أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - لا للقصف الجوّي الهمجي في سوريا واليمن!














المزيد.....

لا للقصف الجوّي الهمجي في سوريا واليمن!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 14 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينقسم الجمهور السياسي العربي إلى فئتين رئيسيتين: فئة تندد بالقصف الوحشي والمدمِّر الذي يمارسه النظام السوري وسيّده الروسي على المدن والأرياف السورية، وتسكت عن القصف الوحشي والمدمِّر الذي يمارسه التحالف الذي تقوده المملكة السعودية على المدن والأرياف اليمنية، هذا إن لم تكن تؤيد هذا القصف الأخير؛ وفئة أخرى تندد بالقصف الوحشي والمدمِّر الذي يمارسه التحالف الذي تقوده المملكة السعودية على المدن والأرياف اليمنية، وتسكت عن القصف الوحشي والمدمِّر الذي يمارسه النظام السوري وسيّده الروسي على المدن والأرياف السورية، هذا إن لم تكن تؤيد هذا القصف الأخير.

ونكاد لا نسمع صوت الفئة الثالثة، أي فئة الذين ينددون بالقصفين، ويعتبرون أنهما إجراميان على حد سواء (حتى وإن صحّ أن قصف النظام السوري وسيّده الروسي قد تسبَّب بعدد أكبر بكثير من القتلى وبحجم أعظم بكثير من الدمار). لكنّ هذه الفئة الثالثة موجودةٌ، بل هي بالتأكيد أكثر انتشارًا واتساعًا مما يوحي به صمتها. إنها فئة الذين واللواتي يضعون مصلحة الشعوب وسلامتها فوق أي اعتبار سياسي ولا يقبلون بالمنطق البائس الذي يرى أن "عدوّ عدوّي صديقي" بصورة تلقائية، بصرف النظر عن طبيعة هذا "الصديق" والقِيَم التي يمثّلها والأهداف التي يسعى وراءها. والحقيقة أن القوى المضادة للثورة التي هبّت في وجه الانتفاضة العربية الكبرى لعام 2011، والمعروفة باسم "الربيع العربي"، قوى متعدّدة الأنواع والأشكال.

فالنظام السوري والنظام السعودي كلاهما ركنان رئيسيان من الأركان التي قام عليها النظام العربي القديم العَفِن، ذلك الذي هبّت الانتفاضة في وجهه حالمةً بأن تتمكّن من أن تكنّسه وأن تُحِلّ محلّه نظامًا يوفّر "الخبز" (أو العيش، كما يُقال بالدارجة المصرية) والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية"، وهي العبارة التي جرى تداولها في ساحة التحرير القاهرية وغيرها العديد من الساحات والتي لخّصت خير تلخيص أماني "الربيع العربي”. والغاية من القصفين، سواء ذلك الذي ينفّذه النظام السوري وسيّده الروسي أو ذلك الذي ينفّذه النظام السعودي ومن لفّ لفّه، إنما هي واحدة في جوهرها، ترمي إلى وأد السيرورة الثورية التي انطلقت شرارتها من تونس في 17 ديسمبر/ كانون الأول قبل ستّ سنوات.

إن دور النظام البعثي في سوريا وداعميه الإيراني (مع أتباعه) والروسي في مواجهة الثورة السورية، وقمعها بأبشع وأحقر الطرق وأكثرها فتكًا وتخريبًا دورٌ جليّ بأقصى درجات الجلاء، الّلهمّ إلّا في نظر المتعامين الذين ينكرون الواقع أو يجهدون لتبريره فيصوّرون الانتفاضة على أنها مؤامرة خارجية مردّدين الحجة المعهودة لدى كافة الأنظمة الرجعية في وجه الانتفاضات والثورات. أما دور النظام السعودي في تصدّر الرجعية العربية فدورٌ يشهد عليه تاريخ المملكة بأكمله، لا سيما منذ أن بدأت رياح التحرر من الاستعمار والإمبريالية تعصف بالمنطقة العربية. ولم يشذّ عن القاعدة التاريخية سلوك المملكة ومن لفّ لفّها من الأنظمة في مواجهة الانتفاضة العربية. فقد تراوح بين التدخل القمعي المباشر كما جرى في البحرين، ودعم النظام القديم بشتى الطرق كما جرى في تونس ومصر، وتشجيع وتمويل الجماعات السلفية في سوريا بغية إغراق الانتفاضة في إيديولوجية دينية طائفية تناسب المملكة، وتحاصر الخطر الديمقراطي الذي شكّلته الثورة السورية على الاستبداد العربي بكافة أوجهه، وليس على النظام البعثي وحده.

