أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وسام حسين العبيدي - جماليات الرؤيا في نص (أنا أرى كلكامش) للشاعر عبد الكريم راضي جعفر















المزيد.....

جماليات الرؤيا في نص (أنا أرى كلكامش) للشاعر عبد الكريم راضي جعفر


وسام حسين العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


جماليات الرُؤيا في نص (أنا أرى كلكامش) للشاعر عبد الكريم راضي جعفر
د. وسام حسين جاسم العبيدي
تنشغل النصوص الإبداعية بمهمة الكشف عن مناطق جمالية تستقطب المتلقّي وجعله سائحًا يرود تلك الجُزَر الموغلة في الإدهاش الفكري واللغوي على حدٍّ سواء، قد يكون هذا التبسيط الذي افترضه الباحث شبه اتّفاقٍ بين أكثر الذين تناولوا النصوص الشعرية حرثًا في معناها ومبناها، الأمر الذي دفعهم أنْ يُجنّدوا طاقاتهم العلمية وملكاتهم في رصد تلك الظواهر الجمالية، ومن ثمّ التدليل عليها، استبآرًا لمقتنياتها الفكرية ومن ثمّ وضعها على طاولة البحث وجعلها مادّةً جديرةً بالأخذ وتسليط الضوء النقدي عليها؛ لتنال حقّها بين جمهور المتلقّين من بين الكمّ الهائل من النصوص الشعرية غثّها وسمينها.
وإذ يُتاح لي الحديث عن نص (أنا أرى كلكامش) للشاعر الناقد الدكتور عبد الكريم راضي جعفر، فيحقّ لي أنْ أصفه بما وصف به الشاعر في كثيرٍ من كتاباته بأنّه (الذي يحوّل آلام الدم إلى كتابة) ففي هذا النص الشعري الذي ينتمي إلى قصيدة النثر - بوصفها جنسًا أدبيًّا حديثًا شقّ طريقه وأثبت مرتكزاته الإبداعية بين أجناس أدبية أخرى نالتْ هويّتها الأدبية عبر مئاتٍ من السنين- يُقدّم لنا الشاعر حواريّته ذي الصوت الواحد مع الرمز التاريخيّ ذات البُعد الأسطوريّ (كلكامش) الذي أخذ مساحةً شاسعة في المدوّنات الأدبية والثقافية من حيث حراكه هو وصديقه (أنكيدو) للبحث عن عشبة الخلود، إلى آخر قصّتهما المعروفة، إلا أنّ الشاعر وقف على تخوم تلك القصّة وجعل يُعيد صياغتها بنَفَس الشاعر المسكون بهمّ وطنه المُستباح، فجعل يستطرد منذ بدايات تلك القصّة التي افتتحها (كلكامش) بقوله: "هو الذي رأى كلّ شيء فغنّي بذكره يا بلادي" فتبدأ بهذه المقدمة في تعريف بطل الرواية وموضوعها بل حتى نتيجتها ونهايتها بطريقة استباقية تشير إلى ما ستتمخض عنه القصة في كل مراحلها فكانت رُؤيا الشاعر بديلاً عن رُؤيا كلكامش، عبر حواره لـ(كلكامش) الذي وصفه بالصديق العتيق، وهنا تتبدّى المفارقات التي يتعنقد النصُّ بآلياتها الصادمة لأفق تلقّيه، مرورًا بهذا الوصف الذي يُظهر مدى اندكاك الشاعر بالهم الإنساني الأوحد الذي شغل الماضي والحاضر من أبناء وادي الرافدين، فجعلهم أصدقاء يجمعهم ذلك الهمُّ المشترك، ألا وهو الموت وكيفية الخلاص من شباكه وأحابيله بالبحث عن سبيلٍ للخلود وجده كلكامش متمثّلاً بعشبةٍ بَحْرِيّةٍ، ومن ثمّ كان للأفعى دورها في سرقة هذه الوصفة السحرية، أما الإنسان الحديث – وأعني الشاعر- فلم يجد تلك العشبة، ولا غيرها مما يدفع عنه أذىً مُستطيرًا تخفق بنوده على رُؤوس العراقيين كل يوم؛ لذا كان حواره مع (كلكامش) مزيجًا بين شعورين متناقضين أحسّهما الشاعر وهو في كهنوت رُؤياه: الأول مفعمٌ بالحزن وقتامة الصورة التي ترسمها الأحداث اليومية في هذه البلاد المُبتلاة بالموت المجّاني، فكانت نقوش كلكامش مترجمةً على واقع الأرض بأصوات السيارات المفخّخة وأزيز العبوات الناسفة ونواح النساء التي تبكي أعزتها من بنين وأزواج، وذلك بقوله:
يا صديقي العتيق..
