أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض ابراهيم الدليمي - جوهر الايمان بين عمق الاسئلة والتسليم















المزيد.....

جوهر الايمان بين عمق الاسئلة والتسليم


رياض ابراهيم الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 5209 - 2016 / 6 / 30 - 15:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جوهر الإيمان بين عمق الأسئلة والتسليم

اليقين المتحرر من الأسئلة مشكل معقد ومربك للإنسانية ، فلم يوجد نص قدسي يبرر للإنسان رضوخه تحت الإيمان اليقيني الخالي من الأسئلة دون براهين وثوابت أزلية وحجج ترسخ اليقين في ذاته وجوهر كنهه ..
البحث في الوجود والخلق وعجز الإنسان عن الميتافيزيقيا دفعه أن يركن إلى ما تلقاه من معرفة و تنزيل ، وما بعث الله من رسل إلى البشرية لإبلاغهم رسالته ولتخفيف وزر وعمق الأسئلة والحيرة التي وقع الإنسان فيها من مشارق الأرض ومغاربها ومذ الأزل ، وصار الإنسان مذعنا لهذه الرسالة وتلك المعرفة .. حتى الشعوب التي لم تصلها الرسالات السماوية أوجدت لها رسالتها المقدسة الحاكمة ..
قال الفلاسفة القدامى حول ظاهرة الموت ومخاوف الإنسان القديم :
في إطار التأملات البابلية و الأشورية: لم ينظر إلى الموت باعتباره النهاية المطلقة للحياة أو على أنه يؤدي إلى الفناء الكامل للحيوية الواعية؛ و لكنه كان يعني انفصال الجسد و الروح، و تحلل الأول، و انتقال الأخيرة من نمط لحياة أو للوجود إلى نمط آخر؛
إن الروح تهبط إلى العالم السفلي لتقيم هناك من خلال الأزل.
كان الفيلسوف اليوناني (فيثاغورس) يؤمن بتناسخ الأرواح؛ و هو يعتبر الروح سجينة الجسد؛ و التي تغادره لكي تتطهر مرارا و تعود إليه؛ و عند الموت تغادره لتبدأ عملية التطهير من الذنوب، ثم تعود بعد هذه الرحلة من التطهير و التنقية لتتحد مع خالقها و هو الرب.
و أورد الفيلسوف اليوناني (هيرقليطس) و الذي يؤمن باستمرارية الحياة؛ حيث الحفيد يخلف الأب و الجد و يقول: إن الحياة تعقب الموت، و إن عملية خلق الحياة من المادة الجامدة ستستمر إلى الأبد، و إن الوليد يعقب الشيخ.
و كان الفيلسوف اليوناني (إمبيدكلس) قد أعلن إيمانه بتناسخ الأرواح؛ فهو يرى أنها لا تموت؛ لأن أصلها من الإله و هو أزلي. و يرى الفيلسوف اليوناني (ديموقريطوس) أن الروح تفنى؛ فعند الموت تتحول إلى ذرات دقيقة ثم تتبدد و تنتهي؛ و كان يهدف بذلك إلى نزع الخوف من الموت، و ما يلي الموت من عقاب، و زرع البهجة في النفوس؛ لذا سموه بـ الفيلسوف الضاحك.
و قال (أفلاطون): إن الموت هو تحرر النفس من الجسد؛ فهو يؤمن أن النفس موجودة قبل ميلاد الإنسان، و أنها تملك صفة الخلود بعد الموت، و لها القدرة على التحكم في الجسد؛ فهي شبيهة بالآلهة الخالدة .
أننا نرد بعض المقولات للفلاسفة لكي نستعرض الشاغل الفكري للإنسان القديم ونظرته للحياة والوجود والموت وما بعده.
الإنسان قديما وقع تحت ضغوط المجهول وهول الكوارث الطبيعية ، سلطت عليه قوى التجريد باستعباده وخنوعه للسلطة التي تحكمه وتتاجر به وتصادره جسدا وروحا وعقلا دون أية قدرة منه للمقاومة والرفض ..
يقول سقراط ( الميت يكون علي أحد حالين إما أن يصبح عدمًا و لا يكون له إحساس كما هو الحال في حالة النوم، أنه يحدث تحول و هجرة للنفس من هذا المكان إلي مكان آخر. فالموت في محاورة الدفاع هجرة النفس من الحياة الدنيا إلي الحياة الآخرة ).
أن منطق القوة والهيمنة هي
التي تتحكم بالشعوب مما يتيح مساحة كبيرة لظلم برضاه أم بدونه لعدم وجود بدائل لديه باعتبار السلطة الحاكمة توفر له بصيصا من الأمل بالعيش والذود عنه من العدوان الذي يقع عليه في الجغرافية التي يقطنها وفي اللحظة التاريخية التي يحيا بها وفي أوانها .. فانه قد اسلم نفسه ومقدراته تحت رحمة هذه السلطة لتضمن له الأمن والحماية والعيش بالطريقة التي تريدها هي وليس التي يريدها هو أو الذي يتمناها ..
حزقيال: "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ"))
من هنا وقع الإنسان قديما بين قوى الاستلاب الوضعية التي تهدد حياته ومعيشته المتمثلة بالسلطة والكوارث الطبيعية والمخاطر الأخرى ، والثانية هو المجهول وعدم القدرة على تفسير الظواهر الكونية والطبيعية وخصوصا حركة الأرض والشمس والقمر والموت وما بعد الموت وعدم وجود تفسيرات مقنعه له .. جعله يؤمن أو يستكين لكل من يشعره بالأمان ..
(( أعلن ذلك يسوع [يهوشوه] نفسه: "ثُمّ قالَ لهُم: "حَبـيبُنا لِعازرُ نائِمٌ، وأنا ذاهِبٌ لأوقِظَهُ". فقالَ لَه التلاميذ: "إذا كانَ نائمًا يا سيّدُ، فسَيُشفَى". وكانَ يَسوعُ يَعني نَومةَ الموتِ، فَظنّوا أنّهُ يَعني راحَةَ النّومِ. فقالَ لهُم يَسوعُ بكُلّ صَراحةٍ: "لعازرُ ماتَ." (يوحنا: -)
"أَمَّا الْمَوْتَى فَلاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا" العهد القديم (الجامعة 5و9 )
اعتبر الأمان قديما وتفسير الظواهر هما من اهم القناعات واليقينيات التي لابد منها .. فصنع إلهه وألهته المتعددة ومارس طقوسه وشعائره الطبيعية والوضعية التي تجلب له الاستقرار النفسي والفكري والحياتي وتبعد شرور الشيطان عنه من جهة وشرور الأعداء من جهة أخرى كما يعتقد .
أن التدين بالأديان المتاحة للبشر على اختلاف طرقها ومناهجها جاءت لتجيب الإنسان عما يدور في فكره ولدرء المخاطر عنه ولتخفيف العبء النفسي عنه بعدما عجز الفلاسفة والعقلانيون من إقناعه وتبديد مخاوفه وعجزها عن تفسير الوجود والظواهر الطبيعية أو إيجاد حلول لمشاكله ومعاناته ، فحلت الأديان بديلا عن العقل والتفسير والتأويل وربما البحث والتأمل والملاحظة والإدراك الفكري .. لذا ترك الإنسان في كثير من المواقف بلا أجوبة لكثير من المجاهيل الكونية فاخذ بالبحث والتقصي والتأمل ليجد إجابات حاكمة لبعض استفهاماته ، والبحث في داخل النصوص المقدسة وخارجها لتجيب عن أسئلته وحيرته .
قال تعالى :
{..وقل ربِّ زدني علماً}
... (20 طه آية 114)
أن السؤال والشك يؤديان إلى اليقين .. واليقين على رتب ودرجات منه يقين تام ومنه يقين جزئي يلفه الشك ..
قال تعالى ( يرفعِ الله الَّذين آمنوا منكم والَّذين أوتوا العِلمَ درجات )
(58 المجادلة آية 11)
اليقين لا علاقة له في القدرات البشرية العقلية والروحية وتفاوتها بين البشر ..
هناك عالم ( بكسر اللام ) في مرتبة الإيمان الكلي وهناك عالم في مرتبة الإيمان الذي لم يوصله لليقين وهناك آخر لا يقين له بالمطلق .. وتجد إنسانا بسيطا في مرتبة اليقين وتجد آخر فاقدا ليقينه .. وهذا يعود إلى قوة العلاقة الروحية والعقلية للإنسان وخالقه وعلى اختلاف البراهين المتيسرة له وحسب فهمه وقناعته بها من خلال النصوص والشواهد و المواقف الشخصية وغير الشخصية المنقول منها أو المشاهد .. وقد يكون الشعور بعجز الإرادة اتجاه التفسير والتحديات ، وعدم وجود بديل عن الإيمان إلا الإيمان بالمطلق .
أن تعلق الإنسان بربه يجلب الطمأنينة للعابد والمسلم لربه ، ويكاد يؤول كل ما يحدث له إلى ربه من خلال أن رضا ربه عنه يجلب الخير والسعادة والطمأنينة له كما يعتقد ، وان مسه ضرا ما يعيده ويرجعه إلى ربه لعدم رضاه عنه فربما قصر في عباداته أو التزاماته اتجاهه .
فقال تعالى :
( أَمَّنْ هو قانتٌ آناءَ اللَّيلِ ساجداً وقائماً يَحذَرُ الآخرةَ ويَرجو رحمةَ ربِّهِ قلْ هل يستوي الَّذين يعلمونَ والَّذين لا يعلمونَ إنَّما يَتَذكَّرُ أولوا الألباب)
... (39 الزمر آية 9)
أن إعادة الأشياء بكليتها إلى المعبود في خيرها وشرها دون إعطاء فسحة للعقل أن يحلل ويفسر ويبحث الظواهر يعد قصورا بفهمه أو إشكالية بطبيعة العلاقة بينه وبين ربه وهذه العلاقة لابد لها من تصحيح ، فجمود العقل والركون لله في كل شي يفقد الإنسان الشيء الكثير من إنسانيته .. لعدم منح فكره وملكاته التي منحها إياه الله فرصة البحث والتقصي لبلوغ الحقائق ومنطقها .. دون تسليم مبكر والرضوخ للأمر الواقع وعدم الاقتراب من حيثياته ، لأنه يعتقد قد كفر وألحد أو تدخل في قدرات الله إن كان مؤمنا به أو من آمن برب آخر يعتقده قال تعالى :
( إنَّ في خلْقِ السَّمواتِ والأرضِ واختلافِ اللَّيلِ والنَّهارِ لآياتٍ لأولي الألباب * الَّذين يَذْكُرونَ الله قياماً وقعوداً وعلى جُنوبهم ويتفَكَّرونَ في خلْقِ السَّـمواتِ والأرضِ ربَّـنـا مـا خـلَقْت هذا باطلاً سـبحانَك فَقِنَا عذابَ النَّار)
( آل عمران آية 190ـ191)
، «ويلٌ لمن لاكها بين لَحْيَيْهِ فلم يتفكَّر فيها»وفي حديث نبوي
أن الإيمان يجرنا للبحث لا للشرك أو الكفر ، فان الله خلق الكون وما فيه من أسرار اكبر بكثير من قدرات وتصورات الخلق ..

فقال تعالى :
{ ن والقلمِ وما يَسْطُرون }
(68القلم آية 1
فقد بذل أي – البشر- كل جهدهم من اجل الوصول إلى الحقائق الكونية .. إلا انه لم يبلغ إلا جزأ يسيرا منها وكلما غاص بالبحث آمن وبلغ اليقين .
كثرة السؤال تتعب البشر، لكن لا حتمية لليقين دون أسئلة وبحث
قال تعالى:
( ألم تَرَ أنَّ الله أنزلَ من السَّماء ماءً فأخرجنا به ثمراتٍ مُخْتلفاً ألوانُها ومن الجبالِ جُدَدٌ بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانُها وغرابيبُ سُودٌ * ومن النَّاسِ والدَّوابِّ والأنعامِ مُختلفٌ ألوانُهُ كذلك إنَّما يَخشى الله من عبادهِ العلماءُ إنَّ الله عزيزٌ غفور)
...(35 فاطر آية 27ـ28)
. والإيمان راحة أبدية تنجي من الضياع والتشتت والظلامية وتهدي إلى نوره وتبدد سوداوية الرؤى وتمنح الأمل للبشر .



#رياض_ابراهيم_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمزيق الدول لمصلحة من ؟


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض ابراهيم الدليمي - جوهر الايمان بين عمق الاسئلة والتسليم