أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موفق كمال قنبر وفي - شيخ الازهر والطالب النجيب قصة قصيرة ذات عبر















المزيد.....

شيخ الازهر والطالب النجيب قصة قصيرة ذات عبر


موفق كمال قنبر وفي

الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 23:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحكى ان شيخاً جليلاً ومدرّساً محنّكاً في قسم الشريعة والقانون في جامعة الازهر اعتاد ان يكافئ الأول من دفعة طلّابه المتخرجين بدعوته الى وليمة عشاء يقيمها في بيته المتواضع. فيستمتع مع ضيفه وتلميذه السابق بعشاء لذيذ من يدي زوجته المصونة الحاجّة ام محمد ولا يبخل بنصائحه التي تمثل عصارة تجاربه لتنير طريق مستقبل زاهر لضيفه. وكعادتة في نهاية كل سنة دراسية انزوى بالأول من دفعة الخريجين الجدد لتلك السنة ، عبد الجوّاد عبد السميع ، مباشرة بعد استلامه شهادة التخرج وسط زغاريد جمع من اهله واقاربه ودعاه الى وليمة عشاء في بيته في اليوم التالي لحفلة التخرج فتقبّل عبد الجوّاد الدعوة ممتناً. وفي اليوم التالي استقبل الشيخ الجليل عبد الجوّاد الذي حضر وفي يده هديه من الكعك عملته له والدته خصيصاً لهذه المناسبة فاجلسه الشيخ على المندر الذي يتوسط مجلس الضيوف في الديوان الذي تفترش ارضه سجادة شرقية. ولم تمر الا لحظات حتى جاءت زوجة الشيخ الحاجة ام محمد لترحب بالضيف الكريم وتشكره على هديته وتمتدح والدة عبد الجوّاد لجودة كعكها ثم تنهره بلطف "مايصح تتعب امك وتكلّفها بعمل الكعك" ولتنصرف لتحضير سُفرة الطعام بعدها.
استلقى الشيخ وضيفه بعد استمتاعهم بما طاب من الوليمة على ارض الديوان متكئين على المنادر ومرتشفين الشاي الذي احضرته الحاجّه مع صحن من الحلوى وبعض من كعك ام عبد الجوّاد. وكان الشيخ اثناء ذلك يتبادل الاحاديث مع عبد الجوّاد عن ايام الدراسة في الازهر والمستقبل الزاهر الذي ينتظر عبد الجوّاد وامثاله من المتفوقين الشطّار بأذن الله. وفي نهاية دعوته اجاد الشيخ ببعض من نصائحه الثمينة لعبد الجوّاد "انت يا أبني شاطر وماشى على الصراط المستقيم وفي يوم قريب سوف تتبوء وظيفة جيدة...امام في مسجد ...واعظ في احسن المدارس ... وظيفة قانونية بوزارة العدل... او لربما مدرس في الازهر الشريف ان قررت مواصلة الدراسة والبحث في امور الشريعة". ثم اردف قائلاً دون ان يعطي ضيفه مجالاً للتعبير عن شكره "في اي مجال عمل تمارسه ارجو ان تتقي الله دوماً ولا تحابي الظالم ولا تجافي المظلوم وتقول قولة الحق حتى على نفسك". وعندما سنحت الفرصة للحديث شكر عبد الجوّاد استاذه القدير ووعده بأن يهتدي بنصائحه القيمة وانه سوف يكون في خدمة استاذه الجليل اينما حل. فاستغفر الشيخ ربه واردف قائلاً "بل انا من سوف يكون في خدمتك اينما حللت" ثم ابدى استعداده للاجابة على كل تساؤل يخص المسائل التشريعية والقانونية ان كانت هنالك قضية مستعصية تواجهه اثناء عمله فأن لم تسعفه خبرته الشخصية فسيستعين بخبرة زملائه الفطاحل من المدرسين. ثم توقف عن الحديث لحظةً واقطب حاجبيه متفكراً ومتذكراً وتساءل بأستغراب "انا لا اذكريوماً انّك سألتني عن مسألة عصت على فهمك فهل من المعقول ان لاتوجد في ذهنك مسألة استعصى عليك فهمها خلال الاربعة سنين الماضية وتود ان تجد الجواب الشافي لها؟". ابدى عبد الجواد ارتباكاً واضحاً واجاب بصوت خافت "بل كان هنالك تساؤل وحيد راودني منذ اليوم الاول لمباشرتي الدراسة في الازهر وسد عليّ طريق كل التساؤلات التالية ولكنّي لم اجرؤ على قوله جهراً حتى لنفسي". ردّ الشيخ توّاً "قل ما هذا التساؤل وسأحاول ان اجيبك بما عندي من العلم او استعين بزملائي كما اوضحت لك سالفاً". هز عبد الجوّاد رأسه بالنفي مردفاً بأقتضاب "لا أجرؤ ...