أكلكامش:
أنا الذي رأيتك..
تنقشُ في لوحٍ من الماء والطين.
وجلد غزال
صوت سيارةٍ مفخّخةٍ،
وصُراخ عبوةٍ ناسفة،
ونواح امرأةٍ تلبس التاج.
أما الشعور الثاني، ففيه بصيصُ أملٍ لاستعادة المجد الضائع، وإرجاع تلك اللحظات المشرقة من تاريخ هذه البلاد وجعله بديلاً عن الوجع المقيم والخراب الدائم الذي ضرب أوتاده، وذلك حين يُحاول الشاعر أنْ يُسلّط الضوء لا على ما تحقّق الآن من نزيفٍ يوميٍّ من دماءٍ ودموع، بل لما يمكن أنْ يكون بديلاً لتلك المعاناة، فيرى أنّ تلك المرأة التي بكت أبناءها لم تكن إلا ردّة فعلٍ لما اعتراها من حزنٍ هزّ وجدانها، فجعلها تنوح، وإلا فهي الشامخة بسؤدد حضارتها العريقة، فكانت – بحسب هذا الإعتداد بأمجادها- ملكةً يصف تاجها:
زقورةً من بوادي سومر
معفّرةً بالماس، والهور،
وفي هذا الوصف تشتبك مقوّمات الأصالة المادّية والمعنوية؛ لتشكّل هويّةً الشخصية الرافدانية، فتكون مؤهّلةً لأن تنفض عنها غبار المآسي وتصنع المجد وتعيد بريق الجمال إلى ربوعها.
ومن ثمّ يعيد الشاعر دفّة حواره إلى (كلكامش) بوصفه سيّدًا لم يهدأ له بال ولم تفتر عزيمته إلا بالحصول على عشبة الخلود، وهذا ما يُشكّل أبرز معالم انبهار الشاعر بهذه الشخصية المثابرة على تحقيق طموحها، إلا أنّه رآه مُطلاًّ على مآسي ما يحصل في العراق، فيبكي تارةً على طفلةٍ منتثرة الأشلاء، موزّعة الأصابع، مُحاولاً أنْ يستجمعها، كما الثوب المُمزق الذي يُحاول الفقير عبثًا أنْ يُرتّق أوصاله، فتأبى الرجوع كما كانت، وهنا لا يملك (كلكامش) إزاء هذا الصورة المؤلمة إلا بأنْ ينفطر قلبه حزنًا، باكيًا مصرع طفلة، وقد أجاد الشاعر حين أتى بكلمة (طفلة) منكَّرةً؛ ليعمّم هذه الظاهرة على جميع من قُتلوا من الأطفال في هذا العصر، كذلك كان للتنكير دلالته في هذا النص بأنْ يُبرز مدى استنكاره قتل الأطفال، واستبشاعه مثل هذه الجرائم التي يقع الأطفال ضحيّتها.
وتعمل الإزاحة الفنّية التي (مَنْتَجها) الشاعر وأضفى عليها ممّا يتخيّله المشهد من مشاركة (أنكيدو) لحزن صديقه على مصرع هذه الطفلة بهذه الطريقة الموغلة بالوحشيّة، تعمل على تعميق الأثر الوجداني وتفعيل مشاعر القارئ الحزينة لدى انصدامه به، إذ يقول:
أنا الذي رأيتك،
تبكي،
على طفلةٍ نثرتْ أصابعها
واحدًا واحدًا..
