أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إياد السكتاوي - مجزرة إصلاح التقاعد في المغرب: الآثار الاجتماعية و الاقتصادية















المزيد.....

مجزرة إصلاح التقاعد في المغرب: الآثار الاجتماعية و الاقتصادية


إياد السكتاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5026 - 2015 / 12 / 27 - 06:57
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أبى السيد ابن كيران إلا أن ينهي ولايته الحكومية هذه بالتوقيع على مجزرة في حق الأسر و المواطنين المغاربة، ذلك أن هذا المشروع لا يمس فقط فئة الموظفين العموميين، بل سيتعداها و بطريقة غير مباشرة نحو المس بجميع فئات الشعب المغربي.. فبالإضافة إلى كون الاقتطاعات لفائدة الصندوق ستمس حوالي ست مائة ألف أسرة، و هذا هو عدد الموظفين المعنيين بهذا الإصلاح، أي أن هذا العدد الهائل من الأسر سينخفض دخلها بين 500 درهم و 1500درهم علما أن الاقتطاع سيكون مضاعفا في حالة انتماء الزوج و الزوجة معا لقطاع الوظيفة العمومية، و بالتالي فإن معدلات إنفاق الأسر و مؤشر الإدخار سينخفضان بشكل كبير مما قد يؤدي إلى نوع من الركود الإقتصادي على مستوى جميع الأنشطة. مما يعني أن الإصلاح المفترض ستتضرر منه الأسر الجديدة بشكل أكبر بسبب كثرة الالتزامات المالية و القروض التي تثقل ميزانيتها المثقلة أصلا، و عدم قدرتها على تحمل أي قدر من الإقتطاع مهما كان بسيطا، مما سيدفعها إلى التراجع عن الكثير من المشاريع الاستهلاكية و المخططات الإدخارية. و هكذا فإن خطة ابن كيران لإصلاح التقاعد ستؤدي وبشكل ميكانيكي إلى خنق الاقتصاد الوطني الموجود في غرفة الإنعاش، حيث سيتلقى ضربة موجعة و خطيرة سيصعب على أي حكومة قادمة التقليل من آثارها، و سيقلل من القدرة التنافسية للمقاولة المغربة و سيرسخ تبعيتها للخارج حيث تتواجد المنافسة الشرسة بسبب ضعف الاستهلاك الداخلي.
أما على مستوى التشغيل فإن الرفع من سن التقاعد إلى 63 أو 65 سنة سيكون له إنعكاسات خطيرة جدا على معدلات التوظيف التي سيتطيع إحداثها الإقتصاد الوطني، باعتبار أن الدولة أهم مشغل. فما يجهله عموم الناس و ما لم يتطرق له أحد هو أن الرفع من سن التقاعد سيعني مباشرة توقف القطاع العام عن التوظيف لمدة ثلاث أو خمس سنوات، حيث أننا نعلم جيدا أن سياسة التوظيف التي انتهجتها هذه الحكومة منذ توليها تستهدف أساسا تعويض المتقاعدين من الموظفين دون أن تهدف إلى إحداث مناصب جديدة بهدف الرفع من جودة الخدمات التي يقدمها المرفق العام. هكذا فإننا سيواجه الآلاف من خريجي الجامعات و مراكز التكوين و المعاهد و المدارس العليا شبح البطالة، و سيجد أنفسهم مضطرين للردوخ لشروط القطاع الخاص مهما كانت مجحفة، رغم ما يعرفه هذا الأخير من مشاكل و من خروقات، و من خرق مستمر لحقوق العمال و لقانون الشغل، و تفضيل أرباب العمل للعمال الحرفيين عوضا عن العمال المؤهلين و الحاصلين على شواهد عليا في مجالات تخصصهم، هذا الأمر يجعل القطاع الخاص نفسه غير قادر و غير مؤهل على استقطاب الأطر العليا المؤهلة بسبب تشبثه بآليات قديمة وبائدة في إدارة الموارد البشرية. كل ذلك سيجعلنا نعود إلى فترة نهاية الثمانينات و التسعينات التي توقفت فيها الإدارة العمومية عن التوظيف بشكل شبه نهائي و أدخل جيلا كاملا من الشباب المغربي المتعلم و الحاصل على شهادات عليا في أزمات إقتصادية و اجتماعية و نفسية لا يزال يعاني منها خريجي الجامعات في تلك الحقبة إلى الآن. و لم تستطع فحتى فترة الانفتاح على التوظيفات الجديدة مع حكومة التناوب أن تقلل منها بسبب تجاوز الكثيرين منهم سن القانوني لولوج الوظيفة العمومية. مع العلم أن هذا الإنفتاح كان غير ممكن دون خطة المغادرة الطوعية التي تبنتها تلك الحكومة و التي سمحت للعديد من الموظفين بالخروج من سلك الوظيفة و التقاعد مفسحين أماكنهم لآلاف الشباب الذين كانوا في أمس الحاجة لها.
هكذا فإن قضية الرفع من سن التقاعد يجب عدم فصلها عن قضية فصل التكوين عن التوظيف بخصوص الأساتذة المتدربين و قضية الخدمة الإجبارية للأطر الطبية من ممرضين و أطباء، فالحكومة تعي جيدا أنها ستخفض بشكل كبير من التوظيف في السنوات المقبلة، و يظهر ذلك واضحا إذا ما أخذنا تصريحات السيد رئيس الحكومة الأخيرة و التي تربط بداية الإصلاح في سنة 2017، لذلك هي لا ترغب في أن تتورط في إلزام نفسها بتوظيف جميع خريجي مراكز التكوين من الأطر العليا التربوية و الطبية، و بالتالي فإن المراسيم الأخيرة المتعلقة بهذين القطاعين كانت تستهدف أساسا الإعداد للأرضية المناسبة لتمرير هذا الإصلاح الجريمة.
إن محاولة الاعتراض على فكرة أن الدولة هي الدينامو المحرك لمجال الشغل في المجتمع، بدعوى أن القطاع الخاص يجب أن يقوم بتعويضها لهو اعتراض متهافت و مجانب للصواب، و يأخذ مشروعيته من نظريات اقتصادية نيوليبرالية لا تناسب الواقع المغربي، و تنعدم فيها أي مقاربة اجتماعية شمولية للمسألة الاقتصادية، فتحاول أن تجعل الدولة مجرد متفرج في الساحة الاقتصادية، بينما دورها الحقيقي يكمن في كونها المؤسسة الضامنة لاستقرار المجتمع، و الضامنة لتحقيق التوازنات اللازمة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين، حتى لا يطغى أي فاعل منهم على الآخرين. كما أن الخدمات التي توفرها الدولة للمواطن في المثال المغربي لا يمكن إطلاقا تعويضها من القطاع الخاص، خصوصا مع انتشار الفساد الإقتصادي و الجشع و التلاعب بالمستهلك لعدم وجود قوانين و أعراف أخلاقية تحميه.. كما أن القطاعات العمومية المستهدفة بهذا المرسوم هي القطاعات المرتبطة أكثر بالحاجات الأساسية للمواطن، و التي لا يمكن أبدا و تحت أي حجة المتاجرة بها، كالتعليم و الصحة و الخدمات الأمنية، لذلك فإن أي محاولة، للتقليل من عدد الموظفين في هذه القطاعات سيؤدي بالضرورة إلى الزيادة في تردي الخدمات المقدمة للمواطن من خلالها، أكثر مما هي متردية الآن، و بالطبع سيعاني أبناء الفئات الفقيرة من هذا الأمر أكثر من غيرهم، و سيعاني أبناء الطبقة المتوسطة بشكل مضاعف لأنهم لن يستطيعوا الحصول على خدمات ذات الجودة التي تناسبهم من القطاع الخاص إلا بتخليهم له عن راتبهم الشهري بشكل كامل، كما ما يحدث حاليا في مجال الصحة و مجال التعليم حيث تدهورت الجودة في القطاع الخاص بشكل أصبح يصعب إيجاد مصحة أو مؤسسة تعليمية في المستوى المطلوب، و إذا ما وجدت فستطلب مبالغ مالية خيالية يستحيل على موظف يقال عنه أنه من الطبقة المتوسطة تأديتها. زد على ذلك الحالة النفسية و البدنية التي سيكون عليها الموظفين المقبلين على التقاعد و المعنيين بشكل مباشر أكثر من غيرهم بهذا الملف، عندما سيضيف السيد رئيس الحكومة بشكل تعسفي من ثلاث إلى خمس سنوات في عمرهم الوظيفي !!! دون الأخذ بعين الاعتبار الخدمات الجليلة و الجبارة التي قدمها هؤلاء للوطن، فكيف يعقل أن يستمر الأستاذ في أداء مهامه بشكل جيد و أن يضبط سلوك أزيد من 45 مراهقا في مقتبل العمر داخل الفصل الدراسي و هو قد بلغ من العمر عتيا، و كيف يعقل أن تطلب من طبيب إجراء عملية جراحية دقيقة و هو يعاني من ضعف البصر و السمع و التركيز بحكم سنه، و هل يجوز أخلاقيا أن نطلب من شرطي عمره 63 سنة بأن يطارد المشتبه به في عمر 18 سنة و يلقي القبض عليه !!! فعوضا أن تشكر الدولة الموظف الذي بدأ يشعر بالملل من المهام التي يقوم بها في وظيفته و الذي ينتظر التقاعد بأحر من جمر المقبل على الستين و تمنحه تقاعده المستحق و الذي ادخر له طيلة سنوات طوال، براتب محترم جزاءا له على التضحيات التي قدمها للوطن، لتعوضه بموظف آخر شاب حيوي و نشط و مقبل على المستقبل بتفاؤل و متحمس لكل القيم الأخلاقية و المبادئ النبيلة التي يؤمن بها الشباب، ستجذها بفعل على هذا الإصلاح المشؤوم تطيل من المعاناة و الملل الوظيفي للشيخ و ترمي بالشاب في مستنقع البطالة، و السجون حسب أحد التصريحات الأخيرة للسيد رئيس الحكومة !!!
لذلك فإننا لن نبالغ إذا قلنا أن هذه الخطة التي تسمى زورا بإصلاح التقاعد و هي في حقيقة الأمر تخريبا له، ستكون مجزرة حقيقية ضد جميع الأسر المغربية و جريمة فعلية ضد مستقبل هذا الوطن.



#إياد_السكتاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات أفلاطونية(1): نقد الممارسة السياسية في المملكة المغرب ...
- الحريات الفردية في الواقع المغربي بين الدولة الدينية و الدول ...


المزيد.....




- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...
- المركزي الياباني يثبت الفائدة.. والين يواصل الهبوط
- المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات
- -BHP- للتعدين تريد شراء -أنغلو أميركان- مقابل 39 مليار دولار ...
- الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع
- مساهمو بيانات والياه سات يوافقون على الاندماج لإنشاء SPACE42 ...
- -ألفابت- تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إياد السكتاوي - مجزرة إصلاح التقاعد في المغرب: الآثار الاجتماعية و الاقتصادية