أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد العاطي - إتفاق نيفاشا بعد مرور عام















المزيد.....

إتفاق نيفاشا بعد مرور عام


عادل عبد العاطي

الحوار المتمدن-العدد: 1428 - 2006 / 1 / 12 - 03:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في يوم 9 يناير الجاري، مر عام على توقيع قادة النظام الحاكم في الخرطوم، وقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، إتفاقا سياسيا أنهي حالة الاحتراب القائمة بينهم، وسمي باتفاقية نيفاشا، دشن لشراكة سياسية بين تنظيميهما قائمة علي اقتسام موارد البلاد والسلطة فيما بينهما، وأدى إلى تكوين حكومة مشتركة بين الطرفين، وجذب إطراف أخرى من القوى السياسية الشمالية والجنوبية إلى مؤسسات النظام التنفيذية والتشريعية.
إن هذا العام، قد قدم بلا شك تفصيلا أكثر لطبيعة الاتفاق الذي قام، ومآلاته المختلفة، وأكد على انه لم يكن اتفاقا للسلام الشامل، وإنما هو مجرد اقتسام للسلطة في إطار مؤسسات النظام القائم، وتمهيد لانفصال الجنوب، وسيادة دكتاتورية مدنية في الشمال والجنوب يقودها كل من حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان.
أن القوى الديمقراطية ومن بينها حزبنا، كانت تقف دائما مع وقف كافة الحروب الأهلية في السودان، والتي نحمل مسؤوليتها في خلال الستة عشر عاما الأخيرة أساسا للنظام الحاكم في الخرطوم، دون إعفاء غيره من القوي السياسية عن المسؤولية، وقد رحبنا بوقف إطلاق النار قبل توقيع اتفاقية نيفاشا، ورحبنا بكل وقف لإطلاق النار في الجبهات الأخرى في جبال النوبة ودار فور وشرق السودان، باعتبارها مكسبا للمواطنين في المقام الأول، يرفع عنهم نير الحرب. إلا أن هذا لم يعن لنا أبدا، أن سلاما عادلا وشاملا قد حل، أو أن حلا حقيقيا للازمة السودانية قد أنجز.
اننا نعتقد أن توقيع اتفاق نيفاشا بين النظام والحركة الشعبية لتحرير السودان، وتكوين الحكومة المشتركة بينهما، قد اتي كنتيجة مباشرة لإنهاك الطرفين في القتال، وللضغط المحلي والإقليمي والعالمي المتصاعد عليهما، نتيجة للخسائر البشرية والمادية البالغة الضخامة التي سببتها تلك الحرب، قد كان غرضه الأساسي الخروج بحل لهذين الطرفين، وتقسيم امتيازات السلطة بينهما، دون مقاربة حقيقية لأسباب النزاع الأهلي في السودان، وهو بهذا لا يزيد عن كونه صفقة سياسية انتهازية تمت بين النظام الدكتاتوري غير الشرعي، وحركة عسكرية منقوصة المشروعية، انضم لها بعض الأحزاب الانتهازية السودانية، في تجاهل تام لمصالح المواطنين السودانيين الأساسية، وفي القلب منهم مواطني جنوب السودان، والذين تضرروا أكثر من غيرهم، من جراء تلك الحرب اللعينة.
إن إتفاق نيفاشا قد تجاهل في وجهة نظرنا، المصالح الأساسية والحاسمة للمواطنين السودانيين، وخصوصا المواطنين المهجرين والمشردين والمتأثرين بواقع الحرب، حيث لم يتطرق لقضايا تعويضهم العادلة ماديا ومعنويا، وزلا قضايا التأهيل الوظيفي والاجتماعي والنفسي لملايين من ضحايا الحرب، بما فيهم المقاتلين في صفوف الجيش الشعبي، وخصوصا من اليافعين والشباب، كما قد أهمل قضايا إعادة البناء في الجنوب وغيره من المناطق المتأثرة بالحرب، وسلم كل الموارد المتاحة داخليا والواردة كمن المانحين، لتقع تحت تصرف قيادات النظام والحركة الشعبية لتحرير السودان، في ظل سيطرة تامة لهما على الأجهزة التنفيذية والتشريعية، وعدم وجود اى رقابة شعبية، الأمر الذي عرضها ويعرضها للفساد والمحسوبية والإهدار.
كما تغاضي الاتفاق عن قضايا المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي مورست من قبل الطرفين، وضرب عرض الحائط بقضية الحريات الديمقراطية والدستورية، حيث شهد العام الفائت مذبحة بورتسودان وسوبا، واعتقال العشرات من الناشطين، وصدور قانون قمعي تجاه المنظمات غير الحكومية، وسلم مل السلطة في البلاد لقيادات حزبين دكتاتوريين لم يعرف عنهما أى نزوع ديمقراطي، ولم يتخليا عن نهجهما الشمولي والاقصائي، لا في الفكر ولا في الممارسة.
