أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالصمد فروات - الدولة السعدية في عهد أحمد المنصور الذهبي















المزيد.....


الدولة السعدية في عهد أحمد المنصور الذهبي


عبدالصمد فروات

الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 09:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدولة السعدية هي دولة حكمت المغرب خلال القرنين 16و 17 م وامتد نفوذها في عهد احمد المنصور الذهبي جنوبا إلى بلاد السودان كما ازدادت هيبة الدولة على الصعيد الخارجي ،الشيء الذي جعل من هذه الفترة فترة ازدهارو استقرار .
إذن ما هي وضعية الدولة قبل و صول احمد المنصور الذهبي للحكم ؟و ما هي مميزات فترة حكم احمد المنصور الذهبي؟ أسئلة سنحاول الإجابة عليها من خلا ل هذا العرض
-المبحث الأول:الدولة السعدية قبل و صول احمد المنصور الذهبي للحكم.
-المبحث الثاني : مميزات عصر احمد المنصور الذهبي على المستوى الاقتصادي و السياسي والاجتماعي و العسكري و الثقافي .

1 -الوضعية العامة لدولة السعدية قبل وصول احمد المنصور الذهبي للحكم
تعاقب على حكم الدولة السعدية مجموعة من السلاطين الدين ساهموا بشكل مباشر إما في نجاحها أو الإخفاق في تطورها ٬ بعدما انتهى عهد السلطان محمد الشيخ انطلق صراع حاد بين أبنائه عبد الله الغالب و عبد الملك حول تولي زمام الأمور٬ فقد استقر عبد المالك مند هده الفترة مع أمه الرحمانية في ديار اسطنبول عند السلطان العثماني مراد الثالث خوفا من بطش أخيه عبد الله الغالب الذي حصل على ثأر أبيه بعد قضائه على الترك في قصبة تارودانت . فرغم بعض محاولات التحريض التي قام بها أخيه مع السلطان مراد اتجاه عبد الله الغالب إلا أنها انتهت بالفشل نظرا للإغراءات المادية و الضرائب الشهرية التي وعده بدفعها له في كل فصل و موسم . والملاحظ أن أيام عبد الله المخذول قد سادت فيها الهدنة و الرفاهية٬ كما قام بتغاضي النظر عما كان يقع للمسلمين في الأندلس ٬فضلا عن حياته التي اتسمت حسب المؤرخ المجهول بشرب الخمر وإفطار رمضان إلى أن مات في آخر ليلة منه مخمولا. مما أدى إلى صراع آخر بين ابنه المتوكل و عمه عبد المالك الذي أتى من الجزائر برفقة أربعمائة رجل من الترك ٬كما حصل على مبايعة الناس له حينما وصل إلى فاس و دخوله لمراكش و أيضا أهل الأندلس بعد استغنائهم عن المولى محمد نظرا لما فعله عبد الله الغالب بهم خصوصا لما صادق النصارى و غش المسلمين ٬الشيء الذي دفع محمد إلى الاستنجاد بالنصارى .
وقد أعلن هذا الصراع عن اكبر معركة جسيمة شهدها القرن السادس عشر بحوض الأبيض المتوسط أمام الزحف البرتغالي ذي التكوين المسيحي المتشدد وكذا للمكاسب المسطر لتنفيذها بما فيها السياسية و الاقتصادية و الإستراتيجية ٬ بالإضافة إلى استغلال الملك دون سباستيان (1578-1557) الفرصة التي أتاحها لجوء محمد التوكل السعدي إليهم عقب تنحيته عن السلطة من طرف عمه عبد المالك .و كان من أهم التدابير التي شجعت النصارى على خوض هده المعركة مقاتلة عبد المالك في بلده و أرضه٬و قولهم لمولاي محمد ٍنحن خارجون و أنت معنا فان ضفرنا بالبلاد فلا قسم لنا معك فيها إلى السواحل و ما دونها فهو لك .
وقد احتمى المتوكل تحت ظل معركة وادي المخازن يوم الاثنين 30 جمادى الأول سنة 986 على الساعة الحادية عشر صباحا و انتهت مع الساعة الرابعة زوالا حسب ماذكره نيتو في مكان يقول عنه سهل و اسع و فسيح على ارض مكشوفة خلت تماما من كل ما قد يعرقل كالأشجار و ماشابهها ٬ حيت توخى السعديون من خلالها اشفاء غليلهم بعد إبدال جهد جهيد في وضع الخطط و المكائد ٬ و تنظيم الجيش و حسن استعمالهم لأحدث الأسلحة المتطورة لاسيما المدفعية التي أساء النصارى استعمالها و التي استطاع المغاربة من ورائها إحراز الانتصار على العدو البرتغالي٬ مما أدى إلى انهيار قوته العسكرية و المعنوية رغم تزايد أعداءه الذي فاق مرتين الجيش المغربي .فقد و صل إلى 72000 عنصر مزج فيه النساء و الأطفال و الشيوخ و أيضا بعض الجنود الذين أرغم عليهم خوض هده المعركة ٬بالإضافة إلى إصرار دون سباستيان على لمقاتلة و جعله الأسبقية للمشاة بدل الفرسان ٬ كما تم انعدام تنسيق الجهود وتوحيدها حين حمى الوطيس ثم ضيق المجال . لكن الأسباب الحقيقية لاندحار البرتغاليين لاتتجلى إلا في عاملين اثنين لا ثالث لهما :
1- انعدام قيادة تصدر عنها الأوامر .
2- عجز تام لإدارة عليا تسير الصفوف و تحافظ على النظام داخلها على عكس الانتصار المغربي الذي تم تفسيره بالتنظيم الجديد للجيوش السعدية الذي أبدعه مولاي عبد المالك مند توليته باستفادته من التنظيم التركي ٬ و كدا العون الفعلي الذي قدمه الشعب بقيادة المتصوفة الذين استجابوا كلهم لنداء الجهاد .
و تحددت نتائج الهزيمة البرتغالية بالنسبة لشبه الجزيرة الأيبيرية في :
+ إعلان النكبة و موت الملك دون سباستيان .
+ توحيد عرسي قشتالة و البرتغال تحت سلطة العاهل الاسباني.
+ ظهور أسطورة السباستيانية [ التشكيك في حقيقة موت الملك] .
أما نتائج الانتصار فتجلت في تقوية المغرب و تعزيز مكانته خاصة مع تولي احمد المنصور زمام الأمور بعد و فاة أخيه عبد المالك في الضربات الأولى من معركة الملوك الثلاثة متأثرا بمرضه حسب ما ذكره المؤرخ المجهول في كتابه "تاريخ الدولة السعدية التكمدارتية ٬ كما ارتفعت بهذا الانتصار هيبة الدولة بين القبائل و الزوايا ٬ و تحققت منافع مباشرة انعكست على اقتصاد المغرب و قوته العسكرية وأتاحت له تجديد هياكله الأساسية , بالإضافة إلى ضمان توحيد المغرب ورد الأطماع الخارجية عنه ٬ لتدخل البلاد مع احمد المنصور مرحلة الاستقرار و البناء و التجديد .
-2مميزات عصر أحمد المنصور الذهبي على المستوى الاقتصادي و السياسي والاجتماعي و العسكري و الثقافي
أ-الجانب السياسي :
اتسمت فترة حكم أحمد المنصور الذهبي بالاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي وهذا راجع إلى سياسة الحزم والشدة التي اتبعها في تسيير شؤون دولته وقد حاول احمد المنصور"أن يبني دولة مغربية مركزية على غرار ماعرفه وعاينه عند العثمانيين وفهمه من محاولات عبد الملك الأولى المستوحاة من أوربا ".فبمجرد مبايعته انشأ احمد المنصور مجلسا استشاريا شوريا سمي ب(الديوان) الذي كان يجتمع كل يوم الأربعاء للنظر في القضايا السياسية والقضائية والعسكرية وهذا المجلس كان يمثل جزءا من السلطة المركزية إذ من المعلوم أن احمد المنصور احدث تنظيما إداريا مركزيا وإقليميا.