اعوذ بالله ...انه الشك الذي يتعدى الكفر ...لا أجرؤ يا سيدي لا اجرؤ". زادت ممانعة عبد الجوّاد الشيخ لهفة لمعرفة السر المكنون فبدأ بحثّ عبد الجوّاد على البوح بتساؤله مخففاً عليه ومستشهداً بأحاديث فقهية مثل "ناقل الكفر ليس بكافر" و "ليس على السائل من حرج" وعبد الجواد يهز رأسه بالنفي ويردد “لا أجرؤ...لا أجرؤ". استمر الشيخ بحثّ عبد الجوّاد لفترةٍ حتى لان بعض الشئ وبدى مستعداَ لفضح تساؤله بعد أن استحلف الشيخ بعدم البوح بما سيقول لأي مخلوق كان وان يعذره مقدماً عن ماسوف يسببه له من أذى نفسي والشيخ يهز رأسه بالموافقة مستعجلاً عبد الجوّاد للبوح بما عنده. مرت لحظة من الصمت كأنها الدهر كله وعبد الجوّاد مطأطئ الرأس والشيخ محدّقٌ في وجهه عبد الجوّاد فاغراً فاه ينتظر البوح بالسؤال المكنون في نفس عبد الجواد لأربعة سنين. رفع عبد الجوّاد رأسه ليكسر حاجز الصمت بقوله "يا شيخي وأستاذي الجليل...راودني هذا الشك والتساؤل المشؤوم منذ اليوم الاول لدخولي الازهر الشريف وكان دوماً يطرق أبواب عقلي نهاراً ويؤرق مضجعي ليلاً ........لو كان الله غير موجود فماذا نفعل؟ قفز الشيخ من مقعده وانتصب مذعوراً وكأن عقرباً لدغه وسارع الى جبّتهِ التي كان قد حسرها عن رأسه فاعتمرها بحركة لاشعورية ثم امسك بقوة بمسبحته ذات المئة وواحد حبة بكلتا يديه وكأنها حبل النجاة مردداً بصوت عالي "استغفر الله واعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم" وكأنما في ترديده الاستغفار والاستعاذه بصوت عالي ما يبني به جداراً حول عقله يمنع به تغغل كل المحرمات ومنها هذا السؤال الملحد. ولكن هيهات فنور العقل ينفد من وراء الشقوق في جدار المحرمات فيفتت تماسك احجاره بقوة المنطق. فبينما الشيخ لا زال يسد فراغات جدار المحرمات بدفعات من الاستغفارات والتعاويذ كان نور العقل ينفد من الشقوق ويهدم ما بنى ليصل الى التساؤل الملحد لينعكس منه الى العقل ثانية فيؤدي الى سلسلة من الاستنتاجات المنطقية بدأ يرددها متفكراً بعد ان توقف عن ترديد الاستغفارات والتعاويذ وهو يحدق في سقف الديوان "لو كان الله غير موجود......يعني كلام القرآن ليس كلام الله......يعني هو كلام محمد اللي وهو بشر مثلنا... وكلامه يحتمل الصح والخطأ......يعني الشريعة التي استنبطها أئمتنا الكبار مالك بن انس وابو حنيفة النعمان واحمد بن حنبل... والشافعي... والاشعري وغيرهم لا تعدوا عن استنتاجات بنيت على كلام الله .. اللى هوَغير موجود... استغفر الله استغفر الله... ورسول ينطق بما عنده ليس من الله... استغفر الله ". صمت واطرق في الارض برهة ثم عاود الكلام "يعني الدولة والأمة المصرية كلها كانت ولا زالت ولمئات من السنين تأخذ بأراء وتفسيرات فالسو (اي كاذبة) من فقهاء الازهر اللي اعتمدوا القرآن والاحاديث النبوية". يصمت برهة ثم يعاود الكلام مرة أخري وهو يهز رأسه بأسى " اذا الله غير موجود ... يعني اني صارلي عشرين سنة في الازهر ادرس وادرّس مادة ليس لها اساس حقيقي" وفجأةً تراءى له انهيار كل المنظومة المنطقية الني بُني عليها المجتمع الاسلامي ومعها عالمه الفكري ومقومات مهنته التي افتخر بها لكونه شيخاً من شيوخ الازهر فردد بقنوط وهو يلطم على رأسه وعبد الجوّاد يخفف عليه ويحاول ان يمنعه "اذا كان الله سبحانه وتعالى غير موجود ...يعني طوال عشرين سنة كنت ولا زلت يا شيخ الازهر ...يا ابو محمد... تاكل هباب ... تحكي هباب... تنطق هباب ".

