أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بحكان - السلفية الماركسية بين مأزق النص و المأزق التاريخي















المزيد.....

السلفية الماركسية بين مأزق النص و المأزق التاريخي


محمد بحكان

الحوار المتمدن-العدد: 5172 - 2016 / 5 / 24 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءت الماركسية في زمانها ثائرة على كل الفلسفات، و كل النظريات الاقتصادية البرجوازية، فبالإضافة الى ما تقدمه من توصيف و تشريح عميق للمجتمع و تناقضاته ان على المستوى السياسي، الاجتماعي، و الاقتصادي، تطرح كذلك حلا لمعضلة الطبقية التي تجتاح العالم، حيث ينقسم العالم الى طبقتين متصارعتين اقتصاديا تارة و سياسيا تارة اخرى على المستوى الظاهري، في مجتمع جديد تسوده المساواة و تضمحل فيه الفوارق الطبقية.
كانت الماركسية و لا زالت كأقوى النظريات الاجتماعية تماسكا، من حيث طرحها، و تفسيرها للظواهر الاجتماعية باعتمادها المادية الجدلية, و فهمها العميق للتاريخ بشقها الاخر، اي المادية التاريخية، اما اتباع هذه النظرية (الماركسيين) فهم كانوا و لزالوا يحاولون فهم المجتمع و تناقضاته و ظواهره بناءا على منهج علمي متناسق خاضع للجدل الماركسي، ذاك الجدل الذي ما اخذ اهميته الحقيقية كمنهج علمي الا عندما قلبه ماركس ماديا, بعدما كان مثاليا عند هيغل، ما نفهمه من هذا كله, انه لا يمكن ان يكون احدنا ماركسيا الا عندما يحلل المجتمع بناءا على هذا المنهج العلمي، و ما عدا ذلك فليس بماركسي
ان لماركس مقولة مهمة جدا في نظري يقول فيها "ان نظريتنا ليست بعقيدة جامدة بل مرشد حي للعمل"
هذه المقولة تلخص توجيهات المعلم لمن يتبنون نظريته و يشتغلون بها في السياسة، طبعا من اجل الوصول الى المجتمع الشيوعي و القضاء على الطبقية. كان ماركس يريد بهذه المقولة ان يبعد الطابع العقائدي الجامد عن نظربته كي لا يسقط اتباعه من بعده في مأزق النص، و تصبح الماركسيا دينا جديدا. كان يريد لاتباعه ان يأخذوا من النظرية الماركسية المنهج العلمي الجدلي للمادية، لتتضح امامهم الرؤيا و يسهل عليهم تحليل البنى الاجتماعية التي يعيشون فيها، كي يتبينوا كيف يشتغلون عليها للسير بها -المجتمعات- نحو الثورة الاشتراكية عبر بناء الاداة السياسية للطبقة العاملة اي الحزب الشيوعي.
فماذا فعل الماركسيين من بعده؟
طبعا و لمدة ليست بقصيرة كان الماركسيون عبر العالم يسيرون على خطى معلمهم، و يخضعون في تفكيرهم للمادية الجدلية و قوانينها ، اي للمنهج الذي يشكل جوهر الماركسية، و يشتغلون به، و انتجوا مؤلفات فكرية عديدة في الاجتهاد النظري, و التنظير السياسي للثورة العمالية، هذا ما فعله مثلا لينين في روسيا و ماو تسي تونغ في الصين ...الى غير ذلك من المجتهدين الماركسيين الحقيقيين، هؤلاء اشتغلوا نظريا كل من موقعه، على بنى اجتماعية مختلفة لدول و مجتمعات مختلفة من حيث النسيج الاجتماعي الغالب عليها، و كذلك في مراحل مختلفة من تاريخ تطور الرأسمالية، التي لم يعشها ماركس، ايمانا منهم على كون هذه النظرية حية و متطورة بتطور الواقع المتغير على الدوام.
