أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - خالد شوكات - الجزيرة في الاتجاه المعاكس لقطر















المزيد.....

الجزيرة في الاتجاه المعاكس لقطر


خالد شوكات

الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:21
المحور: الصحافة والاعلام
    


ترتبط وسائل الإعلام عادة بمموليها ورعاتها، سواء أكانوا دولا أو أشخاصا عاديين. وينعكس هذا الارتباط بالأساس، على السياسة التحريرية لهذه الوسائل، على نحو تخدم فيه مصالح أو مبادئ أصحابها، فقد أنتجت الأنظمة الشمولية على سبيل المثال، صحفا وتلفزيونات على شاكلتها، لا تمل من ترديد الخطابات الخشبية، فيما ابتكرت الأنظمة الديمقراطية وسائل الإعلام الحرة، التي تلتزم الحياد الايجابي في التعاطي مع القضايا المطروحة، وتتطلع ما أمكنها إلى تزويد المواطن بالمعلومة الحقيقية والتحليل الموضوعي.
والمتابع لمسيرة قناة الجزيرة القطرية، الممتدة على تسع سنوات مضت، لا بد وأن يحيد عن هذه القاعدة فيما سيصل إليه من استنتاجات، فالقناة لا تتفق في خطها التحريري مع التوجهات السياسية لدولة قطر، أو هكذا يبدو ظاهر الأمور على الأقل، تماما مثلما تختلف هذه الوسيلة الإعلامية المميزة في ملامحها العامة، وفي ما يبدو ثوابتا لها، مع ملامح إمارة قطر العامة، وخصوصا آراء و وجهات نظر كبار رجال الدولة القطرية ورموزها، على الأقل فيما يتعلق بقضايا المنطقة الرئيسية، وفي مقدمتها بطبيعة الحال، القضيتان العراقية والفلسطينية.
ولعل هذا التناقض بين الجزيرة وصاحبتها دولة قطر، مناط حيرة واستغراب وتساؤل لدى كثير من المهتمين، من العرب وغير العرب، واعترف شخصيا بأنني لم أجد طيلة سنوات من البحث والاستقصاء والحوار مع أطراف متعددة داخل القناة وخارجها، أجوبة تشفي الغليل وتقنع العقل والمنطق، خصوصا ذلك الذي يرفض نظريات المؤامرة، ويعتمد أدوات التحليل السياسي العلمية وسيلة رئيسية لاستجلاء الحقيقة.
إن الحديث الواثق الذي يظهره بعض أهل الحزيرة عن وجود مخطط حقيقي لدى الرئيس بوش لضرب مكتب القناة الرئيسي في الدوحة، ليس إلا دليلا إضافيا على مشروعية الاستغراب والحيرة والتساؤل لدى المهتمين بأمر القناة القطرية، فالجزيرة ليست موجودة في ايران أو سوريا أو كوبا أو كوريا الشمالية، أو حتى في أي دولة أخرى من الدول الموجودة على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، إنما هي موجودة في قطر، وليست قطر إلا دولة عزيزة جدا على قلب واشنطن، وهي حليف أساسي واستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة العربية.
لقد جاءت الجزيرة ثمرة حزمة من الإصلاحات والتغييرات التي صاحبت التغيير السياسي الكبير الذي شهدته قطر بعد وصول الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الحكم سنة 1995، وقد اشتملت هذه الحزمة على ثورات صغيرة هادئة وصاخبة في أكثر من مجال، جعلت من الدوحة مركزا ماليا واقتصاديا وعنصر جذب يسير وينافس ويتشبه بإمارة دبي بقوة على أكثر من صعيد وسياسة. وقد استندت هذه الثورات إلى مرجعية ليبرالية تحديثية وانفتاحية لقادتها، الممثلين بالأساس في ثلاثة، الأمير، وأقوى زوجاته الشيخة موزة بنت المسند، بالإضافة إلى وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الذي قيل أنه صاحب الحصة الأكبر، أو ربما صاحب كل الأسهم، في شركة "الجزيرة" الفضائية.
وإذا ما جرى الحديث عن الأخير، أي الشيخ حمد بن جاسم، فلا شك أن الذهن سيستحضر رجال سياسة عرب من طينة خاصة ونادرة، أهم ما ميزهم جرأتهم السياسية الاستثنائية، ونزعتهم الليبرالية والبرغماتية الفطرية، ومن هؤلاء على سبيل المثال الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة، والزعيم المصري أنور السادات، فقد التقى السياسي القطري مع هذين في عدم تردده في التصريح علنا بالمسكوت عنه، والتعبير بأكبر قدر ممكن من الشجاعة، عن وجهات نظر حيال قضايا عربية ودولية ساخنة، يدرك مسبقا عدم شعبيتها عربيا واقليميا.
وإن الناظر إلى السياسة الخارجية القطرية، سيلحظ دون عناء أنها كانت انعكاسا لشخصية القائم عليها الشيخ حمد بن جاسم، حيث كانت قطر أول دعاة التواصل مع الدولة العبرية خلال السنوات الأخيرة، كما لم تتردد في منح ما يناهز ربع أرضها ومياهها الإقليمية للجيوش الأمريكية، لانجاز مهمة إسقاط نظام صدام حسين وبناء نظام جديد بديل له بملامح مختلفة، فضلا عن إقامة أهم مركز خارج الولايات المتحدة لقيادة الحرب ضد ما يسمى بالجماعات الإرهابية.