ويتكون الجهاز الإداري المركزي من عدة عناصر أهمها :
السلطان وهو على رأس الهرم في جهاز الحكم حيث كان يعتبر أعلى سلطة في هذه المنظومة وقد حمل المنصور لقب الخليفة كغيره من الملوك السعديين تأييدا لأحقيته في خلافة المسلمين عوض العثمانيين بحكم نسبهم الشريف
الحاجب تتلخص وظيفته في تنظيم العلاقات بين الخليفة وباقي كبار الدولة.
الوزير أو الصدر الأعظم تتمثل وظيفته في تنفيذ السياسة العامة للبلاد
كاتب السر وهو الكاتب الخاص للخليفة والمسؤول عن ضبط مراسلات المنصور الداخلية والخارجية ويساعده في ذلك مجموعة من الكتاب.وقد شغل هذا المنصب في عهد المنصور أبو فارس عبد العزيز الفشتالي صاحب كتاب"مناهل الصفا" وعبد الله محمد يعقوب اليوسي.وقد ابتدع احمد المنصور حروفا خاصة أو ما يسمي اليوم بالشيفرة أضافها إلى الحروف العادية التي استعملها في مراسلاته لعدم تبيان محتواها إذا سقطت في يد العدو.
صاحب خزائن الدار وهو بمثابة وزير المالية حاليا ’شغله الشاغل يتمثل في ضبط مدا خيل الدولة ومصاريفها.
أصحاب المشورة وهي هيئة استشارية تضم عدة شخصيات كقواد الجيش والفقهاء وزعماء بعض القبائل كان احمد المنصور يلجأ إلى هذه الهيئة عند عزمه على إتخاد بعض القرارات.
صاحب المظالم تنحصر مهمته في تلقي الشكايات ورفعها للنظر فيها.
وتذكر بعض المصادر إن احمد المنصور الذهبي قام بتوزيع البلاد اثنتي عشر ولاية وإقليم وجعل على كل ولاية نائبا يكون من أبناء الأسرة الحاكمة لذلك فاحمد المنصور اسند هذه المناصب لأبنائه خاصة فاس ومكناس وسوس ومراكش.
وقد قسمت الأقاليم إلى قيادات جعل على رأسها باشا يدير شؤونها العامة ويبث في القضايا المدنية والخصومات٬ووجد بجوار الباشا عدة مساعدين كصاحب الشرطة المكلف بالحفاظ على الأمن٬والقاضي الذي يعبأ بالقضايا الشرعية٬هذا فضلا عن شيوخ القبائل الذين أنيطت بهم مهمة تأمين سلامة الطرق .
وقد استوحى احمد المنصور فكرة الديوان من التنظيم الإداري العثماني عندما كان بالجزائر ٬ وكان تنظيم هذا المجلس الاستشاري يتم عن طريف التعيين من طرف السلطان منصور الذهبي.
وتذكر اغلب المصادر والمراجع أن احمد المنصور الذهبي كان أيام الديوان يجلس فيها للجمهور والوفود ومناولة أمور المملكة٬لكنه أحجم عن ذلك واتخذ عادة من عوائد البلاط العثماني إذ أصبح يتحدث لرجال الدولة والرعية من وراء حجاب إلى أن انتقده على ذلك العالم احمد بابا السوداني الذي رفض أن يتحدث إليه حتى يزيل الحجاب.
ورغم ما عرف عن احمد المنصور من حزم وعدل سياسي إلا أن بعض المصادر المصادر التاريخية تسفر عن العديد من زلات وتجاوزات هذا السلطان وولاته في الأقاليم٬نذكر من ذلك ما أورده المؤرخ المجهول في كتابه"تاريخ الدولة السعدية التكمدارتية" أن "البوادي فسدت في أيام أحمد المنصور وربح أهل المدن والجيش" ٬وما ذكره إبراهيم حركات نقلا عن دوفران في كتابه (المغرب عبر التاريخ) أن الشعب كان يعيش في البؤس والكدر بينما يرى"قصرا يموج بالحياة" .
ويذكر الناصري في كتابه(الاستقصا) ما مفاده أن امرأة من دكالة عدا عليها
احد عمال المنصور وانتزع منها أموالها فالتجأت إلى احمد المنصور تشكو إليه حالها وما نالها من عامله٬فلم يعبأ المنصور بما قالت ولم ينصفها.
