بوذا والتجاهل الإبراهيمي

علي الحربي

الحوار المتمدن-العدد: 5392 - 2017 / 1 / 4 - 23:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

عندما نتحدث عن الأديان التي سادت البشرية وأثرت في التاريخ الإنساني بتعاليمها الروحية والسياسية وشكلت في فترة من فترات التاريخ واحدة من اكثر الأديان انتشارا على الأرض ان لم تكن الأكثر قبل ظهور المسيحية والإسلام لابد أننا نتحدث عن البوذية وعن مؤسسها الملقب ببوذا ولكن من هو بوذا في الأديان الإبراهيميه ؟وأين هذا الرجل ورسالته لهذه الشعوب التي تمثل نصف سكان الارض ؟ اين ذكره وأين قصصه ومارأي الاله الإبراهيمي برسالته ؟ سنحاول الإجابة على هذا التساؤل الشائك بتقمص دور المؤمن وذلك بطرح الاحتمالين الذين لاثالث لهما وسنحلل كل احتمال تحليلا عقليا لنصل الى نتيجة ونحاول حل هذا الغموض


الأول بوذا نبي وله رسالة سماوية

يتميز هذا الحل بأنه يخرج الأله الإبراهيمي من مأزق لطالما لازمه وهو اتهامه بأنه اله لا يعترف الا ببقعة جغرافية محدودة هي الشرق الأوسط ولهذا تجد هذه الفرضية حماس المؤمنين ورغبتهم في إثبات صحتها ولكن بهذه الفرضية وقعنا في مشكلة كبيرة وهي تجاهل هذا النبي العظيم الذي يجب أن يكون في مصاف الأنبياء ممن يسمون بأولو العزم بل انه بصراحة بماقدمه من فلسلفة روحانية عالية وقيم اخلاقية لها تأثيرها الكبير في ثقافة الشرق الآسيوي بل وحتى في المسيحية والإسلام من المذاهب الصوفية والعرفانية وغيرها يعد شخصية لايمكن ان يتجاهلها من يعدد ويذكر أنبياء لم يقدموا للبشرية شيء يذكر ولايعرفهم التاريخ المدون والموثق بل ولاتعرفهم شعوب كثيرة قديما وحديثا فمن هو نوح مثلا وماهي رسالته وأين كتبه وماذا نعرف عنه غير أسطورة الطوفان الخيالية ؟من هو يعقوب ومن هو وأيوب ويوسف ؟ ماذا قدم هؤلاء لنا من رسائل او فلسفة او قيم ؟ ماذا نعرف عن سليمان سوى مغامراته الكرتونية وماذا يستفيد المؤمن من معرفة انه كان يطوف على 100 امرأة في ليلة واحدة؟ وماذا نستفيد من مغامراته مع الجن والطيور والنمل ؟أليس شخصية عظيمة مثل بوذا أحق بذكر رسالته وقصصه والاعتراف به على الأقل للعالم وللتاريخ كنبي عظيم ؟

الاحتمال الثاني بوذا ليس نبي ولايحمل رسالة السماء

في هذا الاحتمال وهو في رأيي الأقرب للصحة بمنطق المؤمن الذي يصور الأمور كما هي ولا يبحث عن حلول ترقيعية وهو يحل مشكلة تجاهل النبي في الكتب السماوية الثلاثة وحتى في السنة النبوية ولكنه يوقعنا في تجاهل أعظم وهو تجاهل هذه الشعوب المغلوبة على أمرها التي اتبعت دينا انتشر كالنار في الهشيم في نصف الكره الأرضية ولا زال يعتنقه اكثر من ربع مليون انسان الى اليوم علما بأن الديانة البوذية ظهرت وانتشرت قبل الميلاد بخمسة قرون اي قبل أكثر من 1000 عام على ظهور النبي محمد وأكثر من 500 سنه على ظهور عيسى والمسيحية ولكن الاله الإبراهيمي لم يحرك ساكنا تجاه هذا الدين المحرف لرسالة الاسلام كما في الدين الاسلامي ولم يرسل لهذه الشعوب نبيا يصحح رسالته كما أرسل ليصحح عقيدة اليهود والنصارى وكأن اليهودية هي الديانة الوحيدة التي كان يعتنقها البشر أنداك مع انها لم تكن في وقتها تتجاوز البوذية والهندوسية في الاتباع على الأقل كان يجب ان تصحح العقيدة البوذية في القران الكريم وتفرد لها المساحة التي أفردت للنقاشات العقيمة حول عيسى والصلب والتثليث

والآن بعد هذا التحليل لكلا الاحتمالين بات واضحا براءة الاله الإبراهيمي من التجاهل للشعوب او للنبي بوذا ان افترضنا انه نبي لا نبرئه لأنه اعترف او سيعترف ولكن لأنه فعلا لا يعرف او لم يعرف ما كان يدور خارج حدود منطقته الجغرافية وتراثه اليهودي .

#علي_الحربي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات