أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد شوكات - الجمهورية العربية..رعب وفساد وتوريث!















المزيد.....

الجمهورية العربية..رعب وفساد وتوريث!


خالد شوكات

الحوار المتمدن-العدد: 1390 - 2005 / 12 / 5 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن أي بحث عن خصائص مشتركة بين الجمهوريات العديدة المتناثرة في مشرق العالم العربي ومغربه، سيحيل لا محالة إلى ثلاثة عناوين رئيسية: دول أمنية قمعية، وبلدان غارقة في الفساد إلى أذنيها، وحكم جمهوري مضحك يورثه الأب للإبن أو من تختاره العائلة "المالكة" من المقربين، ممن يحفظ الإرث السلطوي ويمنع الأذى عن مصالح الأسرة، وليس ثمة في السيرة الجمهورية العربية ما يشجع على إيجاد صلة لها بالجمهور، ولعل من مفارقات العرب الكثيرة أن تكون الملكيات عندهم أقرب إلى تمثل القيم الديمقراطية من الجمهوريات الهجينة.
رؤساء الجمهوريات العربية، عسكريون أو شرطيون أو هما معا في غالب الأمر، يصلون إلى الحكم عبر عمليات انتقال مشبوهة للسلطة، يرفعون خلالها شعارات إصلاحية وديمقراطية مخادعة تمكنهم من نيل بعض الشرعية الشعبية الضرورية والكافية لتأمين تسلم دفة الحكم وتسييره لسنوات قليلة قادمة، حتى تحين ساعة إظهار الأسلحة الخفية وتصبح الآليات الأمنية سيدة في التعامل مع القوى السياسية والتعاطي مع المعارضين الصادقين الذين لم ترهبهم العصا ولم تغرهم الجزرة.
ورؤساء الجمهوريات العربية، عادة ما يكونون منحدرين من صلب عائلات فقيرة ومحتاجة وجائعة إلى المال والنفوذ والسلطة، ومع استبداد الإبن البار بالأمر يبدأ التمكين للأبناء والأعمام والأخوال وسائر أعضاء الأهل والعشيرة الأقربين، الذين لا يترددون في الانتشار في طول البلاد وعرضها، يقضمون بشراهة اقتصادها وثرواتها، ويزيدون على ذلك مع الوقت بإقامة الاقتصاديات الموازية، ناشرين سبل النهب المنظم وتهريب السلع والبضائع والتهرب الضريبي والرشوة ومشاركة المواطنين مشاريعهم الرابحة بالقوة ونقل الأموال خارج البلاد خفية وجهرة وتهميش القوانين والتشريعات واقتسام الخرائط الوطنية مناطق نفوذ وهيمنة شخصية.
وبالقدر الذي تكبر فيه مصالح العائلة وأموالها غير المشروعة، بالقدر الذي تكبر فيه الحاجة إلى العمل على إبقاء السلطة في أيدي الأسرة الحاكمة، فإذا ما توفر الإبن الراشد القادر على الوفاء بأمر الخلافة، فإن مسألة انتقال السلطة ستكون هينة، أما إذا لم يتوفر الوريث فإن سيناريوهات أخرى تظهر في الأفق، عادة ما تقودها سيدة البلاد الأولى، التي لا تختلف في اهتماماتها المتعددة وطموحاتها التي لا تعد ولا تحصى وأصولها العائلية الوضيعة عن السيد الأول كثيرا.
ورؤساء الجمهوريات العربية يحكمون جميعا حتى الموت، إذا ما كان الأمر برغبتهم طبعا، ويكاد جميعهم قد انتقل من الوضع الدستوري الذي ينصبه رئيسا على البلاد مدى الحياة، إلى وضع يضطره إلى إجراء انتخابات شكلية كل خمس أو ست أو سبع سنوات، ومن حالة يكون فيها وحيدا في المنافسة الانتخابية الشكلية، إلى حالة يخوض فيها الأمر مدعوما بمجموعة من "الكومبارسات"، الذين يبدو منتهى طموحهم أن تكتب في سيرتهم الذاتية أنهم كانوا مرشحين سابقين للرئاسة، بل إن بعضهم قد يدعو في حملاته الانتخابية إلى التصويت للسيد الرئيس الذي مكنه من شرف المنافسة.