وقد سار احمد المنصور في السياسة الجبائية سيرة سيئة حيث تشدد في جمع واستخلاص الضرائب-التي تحولت من الأداء العيني إلى نظيره النقدي-من القبائل٬ضاربا بعرض الحائط قدراتها المالية الضعيفة على الدفع ومعرضا عن النظر في تفاوت طاقاتها الإنتاجية المتواضعة وهذا ماكان يؤدي في كثير من الأحيان إلى تصاعد موجات العصيان والغضب الاجتماعي في صفوف الجماعات القبلية٬ غير أن هذه الفوضى كانت تنتهي بالقمع والقتل والتنكيل بالرعية.
وقد طبعت العلاقات الدبلوماسية بين الدولة السعدية في عهد احمد المنصور وباقي القوى الخارجية بطابع التباين والتفاوت.فقد صبغت علاقة الدولة مع البلاط العثماني بالهدوء والموادعة٬باستثناء النفور الذي حصل غداة معركة وادي المخازن سنة 1578م
بين احمد المنصور والسلطان مراد العثماني حينما لم يراع الأول وفد البلاط العثماني الذي حمل رسالة تهنئة من سلطان الدولة العلية لأحمد المنصور٬مما كان سيؤدي إلى هجوم عسكري للأتراك سنة 1581م٬بيد أن احمد المنصور استدرك الامربارسال سفارة إلى اسطنبول للاعتذار واستصلاح ما فات٬فقبل السلطان مراد العثماني بذلك وعادة الأمور إلى صفائها حيث استرسلت عملية تبادل الهدايا بين الطرفين وترددت الوفود والرحلات بين الدولتين.
وقد دخلت العلاقات بين الدولة السعدية في عهد احمد المنصور ونظيرتها الدولة الأيبيرية طورا جديدا دشنت معه سياسة حديثة قائمة على المهادنة٬إذ من المعلوم أن معركة وادي المخازن التي وقعت سنة 1578م قضى فيها السعديون على دولة البرتغال وانضوى ما تبقى من دولتم تحت لواء الأسبان إلى حدود سنة1640م.فجنح هؤلاء٬والحالة هذه٬إلى سياسة السلم حيث تذكر بعض المراجع أنه بعد المعركة السالفة الذكر قدم وفد اسباني بهدايا عظيمة من الملك فيليب الثاني لتهنئة احمد المنصور الذهبي بالانتصارسنة1579م.
ويذكرابراهيم حركات أن هدية الأسبان كانت تنافس قيمة باقي هدايا وفود الدول الأخرى التي قدمت لتهنئة المنصور.وفي سنة 1592م تنازلت اسبانيا عن أصيلا للمغرب.
اتخذت العلاقة بين الدولة السعدية والإمبراطورية البريطانية طابعا تجاريا اكثرمنه
دبلوماسي٬ففي عهد احمد المنصور تحسنت العلاقات ودخلت طور الرسميات٬فقد تم إنشاء الشركة المغربية في مطلع القرن16م بغية احتكار تصدير منتجات المغرب إلى انجلترا إلا أن هذه الشركة لم تستطع أن تحدث انسجاما بين التجار الانجليز الذين آثر بعضهم التجارة الفردية.
أما دبلوماسيا فقد كان لأحمد المنصور مشروع ضخم مشترك مع بريطانيا كان يهدف من خلاله لغزو اسبانيا ومستعمراتها٬بيد أن الوفاة أدركته وكذلك الملكة البريطانية الزابيث قبل أن ينفد المشروع.
وفيما يتعلق بعلاقة الدولة السعدية في الفترة التي ندرسها مع فرنسا وهولندا٬فيمكن عموما القول بأنها كانت تجارية مع تفاوت نسبي بالنسبة لهولندا التي حاولت ربط علاقة دبلوماسية مع الدولة السعدية بدءا باقتراح تسليم قادس إلى أحمد المنصور بعدما فتحوها سنة1596م ليتمكن من خلالها من فتح الأندلس٬ غير أن الخلاف الذي نشب بين أسطولي انجلترا وهولندا حال دون ذلك.