تُرتّقها، كما الثوب، لكنّها انتثرتْ،
في رمادٍ، وريحٍ، ونارْ !!
ثمّ انفطرتَ باكيًا..
فانكفأ (أنكيدو) حسيرًا،
وبتّ حزينًا..
ويستمرُّ الشاعر بحواريّته مع صديقه العتيق (كلكامش) إلا أنّه ينقل كلامه بقوله:
قُلتَ:
من ذلك الذي يلبسُ النارَ؛
فانكسحَ الزرعُ، والضرعُ،
والناسُ من حقله ؟!!
قالوا: الفتى العراق الوسيم !!
الفتى الوسيم العراق!!
وفي قول (كلكامش) استشرافٌ لما سيتحمله العراق من مآسٍ وويلات، فهو القادر على أنْ يلبس النار، الأمر الذي يكسح الزرع والضرع، وحتى الناس من حقله، فكلُّ تلك الخيرات إنّما صاحبها مآسٍ وويلات بالقدرِ نفسه، وكأنّ القَدَر الذي جعل العراق يدفع ضريبة ما يكتنزه من ثروات طبيعية، فلذا كانت التفاتته إلى الهور ضربًا من التعالي على الألم الذي سيحلُّ بهذه البلاد، وكانت تلك القصائد التي ارتجلها من ألواح سومر خير معينٍ له على البكاء الذي يعمل على تخفيف توتّره النفسي، ويجعله أكثر توازنًا، ومن ثمّ يراه في حالةٍ أخرى يلتذّ بنواحه انسجامًا ونواح النساء السومريات على ما فقدن من مُقلٍ غيّبتها القبور. فيقول:
التفتّ إلى الهور،
مرتجلاً، من ألواح سومر،
قصيدةً للبكاء،
وأخرى، للنواح اللذيذ؛
رأيت نساءً لسومر،
ينُحنَ على مُقلةٍ شاردة،
فبِتّ عجوزًا، تهشُّ عصاك على مجزرة
في أخٍ للفرات..
كلُّ تلك المآسي أحالت (كلكامش) إلى عجوزٍ بفعل الهمّ المتراكب وشتّى النوائب، فلا يستطيع أنْ يغيّر من قتامة المشهد وسخونة الأحداث الدامية التي عصفت ببلاد الرافدين سوى أنْ يهشّ عصاه غضبًا وانفعالاً لما يراه من مجازر يشهدها الرافدان، ولعل قوله: (في أخٍ للفرات) إشارة إلى مجزرة (سبايكر) تلك الجريمة البشعة التي شهدها دجلة أخ الفرات، وفي هذا الاستدعاء الرمزي تصعيدٌ لوتيرة الحزن في القصيدة وتكثيفٌ للدلالات الرامزة للأحداث المأساوية، إذ تعمل على تحفيز المتلقي بأنْ يتفاعل أكثر من دون التهاون في لغة القصيدة باللجوء إلى المباشرة والتقريرية؛ لذا جعل الشاعر ينتقل من مشهد لآخر بينهما مسافات زمنية ومكانية، وذلك باستدعاء فعل الذاكرة، فيخاطبه:
أتذكرُ ؟!
كنتَ مُرتبكًا حين انزوى القاربُ عن
قصب المسك، مرتبكًا، حين تنفّسَ
الصبحُ، ذبحًا، وخنقًا،
فباتت عَذارى العراق،
مُبرقعاتٍ بالسواد،
وبالنوح،
والأسئلة!!
وفي هذا المشهد يتوجّه الشاعر ليرسم خلجات صديقه القديم (كلكامش) في لحظةٍ زمنيةٍ عابرة إلا أنّها أسفرت عن تحريك مشاهد أخر أسهمت في إضفاء سحنتها القاتمة دلاليًّا، وجعل المشهد يتّكامل دراميًّا بفعل تلك المُؤثّرات الدلالية التي تعزّز مضمونه المفعم بالحزن، حين يتنفّس الصبح لا لأجل كونه يريد الاستمرار في الحياة، بل ليلفظ أنفاسه المختنقة، فكان لأجل ذلك الاختناق أنْ تبيت العذارى من بنات العراق مُبرقعات بالسواد والنوح؛ للفواجع التي استقبلنها، وهنّ على حالةٍ من القلق الذي تبثّه أسئلةٌ ذاهلة تنفر من شفاههنّ تعبّر عن حيرتهنّ من الآتي وذهولهنّ من الحاضر.
وفي مقطعٍ أخير ينهي الشاعر شريط ذكرياته مع (كلكامش) بقوله:
أتذكرُ ؟!:
كان في صفحتك (المهكّرة)
صورةُ امرأةٍ من مبغى أوروك،
تلوكُ بأغنيةِ البنفسج، والبئر، وحبل الرشا،
و(يوسف) وإخوته،
وماء الوجوه الكسيرة !!
استعمل الشاعر مثل كثير من شعراء الحداثة كلمات تعلن انتماءها للعصر الحديث، فكلمة (المهكّرة) أجنبيّة استعملها مرتادو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وتعني (الاختراق)، وهنا تتبدّى أمامنا مفارقةٌ أخرى تشدُّ انتباه المتلقّي وتجعله يبحث عن تأويلٍ يُخرجه من دوّامة الغموض المترشّحة من دلالة النص؛ نتيجةً لعدم الانسجام وغرابة المعنى الذي نقتطفه لأوّل وهلة، فكيف جمع بين (كلكامش) وصفحته (المهكّرة)؟؟ وهنا تبرز لُعبة الشعريّة في إثرائها الدلالي وجعل الرسالة – بتعبير ياكوبسن- مدار اهتمام المتلقّي؛ وذلك حين تُعبّأ بالرموز والكنايات التي تُنشّط القارئ وتعدّد قراءاته وصولاً لواحدٍ من معاني النص، فضلاً عن ذلك أنّ الشاعر يبثّنا رُؤياه عن طريق حديثه الاستذكاري مع صديقه العتيق (كلكامش) فتتضافر رؤُياه المفارقة للواقع بتفاصيله المُمِلّة، ودلالة المفارقة التي أشرنا لها من قبل؛ لتدع الشاعر متفرّدًا في تزريق ما يريده من رسالة إلى متلقّيه، وهنا تظهر عبقرية الشاعر في تطويعه اللغة وجعلها تتشكّل مثلما يشاء، فالصفحة (المهكّرة) تُشير إلى اختراق المآسي وتتابع الويلات على صفحة هذا الصديق العتيق، حتى غدا لا كما كان من قبل يُصارع الثيران فيهزمها، بل مُخترقًا من طغامٍ مجهولين لا أحد يقيم لهم وزنًا، ومن ثمّ كانت صورة امرأة تخرج من مبغى أوروك، إشارة إلى تلك البغيّ التي انطلق بها صيادو البراري – في ملحمة كلكامش بعد أنْ عاث أنكيدو بشباكهم- ليكسروا من طباع الأخير الحيوانية، ويرجعوه إلى آدميّته، وفعلاً تمّ ما أرادوا، حينما وصلت إليه ونضت ثيابها وكشفت عن مفاتن جسمها، فانشدّ لها وجعل يُبادلها الغرام، وبعد ذلك ذهبت به إلى أوروك ليلتقي بقرينه الجديد ويكونا صديقين حميمين بعد شجارٍ دام بينهما لساعات، إلى آخر القصة التي ذكرتها الملحمة ..
