أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة الخزرجي - نقد















المزيد.....

نقد


عزة الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 03:07
المحور: الادب والفن
    


قراءة في قصيدة
في البدء كان الحبور واللقاء وعند أسوار خريف العمر بهجة ذاوية
• (( خذ يدي )) قصيدة للشاعر رياض الدليمي
عزة الخزرجي // تونس
من الصيغ المميزة للكون الشعري الخاص بالشاعر رياض الدليمي الأمر المسند إلى ضمير المخاطبة أنت ليدعوها إلى حاجة أو يستحثها على أمر وعادة ما تكون الدعوة محمومة ملحة ومما يشي بطابعها هذا أن كانت دعوة إلى أخذ باليد وإمساك بها قبل غرقها أو تملصها أو إفلاتها فالوضع حرج بل غاية في الخطورة وعلى المستجيب للنداء والاستغاثة أن يكون مسرعا ملبيا دون تلكؤ أو تباطؤ فالأناة تكون بوابة مشرعة على احتمالات التهاوي والتلاشي والسقوط في العتمة .
ولم تكن هذه الدعوة خذي يدي إلا تعبيرا عن رغبة جامحة في استعادة ما كان في البدء وقبل انفصال الأيدي وافتراق بعد تشابك الأصابع وتماسها وما هذا النداء إلا نداء الشوق العارم إلى تعالق وانسجام و إلى وحدة صميمية بين إنا وأنت والى توحَد واتحاد ليرقى المفلت من عقال المحدود إلى أوساع اللازمان وهل الخلود إلا إفناء للفناء ونفي للزمان .
لم هذا الهوس بالبدء والافتنان به؟
الأسطر الأربعة الأولى من خذي يدي تشكل معا خلفية مشهد التوق إلى البدايات السحيقة الموغلة في القدم وواجهته إذ في البدء كان التوحَد والاتحاد السابق للولادة والمنحدر من عالم الذرَ والمفارق للزمان وحقبه وتحولاته وللمكان وحيزه وضيقه لذا ينفي الشاعر أن يكون اللقاء مقيًدا بزمان وان يكون منزلا في حيز زمني محدود .
(( لم أَلتقيكِ يوماً
ولم يخبرني الطائر (زو)
عن نبي ملهم بعينيكِ
وأنقذكِ من الطوفان))
إذ في البدء كان التوحد والاتحاد والتماهي و التحرر من عقال الأزمنة والأمكنة ففي البدء كان اللقاء لقاء سابق للولادة ومنحدر من عالم الذرَ سابق لحقب زمنية وان كانت سحيقة كعهد نوح وقصة الطوفان لذا يكتسب هذا التلاقي قدسيته من كونه موغلا في القدم ليست له من بداية محددة معلومة إذ كان في حركة بشوق طبيعي لا شرقية ولا غربية ترقى به إلى مصاف الحقائق والبديهيات وتكسبه إطلاقا فيتنزل في رحاب الخالد والسرمدي لذا يلح الشاعر على تحلل من الظرفية والتعيين ومن التموضع في حيز محدد معلوم وبذلك يحيل على صورة البدء والتكوين كما تجلَت في الأساطير القديمة ومنها ننتخب أسطورة التكوين السومري إذ تتحدث الأسطورة السومرية عن الفردوس وتشير إلى انه فقد في الماضي تقول في تلك الأيام لم يكن هناك حيَة ولا عقرب ولا ضبع لم يكن هناك أسد ولا كلب شرس ولا ذئب لم يكن هناك رعب ولا خوف لم يكن للإنسان من منافس ....حيث لا يشتكي الرجل من الشيخوخة ولا تشتكي المرأة من العجز ملحمة كلكامش الصفحة 58
في هذا العالم البدئي ترق الحدود وتفنى الثنائيات.وتخلص الجواهر لذا انحسر الجسد والهيولى فليس ثمة إلا أصابع تتشابك لقد خلَص الشاعر كل موجود من الزوائد و لم يبق إلا على اللب وعلى أصابع تتشابك معلنة عن توحد صميمي بدئي آذ كان هو طينة وصلصال تكوين وكانت هي ماء رضابا شكلا معا كيان الذوبان والتعالق
(( أَلقفي طينتي المبللةِ من رضابكِ
فقد غمرها طوفان اللهفةِ))