اما نحن اليوم، فواقعنا كماركسيين اصبح مزريا، بين التشرذم و الجمود العقائدي، نتفرخ كل يوم فصائلا ضعيفة، منسلخة و ممسوخة في غالب الاحيان، بعيدة كل البعد عن الجوهر الماركسي، اذ نختلف على تحليل النصوص و كأنها نص ديني منزل بين ايدي رجال دين، كل يؤوله حسب مصلحته، و ليس نصا علميا موجها(بفتح الجيم) و ليس غاية في حد ذاته ، و انما اساس للعمل، من اجل الوصول الى تنظيم العمال ، و استقراء شروط الثورة العمالية و امكانياتها في ظل شروط موضوعية جديدة و خاصة بهذا المجتمع، فبدل ان نقوم بتحليل البنية الاجتماعية المغربية بناءا على قراءة تشكيلها الطبقي بشكل علمي, لتتضح لنا التحالفات الممكن ان يراهن عليها في قيادة الثورة الديمقراطية الشعبية، صرنا نمتهن و نحترف البكاء على الاطلال، و تقديس تجارب "الحملم" السبعينية بدل نقدها و الوقوف على اخطائها و تصحيحها بمنطق التطور الذي شهدته الرأسمالية العالمية، و ليس بمحاكمتها بمنطق رجعي، حيث انه يمكن ان تكون التجربة آنذاك صائبة و اصبحت اليوم غير ممكنة. بالإضافة الى هذا المأزق التاريخي، هناك مأزق آخر اكثر خطورة في هذه المرة، على النظرية الماركسية بحد ذاتها ، يتجلى في تقديس النص الماركسي، حيث اصبح كل من ينتقد، او يخرج عن النص مرتدا تحريفيا ، بنفس المنطق السلفي الديني، و اصبحت التحريفية و التخوين تهما جاهزة توجه الى كل من ناقش في امكانية تطبيق نص لم يعد ممكنا في ظل ظرف معين، او شكك في كون هذا النص قد تجاوزه التاريخ، اصحاب هذه التهم، هم في بنيتهم الفكرية، اشبه ما يكون برجال الدين الذين يعتقدون بأن كل نصوص و مقتضيات و احكام الدين الاسلامي تبقى صالحة للتطبيق في كل زمان و مكان زمان و مكان, و هذا خروج عن الجوهر الماركسي المرن الذي يدعوا دائما الى الاجتهاد في اطار تطبيق قوانين الجدل الماركسي, تماشيا و تتطور الواقع و تناقضاته.
بالإضافة الى تقديس النص الماركسي، هناك تقديس اخر للأوراق و التصورات القديمة التي كتبها و تبناها رفاقنا في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي، هؤلاء الرفاق الذين اجتهدوا في مرحلتهم و زمانهم، و استقرؤوا شروطها, و طرحوا افكارهم كحلول لمرحلة معينة، و صرنا نحن من بعدهم نقدسها كنص ازلي، نحمل السيوف و السواطير دفاعا عنها و كأننا ندافع عن دين ابائنا الاولين.
ان الحل اليوم يكمن في تجميع هذا الشتات, و ليس في المزيد من التشدد و الانغلاق على الذات على حساب جوهر الماركسية، و توجيه الصراع في منحاه الصحيح، نحو النظام، الذي يمثل الامبريالية العالمية، و الذي صار يتفنن في نهب و اغتصاب حقوق و حريات و كرامة هذا الشعب، في الوقت الذي نوجه فيه نحن اصابع الاتهام و التخوين الى بعضنا، و نرفع في وجوه بعضنا السيوف و السواطير لقمع الرأي و قتل الاجتهاد و التفكير. ان الماركسيين المغاربة هم على الاطلاق, اكثر من اكتوى بنار القمع و الاعتقال على ايدي النظام القائم بهذا البلد،
و اشد من عارضه في التاريخ الحديث, لكن للأسف صرنا مؤخرا نقدم معتقلين و شهداء بأعداد هائلة, ليس في سبيل القضية الجوهرية التي من اجلها نحن قائمون, بل في معارك جانبيا ان اعتبرناها اصلا معارك, و بسبب عنف لا مبرر له و موجه الى غير هدفه الحقيقي, في بعض الاحيان موجه الى بعضنا البعض او الى حلفاء طبقيين ممكنين في مستقبل ثورة شعبنا.



#محمد_بحكان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بحكان - السلفية الماركسية بين مأزق النص و المأزق التاريخي