إنّ الشاعر تنصّل من كلّ هذه التفاصيل، وأشار مكتفيًا بصورة المرأة البغي؛ لإشعار القارئ أنّ هذه المرأة لم تكن مُرسلةً فحسب لتؤدّي ما كُلّفت به من مهمّة، بل هي عاقلة ناضجة الرُؤية حين جمعت بين شخصين فتصافيا بعد خلاف، وهنا أضفى الشاعر عليها مسحته الشعريّة الموازنة بين التحليق في عوالم الأسطورة وبين الواقع، فجعل مثل هذه المرأة تلوك بقصيدته التي كتبها من قبل، بعنوان: (ليل البنفسج وإخوة يوسف) التي عبّرت عن معاناة شعبٍ كاملٍ يعيش وعودًا صلعاء من قِبَل ساسة البلاد الذينَ دفعوا الناس لانتخابهم قادةً يمثّلونهم، ومن ثمّ كانت تلك الانتخابات تشريعًا أثبت ركائز ظلمهم وجعلهم يسرقون باسم الشعب من دون أيّ وازعٍ يمنعهم، أو ضميرٍ يردعهم، فالبنفسج الذي تلطّخت به أصابع الشعب بعد أنْ كان سبيلاً للخلاص من الظلم والاضطهاد في عيون عامة الشعب، أمسى ليلاً بهيمًا يُذكّرهم بالجرم الذي اقترفوه نتيجة ثقتهم العمياء بمن تصدّى للحكم في هذا البلد المستباح..!!
وهنا يختم الشاعر حواره مع كلكامش بقوله:
أكلكامشُ:
بِعتَنا بعُشبةٍ لا تموت ؟!!
أم أنّنا بِعنا هواك، فمِتنا جميعًا،
مثل نخلٍ عقيم ..
نعوذ بالله من الشيطان الرجيم !!
قل لنا:
هل تعودُ لنحرِ الذبائح،
أو لقتلِ ثورٍ هزيلٍ ذميم ؟!
ثورٍ هزيلٍ دميم ؟!
وفي هذا المقطع تتجسّد معاناة الشاعر عبر استفهاماته التي أطلقها في وجه صديقه العتيق، مُحاولاً الوصول إلى نتيجة تعينه على الثبات في زمن القلق والأرق، ومواصلة المسير من دون توقّف، ومن الطبيعي أنْ تتكرّس حيرة الشاعر ولا جدوى يقينه من الجواب الحقيقي، حين تحفل الوقائع بمتغيّرات وإشكاليات لا تلبث أنْ تهزّ كيان أمّةٍ كاملة إنْ كان لها مسكة تدبّرٍ فيما تقوم به من أفعالٍ جمعيّة تعبّر عن ضياع هويّتها وانعدام الرؤية الحقيقية التي تُؤشّر مناطق الخلل في مجمل سلوكياتها، الأمر الذي يدفع الشاعر بمناشدة صديقه (كلكامش) بأنْ يعود لنحر الذبائح الدالّة على الفرح والانتصار بتحقيق الطموح، وإيذانًا بانتهاء الظلم وانقشاع الظلام، بدلاً من سلوكه الأوّل حين كان ضالاًّ لا يعرف غير منازلة الثيران ومصارعتها، الدال على ضياعه وجهله بمسؤوليته لجهله بقدراته ومدى إمكاناته التي تغيّر من دفّة التاريخ فيما لو وجّهها في الطريق الصحيح.
لقد أثبتت لنا رُؤيا الشاعر في هذه القصيدة بما لا يقبل الشك، أنّها (( ليست الفكر مجرداً، أو وجهة النظر وحدها، وهي، أيضاً، ليست الموقف الفكري للشاعر معزولاً. بل هي كل هذه العناصر معاً، في مزيج جمالي وفكري حاد، متجانس، وشديد الغنى))( ) ، لتجتمع كل هذه العناصر معا لتكون الرؤيا في الإبداع، فالوقوف على رؤيا الشاعر الحقيقي لا تتم إلا عبر تفاعل أعماله كلها وتناغمها في سياق ينضح بالدلالة والتجسيد المدهش، والتعارضات الحية، دون أن يجافي بعضها بعضا أو يدحض أحدها الآخر أو يلغيه، بل ليزيده ثراء وديناميكية( )، وهذا ما لمسه القارئ في هذا النص الشعري الذي أثبت اشتراطاته الفنية الجمالية والفكرية على حدٍّ سواء، فكان بحق رُؤيا تختصر مسيرةَ شاعرٍ كبيرٍ مثل الدكتور عبد الكريم راضي جعفر.




#وسام_حسين_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وسام حسين العبيدي - جماليات الرؤيا في نص (أنا أرى كلكامش) للشاعر عبد الكريم راضي جعفر