علاقة السياسيين العرب بالحيوانات المنويّة!

مؤمن سراج الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 4 - 14:24
المحور: كتابات ساخرة
    

من صرخة رجل، اضطرت زوجته أن تلد في محطة قطار كان قد تجمّع فيها لاجئون سوريين في هنغاريا، ودموع زوجةٍ وهي تتوسّل شرطة الحدود المقدونيّة أن يفكّوا قيد زوجها، وأمٍ تحضن طفلها أثناء غرق مركبهم الذي تقاذفته أمواج المتوسّط، إلى رجلٍ فجّرت شظيّة صاروخ فراغي رأسه وهو جالس يحتسي الشاي، وبقي جالساً، لكن دون رأس، وأبٍ ينعي بناته الصغار الذين قضوا في القصف الكيميائي الذي استهدف الغوطة، إلى بكاء أمٍ على ابنها، وصراخ طفلةٍ على أباها، يعيش سوريون...

كيفما التفت ستشاهد مقاطع فيديو عن أولئك، ستسمع عويلاً، وصراخاً، ستتفاعل مع المشهد، ربّما ستشعر للحظات بما يشعرونه، وربّما سيعلو صوت خطاباتك أو تصريحاتك أو بياناتك أو مطالباتك أو تحذيراتك أو تنديداتك أو حتى أحياناً تهديداتك...لكنه يبقى أخيراً كلاماً رناناً، لا يسمن ولا يغني من جوع...

فأنت إن جعت ستأكل وتنسى ما يعيشون، إن أصابك النعاس ستنام وتنسى ما يعيشون، لن تشعر بحر الصيف أو ببرد الشتاء، لن تشعر بألم المشي حافي القدمين، لن تشعر بألم المعذّبين داخل السجون والمعتقلات، لن تشعر بحرقةِ قلب رجل فقد قدمه أو عينه، لن تشعر بقيمةِ ربطة خبز استطاع طفل أن يجلبها لعائلته بعد عناء يوم طويل من العمل الشاق، لن يصيبك الأرق ليلاً وأنت تفكّر فيما إن كان ابنك حيّاً أو ميّتاً...

هذا حال السوريون مع السياسيّون العرب، وهنا أتذكّرُ حال الحيوانات المنويّة، التي لا يصلح إلّا واحد منها من أصل المليارات، ولا يخفى عليك ذلك حين تشاهد صحيفة تتبع لحزب لبناني، تصف اللاجئ السوري بصفات عنصريّة وتتململ من لون بشرته السمراء التي غطّت إحدى أسواق بيروت، وجميعكم شاهد خطابات الكراهيّة التي قام بها إعلاميّون مصريّون مسيّسون بحق السوريين، وجميعكم قرأ منشورات سياسيين لبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي تنادي بقصف هذه المنطقة أو تلك، وشاهدتم أيضاً السياسي الكويتي الذي وصف اللاجئين السوريين بالمرضى نفسيّاً في تقرير نشرتْه قناة أوروبيّة ناطقة بالعربيّة...

وعليْه، لا تستغربوا من سوريون يشتموكم ويحقدوا عليكم، لا تستغربوا من مقالٍ أو منشورٍ أو أغنيةٍ أو فيلم أو برنامج، يهاجمكم ويفضحكم، لا تستغربوا إن وجدتم سوريون يطالبون بعدم اعتبارهم عرب بعد الآن..

جميع العرب يعلم ما تؤول إليه أوضاع الشعب السوري، فلا مبرر لكم، ولا مهرب، ستحاسبون على ما فعلتم، ستحاسبون على ما تجاهلتم، ستحاسبون على صمتكم، وستكون الأيام شاهدة على ذلك...

#مؤمن_سراج_الدين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات