أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غادة عبد المنعم - لا يلزمك أكثر من شائعة أو عود كبريت..إزاي تعمل فتنة..!!















المزيد.....

لا يلزمك أكثر من شائعة أو عود كبريت..إزاي تعمل فتنة..!!


غادة عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 1371 - 2005 / 11 / 7 - 09:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اسهل شىء فى مصر هو ان تحدث فتنة طائفية .. يكفى أن تقذف شعلة داخل جامع او كنيسة وتجرى وانت تصرخ : "المسلمين حرقوا الكنيسة" او"المسيحيين حرقوا الجامع".. لن يحاول أحد أن يتيقن من الخبر، ولن يسألك أحد : متى حدث هذا؟ وكيف ؟ لن يسألك أحد حتى عن دينك.. سيهرولون بكل بساطة لضرب وقتل أبناء الدين الآخر وهم على يقين تام من أنهم أحرقوا دار عبادتهم ..!!
نتكلم كثيراً عن الوحدة الوطنية التي تجمعنا ، ونؤكد عليها في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.. لكننا نعرف جيداً أننا نحن المصريين كلما تكلمنا كثيرا عن شىء كان ذلك دليلاً على افتقارنا إليه .. وأكاد أظن أنه من فرط ما تكلمنا عن الوحدة الوطنية فقد أصبحت الحقيقة الوحيدة التى نعرفها جميعاً ، مسلمين وأقباطاً ، هى أننا نولد ونتربى ونحن لا نتقبل الآخر، وأنه علينا أن نكافح في تعليم وتربية وتثقيف أنفسنا حتى نتمكن من حب الآخر ورؤية الجمال والحق فى معتقداته التى تختلف عن معتقداتنا، دون أن يهدد ذلك إيماننا بمعتقداتنا أو ينقص من قدرها.. ومن يعلم فربما بعد سنوات طويلة من هذا الكفاح الثقافى لا ننجح في قتل بذور التحيز الكامنة فى أعماقنا.


لكننا – للأسف الشديد - لا نحاول تثقيف وتربية انفسنا ، بل إن معظمنا يستسلم ويترك نفسه لشرائط الكاسيت الدينية – الاسلامية أو المسيحية - التى تربى فيه كراهية الآخر والشعور بالضغينة تجاهه .. وفى طريق حياتنا الطويل ستظل كل المؤثرا ت الثقافية حولنا تلح على المسيحى بأن المسلم عدوه وعلى المسلم بأن المسيحى عدوه.. وبسبب هذه المؤثرات التى تدفع للكراهية فقد عانيت حتى بداية شبابى من شعور بالذنب تجاه اى مسيحى ، لكن شعور الذنب هذا تبدد عندما ازدت عمرا وخبرة، فقد ادركت ان ما لُقن لى على أنه بديهى فى الشارع والمدر سة من ان المسيحيين مختلفون وليسوا على صواب هو نفسه ما يشب عليه المسيحى الذى يتعلم فى كل مكان أن المسلم ليس على حق ودينه ليس صحيحاً..

الآخر على صواب دائما .. ولكن!!

المدهش أننى فيما بعد وبحكم انتسابى لمجتمع الكتاب والمثقفين عاينت نوعا مخالفا من الخبرة فى العلاقة بين المسيحيين والمسلمين، حيث تتبارى الغالبية فى هذا المجتمع في نفى تهمة التحيز الدينى.. فما ان يجتمع مسيحى ومسلم معا حتى يقول أحدهما للآخر: "يا أخى انتم عندكم أحسن ، ده المسائل عندنا لا تطاق".. فى هذا المجتمع، وفى هذه الجلسات، تنقلب العيوب والنواقص لتصير مميزات، فيتكلم المسيحى عن نعمة الطلاق وتعدد الزوجات فى الاسلام وعن ذكاء وحنكة النبى محمد (عليه الصلاة والسلام)، ويتكلم المسلم عن سماحة المسيحية والروحانية العالية فيها .. وفى هذه المجتمعات تحديدا يبوح المسيحيون والمسلمون بالنكات والمسميات القبيحة التى يطلقونها على بعضهم البعض .. ورغم ذلك، فحتى ضمن احتفالية الانفتاح المبالغ فيها هذه فان بذور عدم تقبل الآخر لا تموت وإنما فقط تختبئ بعيدا عن السطح وتظهر بين حين وآخر فى صورة نقاش حاد حول هذا الدين او ذاك أو حول الشخصيات الدينية وحقيقة وجودها وقدسيتها..

