أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - هل الفنان الغرافيتي مُشوّه للجمال؟














المزيد.....

هل الفنان الغرافيتي مُشوّه للجمال؟


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4884 - 2015 / 8 / 1 - 11:30
المحور: الادب والفن
    


ترتبط الكثير من الفنون التشكيلية ببيئاتها الخاصة بها، فإذا كان هناك فن مديني فلابد أن يقابله فن ريفي يتخذ من المعطيات الريفية مادة أساسية للثيمات والموضوعات التي يعالجها الفنان الريفي، المقيم في الريف حصراً. وبما أن المدينة هي حيّز مكاني كبير قد يضم أكثر من عشرين مليون مواطن فلابد أن تتعدد الإمكانيات المتاحة لاستيعاب أشكال فنية جديدة تتحدى منظومة القيم الفنية والجمالية السائدة، ولا تجد ضيراً في الاحتكاك بها في محاولة لإثبات وجودها، وإيجاد موطئ قدم لها، أو مضايقتها ضمن ثنائية الصراع الدائمة بين الجديد والقديم.
إن الفن المديني مرتبط من دون شك بالمدينة بوصفها مكاناً مكتظاً بالبشر، كما أنه مرتبط من جهة أخرى بالفنانين الذين يعيشون في المدينة بشكل دائم، ويفضلون نمط الحياة فيها حتى وإن كان سريعاً ومكتظاً بالصخب والفوضى والضجيج المتواصل.
ما مِن فن من الفنون يستطيع أن ينبثق من فراغ، فلابد من نتوء واقعي يتبرعم شيئاً فشيئاً حتى يصبح غُصنا ثم يستحيل في خاتمة المطاف إلى شجرة عملاقة. فالفن المديني له جذور ممتدة في الواقع المديني وقد تتبّعها النقاد والدارسون الفنيون فوجدوا له جذرين أساسيين وهما "فن الشارع" و "الغرافيتي" أو ما يُطلق عليه تجنياً "بالكتابة أو الخربشة على الجدران". ثم يوغل البعض في هذا التجنّي فيدمغونه بـ "التشويه أو التخريب" لأن الفنانين الغرافتيين ينفِّذون أعمالهم الفنية في الأغلب الأعم من دون أخذ الموافقة من أصحاب البيوت والمحلات والعمارات الكبيرة التي يجد بعضهم فيها تشويهاً لجمال هذه الأبنية، وطمساً للكثير من معالم المدينة، فيما يرى بعض الناس المتشددين أن الرسوم الغرافيتية هي أعمال تخريبية يعاقب عليها القانون في بعض دول العالم.
لم ينظر الفنان الغرافيتي إلى نفسه كمشوِّه للجمال أو مُفسد للذائقة الجمعية أو مخرِّب يلاحقه القانون، بل كفنان مبدع بكل ما تنطوي عليه الكلمة حيث يكرِّس جل حياته لهذا الفن الذي يمتد إلى الحضارات العربية واليونانية والرومانية القديمة، بل أنه يعود إلى فجر الحياة البشرية حين كان الإنسان يخربش على جدران الكهوف والمغاور ويرسم كل ما يعّن له من أشكال بشرية وحيوانية ونباتية كي يفرغ شحنات القلق، ويتخلص من الوساس التي تؤرقه ليل نهار.
وعلى الرغم من كل أشكال المقاومة التي كان يبديها الفنانون التقليديون إلا أن هذا النمط الفني الجديد قد أثبت وجوده لدرجة أن باريس، قلعة الفن الرصينة، قد أفردت للفن الغرافيتي مُتحفاً فنياً أسمته "لو مير" وصار بإمكان المتلقين أن يرتادوه ويتمعنوا بأعماله الفنية التي أنتُزعت من سياقها المكاني وجُلبت إلى هذا الصرح الفني الكبير. كما فعل "المودرن تيت" بلندن عام 2008 شيئاً مقارباً حينما دعا بعض الفنانين المدينيين، أو فناني الشارع إلى إنجاز أعمالهم الفنية في الفضاء الخارجي المجاور للمتحف بغية عرضها للجمهور في مكان محدد يغني المتلقين متاعب البحث عن هذه الأعمال الغرافيتية الموزعة في مناطق متعددة من لندن أو سواها من المدن البريطانية.