وبالقدر الذي كان فيه الشيخ حمد بن جاسم مخلصا لمشاريع التغيير الأمريكية والدولية في المنطقة، سواء ما تعلق منها بالعراق أو بفلسطين، عن قناعة تامة واعتقاد منه بأن في ذلك تحقيقا للمصالح العربية، فإن توجهات الجزيرة بدت مغايرة، فبإسم الانحياز للحقيقة جرى توفير أهم وسيلة اتصال لقادة تنظيم القاعدة مع قواعده في مختلف أنحاء العالم، وتعبئتهم في معاركهم المقدسة المتواصلة، وبإسم مناهضة الحرب على العراق، دخلت الجزيرة طرفا في التحريض على بناة النظام العراقي الجديد، والتشكيك في شرعية وجودهم، بل شرعية المؤسسات السياسية التي ساهموا في بنائها، تماما مثلما أضحت الجزيرة بإسم معاداة الطائفية حليفا وثيقا لرموز طائفة عراقية بعينها ومناطا لإبلاغ مطالبهم وانتقاداتهم وحروبهم ونزاعاتهم، إلى جانب الحط من شأن أعدائهم وتسفيه توجهاتهم وبرامجهم.
وإنه لمفارق أيضا، أن يجري التخطيط لبناء دولة قطر الجديدة على أسس حداثية وليبرالية وديمقراطية، يتم فيها ربط اقتصادها المحلي بالسوق العالمية، وتجري فيها مراجعات قانونية وسياسية شاملة تعزز مكانة حقوق الإنسان والمؤسسات والمرأة وتحث الخطى نحو ديمقراطية واعدة في منطقة عرفت بنزعتها المحافظة المنغلقة، فيما تظهر الجزيرة وكأنها ترتد من وسيلة إعلام اكتسبت شعبيتها من مساحة الحرية الكبيرة التي منحت لطاقمها التحريري، وفسحها المجال أمام الأصوات الناقدة لواقع الفساد والديكتاتورية السائد في البلاد العربية، والمطالبة بإصلاحات ليبرالية وديمقراطية، إلى وسيلة لنشر الأفكار الشعبوية والانتصار للعقلية الشعاراتية والتحريض على كراهية الولايات المتحدة الأمريكية والتعبئة ضد القوى الإصلاحية والديمقراطية.
إن التذرع بالحياد والمهنية يبدو في كثير من الأحيان مضللا، وإن فكرة وسائل الإعلام الحرة، هي فكرة ليبرالية بالأساس نشأت في إطار التطورات الحضارية التي شهدتها البلدان الديمقراطية في الغرب، وحياد المؤسسات الإعلامية الكبرى كالبي بي سي البريطانية، لم يكن ليعني أبدا السماح بتحويل برامجها أو نشراتها الإخبارية إلى وسائل تواصل بين الجماعات النازية والفاشية والعنصرية والمحرضة على الكراهية، وبين قواعدها، وعندما يكون الطرفان المتحاربان، جهات تدعو إلى قتل المدنيين الأبرياء، وأطراف تعمل على حماية المواطنين، فإن الحياد السلبي يصبح تواطؤا وجريمة لا تغتفر.
لقد كان التطلع إلى أن تكون الجزيرة آلية في يد المجتمع المدني العربي لمساعدته على الانتصار في معاركه ضد التخلف والفساد والطغيان، وتكريس القيم الإنسانية المشتركة وهي لو واصلت التوجهات التي بدت عليها في بداياتها لكانت للعرب بمثابة فرصة تاريخية، غير أنها في حالتها المتأخرة هذه قد انجرفت تدريجيا إلى أن تكون وسيلة لتنفيذ برامج وأجندات جماعات سياسية إسلامية وقومية متشددة، وأظهر عدد من القائمين على إدارتها، وخصوصا بعض وجوهها البارزة، رغبة في الظهور بمظهر المحاربين في آخر قلاع التصدي والمواجهة، مكررين مشاهد عنترية "سعيدية" و"صحافية" لا مبرر لها.
ولا يتردد عدد من أفراد طاقم الجزيرة، في ابداء الامتعاض من تراجع العقلية الليبرالية في هيئتها الإدارية والتحريرية، وفي التعبير عن اعتراضهم إزاء الطرق التي يتم سلكها في عملية التوظيف وإدارة موارد القناة البشرية، على نحو يعكس رغبة طرف سياسي في الهيمنة على سياستها الإعلامية..وعموما فإنه لا أحد يعلم على وجه الدقة، ما إذا كان كل ما يجري في القناة، مراقب بدقة من قبل أهل الشأن القطري، وما إذا كانت توجهات القناة جزء من السياسة الداخلية والخارجية القطرية ووسيلة لتحقيق مصالح قطر العليا، أم أن الأمر خارج عن ذلك، وهو ما لا يمكن تصديقه، ناهيك عن استساغته وقبوله.



#خالد_شوكات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمهورية العربية..رعب وفساد وتوريث!
- لماذا انتصرت -المدنية- على -المكية- في السيرة النبوية؟
- حول النسخة الحكومية للديمقراطية العربية
- ما هكذا تحكم تونس
- تونس دولة دينية
- تونس التي تحتقر السياسة
- ليبيا الطرزانية
- ليبرالية استيعاب لا إقصاء
- تونس بدون حركة إسلامية؟
- استكمال الاستقلال..من تحرير الأرض إلى تحرير الانسان
- شهادة يابانية في الديمقراطية العربية
- إعـــــلان تأسيس قناة -العفــو- الفضائية
- الليبراليون الجدد.. أو الليبرالية كما أفهمها
- لبنـان..حيث -الاستثناء الفاسد- يطرد -الاستثناء الصالح-
- أليست الدولة العلمانية ضرورة دينية؟
- الدولة العلمانية


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - خالد شوكات - الجزيرة في الاتجاه المعاكس لقطر