و لأننا نعيش في مجتمع متخلف لديه ميراث غبى من التحيز ، فكل مسلم أو مسيحي لديه يقين بأن دينه هو الافضل، وأن الخروج منه والدخول في دين الآخر هو الذنب الذى لا يعلوه ذنب، وكلنا لديه حساسية شبه مرضية ضد قصص الحب بين فتاة من دينه وفتى من الدين الآخر، فأى رجل مسيحى سوف يفضل ان يزوج ابنته الحاصلة على دكتوراه فى الذرة لحرامى جاهل وفظ الاخلاق على ان يكون مسيحياً ولن يرضى أن يزوجها من زميلها المسلم الاستاذ فى علم الذرة والذى يشهد له الجميع بالاخلاق العالية.. أما زواج المسيحى من المسلمة فلن يمر دون ان تطير فيه رقاب، إما رقبتها اذا تنصرت او رقبته اذا اسلم.. ونحن جميعا نعلم ان زواج المسيحية ببوذى أفضل عند أسرتها من زواجها بمسلم، وزواج المسلمة من مسيحي أجنبي ( بشرط إسلامه ولو في الظاهر فقط) لن يثير عُشر المشاكل التي سيثيرها زواجها من مسيحي مصري.. وعموما فان عدد الزيجات بين أبناء الديانتين محدود للغاية ، وغالباً ما يأتي ذكرها كأنها من نوادر الزمن.. ولابد ان المصريين قد حققوا الرقم القياسى فى عدم الاختلاط، حيث بقى الزواج المختلط بين الاديان لدينا شيئا غير مقبول، وبلغ عدم القبول ذروته مع ظهور المد الإسلامي في منتصف السبعينيات حين اصطبغت مصر بصبغة دينية كان الغرض من ورائها محو آثار الشيوعية المتبقية من العهد الناصري، وفي الوقت نفسه كانت شوكة المسيحيين قد قويت بسبب تحالف السادات مع أمريكا، وأصبح الأقباط - على عكس ما يطالبهم به المسيح - لا يتمتعون بأى نوع من السماحة. وزاد التوتر بين الجانبين، وظل الوضع يزداد سوءا من السبعينات للثمانينات فالتسعينات وحتى الألفية الجديدة. وعلى وجه العموم ، كان المسلمون يتعاملون أحياناً بشىء من الرفق مع الانتقادات الموجهة إليهم ، بينما كان الاقباط أكثر تشددا واعتبروا أنفسهم يعيشون في عزلة ثقافية داخل مجتمع يكن لهم العداء، حيث استقبلوا بريبة كل ما يتعرض لهم ولثقافتهم ، حتى انهم فى مناسبتين على الاقل قد اظهروا تعصبا كان من المفروض أن ينقلب لترحيبا.

التعصب فى مواجهة المدح

عندما قدم وحيد حامد مسلسله "أوان الورد" وقدم فيه شخصية سيدة مسيحية متزوجة من رجل مسلم، ورغم انه اظهرها بشكل اقرب للملاك (قامت بالدور سميحة ايوب ولا اعلم ان كانت ترضى ممثلة مسيحية ان تقوم بالدور ام لا) كما اظهر افراد اسرتها كلهم كأنهم ملائكة، وكان الهدف هو محاولة التقريب بين المسلمين والمسيحيين، لكن المسلسل جاء بعكس النتيجة المطلوبة، فقد قامت الدنيا ولم تقعد ولم ينتبه احد ممن انتقدوا العمل بقسوة للصورة المثالية التي قدم بها حامد الشخصيات المسيحية (جرياً على عادة كتاب الدراما المصريين الذين دأبوا على تقديم الأقباط كملائكة فى المسلسلات المصرية) ولكنهم انتقدوا إظهار مسيحية متدينة ترضى بالزواج من مسلم.

أما المناسبة الثانية فقد كانت عندما قدمت مجموعة من السينمائيين الاقباط فيلم "بحب السيما".. وفى هذه المرة ايضا قام بالتمثيل ممثلون مسلمون.. ورغم انه العمل السينمائى الاول الذى تدور احداثه كلها داخل المجتمع المسيحى وهو ما كان يجب ان يمثل نقطة لصالحه لدى اى قبطى يرغب فى التحدث عن نفسه، الا ان إقدام البطلة على التفكير فى خيانة زوجها وتقديم الزوج على اعتبار انه متشدد دينيا قد اقام الدنيا ولم يقعدها.

