أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب عبد الاميراحمد - السيمياء لغة التواصل















المزيد.....

السيمياء لغة التواصل


زينب عبد الاميراحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5581 - 2017 / 7 / 14 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


تعد اللغة الانسانية من اهم الامور التي انتجها الانسان ،فهي تمثل نظاماً بنيوياً رمزياً اتفق عليه البشر للتعبير عما يريدون والافصاح عما يجول في عقولهم ،ومن الطبيعي ان يبحث الانسان عن وسيلة لينقل ما في ذهنه الى الاخرين , كي يحقق التفاهم ويفي بالغرض الذي من اجله يتحاور مع الاخر لينقل فكرة او يعبر عن رأي , او يروي موقفاَ او ينقل خبرة او تجربة , وبالرغم من اهمية اللغة البالغة الا اننا نجد ان العلماء والباحثين القدامى والمحدثين قد اختلفوا في تعريف اللغة وتحديد مفهومها , وقد يرجع سبب تعدد التعريفات الى ارتباط اللغة بالعلوم الاخرى , ذلك ان اللغة بمفهومها العام تتضمن صور التخاطب والاتصال جميعها سواء اكانت لفظية ام غير لفظية , وهنا لابد من ان نبين نوعين من اللغة , اللغة اللفظية واللغة غير اللفظية , فاللغة اللفظية هي نظام من الرموز الصوتية سواء اكانت مسموعة او تم تقديمها بشكل مكتوب – مرئي , وتكمن قيمة اي رمز في الاتفاق عليه بين الاطراف التي تتعامل معه للتعبير عن الدلالات المقصودة , اما اللغة غير اللفظية فهي عملية التواصل من خلال ارسال واستقبال رسائل بدون كلمات بين الاشخاص, وقد يتم ارسال تلك الرسائل من خلال التعابير المختلفة كاللمس, او لغة الجسد, او الإيماءات, او تعابير الوجه, او سلوك العيون, ومن الممكن ايضا نقل الرسائل غير اللفظية من خلال وسائط مادية مثل الازياء, شكل الشعر, العمارة او الفن بأشكاله التعبيرية المتعددة, الاقنعة, الرقص, الالوان, و الروائح, علما ان اللغة غير اللفظية تمثل تقريبا 60-65% من اشكال التواصل بين الاشخاص, فهي تشكل وسيلة الانسان الاصيلة في الاحتكاك المباشر والبدائي مع ذاته ومع غيره, انها اللغة الاولى التي تواصل بها البشر بعفوية وتلقائية والتي سرعان ما انتظمت واخذت اشكالها المتطورة والحديثة والتي نراها اليوم تتجسد بتمظهرات عديدة وذات دلالات مقصودة وفقاَ للسياق المولد لها, لذا تكمن وظيفة اللغة في المجتمع في كونها اداة للتعبير ووسيلة للتفاهم بين افراد المجموعة التي تستخدمها , وقد ذكر (ابن جني ) في التعبير عن هذه الصفة للغة بقوله " يعبر بها كل قوم عن اغراضهم " وبما يتفق مع السنن الثقافية اي الاشكال الرمزية التي تنمو داخل ملكوت الممارسة الانسانية , فهي ( اي اللغة ) ليست كماً سلوكياً مودعاً في ذاكرة الانسان خارج تفاعله الحي مع محيطه الطبيعي والانساني , وانما هي قدرة ذهنية مكتسبة, اذ يولد الانسان ولديه الاستعداد الفطري لاكتسابها , ويدفعه لهذا الاكتساب في العادة شعوره بالانتماء الى مجموعته البشرية نفسياً واجتماعياً وحضارياً ورغبته في التعايش وتبادل المصالح بينه وبين افراد هذه المجموعة. وهنا اود ان أُحدِثْ مقاربة جوهرية بين اللغة والسيمياء, فالسيمياء كما ورد تعريفها في (القاموس المحيط و لسان العرب ), تعني (العلامة ), والعلامة هي الشكل الرمزي الامثل الذي يقوم بدور الوسيط بين الانسان وادراكه لعالمه الخارجية, اذ ان كل مظاهر الوجود اليومي للإنسان تشكل موضوعاً للسيميائيات , اي ان كل ما يتشكل في ذهننا من مدركات ثقافية متعددة هو في الاصل و الاشتغال علامات تخبر عن هذه الثقافة وتكشف هويتها, اي ان العلامة لغة وأداة لقراءة كل مظاهر السلوك الانساني بدءاً من الانفعالات البسيطة من ضحك, وبكاء, وتعجب , وتساؤل مروراً بالطقوس الاجتماعية وانتهاءاً بالانساق الايديولوجية الكبرى, لذا فإن السيمياء لا تنفرد بموضوع منعزل خاص بها , اي انها ليست منغلقة على نفسها ككيان , بل تتصل وتهتم بكل ما ينتمي الى التجربة الانسانية من تجليات لسانية ( اللغة اللفظية او المكتوبة ) او غير لسانية ( اللغة غير اللفظية ) داخل سيرورة ابلاغية – دلالية , وهذا ما اكد عليه مفكرو السيميائية ومنهم ( امبرتو ايكو) في ان العلامة ليست عنصرا مدمجا داخل سيرورة ابلاغية فحسب , انها كيان داخل سيرورة دلالية , وعلى هذا الاساس فان السيرورة الابلاغية التي لا تستند الى تسنين ثقافي والخالية من كل دلالة ستكون مجرد ( مثير واستجابة ) , والمثير باستدعائه استجابة معينة غير كاف لمنح العلامة ابسط تعريفاتها في انها شيء يوضع محل شيء اخر , ذلك ان المثير لا يعوض شيئا اخر ولا يحل محله كما العلامة , بل يثير هذا الشيء بشكل مباشر وهو ما يتنافى مع وضع العلامة وفعلها التدليلي في تحويل الشيء من حالته الخام الى حالة ثقافية تستعيض عن المرجع بنسخة ثقافية مخزونة في ذاكرة الانسان نتيجة لما ادركه من اشياء ووقائع في حدود وجود تسنينات ثقافية معينة , وبهذا فان كل ما يطلق عليه علامة هو ما يمتلك معنى , وفحوى المعنى ذاته ليس جوهرا ولا مادة , انه واقعة ثقافية , لذا فالمعنى ليس محايثا للشيء ولا سابقاً له ولكنه الفائض الذي تفرزه الممارسة وتجعل الشيء جزءا من نسق ثقافي , فإدراك او فهم معنى سلوكٍ ما بوصفه علامة لا يمكن ان يتم الا من خلال الانتماء او التعرف على الثقافة التي نتج داخلها هذا السلوك , وبهذا فأن العرف الاجتماعي وتواضع الاستعمال الذي تمارسه الذات المتلقية هو الذي يمكنها من فهم الوقائع الانسانية واستيعاب ابعادها المختلفة , وبهذا فإن الوظيفة الاصلية للعلامة هي وظيفة اختلافية منبثقة من اختلاف السنن الثقافية من جهة, واختلاف السيرورة الدلالية ( السياق) من جهة اخرى . أما فيما يتعلق بالعناصر المنتجة للعلامة فهي جدلية خاصة بميكانزمات الادراك قبل ان تكون بناء منتجاً لها, ذلك ان الامر يرتبط في المقام الاول بالحواس بوصفها المنافذ الاولى التي تتسرب عبرها المادة الاولية للإدراك , لذا فهي تحدد الحالات الاولى للإدراك الحسي المبني على الالتقاط المباشر لما يوجد خارج الجسد الانساني الذي يتم تحويله الى كيانات ذهنية عبر سلسلة من العمليات المنطقية غير المرئية التي يقوم بها العقل, وبهذا تصبح هذه الكيانات الذهنية المخزونة نماذج ادراكية يستند اليها المتلقي من اجل التعرف على الاشياء, وهذا ما اكد عليه (بيرس) احد مؤسسي علم السيمياء الى جانب ( دي سوسير ) ان كل تعرف على ما يوجد خارج الذات المدركة , لا يمكن ان يكون سوى سيرورة افتراضية تربط بين الموضوع الماثل امام الحواس المدركة وبين مجمل الخطاطات الثقافية السابقة, اي النماذج الادراكية المخزونة في ذاكرة الانسان . لذا فأن الترابط بين الشكل الوجودي للعلامة وفعل الادراك, هو ترابط وثيق , وهذا بدوره يؤكد ان البناء الثلاثي للعلامة هو بناء منطقي يتشكل من ثلاثة عناصر غير قابلة للاختزال في عنصرين وهي ( الدال , والمدلول , والمرجع ) , فالدال يمثل بالموجودات الحسية , والمدلول يتمثل بالتصور الذهني الذي نملكه عن الشيء ( الدال) , والمرجع يتمثل بالواقع الثقافي الذي يستدعيه ( الدال) ضمن السياق , لذا فأن الدال يرتبط بالمرجع عبر التوسط الالزامي الذي يقوم به المدلول , والمدلول هو النموذج الادراكي ومن دونه لا يمكن الحديث عن العلامة, فهو العنصر الذي يجعل الانتقال من الدال الى المرجع امرا ممكناً .وفقاً لما تقدم نجد ان السيمياء ( العلامة ) هي لغة تواصل , اي ان اللغة لا يمكن لها ان تكون لغة دون ان تشكلها العلامات, فكلاهما يستند الى فعل الادراك , اذ لا يمكن للمعنى ان يتحقق دون ان يكون قابلا للإدراك ضمن النسق العلاماتي المولد له .



#زينب_عبد_الاميراحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب عبد الاميراحمد - السيمياء لغة التواصل