أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جار الله ياسين - تفكيك -حيرة- بشرى البستاني














المزيد.....

تفكيك -حيرة- بشرى البستاني


أحمد جار الله ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 5205 - 2016 / 6 / 26 - 04:55
المحور: الادب والفن
    



تفكيك “حيرة” بشرى البستاني
د. أحمد جار الله ياسين

**
حيرة
*
من طرق البابْ
في هذا الصحو الأخضرِ

أعطاني غصن الفلِّ
وغابْ ...
( بشرى البستاني )

**
تتجلى الحيرة أولا في تنكير العنوان ، إذ لا نسبَ للحيرة يمكن أن تدعي الانتماء إليه لتفصح عن فاعلها أو باثها المجهول ، لكن العنوان قد يجد في المتن فضاء للانتساب والانضمام عله يحرز بذلك شيئا من الدلالة الغائبة في نصه المُكثف القصير ، بيد ان هذه العلاقة لا تفصح عن دلالة معرفة او لا تتحول بالعنوان إلى جهة التعريف والوضوح لأنها على العكس من ذلك تزيد من جو الحيرة وتضاعف الحس بمجهولية مصدرها ، فمن يطرق الباب مجهول وسريع الغياب ، وما يتركه لدى الذات الأخرى ليس سوى رمز بحاجة هو الأخر الى التفكيك لفهمه وتأويله .

يتحول الفعل العادي ( طرق الباب ) إلى فعل شعري بفضل سلوك الطارق المجهول وما يقدمه لمن يفتح الباب ، فضلا عن غيابه السريع ، وفعل الطرق يتم في فضاء ذي بعد تشكيلي ملون ( أخضر ) يحمل دلالة نفسية ترتبط بما لهذا اللون من دلالات النماء والخصب والحياة ، ويتضاعف حضور هذه الدلالات عبر الاقتران باللون الأخضر المبثوث في ( غصن الفل ) فيُكسب الجو كله دلالات الجمال والذوق الرفيع ، إذ أن العطاء الذي يبذله الطارق يتم في جو من الصحو الأخضر ، والصحو ترشح منه دلالات الصفاء ، والثبات والاستقرار والوضوح ، مما يجعل عملية استلام غصن الفل تتم في مسار من الجمال لا تنتهي دلالاته إلا عند كل ما هو مرتبط بالايجابية . على الرغم مما يثيره العنوان النكرة ودلالاته ( الحيرة ) وغياب الطارق المجهول من إيحاءات تدفع القارئ الى استقبال النص القصير برد فعل سلبي أولي ، غير انه يتحول إلى رد فعل ايجابي عند تفكيك المرسلة الشعرية كلها بدءا من العنوان .

لا شك في ان جزءا من جمالية الموقف في النص يتمثل بالجاذبية النفسية التي تنبعث عن صفة ( المجهولية ) التي اكتسبها العنوان والطارق ثم غيابه السريع المفاجئ
.
ان جانبا كبيرا من جمالية الشعر يتمثل برصده أو تطلعه الدائم الى خلخلة اليومي العادي ، فطرق الباب فعل يومي عادي جدا ، غير انه يصير فعلا مثيرا للقلق والتساؤل والتفكير ومبعثا لـ ( حيرة ) لا تنتهي لحظة دخوله عالم الشعر .
إن الغائب – الطارق الذي يقدم غصن الفل نجد في سلوكه ( العطاء ) و ( الطرق ) رغبة بالتواصل مع الذات الأخرى التي تستقبل سلوكه بحيرة فيها لذة ، وبوح فيه اعتداد بالجانب الجمالي والذوقي في تكوينها ، ذلك أنها تضخ عبر الإشارة إلى استقبالها لفعل الإهداء او العطاء ( أعطاني غصن الفلّ ) مما يشير إلى فهم الآخر لتكوينها السابق ودرجة حساسيته الجمالية والذوقية العالية التي لولا اتسامها بهذا الوصف لها لما اختار الطارق من دون مكونات العالم كله ( غصن الفل ) ليقدمه إليها ، إن سلوك الطارق يتضمن صورة الذات الأخرى كما تريد هي أن تكون عليه في منظور الطارق الذي يبدو مهماً في النص وحراً في سلوكه وعطائه ، غير انه في الحقيقة ليس سوى صورة مستلة من الذات الساردة لمتن الحكاية ومكرسة سلوكا وفكرا وذوقا لاستجلاء الغائب من صورة السارد المتمثل بهذا الجانب المتشعرن الذي يصور للقارئ وجود فاعلين في النص : الطارق والفاتح مع أنهما ذات واحدة ( الساردة ) مهيمنة ضمنيا 0 الثانية – الطارق ، وعلنيا يبدو الأمر على العكس ، وما تغيّبُ الثانية السريع الا برغبة من الأولى في إقصاء الثانية خشية أن تتحول إلى واقع حقيقي ، وتنزع عنها ثوبها الورقي وتكوينها اللفظي ولذلك أيضا جاء النص قصيرا يتناسب وحجم النفس القصير الذي تتسع بحدوده فقط الذات الساردة لتقبّلِ حضور الآخر – الطارق ، فمساحة التواصل بين الذاتين يجب إلا تتجاوز فعلين ، والرسالة المرسلة من الطارق يجب أن تكون وفق معايير المرسل إليه وليس أجمل من ( غصن الفل ) رسالة يمكن أن ترسل إلى الذات الساردة وفقا للمواصفات السابقة لا سيما وأنها – قي حقيقة الأمر من يرسل غصن الفل – عبر يد الطارق التي هي يدها – في صحو أخضر .

فالحيرة وفق التحليل السابق مفتعلة ، وتنكيرها الذي يحيل بثه على الطارق إنما مصدره على العكس من ذلك هو الذات المستقبلة ( الساردة ) لأنها في حيرة بين الانغلاق والانفتاح مع الأخر ، وحين جربت لعبة الانفتاح اختارت لها بطلا مجهولا سريع الغياب وهدية شعرية ( غصن الفل ) وجوا جماليا ( صحو أخضر ) ، ومن ثم فإنها في حقيقة الأمر لم تنفتح على الآخر لأنها حتى في هذه التجربة ظلت ذاتا واحدة ، ولم يكن الطارق سوى ذات متخيلة لانجاز التجربة الشعرية التي رسمت حركتها الذات الساردة التي ترى أن للنص عنوانا ( حيرة ) ذا بعد مفتوح بثته يد الطارق بفعليها ( طرق الباب ) ( إهداء غصن الفل ) .

وبانتهاء التجربة تغيبُ الذات المتخيلة ( الطارق ) ليستمر حضور الذات الساردة منتشية بالزيارة والهدية ، وحيرتها الشعرية التي تحاول استقطاب القارئ إلى فخ فضائها الملتبس ليشاركها في طرح الأسئلة والتطلع إلى معرفة الطارق وسر هديته ، ثم غيابه المفاجئ ، وما تسبب عن هذه الأمور الثلاثة من حيرة اعتلت النص على عتبة العنوان لتزيد من عملية التمويه الشعري التي يمكن تقويض بنائها بسوء الظن القرائي في علامات النص ومبناه الحكائي .
أحمد جار الله /



#أحمد_جار_الله_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جار الله ياسين - تفكيك -حيرة- بشرى البستاني