أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة بوزيان - rabatليالي االأنس في














المزيد.....

rabatليالي االأنس في


فاطمة بوزيان

الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 10:19
المحور: الادب والفن
    


لاأنتبه للمكان كثيرا اذا لم يكن موغلا في التمايز عن أمكنة أخرى جغرافيا أو عمرانيا، حتى في قصصي لم أهتم يوما بتسمية شارع أو مدينة، ماهمني أسماء الشوارع ولاأسماء الشخوص، ملامحهم ولا سحناتهم، كان السرد دائما عندي سفر في الأعماق اقتناص للمفارقات، محاولة للقبض على أموراحسها منفلتة و زئبقية ، وفي واقعي قد أعيش مع كائنات كثيرة ، بعد عمر أنتبه اني لم ألحظ شكل قسماتها ولاملامحها من هنا لاأتذكرمن الوجوه الا انبطاعي العام عنها : مريحة أو مزعجة، جميلة أو ذميمة، وديعة أو وقحة، هكذا أيضا مع المدن أقول عن الحسيمة انها مدينة الهدوء والناظور سوق كبير، وافران حديقة أروبية، والصويرة رياح لواقح تخصب في قلبي أزهار الفرح ومراكش سحر مغربي وو.. لكني أحار في وصف الرباط ،انها المدينة التي عرفتها قبل أن أراها ولم أعرفها حين أصبحت ساكنتها، وعلاقتي بها ملتبسة، قدرألفتها قدرغرابتها، قدرماهي متاحة هي عصية أيضا ، ربما علاقتي بها تشترك في بعض تفاصيلها مع علاقة كل المغاربة على الأرجح كل قادم من مدينة صغيرة ، مفتوحة على الفرح والحزن علىالأمل والخيبة، كل من استعصى علاجه عليه الذهاب الى الرباط ،وكل من أراد الهجرة أوالحصول على وثائق ادارية عليه الذهاب الى الرباط، وكل من أراد ان يعمق تعليمه عليه أن يقصد الرباط، كل المشاكل تحل في الرباط أو تتعقد فيها أكثر، وأصبحت الرباط في متخيلي مدينة المتناقضات : الشفاء التام أو الموت ، الشقاء او السعادة، الامن أوالخوف..كلما مرض أحد أفراد الأسرة أو العائلة والتحق بالرباط أتوقع ان يعود من مستشيفات الرباط معافى أو جثة، نادرا ما كان من حولي يقصد الرباط من اجل السياحة ورؤية صومعة حسان والضريح والاوداية وشالة...كانت أمي تزور الرباط من اجل العلاج وكنت أترقب عودتها بقلق شاسع ثمة ثقة في أطباء الرباط،لكن ثمة خوف من أن تموت هناك كما مات الكثير من الاهل والمعارف...اليوم الذي تعود فيه أمي كان عرسا حقيقيا يزورنا فيه كل الأهل لمباركة عودتها، حين ينفض الجمع، كنت أتسلل اليها وأظل قربها استطلع منها تفاصيل المدينة ..أ مي ساردة بارعة تشبه بلزاك في وصفها لتفاصيل كل مكان بدقة مجهرية، عرفت ذلك حين جئت الرباط ،أكتشفتني أعرف الكثير من الأمكنة أعرف الضريح هو تماما كما وصفته أمي،أعرف شارع محمد الخامس وباليما وقاعة الفن السابع وفندق العاصمة وسوق الأحد وباب الرواح وبلاص بيتري ... أحبت أمي الرباط لان الوالد حررته شاسعة المدينة من تلك الرقابة القبلية فحرر أمي من لثامها وأجلسها معها في المقاهي والمطاعم وأدخلها الأسواق والمتاجر الكبرى كما لم تفعل أبدا في الحسيمة...كنت أحس الدفء في كلام أ مي عن الرباط كأنها هناك فقط اكتشفت انها أنثى وهناك فقط اكتشفت أبي رجلا وليس زوجا فحسب..