إن هذا الاتفاق ينفذ تحت قوانين الطوارئ الذي لا يزال ساريا حتى الآن، وفي وقت تتواصل فيه الحرب في دارفور، وتحت قوانين تنتهك حريات ومصالح المواطنين يوميا، مما يوضح انه مجرد صفقة لإطالة عمر النظام القائم وإعطائه الشرعية، واقتسام كعكة السلطة وموارد البلاد مع قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان، وفي غياب تام عن المشاركة الشعبية، بل وفي عداء واضح مع مؤسساتها الأهلية والمدنية، مما يوضح انه اتفاق فوقي سلطوي، لا يمكن أن يؤسس لسلام عادل وشامل في كل البلاد.
إن استمرار الحرب في دارفور، والتوتر في شرق السودان ومناطق المناصير والنوبة الشمالية، واستمرار ممارسات النظام الإرهابية والإجرامية تجاه المواطنين، وتعويله على الحل العسكري وشق الحركات المعارضة وتسعير الصراعات الأهلية، يوضح انه نظام غير مهيأ لإنجاز سلام عادل وشامل في السودان، وان كل قراراته مربوطة بهدف واحد وحيد، وهو الاحتفاظ بالسلطة وامتيازاتها لقياداته، ويوضح انه لم يوقع اتفاق نيفاشا اقتناعا منه بالحل السلمي، وإنما لما تتيحه له من إمكانية الاحتفاظ بالسلطة والسيطرة "الشرعية " عليها، وإعادة إنتاج علاقات السيطرة والاستغلال التي بناها خلال ال16 عاما الاخيرة.
إن مصرع جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأحداث العنف التي صاحبته، و مجئ قيادة جديدة للحركة الشعبية، قد عزز من النزعات الانفصالية عند الطرفين، وأصبح احتمال انفصال الجنوب أكثر قربا مما مضى. مع ذلك لا نعتقد أن غياب قرنق قد غير من طابع الاتفاقية، بقدر ما اظهر طابعها الحقيقي. كما إننا لا نعتقد أن وجود قرنق كان سيغير شيئا كثيرا من الأمر، فكل قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان الحالية، بما فيهم الفريق سالفا كير هم رجال قرنق الذين عملوا معه عبر عشرين عاما ونيف، وهو الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عن تصعيدهم السياسي، وعن تغييب غيرهم، من العناصر الديمقراطية في الجنوب، هذا التغييب الذي حمل طابعا دمويا في بعض الأحيان.
إننا نقول هنا انه بعد عام من توقيع تلك الاتفاقية، ونصف عام من دخولها حيز التنفيذ العملي، فان الإنجاز الوحيد لها هو توقف طرفيها عن الاقتتال الذي جلب الوبال لمواطنينا وبلادنا، ولكننا في نفس الوقت نرى بصورة أوضح طابعها كصفقة سياسية جائرة، تقوم على اقتسام السلطة وموارد البلاد بين طرفين لا يملكان لذلك تفويضا شعبيا، ويعملان من اجل مصالحهما الحزبية ومصالح قادتهما الذاتية. ونعلن من جديد كما قلنا إبان توقيعها، أن هذه الصفقة لا تلزمنا ولا تؤيدها، رغم رفضنا الكامل للطريق الحربي لحل المشكلة السودانية، ونسعى إلى إقناع مواطنينا والمجتمع الدولي، بضعف هذه الاتفاقية عن حل المشكل السوداني، والذي لن يعالجه إلا السير في اتجاه الدمقرطة الحقيقية والسلام الشامل العادل وطريق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الليبرالية التي تخلص البلاد من سيطرة الحزب الفاشي الحاكم وشركائه الصغار، وتبني دولة القانون والمواطنة.

عادل عبد العاطي
عضو الحزب الليبرالي السوداني
11 يناير 2005



#عادل_عبد_العاطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- هوامش على متن الرسالة المفتوحة لعضوية الحزب الشيوعي السوداني ...
- الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي: الحالة السودا ...
- رسالة مفتوحة الي عضوات واعضاء الحزب الشيوعي السوداني
- تضامنا مع وليد حسين: لا لارهاب الجبناء والاوباش باسم الدين
- وصية عبد الخالق محجوب المخفية ومسؤولية المؤرخ
- الخاتم عدلان كما عرفته
- الخاتم عدلان .. نبيّنا الآخير
- محمد إبراهيم نُقُد وإخفاء وصية عبد الخالق محجوب الاخيرة
- الطريق الثالث بين الحرابة والتسوية: خطوط عريضة في اتجاه بلور ...
- الخروج من عنق الزجاجة:اسقاط النظام كيف ولماذا؟
- تأملات في أفق المعرفة والشهادة: في نضال واستشهاد عبد الخالق ...
- لماذا يرفض الليبراليون السودانيون تعدد الزوجات والطلاق الاعت ...
- مرة اٌخري نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
- نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد العاطي - إتفاق نيفاشا بعد مرور عام