أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مدينة الملائكة - القسطنطينية.. مدينة الملائكة















المزيد.....

القسطنطينية.. مدينة الملائكة


مدينة الملائكة

الحوار المتمدن-العدد: 5369 - 2016 / 12 / 12 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


اذا كان التاريخ قبل أن يصبح علما مجرد حكاية تأتي على لسان صاحبها، واذا كان السرد هو الكيفية التي تروى بها القصة وطريقة عرض الحوادث في القصة، أو نقل حادثة من صورتها الواقعة في الواقع إلى صورة لغوية. فهل يصح هذا التعريف على كتابة التاريخ في شكل مروية سردية؟ وهل من علاقة بين التاريخ والرواية؟
اطلق عليها العثمانيون " كيزيل ألما" اى التفاحة الحمراء تعبيرا على انها المدينة الحلم الذى يتوق المسلمون الوصول اليه..
وقال نابليون في مذكراته انه حاول غير مرة ان يتفق مع روسيا القيصرية على اقتسام الامبراطورية العثمانية غير ان مدينة القسطنطينية كانت العقبة الكؤود في وجه هذا الاتفاق، فروسيا كانت تصر على امتلاك هذه المدينة، ونابليون يصر على عدم تسليمهم هذه المدينة فهي بنظره تساوي امبراطورية وهي مفتاح العالم كله، فهو القائل ان الدنيا لو كانت مملكة لكانت القسطنطينية عاصمة لها أنها العاصمة الوحيدة في العالم على جميع المستويات: السياسية، الدينية، العسكرية، البحرية، الاقتصادية، الثقافية، والفنية، انها واحدة من أعرق المدن وأهمّها في تاريخ الشرق في العصر الوسطى، فقد كانت تعتبر معبر أوروبا إلى المشرق العربي في تلك الفترة، حينما كانت تُسمّى بيزنطة ، ويذكر الروائي التركي أورهان باموق في كتابه الذي يحمل اسم "اسطنبول - المدينة والذكريات" بأن اسمها محرّف من قسطنيطنبول وقد خفف الجزء الأول من الاسم.. وللمدينة عددا كبيرا من الأسماء مثل بيزنطة، نيا روما، الاستانة، درعلية، دار الخلافة العلية، دار السعادة، باب السعادة، وعين العالم ومأوى الكون وأسماها السلاف تساريغراد ورومية الكبرى وروما الجديدة ومدينة الحج ومدينة القديسين..
وفي كتابه "اعادة استكشاف العثمانيين" يقول المؤرخ التركي ايلبير اورتايلي عن فتح القسطنطينية: هذا الشاب اليافع الذي قام بحصار عاصمة مدينة كبرى كانت تعتبر في ذلك الزمن حاضرة العالم وكان يشار إليها فقط بكلمة "بوليس" لقد حقق انتصارا أكسبه مجدا في عالم لم يكن فيه اماكن أخرى تستحق أن تدعى مدنا.. قلة من المراكز المدنية في الشرق الاوسط تشبهها (يقصد القسطنطينية قبل الفتح)،دمشق بدأت تفقد أفضليتها ضمن العالم الإسلامي و بغداد والقاهرة الناشئة ومدن في ايران البعيدة مثل أصفهان ونيشابور ولكن في قارة أوروبا لم يكن هناك أي مدينة حقيقية أكبر من المكان الذي يدعى حينئذ القسطنطينية، ولفتح هذه المدينة العظيمة امر السلطان ببناء حصن روملي على الضفة الأوروبية من البوسفور والذي انتهى بناؤه في غضون أربعة أشهر وبدأ حصار القسطنطينية بدك أسوارها التي كانت تُعتبر آنذاك القلعة الأعظم.
ويبدو ان الأساطير والمعتقدات التي كانت سائدة خلال تاريخ الامبراطورية البيزنطية او بالأحرى الإمبراطورية الرومانية المسيحية لم تمت بسهولة، فحتى اللحظات الأخيرة (يقصد اللحظات الأخيرة من الحصار) كان الناس يتوقعون ان مريم العذراء ستنقذهم وفي الليلة الأخيرة أعلن الإمبراطور البيزنطي في قداس اقيم قي "ايا صوفيا" أمام المحتشدين أن مريم العذراء ستظهر، وحتى عند دخول الاتراك الى المدينة كان الناس يتوقعون أن الملائكة ستأتي عبر الأسوار وتطرد الأتراك خارجا، غير أن مركز المسيحية هذا الذي كان العالم بأسره يُبجله لمدة تزيد عن ألف عام كان قد وقع في يدي قوة جديدة.
وبعد فتح القسطنطينية وجد الفاتح نفسه أمام مدينة مدمرة كان لا بد من إعادة بناء المدينة، فماذا فعل لتحقيق ذلك؟ أمر بجلب عدد كبير من الأتراك المسلمين والمسيحيين من سط الأناضول الذي كان يعتبر الخزّان البشري الى اسطنبول.
ان الاستيلاء على القسطنطينية يعد واحدا من أعظم حوادث التاريخ فى العالم لان سقوطها ترتب عليه عدة نتائج مهمة، فقبل فتح القسطنطينية لم تكن السلطنة العثمانية سلطنة بمعنى الكلمة ولم يبدأ الوعي الإمبراطوري بالتجذر في المجتمع العثماني إلا بعد نجاح العثمانيين في فتح هذه المدينة والذي مثّل نهاية العصور الوسطى بعد ان اتخذ منها السلطان محمد الفاتح عاصمة جديدة له، بدأ العثمانيون في تدشين مرحلة جديدة، والتحول من مرحلة الدولة إلى مرحلة الإمبراطورية، بعد أن أصبحت ممتلكاتهم تحتل مساحة جغرافية واسعة بعد ان تمكن العثمانيون من السيطرة على مضيق البوسفور، والربط بين الأراضي العثمانية في آسيا الصغرى والقارة الأوروبية وسيطرتهم على طرق التجارة في البحر الاسود وتنامي القوة البحرية العثمانية حيث بدأ الاهتمام ببناء الأساطيل لمساعدة القوات البرية في مرحلة الفتوحات الجديدة.