وما يمكن قوله فيما يخص العلاقة مع السودان فقد شكلت هذه الأخيرة منبعا من منابع ثروة الدولة السعدية إذ كانت محطة للاستنزاف والنهب لاغير ولم ترق العلاقة إلى المستوى الدبلوماسي والتجاري.
تجمع الكثير من المصادر والمراجع التاريخيةعلى ان الازدهار الذي عرفته الدولة السعدية يعود الى فترة حكم احمد المنصور وذلك بفضل السياسة الاقتصادية التي سلكها المرتكزة على "تدخل الدولة في القطاعات الاقتصادية الحيوية "بانشاء مصانع ضخمة ومنح امتيازات تجارية للاجانب.
فعلى المستوى الفلاحي ساهمت خصوبة الاراضي في وفرة الانتاج حيث انتشرت زراعة قصب السكر على صعيد واسع وكثرت زراعة الحبوب والقمح وتنوعت المغروسات كالزيتون والفواكه والخضر رغم بدائية التقنيات المستعملة وزادت وتيرة تربية الماشية خاصة في المناطق الشرقية.
أما صناعيا فقد شكلت صناعة قصب السكر علامة بارزة في عصر احمد المنصور الذهبي واعتبرت موارد هذه الصناعة من اهم ايرادات الدولة فقد قام المنصوربالاكثار من معامل السكرحيث شيد بحاحة واحدا ومصنعين بشيشاوة.إلا ان هذه الصناعة ستنقص اهميتها بسبب بروز مناطق جديدة كالبرازيل وجزرالآنتي حيث إن مثل هذه المناطق كانت تسوق قصب السكر بكمية كبيرة مقابل ثمن بخس.
ومعلوم أن أحمد المنصور أحدث دار صناعة الاسلحة وكانت محادية للقصبة وشيد بجوارها دار لتخزين البارود تسمى (حصن الجلد) ورغم ذلك فالمغرب كان يعاني من خصاص فيما يخص الاسلحة المتطورة زد على ذلك افتقاره للصناعات الثقيلة كالسفن الحربية مما كان يدفعه للاستيراد من الخارج.
وتجدر الاشارة إلى ان احمد المنصورالف مؤلفا يهتم بالشؤون السياسية والعسكرية ضمنه اسرارصناعة المدافع وطرائقها بيد ان هذا المؤلف لم يعثر عليه.
ومن الصناعات التي ظهرت نجد صناعة النسيج كصناعة الزرابي التركية والثياب والاغطية.
وقد عرف المغرب رواجا تجاريا في عهد احمد المنصورالذهبي فعلى المستوى الداخلي ادى انتشار الامن وازدهار الزراعة في المدر ونمو الصناعات بالحضر الى حصول تبادل بين هذين القطاعين مما ادى الى تزايد القساريات والفنادق في المدن والاسواق الاسبوعية والمواسم الفصلية والسنوية في البوادي.
وعلى المستوى الخارجي ارتبط المغرب بروابط تجارية مع العديد من البلدان على راسها مملكة بريطانيا حيث كان المغرب يصدر الى بريطانيا الملح والسكر والذهب و كثير من المنتوجات في حين كان يستورد منها العلف و الثياب الحريرية و الزعفران علاوة على بعض البضائع التي كانت تهرب لتجنب الاصطدام مع بعض الدول الاوربية كالبرتغال واسبانيا
وتتشكل هذه البضائع من المدافع والبنادق واشفار السيوف والبارود والرصاص والقنابل.
ومع اسبانيا استمر التبادل ودخل في طور المنافسة بسبب احتلال اسبانيا لجزيرة اركون واتصالها بالقبائل الصحراوية المجاورة له فاصبحت تفسد على المغاربة استغلال ثروة الصحراء وكانت اهم المراسي التي تشحن منها المنتجات المغربية الى اسبانيا نجد آسفي بليونش وتطوان وسبتة.وقد بلغت قيمة الصادرات سنويا في هذه الفترة بثمانين الف دوقة.