إذا كان الغرافيتي يعود إلى عصور موغلة في القدم فإن "فن الشارع" قد ازدهر في ثمانينات القرن الماضي وقُدِّم بأنواع متعددة نذكر منها "الغرافيتي المُرَوْسم"، وفن الملصق، وأعمال الشارع التركيبية، ثم تبعتها في مفتتح القرن الحادي والعشرين عروض الفيديو، والتماثيل المثبتة "بأقفال الدراجات الهوائية" و "الحياكة الغرافيتية" من التريكو والغزول والألياف الملونة.
يعتبر بانسكي من أشهر الرسامين الغرافيتيين البريطانيين المعاصرين، وهو معروف ومجهول في الوقت ذاته، فهو معروف إلى حد الشهرة منذ عام 2003 حينما ظهرت رسوماته الغرافيتية على جدران مدينتي بريستول ولندن وقد أثارت أعماله الإبداعية التي تنتمي إلى "فن الشارع" جدلاً واسعاً لم تنتهِ تداعياته حتى الآن فقد رسم الموناليزا ذات مرة وهي تحمل قنبلة!، وهو مجهول لأن سيرته الذاتية غير معروفة ولا يحبذ الظهور مطلقاً، فبانكسي، بحسب المؤلف والمصمم الغرافيكي تريستان مانكو، ولد في عام 1974، ونشأ في بريستول في المملكة المتحدة". يعتقد بعض النقاد بأن أسلوبه يشبه إلى حد كبير أسلوب الفنان الغرافيتي الفرنسي بليك لو رات. تتمحور أعمال بانكسي على موضوعات سياسية وثقافية متنوعة تجمع بين التهكم اللاذع والسخرية السوداء.
لا يختلف الرسام الغرافيتي البريطاني آدم نيت عن مواطنه بانكسي كثيراً لكنه حاضر بكيانه وبأعماله الفنية حتى أن صحيفة "التلغراف" قد وصفته ذات مرة بأنه "واحد من أحسن رسامي العالم في فن الشارع" حيث يرسم لوحاته المدينية على "الكاردبورد" ويتركها كهدايا مدهشة لمن يعثر عليها أو يصادفها على أرصفة الشوارع البريطانية.
ثمة قائمة طويلة باسماء فناني المدينة أو فناني الشوارع الذين حققوا شهرة طيبة ولاقت أعمالهم الفنية رواجاً كبيراً بين محبي هذا الفن الهامشي لعل أبرزهم غي ديننغ، بول إنسكت، نِك ووكر، سكبوي، كنغ روبو، أندي كاونسل إضافة إلى أسماء فنية أخرى حطّمت التقاليد الفنية السائدة ولفتت الأنظار إلى أناس مغامرين يرون في البيئة المدينية فضاءً مدهشاً لأعمالهم الفنية التي نأت عن المعارض والصالات ووجدت طريقها إلى الأرصفة والأنفاق وتقاطع الطرق وواجهات الأبنية الشاهقة وسواها من الأمكنة التي قد لا تخطر إلاّ ببال فناني المدينة ورعاة ذائقتها الفنية التي تدور بالضرورة في دائرة المغايرة والاختلاف.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت السلطة اللاهوتية في العقل الجمعي العراقي
- معاناة المسلمين الأيغور
- فيلم امرأة من ذهب لسايمون كيرتس
- الخامسة علاوي ومقترح الأدب الجغرافي
- -الولد الشقيّ- الذي يحمل مفاجآته معه أينما حلّ أو ارتحل
- الولد الشقيّ الذي يحمل مفاجآته معه أينما حلّ أو ارتحل
- انهيار الجلاد وانتصار الضحية في ثاني أفلام المخرجة أنجلينا ج ...
- تجنّب عادة الاستظهار واللجوء إلى تحليل القصائد
- فنّ الشارع بين الدعاية والتحريض
- الرحيل تحت جنح الظلام 1
- حُب وعنف في المتاهة الملحيّة
- بناء القصة السينمائية
- امرأة صينية تدجِّن شراسة الصحراء
- أطفال كورد يحلمون بالوصول إلى الفردوس المفقود في المحار المك ...
- اصطياد اللقطات اللونية المدهشة في صحراء نيفادا
- التطرف الفكري في رواية -الأشباح والأمكنة- لذياب الطائي
- تكريس الدعاية الرأسمالية في فيلم-صُنع في الصين- لكيم دونغ-هو
- الرسم بالضوء لاصطياد اللحظات الهاربة
- كُتّاب بريطانيون يعيشون على حافة الفقر
- هشاشة البناء الدرامي والرؤية الإخراجية المشوشة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - هل الفنان الغرافيتي مُشوّه للجمال؟