أما على صعيـد الغرب فقد اهتزت أوروبا المسيحية بعد سقوط القسطنطينية في أيدى العثمانيين، لأنها كانت تعتبر الدرع الواقية والحصن الشرقي المنيع الذى قام بحماية القارة الأوروبية من أخطار الغزاة الآسيويين في العصور الوسطى. فضلا عن كونها حامية المسيحية الأوروبية الأرثوذكسية فقد تجلى صدى سقوط القسطنطينية على البابوية الكاثوليكية والغرب الأوروبي، وعلى النشاط التجاري للأساطيل الأوروبية، وعلى موقف المسيحية الأورثوذكسية.
ودعا البابا نيقولا الخامس في ايلول 1453 إلى ضرورة قيام حملة صليبية جديدة لاستعادة المدينة من العثمانيين. ولكن الخوف من استثارة عداء العثمانيين من جديد لم تتحمس الدول الأوروبية لهذه الفكرة، فلم تخرج هذه الدعوة إلى التنفيذ.
ثم تولى البابا كالستوس الثالث زمام الإدارة البابوية، وأعاد فرض ضريبة العشر من أجل تمويل أسطول بحرى لاستعادة مدينة القسطنطينية. لكن ذلك الأسطول لم ينجح سوى في الحصول على بعض الجزر في بحر إيجه التي سرعان ما استردها العثمانيون.
بعد نجاح العسكرية العثمانية في اجتياح القسطنطينية الحصينة 1453، بدأت الجيوش الأوروبية تدرك التكتيكات الجديدة في فن الحصار، ما أدى بها إلى دراسة فنون الحرب العثمانية، وكيفية محاصرة واقتحام المدن، وأدى إعجابهم بالجنود الانكشارية إلى محاولة تكوين فرق عسكرية مشابهة. كما وجهت الجيوش الأوروبية أيضاً اهتمامها نحو ضرورة الاستفادة من الدرس العثماني.
كما اننا لن نغفل الأثر الإيجابي الذى أحدثه سقوط القسطنطينية في الفكر الغربي في نهايات العصور الوسطى وبدايات العصر الحديث. لأن التهديد المستمر من قبل العثمانيين للقسطنطينية، ثم اقتحامها دفع بالكثير من رجال الفكر والعلم والثقافة في جامعة القسطنطينية إلى الهرب باتجاه ايطاليا وحمل هؤلاء الأدباء والعلماء والفلاسفة معهم ذخائر الكتب، ومفاتيح العلم اليوناني، الأمر الذي ساهم في إثراء الفكر الغربي، وزاد من نزعة التنوير فيه، وساعد في إعادة ربطه بروافد الحضارة اليونانية القديمة. وأدى ذلك في النهاية لأن تتبوأ ايطاليا مكانتها كوريثة للثقافة البيزنطية والفكر اليوناني، وكذلك إلى بزوغ فجر النهضة الأوروبية الحديثة. كما وان سقوط القسطنطينية بمثابة سقوط الحاجز بين الحضارتين الاوربية و الاسلامية أصبحت الاولى وجها لوجه بعادتها وتقاليدها..
أما عن الآثار الاقتصادية المباشرة للفتح العثماني للقسطنطينية في النشاط الاقتصادي والتنافس التجاري، فقد سعت الجمهوريات التجارية الإيطالية إلى كسب ود السلطان العثماني، والحصول على امتيازات تجارية في العاصمة العثمانية الجديدة.
وبعيد الفتح مباشرة، نجح تجار مدينة جنوا في الحصول على اتفاقية تجارية مهمة من السلطان محمد الفاتح في حزيران 1453، منحهم فيها امتيازاتهم السابقة في غلاطه. كما نجحت البندقية في نيسان 1454 في الحصول على اتفاقية مشابهة من السلطان الفاتح. وأدركت جمهورية فلورنسا أنه لابد لها من الحصول على موطىء قدم في العاصمة العثمانية الجديدة، فتحينت الفرصة لإقامة علاقات تجارية قوية مع العثمانيين وأرسلت أسطولا تجاريا إلى القسطنطينية، كما استقبلت سفارة عثمانية بهدف إقامة علاقات ودية.
كما ان سقوط القسطنطينية في يد العثمانيين ادى إلى زيادة الأساطيل البحرية العثمانية في مياه البحر المتوسط، الأمر الذى أثار خشية دول غرب أوروبا، بخاصة البرتغال وإسبانيا على سفنها وتجارتها ما دفعها إلى محاولة البحث بشكل جدي عن طرق بحرية وملاحية جديدة، دون المرور بالمياه التي تخضع للسيادة الإسلامية. وبدأت آنذاك حـركة الكـشوف الجغـرافيـة الأوروبيـة، عبر المرور خلف أفريقـيـــا الغربية والجنوبية.
اخيرا... وكما قال الكاتب الإنكليزي فيليب مانسيل استاذ التاريخ المعاصر "القسطنطينية.. انها المدينة التي اشتهاها العالم"



#مدينة_الملائكة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مدينة الملائكة - القسطنطينية.. مدينة الملائكة