ولم تتنكر هذه الطينة لكنهها وجوهرها فما إن نزل بساحتها الماء حتى اهتزت وربت وفارقت وجودا بالقوة إلى وجود بالفعل تستعر بها جذوة الحياة وتجتاحها حركة عميقة ويسري بها شوق فطري إلى العنفوان والتوهج
ولكن هناك ما يعطل مجرى هذا العنفوان وما يكبح هديره واندفاعه وتبعا ذلك تشكلت المعاناة إذ كانت الطينة المتوهجة محاصرة بأعداء الانطلاق والتحرر وهي المسكونة بهاجس التطلع إلى الأقاصي البعيدة والتخوم الآسرة
(( أَدمتها الحروبَ
فؤوسَ السلطةِ
فساتينَ الحضارةِ
ورحلاتِ القطاراتِ
بين سنين عمري المترقبةِ))
وهذا عنف الأسر والحد والمنع والإكراه جناح طائر الرغبات المحمومة . وهو مطوَق بأغلال الصدً توجه إلى علقه الأسنى كي يكسر هذا الحصار ويخترق هذه الحدود ويمزق الحجب لإنقاذه من التردي في هوة الأمنيات المجهضة وهكذا أخذت أفعال الأمر وصيغ الحث والحضً بعضها برقاب بعض لتكون معا محفزا على استنقاذ وتلبية نداء المستصرخ المستغيث
(( مزّقي شباكَ صيدي
وتَعرّي من سنين الضياعِ
هناك حيث السهوبِ والمراعي
وآبارِ الفتنةِ))
فكان لزاما تمزيق الحجب وتحطيم القشرة حتى لا تخنق الفكرة وتختنق. والفكرة تستحيل قصة وقد تعالقت صور لتشكل معا مشهد البكارة الأولى وما تمزيق شباك الصيد والتعري من سنين الضياع إلا رسما لما به يكون الإشراف من عل على جنة البدء وفردوس البدايات الأولى الآسرة وعند هذه المنابع الصافية يتراجع ما كان طارئا غريبا على الكينونة الأولى وفي هذا الفضاء المتناهي تنحسر كل القيود وكل الموانع و الاكراهات وتصبح الحركة منسابة في حرارتها الأولى ويتحقق منشود الساعي بلا أناة إلى التماهي ويصفو الكدر وتقتصد المسافات بين إنا و أنت ويعلن ضمير المتكلم نحن عن تشابك وانمحاء الفوارق بين عاشق وريحانته
ولكن هذا التوق لم يكن إلا ومضا فما إن همً أن يكون حتى تسرًب من بين الأصابع ومهما حاول مكاشف عالم الرؤيا الذهول عن حركة الزمن وجريانه فهو يصطدم بأسواره أسوار خريف العمر
(( حيث أسوارِ خريف العمرِ
حيث الذبولِ))
لتكون البهجة الذاوية حيث الذبول وليكون الوعي الدرامي المأساوي بحركة زمن ارتدادية ارتجاعية
وإجمالا لقد مد الشاعر رياض الدليمي يدا لإنقاذه من سطوة التاريخ وعنفه وعاش تجربة النقلة من العرضي إلى الجوهري المقدس لكن الخوف والتوجس قطعا عليه ما كاشف وفصلاه عما عانق فما استرجع فردوسه وما التقى حواءه وريحانته إلا هنيهة وبرهة هاربة من الزمن ثم يبكي ضياعها عند أسوار خريف العمر ويظل يمني النفس دوما بارم ذات العماد عساه يوما يكون ممن يقف عند مشارفها .
القصيدة
(( خذي يدي
شعر : رياض الدليمي
أصابعنا تتشابكً منذ الأزل
لم أَلتقيكِ يوماً
ولم يخبرني الطائر (زو) عن نبي ملهم بعينيكِ
وأنقذكِ من الطوفان
أَلقفي طينتي المبللةِ من رضابكِ
فقد غمرها طوفان اللهفةِ
أَدمتها الحروبَ
فؤوسَ السلطةِ
فساتينَ الحضارةِ
ورحلاتِ القطاراتِ
بين سنين عمري المترقبةِ
مزّقي شباكَ صيدي
وتَعرّي من سنين الضياعِ
هناك حيث السهوبِ والمراعي
وآبارِ الفتنةِ
هناك حيث مزاعمِ الشهوةِ
وسِفرِ أَرورو
اِلتقينا
مكثنا ستةَ أَيام وسبع ليالي
نُصَلي
الثيابُ تنضي عنا
نلعنُ وهجَ المرايا
نتوبُ من ركب القطاراتَ
نتيهُ في حدائق الهيامِ
نحتفي بأشلاءِ رواد المقاهي المفخخةِ
خذي يَدي
حيث أسوارِ خريف العمرِ
حيث الذبولِ
حيث أنتِ))



#عزة_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة الخزرجي - نقد