أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف الطاسي - مرحبا بكم في عالم التعاسة














المزيد.....

مرحبا بكم في عالم التعاسة


يوسف الطاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5244 - 2016 / 8 / 4 - 00:17
المحور: المجتمع المدني
    


مرحبا بكم في عالم التعاسة
عند ذكر الفلسفة أو الفلاسفة في وطننا سواء عند علية القوم أو عامته، غالبا ما تكون ردة الفعل عنيفة ناتجة عن الاستهجان والريبية، ويكون السؤال دائما ما فائدة الفلسفة؟ إنها بالنسبة إليهم تدعو إلى الإلحاد وتشكك في الخالق ولا تعكس مشاغل حياتهم وقيمهم...، لهذا نجد أن معظم الدول العربية ومن بينها المغرب أقدم على غلق أقسام تدريس مادة الفلسفة، وخير مثال على هذا ما قرره الملك الراحل الحسن الثاني في مناظرة افران حول إصلاح النظام التعليمي بالمغرب سنة 1970، حيث أعطى أمرا ملكيا بتوقيف تدريس مادة الفلسفة وغلق أقسامها تحت ذريعة أنها فكر مضاد للدين، أو بلغة أخرى فكرا مضادا لمصالح النظام القائم الذي يأخذ الدين درعا يحتمي به ويحفظ به مصالحه واستمراره. وفي حقيقة الأمر الفلسفة ليست بالشيء الدخيل على الإنسان، بل تشتغل بالأساس بحياته وقضاياه فهي فعل فكري يلازم جميع قضايا الإنسان وجميع جوانب حياته سواء الفردية،الاجتماعية ،السياسية، والدينية... وذلك عبر التحليل المنطقي العميق والنقد الدقيق، و يمكن القول أنه لا يمكن أن يحيا الإنسان إنسانيته في أقصى مداها إلا بممارسة فعل التفلسف ،أي أن الفلسفة ترتقي بنا لنعيش إنسانيتنا بدل أدميتنا، لكن نجد أن العامة من الناس يصورن الفلسفة على أنها مبتورة الصلة بالواقع المعاش، ومعقدة وصعبة، وهذا راجع لجهلهم بجوهرها وحقيقتها و أصولها وموضوعها ومناهجها وأهدافها، فالفلسفة تقوم بدور كبير في حياة الإنسان على عدة مستويات؛ أي تقوي وتعزز السلوك العقلاني عن طريق الدهشة والتأمل، السؤال، التحليل، التركيب، التصنيف، التنظيم، التعليل، النقد والتفكير الخ، بتعبير آخر هي الأقدر على الآخذ بيد المجتمع والسير به قدما نحو الرقي والتمدن والأنوار. ومن تم فالفلسفة مفتاح النهضة والتنوير لدى تسمى شعبة التنوير، لأنها فعلا صانعة للتغيير، ونجد أن ماركس مثلا قد نبهنا على أن الفلسفة متجدرة في واقعنا ولا تعلو عليه، وأن المجتمعات التي عرفت تطورا مهما في جميع المجالات منها العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية... ، يعود الفضل الكبير للفلسفة فهي التي تقود قاطرة العلم والتقدم، حيث تعمل على إرشاد العلوم والمعارف، لكن يبقى السؤال يطرح نفسه لماذا بلداننا العربية ترفض الفلسفة؟ بما أن الفلسفة تفكير وتأمل واستفهام وتنقيب وكشف الخ، أي أنها تتناول قضايا جوهرية من قبيل الحرية، الحق، العدالة، الواجب، الديمقراطية الخ، هذه المفاهيم لازمت الفكر الفلسفي مند القدم وهذا يحيل إلى أنها تكشف وتنفض الغبار عن الطابوهات التي يحذر النظام السياسي تناولها بالدرس والتحليل، والمفكر يكشف لنا طبيعة الحياة عموما وطبيعة السياسة خصوصا ويكشف العوامل المتحكمة في الفقر والتهميش والعنف الخ. ويبرز القهر المزدوج للطبيعة وللنظام ويوضح خبايا هذا النظام ويبين بشكل جلي حقيقة الأديان التي يتخذها النظام قناعا يمثل به أمام الشعب، إن الفلسفة تشكل تهديدا للنظام، إنها فعلا ضربة وأي ضربة، إنها ضربة تحث الحزام، فهي أمل النهوض، أمل التنوير تعلمنا قول " لا " وتمنحنا فرصة للتفكير من جديد لنقول "نعم "والحياة لا يمكن أن نفهمها ونتذوقها إلا بالتنوير العقلي، ولهذا يجب أن يعلو وينتصر صوت الفلسفة والحرية على صوت التقاليد والاعتقاد الراسخ، فالتفكير الفلسفي يدخل صاحبه في دوامة التساؤلات التي لا تنتهي دوامة التساؤل والشك، دوامة عنوانها أين المصير دوامة النداء بالحرية والديمقراطية، وإذا لم يجد المفكر والفيلسوف تربة فلسفية في محيطه وبيئته فمرحبا به في عالم التعاسة. ولعل الشاهد والمختبر الفعلي على هذا هو معاناة الفلاسفة مند نشأة الفلسفة ألم يعذبوا ألم يباعوا في سوق العبيد ألم ينفوا من أوطانهم ألم تحرق كتبهم؟ لكن مهما يحصل فمصير الفكر لا يأبى إلا أن ينتصر، فالأفكار الفلسفية تمرض ولا تموت غير أنه في وطننا إذا تجرأت على استخدام عقلك الخاص ستتهم بالجنون أو يكون القبر أو السجن هو الفضاء المناسب لممارسة القلق الفكري لكن في صمت، وهذا يفيد أنه إذ كنت تفكر وتقرأ وتبحث في بلدنا الحزين المسمى خطأ سعيد. فمرحبا بك في عالم التعاسة عالم البؤس والشقاء، وإذا كنت ساذجا لا تقرأ ولا تبحث وغير مبالي بما يقع حولك فمرحبا بك في عالم السعادة.



#يوسف_الطاسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف الطاسي - مرحبا بكم في عالم التعاسة