وأنا كنت أتسلل الى كلام أمي وأمشي معه في شوارع الرباط وأسواقها، كنت أتخيلني جالسة في مقهى بالميا أوأ تجول في السويقة أ وألحس الآيس كريم في شارع محمد الخامس أ وأجر عربة أطوف بهابين الرفوف في المرجان، أو أتتبع مهارات الحرف التقليدية في الولجة أو أنظر الى نهر أبي رقراق والقنطرة التي تربط سلا والرباط ...تفاصيل شهية، تمنحني اجنحة للطيران في سماء الافتتان و البهجة فأحلم أن أعيشها وألمسها بحواسي وحماسي ...كانت أمي بخبرتها تعرف ما يدور في ذهني وأنا استرق السمع لحديثها عن الرباط ،لهذا ثمة تواطؤ نبت بيننا، كلما أوغلت في طاعتها وعدتني بالتوسط لدى الوالد كي يرسلني لزيارة الرباط وكان انتظاري طويلا، لم يكن سفري يتجاوز دائما الناظور موطني، أو مليلية من اجل اقتناء حاجياتنا من السلع الاسبانية ، ثمة نافذة سأطل من خلالها على رباط آخر هي صديقتي لينا، لينا جا ءت ذات صيف الى الحسيمة التقينا في شاطىء كلايريس ووطن الرمل والبحر صداقتنا، كانت تقيم في اكدال وكانت تحدثني عن زميلاتها في فرقة الباليه واخر عرض سينمائي شاهدته في قاعة السينما وأخر عرض شاهدته بمسرح محمد الخامس وانا اتنهد حسرة، كان الدخول الى السينما الكبير بالحسيمة- المعلمة الاسبانية الجميلة -غير مسموح به للبنات لهذا لم ادخلها ابدا، ويوم شاهدت عصابات المضاربات العقارية تهدم السينما الكبير شعرت ان حلم التعرف الى جمال القاعة وأسرارها العمرانية الباذخة أصبح تحت الانقاض، وتخيلت أن الحياة المرحة والحرية لاتوجد الا في سماء الرباط، ذات صيف جئت الرباط لحضور مناسبة عائلية في منزل أحد أعمامي ، بعد عودتي حدست أمي أن شيئا من هوى الرباط قد وقع في فؤادي لهذا ظلت دائما تتمنى لي العيش في الرباط وكنت أتشاغب وأقول لها :
كيف أعيش في الرباط وأبي يصر على البقاء بالحسيمة؟
تفطن أمي الى خبثي فتربت على ظهري وبابتسامة خفيفة تقول لي:
وهل ستظلين تعيشين معنا الى الأبد ذات يوم ستتزوجين وتعيشين في الرباط
تواطأ القدر معنا وجئت الرباط فاكتشفت فيها اكثر من رباط ، رباط الفقراء في الكورة ودوار الحاجة ، رباط الأغنياء في اكدال وحي الرياض رباط الانتظاروالاحتجاج أمام البرلمان، رباط الموصلات الرديئة، رباط اللصوص الصغار والكبار، رباط الموظفات المتعبات ،.... وسكنني الحنين الى المدن الصغرى بالتحديد الى الحسيمة،هكذا أصبحت أرى في مياه المحيط زرقة المتوسط وأتذكر في السويقة سوق ميرادور،وأقف في الاوداية أتامل الشمس وهي تهوي كبرتقالة في البحر وكأني واقفة أرقب الغروب على هضبة كيمادوا، وفي شرفات أسواق السلام استعيد مقهى قصر ميرادور، لا أرتاح لشيء في الرباط الا لأنه شبيه بشيء آخر في
الحسيمة أو يرسمه لي الحنين كذلك، هكذا كانت الرباط تسكنني في الحسيمة وأصبحت الحسيمة تسكنني وأنا في الرباط.
احالات
الرباط عاصمة المغرب، تطل على المحيط الاطلسي
الحسيمة مدينة صغيرة تقع شمال المغرب، تطل على البحر الابيض المتوسط



#فاطمة_بوزيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوع الثقافي وخطرالاستنساخ
- لماذا نفشل في علاقات الحب؟


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة بوزيان - rabatليالي االأنس في