أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد فضل - الدولة الاسلامية في السودان والسياسة ذات الوجهين















المزيد.....

الدولة الاسلامية في السودان والسياسة ذات الوجهين


خالد فضل

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 02:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظلّ السودانيون يخضعون لحكم اسلامي منذ ربع القرن واكثر بقليل , وهي فترة تزيد على المدة التي مكثها نبي الاسلام محمدا(ص) منذ ابتدار دعوته الاسلامية , وتضارع الفترة التي حكم خلالها خلفاؤه الأربعة مجتمعين , وبالتالي يمكن قياس أدائها مقارنة بما ظلّت ترفعه من شعارات اسلامية , فالمعروف أنّ الاسلام معتقد روحي فردي , ولا يمكن بالتالي قياس درجة إيمان فرد ما من عدمه , وكلّ ما يشاع من أدبيات التكفير للأشخاص إنّما في حقيقتها لا تخرج عن دعاية سياسية رخيصة , وغير عقلانية البتّة , فليس هناك ترموميتر لقياس درجة الايمان والكفر في الواقع , ويعتمد التكفيريون عادة على ملاحظات سطحية يبنون على ضؤها أحكام قطعية تغوص الى الضمائر وتقرر نيابة عن الشخص المتهم فيتم ازهاق أرواح آدمية دون مبرر وبرهان علمي مما يضع هذه الجماعات مباشرة في خانة الارهاب , و يوفر مصداقية للتصنيفات الدولية للارهابيين اعتمادا على معايير أداء هذه الجماعة أو الفرد وممارساته لما يجافي المنطق السليم والعقل الرصين بما في ذلك ارتكاب جرائم القتل على الهوية أو العقيدة الروحية أو النوع أو العنصر أو الاختلاف السياسي أو التحريض عليها أو الاشتراك فيها. بينما الدولة , أي دولة عبارة عن أجهزة وضعية ذات أدوار وظيفية ظاهرة ليس منها على كلّ حال تفتيش الضمائر لقياس درجات الايمان , وهنا تتجلى ورطة ما تسمى بالحركات السياسية الاسلامية, وفي التجربة السودانية على وجه الخصوص يمكن ملاحظة هذه الورطة بوضوح شديد , فقد سنحت ظروف التعددية في المجتمع السوداني لاختبار مدى مصداقية ومطابقة شعار صلاحية الحكم الاسلامي تحت كل الظروف وعبر الازمنة , غض النظر عن المتغيرات الزمانية والمكانية , وظلّ شعار (الاسلام هو الحل) كتميمة ترفعها الحركات الاسلامية في السودان , تقول ذات الخطاب للجماعات المسلمة وغير المسلمة , فإذا سلمنا بصحة توجيه هذا الخطاب لغير المسلمين باعتبار عدم معرفتهم بالاسلام وبالتالي عدم معرفتهم بما يوفره من حلول لمسائلهم الوجودية , فإنّ المفارقة تكبر عندما يقال نفس الشعار ويردد وسط الجماعة المسلمة ذاتها , وهنا ينشأ السؤال البدهي عن تصور الجماعات الاسلامية للاسلام , فهي تبشر المسلمين بما يفترض أنّه عقيدتهم وبالتالي هم أدرى بما يشتمل عليه من حلول . ولكن وجه العجب ينتفي إذا أخذنا في الحسبان أنّ الموضوع لا يتجاوز مرحلة الشعار والسلام , فالقيادات الرئيسة لهذه الحركات الاسلامية من المتعلمين الذين أكملوا في الغالب دراساتهم في الحقول العلمية أو في الدراسات الانسانية والاقتصادية في أشهر جامعات العالم في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية , وعايشوا عن كثب التطور المذهل لاوجه الحياة الانسانية في هذه البلدان والتي استطاعت أنْ تجد كثيرا من الحلول لمعضلات ومتطلبات الحياة البشرية دون أن تسمع بالدين الاسلامي نفسه ناهيك عن اعتناقه , فالدين في البلدان العلمانية موضوع في مكانه الصحيح من حيث هو معتقد روحي يخص الفرد ولا دخل للدولة به , فهموم ووظائف الدولة أكبر من النظر الى أطوال فساتين النساء مثلا وما إذا كانت أقصر ببضع سنتمترات على مقياس ريختر الاسلامي لاطوال الثياب ! وليس من وظائف الشرطة في الدولة أن تسوق الشابات الى مخافرها واخضاعهن للتحقيقات وتعرضهنّ للبذاءة والتجريح اللفظي جراء إرتداء بنطال (الجينز مثلا)كما تفعل شرطة الدولة الاسلامية السودانية , بل تقدّم شابات غير مسلمات لمحاكمات في قضية جنائية اسمها الزي الفاضح , حيث قررآمر الشرطة ذلك عندما كات الفتيات المسيحيات خارجات من الصلاة الروحية في أحد أحياء مدينة الخرطوم , فهل هذه هي الحلول التي يقترحها واضعوا شعار الاسلام هو الحل ؟