في اليمن، البلد المجاور الذي تخشى المملكة نتائج وانعكاسات ما يحصل فيه أكثر مما في أي بلد عربي آخر، تدخّلت لترعى اتفاقًا بين علي عبد الله صالح الرجعي بامتياز ومعارضة طغت عليها القوى الرجعية. وكان محتومًا ألا يصمد طويلًا ذلك الاتفاق البائس، فانهار وانهارت معه الدولة اليمنية ودخلت البلاد بدورها في جحيم الحرب. وليست الحرب اليمنية حربًا بين فريق ثوري وآخر مضاد للثورة، بل بين معسكرين مضادين للأماني الأساسية التي ثار من أجلها الشباب اليمني في عام 2011. فالتدخّل الذي تقوده المملكة السعودية هو انحيازٌ لطرف في حرب بين طرفين رجعيين ولاعتبارات تتعلق حصرًا بالأمن السعودي، وهو تدخّل تنسجم أداته الرئيسية مع طابعه الرجعي، ألا وهي القصف الجوّي على المناطق السكنية غير المبالي بقتل المدنيين، شأنه في ذلك شأن القصف الروسي في سوريا، ناهيكم بتعمّد النظام السوري قتل المدنيين.

لذا لا بدّ لكل الأوفياء للآمال التي خلقتها الانتفاضة العربية، الحريصين على إحياء السيرورة الثورية التي أطلقتها تلك الانتفاضة، وأصابتها انتكاسة خطيرة بعد سنتين من انطلاقها، لا بدّ لهم أن يحافظوا على انسجام الموقف في التنديد بالهمجية الرجعية المنهالة من الجوّ من أي مصدر أتت. وهذا وجه من أوجه بناء قطب تقدّمي في المنطقة العربية مستقلٍ عن كافة أقطاب ومحاور النظام العربي القديم ومعارضاته الرجعية، وهو الشرط الذي لا بدّ من توفّره إذا كان للثورة العربية أن تحيي من جديد وتواصل المسار الذي بدأته قبل ست سنوات، وهو الأمل الوحيد في الخروج من الوضع الكارثي الذي انحطّت إليه المنطقة.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تدخل الدولة التركية في سوريا
- هل يستطيع الشعب إسقاط النظام والدولة لا تزال قائمة؟
- االربيع العربي وانتكاسته و اليسار -الزائف-
- نحو يسار تحرري وتقدمي في الشرق الأوسط
- ماذا حلّ بالربيع العربيّ؟
- فرنسا تعود إلى حالة الطوارئ
- حول العمليات العسكرية الروسية في سوريا
- المركزية الديمقراطية والمركزية البيروقراطية
- العالم العربي: “نحن ما زلنا في هذه السيرورة الثورية المنطلقة ...
- حول هجمة أواخر الربيع للدولة الإسلامية، ومستتبعاتها
- حوار مع جلبير الأشقر
- علينا أن نخلق قطباً ثالثاً
- ماذا تبقَّى من الربيع العربى؟
- هاجس انهيار للدولة السورية يستبد بالولايات المتحدة الأمريكية
- استمرار السيرورة الثورية في المغرب والمشرق وتحدياتها
- جلبير الأشقر- مفكر ماركسي من لبنان وأستاذ في معهد الدرسات ال ...
- ماذا يريد الشعب؟
- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: - المنطقة دخلت سيرورة ثورية مديد ...
- لا مناص من المرور عبر تجربة الإسلاميين في السلطة
- -الرأسمالية المتطرفة- للإخوان المسلمين


المزيد.....




- كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش ...
- -لا توجد ديمقراطية هنا، هذا هو الفصل العنصري-
- -لا نعرف إلى أين سنذهب بعد رفح-
- شاهد: طلقات مدفعية في مناطق بريطانية مختلفة احتفالاً بذكرى ت ...
- باحثة ألمانية: يمكن أن يكون الضحك وسيلة علاجية واعدة
- من يقف وراء ظاهرة الاعتداء على السياسيين في ألمانيا؟
- مصر تحذر من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح
- ماذا تكشف روائح الجسم الكريهة عن صحتك؟
- الخارجية الروسية توجه احتجاجا شديد اللهجة للسفير البريطاني ب ...
- فرنسا تتنصل من تصريحات أمريكية وتوضح حقيقة نشرها جنودها إلى ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - لا للقصف الجوّي الهمجي في سوريا واليمن!