العبرة من هذه الحدوثة ليست مسأله وجود الخالق من عدمه بل هي في انهيار المنظومة الاجتماعية المبنية على اساس بديهيات فكرية مٌسّلَم بحقيقتها عندما يتزعزع ويتقوض الاساس الفكري لها. وهي في مجتمعنا الاسلامي اله واحد كامل الصفات ورسول يتلو ما اوحى اليه من الله ليسطَر في قرانٍ لا يأتيه الباطل . فكان القرآن اساسا لدين الاسلام الذي بنيت حوله شرائع وتفرعت منه طوائف وملل وعادات واعراف اجتماعية استلهمت من الدين والطائفة والملّة ما يؤيدها ويثبت بناءها الاجتماعي المعقد. حتى اصبح الدين والطائفة والملّة جزءاً اصيلاً من الهوية الشخصية لمعظم الناس في ظل مجتمع يدين معظمه بدين الاسلام. لذلك نرى عقلاء الناس وقادتهم الحريصين على المحافظة على المجتمع واللحمة بين طوائفه وملله حريصين ايضاً على المعتقد الديني بالرغم من علمهم بما يشوبه من عدم تجانس وثغرات كبيرة يحاولون ردمها بمساومات بائسة. ولكن هنالك تخبّط وعدم وضوح رؤية تنذر بالاسوأ فنرى اصوات جوقة المصلحين وحسني النيّة تتعالى دفاعاً عن الاسلام المتسامح المتعايش بأنسجام مع باقي الملل والنحل داعمين ذلك بآيات من مثل " لكم دينكم ولي دين – سورة الكافرون /6" او "ادعُ الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن – النحل /25" متناسين ويلات الفكر السلفيّ المتزمت وما سببه من خراب اجتماعي الذي يدعم مواقفه بعشرات من الايات القرانية من مثل "ان الدين عند الله الاسلام – سورة ال عمران /19" و "ومن يتبع غير الاسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين – سورة ال عمران /85 ". وهنالك ايضاً رافعي شعار "الاسلام هو الحل" الداعين الى نبذ وتكفير القوانين الاجتماعية المدنية واتّباع نهج اجتماعي يهتدي بالتشريعات الاسلامية (سنية كانت ام شيعية) في مجتمع يصبو الى التقدم والتحرر والديمقراطية ، فاخالهم اناس اصابهم هوس التعصب الديني بلوثة عقلية افقدتهم منطق التواصل مع الواقع المعاش او اخالهم لا يصدّقون ما يدعون له بل يسعون الى منفعة مادية اوكسب سياسي من عامة جاهلة مستعدة لتصديقهم. فكيف لما شُرّع لمجتع عاش قبل اكثر من الف سنة ان يحل مشاكل اجتماعية في عصر العولمة وتكنلوجيا المعلومات. وهنالك من يشجب ويغطي عيوب التشريعات والفتاوي المشينة ويدعي انها ليست من الاسلام بشئ بل ادخلها فقهاء لا يفقهون الاسلام الصحيح فيأتون بشذرات امثلة من القرآن والسنة عن اسلام متسامح ومنفتح على العصر ولكنهم لم يفصحوا عن اي منظومة متجانسة متكاملة يمكن ان تصلح بديلاُ عصرياً. وهنالك من يدّعي أن الاجتهاد فتح جادّة الدين ليسير في طرق الحداثة ويفتي بما يصلح لها...... اهو مثل الاجتهاد الحديث جداً برضاعة الكبير! ...ام هو مثل الاجتهاد بجواز التفخيذ مع الطفلة!! . ان صم العيون والاذان اليوم عن عيوب فقه ديني متحجّر وتراث اسلامي تنخر فيه الخرافات والاكاذيب المتوارثة من السلف الصالح لترقيع صورته لايمكن ان يخلق الّا صوراً مهللهلة لا تقنع من له عقل ولا يمكن ان تأخذ على محمل الجد في عصرنا هذا ، ولا يمكن كذلك ان تكون اساسا لدستور دولة حديثة يصر عليه بعض من تسنم السلطة حديثا من الاسلاميين. وقد يقول البعض ان الشعوب الاسلامية الان تعاني من ضياع الهوية الحضارية وما الدين الذي يجري على هوى الطائفة الّا هوية يتمسك بها من عانى من ضياع الهوية. نقول ليست الهوية الطائفية اوالعرقية اوالقومية بديل عن الهوية المتكاملة فليس الجزء اكبر من الكل ومجموع الاجزاء كلها تتكامل مع الهوية الشخصية في الهوية الوطنية



#موفق_كمال_قنبر_وفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - موفق كمال قنبر وفي - شيخ الازهر والطالب النجيب قصة قصيرة ذات عبر