شهد الجهاز العسكري بدوره عناية خاصة مند بداية عهد السعديين و تطورا هاما شمل تسليحه و مهامه يواجه به خصومهم في الداخل و الخارج ٬فأعد المنصور جيشا نظاميا ذا فرق مرتبة و متميزة بلباسها و أسلحتها و مهامها ٬ويخضع للتدريب و يتلقى أجرته من بيت المال. و قد كان الجيش المغربي في عهد السعديين يتكون من العرب و العجم و الأتراك و الأندلسيين و عناصر بربرية و جيش مسيحي اعتنق الإسلام بعد أسره ٬ فأحمد المنصور كان بحاجة إلى جيش قادر على درئ الأخطار الخارجية لاسيما بعد تزايد أطماع العثمانيين و الإيبيريين.
إلا أن إحداث الجهاز العسكري ارتبط بعدة مظاهر في عهد المنصور الذهبي٬ إذ وضع المدافع التي كانت تضاهي المدافع الأوربية ٬ و قد استغل في ذلك بعض المعادن المحلية كالنحاس و الحديدوالفضة و ملح البارود٬ كما اهتم بالأسطول البحري لتعزيز القوة السعدية بالشواطئ و فرض و جودها و تحكمها في الطرق التجارية البحرية وتشديد الرقابة في وجه السفن الأوربية ٬ و قد جنت الكثير من الغنائم من وراء دلك .
اصطفى المنصورفي تكوين جيشه من العجم موالي رباهم بنعمته واشملهم بنعمته حسب الفشتالي يضم جيش العجم من الأتراك و العلوج الذي قسمه إلى قسمين :
البياك : أهل القلاش الصفرية المذهبة دوات الأعراق من ريش النعام الملون .
السلاق : أهل القلاش الطويلة البيض المرسلة على المناكب و يناط بها من أعلي الجباه بجعاب صفرة مذهبة و يضيفون إليها وقت الحزم أجنحة طوال يؤلفونها من ريش النعام و يقفون خلف البياك .
+ بلبلدروش : من أهل اللقاقيف و هي رماح قصيرة غليظة العصى مغشاة بالحديد و مرصعة بالمسامير البيض ٬ركبت عليها أسنة عظام ويقفون خلف السلاق .
+ الشنشرية : هم أهل الطعام وضعا ورفعا.
+ القبجية :أهل حفظ الأبواب وغلقها و فتحها و طائفة من هؤلاء تحرس ليلا وتطوف على مسايف السور المحيط بالدار و طبقة من هؤلاء مكلفة بخدمة الكرسي و السرير اللذين يجلس عليهما السلطان .
+ السواش :هم الذين يتولون ضبط الجيش في المصاف و إنهاء الكتب والرسائل .
تنظيم الجيش :
تتقدم أولا جيوش السوس ثم جيش شراقة و كل منهما ينقسم٬ثم يردفهما العسكريان العظيمان ٬ ثم عسكر الموالي و العلوج و من انضاف إليهم و عسكر الأندلس وهذان يسيران صفين متواليين لاستواء مرتبتهم ٬ غير أن الموالي يكونون في الميمنة لمزية الولاء ثم تتصل بهذين العسكريين الدخلة العظيمة المؤلفة من بلبدروش والسلاق والبياك ٬وتسير الفرق الثلاثة أمام المنصور الذهبي صفوفا متوالية.
إلى جانب الجيش النظامي استعان احمد المنصور بجيش المتطوع من القبائل الموالية للدولة و التي تجند المشاة والفرسان للحركة مقابل الاستفادة من امتياز إقطاعها و إعفائها من الضرائب وقد سن المخزن السعدي من الإقطاع العسكري لربط الجنود بمناطق معينة ذات أهمية خاصة في إقرار الأمن و الاستقرار داخل البلاد .
كما تطلع المنصور نحو الجنوب لضم السودان ومهد لدلك بضمان بيعة ملك بورنو كانم إدريس ألوما سنة 1583 م بعد أن ساعده على إخضاع بعض القبائل الثائرة .