ولاشك ان استقبال هذين العملين من الغالبية القبطية قد أظهر ان الجانب القبطى فى المجتمع هو الجانب الاكثر تعصبا، وهو تعصب قد يبرره وجودهم فى بيئة وثقافة مناهضة، خاصةً بعد ميراث الكره الذى صعَّدت من وتيرته الجماعات الاسلامية ، إلا ان استمرار الحال على هذا الوضع يعنى ان الغد لن يأتى بخير ، اذا اضفنا لذلك عنصرين اكثر اهمية أولهما هو زيادة عدد المبشرين المسيحيين والدعاة المسلمين، وهو ما اصبح يثير حفيظة كلا الجانبين بقوة، فالمسيحيون لا يتركون فرصة إلا ويشتكون من استهداف المسلمين لبناتهم، ورغم ما يضمه هذا الادعاء من مبالغة إلا ان بعض الشباب المسلم يسعى بالفعل إلى جذب المسيحيات للاسلام لينال الأجر والثواب.. وعلى الجانب الآخر فإن بعض الشباب المسيحيين يسعون لاقناع المسلمين والمسلمات بالمسيحية ويحاولون تنصيرهم..

يأتي بعد ذلك قانون حماية الأقليات الذي سنَّته الولايات المتحدة ، وهو القانون الذى شجع الكثير من الأقباط على التهويل من أمر ما يحدث للمسيحيين فى مصر رافعين أصواتهم يناشدون أمريكا للتدخل لانهم يعلمون ان هذا القانون يمثل ورقة الضغط التى يمكن بها الحصول على المزيد من المكاسب من الحكومة المصرية، لذا فقد أصبحت هناك مصلحة مسيحية عامة لإظهار حياة المسيحيين فى مصر كأنها كابوس لا يطاق وكأن حياة المسلمين مقارنة بها هى الجنة المطلقة . ويبدو أننا نتحرك من سىء لأسوأ والسنوات القليلة الماضية تشهد بذلك، فقد أصبح أى تماس ولو من بعيد ما بين المسلمين والمسيحين يؤدى لضجة كبرى.. ففى ديسمبر الماضى وقعت فتنة أدت لقتل رجل واصابة اثنين والقبض على 25 شخص فى قرية دمشاو هاشم فى المنيا بسبب قيام شقيقين بتوسعة بيتهما لتحويله لكنيسة بدون ترخيص ، و قبلها بشهر اشتعلت القاهرة بقضية وفاء قسطنطين التى قيل فيها البدع من انها خطفت او هربت واسلمت أو تابت وعادت لدينها.. أما ما نشرته جريدة النبأ عن الراهب المشلوح وعلاقاته المشبوهة والذى لو كان عن شيخ سابق لأثار الكثير من السخرية لا غير فقد أقام الدنيا لفترة طويلة .. لكن الكارثة الكبرى كانت منذ خمسة أعوام عندما ثارت الدنيا فى الكشح لان رجلا عاكس سيدة وهو حادث عرضى يحدث مليون مرة كل يوم ولكن لان المرأة كانت مسلمة والرجل مسيحياً تطور الأمر إلى حد القتل الذي كان من الممكن أيضاً أن يمر لو لم تحدث هذه الاحداث فى سوهاج " الصعيد" حيث قيم الثأر والقبلية والتعصب الدينى.

إذن ، ليس هناك أسهل من أن "تشعلل" الدنيا في مصر ، فأنت لا تحتاج لأكثر من شائعة لتقتل العشرات وتهدم الكنائس والمساجد، وتجعل العالم كله يتحدث عن الهمج الذين يعيشون في مصر المحروسة.



#غادة_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقباط المهجر والمناخ المفتوح..الصراع يبدأ في مصر وينتعش في ا ...
- -موراى- ساحر وهو لا يفعل شيئا!!
- لحظات ما قبل الموت ..عن الإنتحار، المخدرات والوهم !!
- بولانسكي يقلب رواية ديكنز إلى ملحمة يهودية
- الصحف الخاصة تلعن الحكومة وتغازل كفاية والإخوان
- فى مصر..الصحف الخاصة تلعن الحكومة وتغازل كفاية والإخوان.
- بريطانيا قتلت جده وبلير عينه مستشاراً.. طارق رمضان المثير لل ...
- ما رأى فضيلته فى مأساة فلسطين ومحنة العراق..؟!
- أمم تعشق السادية وتستمتع بالكهنوت..!
- سيد قطب ورامسفيلد تخرجا من مدرسة -يهودية- واحدة..


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - غادة عبد المنعم - لا يلزمك أكثر من شائعة أو عود كبريت..إزاي تعمل فتنة..!!