ورؤساء الجمهوريات العربية يأبون إلا أن تناشدهم شعوبهم البقاء على سدة الحكم، لأن هذه الشعوب لا تملك الحياة بدونهم، حيث يعمد هؤلاء الرؤساء إلى إبداء عدم رغبتهم في الترشح للرئاسة، أو يكتفون بمجرد عدم الرد على الأسئلة الصحفية المتعلقة بذلك، فتسارع آلاف المنظمات والهيئات الوطنية، التي أصبحت تعد بالآلاف في ظل العهود السعيدة، إلى توقيع ملايين البرقيات والرسائل والدعوات، التي تناشد السيد الرئيس التفضل والتكرم والعطف على مواطنيه العاشقين، بالترشح للرئاسة وقبول تجديد البيعة مرغما عليها كارها لها.
ولرؤساء الجمهوريات العربية جميعا، أبناء مولعون ب"الانترنت" و"الإصلاح" و"السياسة"، ونساء مولعات بالمطالعة وقضايا المرأة والعمل الخيري ومشاركة الزوج أعباء مسؤوليات الحكم الثقيلة، وسيكون من الطبيعي أن يمثل الإبن البار تطلعات وأشواق الشعوب للحرية والديمقراطية، كما سيكون مصدر احتفاء تصدي السيدة الأولى لمهام التعيينات الوزارية والإدارية، بديلا عن البرلمان وسائر المؤسسات السياسية المنتخبة.
ولرؤساء الجمهوريات العربية أحزاب حاكمة صورية وأحزاب معارضة صورية وبرلمانات صورية وهيئات قضائية صورية ووسائل إعلام وطنية صورية وفيالق من المطبلين والمزمرين يعتبرونهم باستمرار رجال كل المراحل والأماكن والأزمنة. والأمر الوحيد الذي يجب أن لا يكون صوريا في حياة الجمهوريات العربية، وزارات الداخلية و الهيئات المخابراتية والمؤسسات الأمنية والمعتقلات والسجون والتعذيب وتلفيق التهم للمنظمات الحقوقية والضرب بيد من حديد على أيدي المعارضات السياسية.
وقد كان رؤساء الجمهوريات العربية يصلون إلى درجة الكمال الانتخابية، حيث يحرزون من الأصوات بين المائة في المائة والتسع وتسعين، لتصل شعوبهم بذلك إلى درجة الصفر، غير أنهم قد قرروا بشكل شبه جماعي أن يتنازلوا عن نسب قليلة من المائة الكاملة، تترواح بين الخمس والخمسة عشرة في المائة حسب المزاج والحالة وحجم الضغوط الخارجية، وتؤكد المصادر أنهم لن يكونوا أبدا على استعداد للتنازل أكثر من ذلك إلى يوم القيامة، لأن النسب العالمية لا تتفق مع الطبيعة العربية الحارة في الولاء والخيانة، وأن سنن التدرج ومراعاة الواقع تقتضي أن يصبر العرب على جمهورياتهم حتى القرن الثاني والعشرين، حتى يكون بالمقدور رؤية رئيس عربي يفوز بنسبة واحد وخمسين في المائة، ويطرده الناخبون بعد ولاية رئاسية واحدة أو اثنتين على الدرجة القصوى.
وعهود رؤساء الجمهوريات العربية، هي عهود متجددة لا تقدم ولا تفقد بريقها أبدا، فهي أعصى من لؤم الزمن ومؤامراته، كما هم –أي الرؤساء- أطول عمرا في السلطة والحياة من الملوك والقياصرة، وهم لا يحبذون الزيارات الخارجية كثيرا، اللهم إلا إذا كان رؤساء القطاعات الأمنية وقادة الجيوش والحرس الرئاسية من العائلة والعشيرة.