وفي مشهد مغاير تماما يعبر عن قمة الانفصام في شخصية الدولة الاسلامية السودانية , وسطحية الإدعاء بأنّ الحل في الاسلام نجد أنّ حكومة الصين الشيوعية القُحة والتي لا مجال البتة للحديث عن قربها من أي معتقد روحي ناهيك عن الاسلام , بل في الواقع تمارس السلطات الصينية في أبشع انواع انتهاكات حقوق الانسان ضد مجموعات من المسلمين الصينيين ضمن جملة انتهاكاتها المستمرة لحقوق الانسان الصيني , الحكومة الصينية بالنسبة للاسلاميين السودانيين ولي حميم و أقرب اليها من (خادم الحرمين ).ومع ذلك يقولون (الاسلام هو الحل) فلماذا لم يجد حلّا لعلاقات المسلمين فيما بينهم تجعلهم في موقف المستغنيين عن الملاحدة الكافرين كما تقول أدبياتهم التي يستقطبون بها العقول التبسيطية ولا أقول الساذجة , ويدغدغون بها المشاعر الطازجة التي لا يحوشها وقار التفكير . مشهد آخر يبرهن على خواء الشعار من المضمون , هو اضطرار حكومة الاسلاميين السودانيين للخضوع دون مواربة لروشتات صندوق النقد والبنك الدوليين , وكما هو معلوم بالضرورة أنّ أسس وقواعد هذين الوكريين الرأسماليين العالميين لم يضعها أحمد بن حمبل , ولم تجر بها أحاديث النبي محمدا ,بل وضعها عتاة الرأسماليين العالميين ومفكري واقتصاديي دول الاستكبار والزندقة من طواغيت البشر , حسبما تقول أدبيات الاسلاميين , كما أنّ حكومة الاسلاميين في السودان قد ظلّت تتعامل بالربا في القروض المالية التي تأخذها من المؤسسات والبنوك الدولية بما في ذلك بنوك ومؤسسات اقتصادية خليجية عربية مسلمة , وليس لكاتب هذا المقال اي تحفظات دينية تجاه مسألة سعر الفائدة كطريقة اقتصادية معروفة و ولكن ما بال جماعات الإدعاء الاسلامي تمنع المواطنين السودانيين والبنوك السودانية أو تلك التي تعمل في السودان من اتباع النظام المالي العالمي الراسمالي بسعر فائدته ذات النسبة المئوية المحددة سلفا , بينما تحتكر هي كحكومة اسلامية ممارسة فاحشة الربا وساء سبيلا !فكيف يستقيم ذلك عقلا لمن في دماغه ذرة تفكير؟ وفي مسرحية هزلية تثير الاشفاق , أصدرت ادارة ما تعرف بالرقابة الشرعية في المصرف المركزي تعميما فحواه أنّ الأرباح التي تكسبها البنوك الاسلامية في السودان تنقسم الى قسمين حلال وحرام , أمّا الربح الحرام فناتج من عمليات اقتصادية ضمن شبكة الاقتصاد العالمي وعليه قررت تلك الدائرة الشرعية أنْ يتم صرف تلك الأموال الحرام على مصارف خدمية عامة , فتأمل في هذه الورطة التي لا يقع فيها الأغرار الأحداث من الصبيان , فهل من القيم الاسلامية والحلول (ما غذي بحرام فهو حرام ) أم أنّ تلك الخدمات على شاكلة ما وصفها أحد الصحفيين السودانيين وقتذاك مقترحا (الصرف الصحي) ؟ أليست هذه من المفارقات التي تجعل الدولة الاسلامية ذات وجهين فعلا لا قولا , إذ غيرها من الحكومات العلمانية تتسم على الأقل بتواضعها مهما بلغ استبدادها وجبروتها , فلا تنتسب لما لا يقاس من معتقدات , يمارس بعضها الشمولية والاستبداد تحت مزاعم وضعية لا تلفها هالة قداسة , ويمارس بعضها الديمقراطية كمنتج بشري وليس تكليف ربّاني دون شوفونية وأوهام عريضة , ولكن حكومة الاسلاميين تمارس التضليل وتكذب على نفسها قبل شعبها ,ولعل شعوب المنطقة الاسلامية كلها تفيق من خدر الشعار هذا لتعرف الى أي مدى هي غارقة في الضحالة وتغييب العقول لعل وعسى .



#خالد_فضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضايا السودان بين جذب العرب وشدّ الأفارقة
- الشيوعي السوداني حزب عصي التجاوز
- السودانيون :وعثاء هوية العرق والدين
- من أجل مستقبل قمين بشعب كريم : لابد من اصلاح تربوي شامل في ا ...
- المجتمع الدولي والتعامل الحذر مع الحكومة السودانية
- نحتفي بالمحبة ويحتفون بالذبح
- الميدان استعادة أحد منابر الوعي


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد فضل - الدولة الاسلامية في السودان والسياسة ذات الوجهين