. انا شخص مظلوم .. مظلوم لانني لاجيء ولانني احس باضطراب على المستوى الوجودي نفسه .. كان يجب ان اكون في مكان اخر وكان يجب ان اكون شخصا غير زياد خداش الذي تراه الان ليس لانني اكره خداش انما لانني محكوم بحدودي الوجودية والكونية والجسدية .. انا شخص مظلوم لانني اتعرض لقمع من بلدي يوازي القمع الذي اتعرض اليه على الحاجز الاسرائيلي .

الحقائق الثقافية / اين تكمن الواقعية في حياتك .. وهل ثمة حكاية مجهولة بك تبحث عن العلن ؟
خداش / ليست هناك واقعية في زياد خداش فانا اعتبر نفسي شخص غير واقعي وغير موجود وحالة مؤقتة وعندما اقول لك انني انسان اباحي ومتحرر لا تصدقني كثيرا فانا انسان ما زال في داخلي بقاع من الاحاسيس والرؤى والاحلام لا استطيع ان اعبر عنها لانها قد تودي بكينونتي فورا اذا قمت بالتعبير عنها .. نعم انا حكاية مجهولة .. انا لا اعرف ... مجهولة بالنسبة لي هناك مساحات هائلة بداخلي وبقاع وصحاري وحدائق هائلة لم اكتشفها بعد وانا احاول ان اكتشفها في كتاباتي بشوكي ووردي فكل انسان لديه امريكا بداخله وكل انسان لديه كولمبوس لكن السؤال متى يستطيع ان يصبح كولمبوس ليكتشف امريكا التي بداخله .

الحقائق الثقافية / اين يكمن الشرخ في العلاقة بينك وبين ابناء وطنك وانت القائل لو كنت برازيليا لاحبني ابناء وطني ...؟
خداش / عندما يكتب ميلان كونديرا وانا لا اقارن نفسي بهذا الكاتب العملاق يقرؤه كل العرب بشغف واحترام لكن عندما يكتب ربحي الحاج او ادونيس او المغربي محمد شكري او زياد خداش وانا فعلا لا اضع نفسي بجانب هؤلاء العظماء فانهم يتعرضون للادانة والاهانة والفضح ولابشع انواع الاتهامات والتشهير بانهم مكبوتون ومتحللون من القيم الدينية والوطنية .. هنا لا كرامة لنبي في وطنه ونحن لسنا انبياء .

الحقائق الثقافية / اين يكمن الفرق بين الادب الفلسطيني ما قبل اوسلو زما بعده ..؟
خداش / ما قبل اوسلو كان ادبا شعاريا وخطابيا يتحدث عن مواضيع معينة باسلوب واحد وهو مثل القطبية بين الجندي الاحتلالي البشع وبين الفلسطيني المناضل والنظيف ... اما ادب ما بعد اوسلو حاول ان يتحرر من هذه القطبية ليس انهزاما او نكرانا للوطن انما بحثا عن مواضيع فكرية وقافية وابداعية جديدة .

الحقائق الثقافية / وانت تكتب عن المرأة وللمرأة الا ترى بان الكاتب العربي اضحى مزيجا من العدائية والعبودية للمراة ؟
خداش / سؤالك رائع وانا اقول لك اذا اردت ان تكتشف عقد رجل شرقي او عربي فارسل له امراة جميلة فهي الوحيدة القادرة على اكتشاف نقاط ضعفه وعقده وبشاعته الداخلية ... نعم المراة التي تستطيع ان تكتشف بشاعة عقد الرجل هي عدوته والرجل المجبول على حب ذاته لا يضعف الا امام امراة جميلة قد تصبح عدوته بعد صحوته على اكتشافها لنقاط ضعفه وعقده وانا اوافقك جميل بان هناك مزجا بين حب المراة الشديد لدرجة العبودية وكرهها الشديد لحد العدائية .

الحقائق الثقافية / تيسير مشارقة ماذا ترك بزياد خداش بعد رحيله ...؟
خداش / مشارقة رائع وحالم ومبدع وانا اعتبر خروجه ورحيله خسارة واطالبه بالعودة لانه يستطيع باحلامه الكثيرة وابداعاته ان يعطي الوطن كثيرا .

الحقائق الثقافية / ننتهي عند ما يبدا به الاخرون فبعد كل ما ادليت لم تقل لنا من هو زياد خداش ...وماذا تمثل له المسافة القصيرة بين مخيم الجلزون ورام الله ؟
خداش / انا اسير هذه المسافة واشكر الله على ما منحنا من مخيلة تستطيع ان تنقلنا الى كافة ارجاء العالم .. فعلا انا اسير هذه المسافة ولا استطيع ان اتجاوزها .. فقط استطيع تجاوزها بمخيلتي فانا على المستوى الوطني محاصر بالحواجز والاحتلال وعلى المستوى الانساني فانا محاصر بجمال رام الله وروعتها ونسائها وبهائها وهذا الجمال مؤلم وقاتل ... انا محاصر بالمقارنة بالحياة في المخيم من حيث المجاري واللجوء والظلم وبين رام الله المدينة الرائعة والجميلة والقديمة والتاريخية .
اما من هو زياد خداش فهل تقصد ذلك الرجل مشعث الشعر الذي دائما يرتاد المقاهي ويمشي وحيدا ويبحث عن اشياء غريبة وغامضة ويحاول ان يسافر الى كافة انحاء العالم وهو محاصر ... لا اعرفه
ام تقصد زياد خداش الذي اعطى اليوم ستة حصص قاتلة في مدرسة امين الحسيني وعاد الى غرفته المليئة بالشحوب والغبار والنوافذ المكسرة والجدران الكالحة ... ام تقصد زياد خداش الذي يحاول ان يكتب الرواية ولم يستطع لغاية الان حتى ان يكون روائيا رغم انه انتج اربع مجموعات قصصية .... اتقصد زياد خداش فعلا لا اعرفه ....!!

الحقائق الثقافية / هل ما زلت تعاني من الاغتراب ؟
خداش / دعني اقول لك انه حوار رائع وممتع واشكرك



[email protected]








#جميل_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حامد - الكاتب الفلسطيني زياد خداش انا صديق الكناسين وحليف الاشياء المتروكة والمرأة المخذولة