ورجال رؤساء الجمهوريات العربية لا يتغيرون في معظم الأحيان إلا نادرا، وإذا ما اقتضى الأمر التغيير، فإن هؤلاء الرجال يدورون المناصب الوزارية والحكومية والحزبية فيما بينهم، حتى أن ثمانين بالمائة من وزراء أحد الرؤساء العرب استمروا في ممارسة الوظيف الوزاري، طيلة نفس المدة التي ظل الرئيس يمارس فيها السلطة.
ورؤساء الجمهوريات العربية هم غالبا، ووفقا للدساتير المنظمة لشؤون الدولة، لا يحاسبون من قبل الهيئات البرلمانية، ولا يمكن أن يقفوا أمام عدالة المؤسسات القضائية، أو حتى تطال وسائل الإعلام سيرتهم الذاتية والسلطوية، وهم بحسب جل النصوص الدستورية الراهنة، فوق سائر السلطات على الرغم من أنهم رؤساء للسلطة التنفيذية فحسب.
وميزانيات وزارات الداخلية والمؤسسات الأمنية هي الأكبر من نوعها والأولى بالرعاية حسب تعليمات رؤساء الجمهوريات العربية، بدلا من أن تكون وزارات التربية والتعليم والصحة والتشغيل والإسكان هي صاحبة الحصة الأكبر من موارد الدولة، فالمواطنون أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، هم قوة الرؤساء وقوتهم، فهم جنود الجيوش التي لا تحارب وأعوان الأمن والشرطة والمخابرات الذين يحمون السيد بدل آبائهم وأقربائهم، والأموال التي تبذر وتنهب وتسرق وتهرب إلى الخارج، مصدرها ثرواتهم وموارد الضرائب التي ترهق كاهلهم.
وأخيرا، فإن رؤساء الجمهوريات العربية لا يرون فيما تثبته الوقائع والأحداث المتواترة، ما يستدعي العمل على التغيير والإصلاح والمراجعة، وليس في أفقهم ما ينبئ بأن لديهم أي رغبة في التراجع عن مشاريع احتكار السلطة إلى الأبد، المعدة من قبل بطانات السوء المحيطة بهم، وأن رهانهم منصب على أن تقتنع القوى الدولية بأن ما تكرس من حقائق على أرض الواقع لا يمكن تجاوزه، وأن شعوبهم بلهاء غبية يمكن أن تمرر عليها سائر الخطط الخبيثة.
وإن المتأمل في المقترحات الإصلاحية التي تتقدم بها أنظمة الجمهوريات العربية، سيقف بالضرورة على عدم جدية أي من هذه الأنظمة في الدخول في حالات حوار ذات مصداقية مع القوى الوطنية المنادية بالديمقراطية، وأن رهانها منصب على نيل "نعم" خارجية في مقابل تقديم المزيد من التنازلات المهينة، ومواصلة التعامل مع المكونات الوطنية الداخلية من خلال سياسات الترغيب والترهيب و"فرق تسد" والعصا الغليظة، باعتبار أنه لا مجال لثورات برتقالية.



#خالد_شوكات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا انتصرت -المدنية- على -المكية- في السيرة النبوية؟
- حول النسخة الحكومية للديمقراطية العربية
- ما هكذا تحكم تونس
- تونس دولة دينية
- تونس التي تحتقر السياسة
- ليبيا الطرزانية
- ليبرالية استيعاب لا إقصاء
- تونس بدون حركة إسلامية؟
- استكمال الاستقلال..من تحرير الأرض إلى تحرير الانسان
- شهادة يابانية في الديمقراطية العربية
- إعـــــلان تأسيس قناة -العفــو- الفضائية
- الليبراليون الجدد.. أو الليبرالية كما أفهمها
- لبنـان..حيث -الاستثناء الفاسد- يطرد -الاستثناء الصالح-
- أليست الدولة العلمانية ضرورة دينية؟
- الدولة العلمانية


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد شوكات - الجمهورية العربية..رعب وفساد وتوريث!