ولما ضم المنصور تيكوراين و تيوان إلى سيادة المغربية وجه حملة عسكرية إلى مملكة سونغاي حيت وصلت إلى العاصمة كاغو وهزمت جيوشها في 12مارس 1591م وتفوق المغاربة بسبب استعمال الأسلحة النارية , ثم قاموا بحملة ثانية في نفس السنة الشئ الذي وطد
النفوذ السعدي بالمنطقة حيت أكمل ضم السودان كما امتد حدود الدولة جنوبا الى ما وراء نهر النيجر وشرقا إلى بلاد النوبة مما جعلها تستقطب جزءا كبير من تجارة القوافل الصحراوية.
ج-الأوضاع الاجتماعية
تنوعت العناصر السكانية بالمغرب خلال عهد السعديين ٬ضمت مجموعة من الأعراق والتي امتنهت عدة مهن اختلفت حسب مجال تخصصهم وحاجة الدولة إلۍخبرتهم ومن بينهم:
+ الأتراك و الأوربيين: اقتصرت مهامهم على المجال العسكري.
+السودانيون : عملوا في القصور و اوراش البناء ومعاصر السكر.
+ الأندلسيون : عملوا بالتعليم و الطب ووظائف متنوعة في القرى ومارسوا الزراعة و الغراسة.
انقسم المغاربة إلى فئتين فئة ذوي الامتيازات وقد شملت رجال الحكم و زعماء القبائل واحتكرت التجارة و الصناعة و استفادة من مجموعة من الامتيازات على شكل عطاءات و اقتطاعات ٬و فئة شملت الفلاحين الصغار و العمال في الفلاحة مما أدى إلى تمرد القبائل و السكان نتيجة التفاوت الطبقي الكبير و اتقالهم بالضرائب لاسيما بعد توالي الكوارث الطبيعية مما أدى إلى تضرر هده الفئة الاجتماعية الصغيرة .كما لعبة المرأة في المجتمع السعدي عدة ادوار سواء على المستوى الفكري و العلمي و الاجتماعي .
اما من ناحية اللباس فقد احتفظ السعديون في رسمياتهم بالبياض و هو تقليد تبناه المغاربة عن أهل الأندلس خلافا لدولة العباسية دات الشعار الأسود .
وقد استعمل اللون الأزرق في البرانس حتى أصبح هذا اللون من الثياب الوطنية ٬كما اتخذ المنصور زيا خاصا به إذ ادخل فيه القفطان و المنصورية وأصبح هذا الزي يتخذه بعض الملوك و الفقهاء كذلك اتخذ الخاصة الحرير في لباسهم ٬ و كانوا يغطون رؤوسهم بطواقي حمراء أو قلاش ٬ ويرتدي العامة قميصا من الثوب مع سراويل متينة تنزل إلى أقدامهم ٬ أما النساء فلهن أقمصة فضفاضة تنزل إلى مادون الركب و سراويل واسعة تنزل إلى وسط الساق ٬ وفي الصيف يرتدين فساتين من الحرير أما في الشتاء فيتخذونها من القرمز أو الملف الرقيق وفوق الفستان ثوب طويل من الحرير آو الصوف.
كانت نظرة المجتمع إلى المرأة نظرة محافظة ٬فالمرأة لاتغادر بيتها إلا لضرورة وعلى الخصوص إلى الحمام .
يقول مرمول انه كان للمرأة خصيا يحرسها ٬ كما كانت هناك نساء بارزات كعائشة بنت احمد بن عبد الله الإدريسي ٬ وقامت مسعودة الوزكيتية و الدة المنصور بجهد عظيم في العمران و الإحسان كبنائهاجامع باب دكالة.
وفي عيد المولد النبوي كان المنصور يرتدي البياض وتقام وليمة يحضرها مختلف القوم من كل الفئات الاجتماعية.
أما الإحتفال بعاشوراء حيث يختن عدد كبير من أطفال طبقة الشعبية و توزع عليهم بعض الملابس و المواد الغدائية ومبلغ من النقود و تقدم حلوى من العجين و السمن و هي على شكل خبزات صغيرة تسمى (القريشلات).



#عبدالصمد_فروات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالصمد فروات - الدولة السعدية في عهد أحمد المنصور الذهبي