أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - أمين المهدي سليم - كارثة يونيو 1967: مجرد إنقلاب استعان فيه عبد الناصر بإسرائيل















المزيد.....

كارثة يونيو 1967: مجرد إنقلاب استعان فيه عبد الناصر بإسرائيل


أمين المهدي سليم

الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 13:16
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


أمين المهدي

بدأت جمهورية العسكر في مصر بإنقلاب يوليو 1952، ولأن الإنقلابات والحكم العسكري نفسه أحد أهم مظاهر عدم الإستقرار، تسيطر علي علاقاته البينية والخارجية ذهنية التوجس والوشاية والنفاق وحشد الأتباع، ومن بعد ذلك سباق الجشع والنهب لإشباع بطون لا تشبع ولا تنتج ويصبح الفشل والسقوط قدراً محتوماً خاصة في بلدان العالم الثالث حيث الجيوش لا تُراقب وبدون تقاليد ولا تحكمها قوانين وبدون تاريخ عسكري سوى الهزائم والإنتصارات المزيفة مما يجعلها أقرب للعصابات، ومن هنا تبدأ حلقة الإنقلابات المُفرغة في الدوران، وتؤكد القراءة الأخرى لتاريخ يوليو أن الإنقلابات لم تتوقف منذ الإنقلاب الأول، فلدينا إنقلاب 1954 و1961 بعد الإنفصال عن سوريا عندما وضع عبد الحكيم عامر وزمرته أيديهم علي كل اقتصاد مصر وكل مؤسساته، ويُفسر ذلك محاولات عبد الناصر الدائبة لإنهاك الجيش وتوريطه في حروب خارجية بين الجزائر والمغرب وفي نيجيريا وفي اليمن، ولكن كارثة 1967 الحضارية شأن آخر.
قد يكون مروعاً القول أن عبد الناصر استعان بإسرائيل لحسم صراع السلطة مع المشير عامر وزمرته في 1967، ولكن التفاصيل كالعادة أهم من الإستنتاج.
أكتب عن وقائع مضت زمنياً ولكنها لم تُحقق بعد - في اعتقادي - ولم توضع في ضوء النقد العقلاني والتحقيق التاريخي العلمي للبحث عن الحقيقة مثلما تاريخنا كله؛ فأصبح مخزناً للأساطير والهويات القاتلة والعنصرية والكراهية، وبالتالي أصبح تاريخاً يُقاتل بعضه البعض ويتكرر ويدور حول نفسه ولا مكان فيه للمستقبل والتضامن الإنساني. وليست هيستريا استدعاء عبد الناصر الدائمة سوى تطبيقاً واضحاً لذلك مُضافاً إليه قدر هائل من الإنتهازية.
في الأسبوع الأول من مايو1967 أُشيع في أجهزة الدعاية العربية أن حشوداً إسرائيلية على الحدود مع سوريا وبالرغم من النفي الإسرائيلي والأمريكي ثم السوفيتي، إلا أن التصعيد المصري ثم البعثي إستمر وذهب عبد الناصر يُهدد بالحرب وبتدمير إسرائيل وإغلاق خليج العقبة وسحب قوات الطوارئ وامتدت الهستيريا إلى تهديد أميركا، وفي حين قال السوفيت للسفير المصري مراد غالب: "من أنتم حتى تغلقوا الممرات الدولية؟ نحن دولة عظمى ونستأذن تركيا للمرور في البسفور والدردنيل" ومع ذلك أشاعت الدعاية المصرية أن مساندة السوفيت غير مسبوقة، وذهب اللواء محمد فوزي (عضو هيئة الأركان آنذاك ووزير الحربية لاحقاً) إلى سوريا وتفقد الحدود مع إسرائيل ولم يجد شيئاً (كتب ذلك في مذكراته فيما بعد) واستمر التصعيد وحشد عبد الناصر الجيش بأعداد ضخمة في سيناء وبعشوائية وفوضوية وبالجلاليب أحياناً، كان هدف عبد الناصر واضحاً وهو: دخول حرب غير محسوبة دوافعها غامضة ومُغطاة بالأكاذيب وبأى ثمن، ولأن حديث الحرب يُبعث روح القطيع فكان الناس على أبواب المساجد يقولون: "الجمعة القادمة في القدس إن شاء الله" وفي المقاهى: "إلى اللقاء في تل أبيب" وكتب أحمق في الأهرام يقترح أن تُغنى أم كلثوم حفلتها القادمة فى تل أبيب. أرسل أبا ايبان وزير خارجية إسرائيل إلى الأمين العام للأمم المتحدة "يو ثانت" رسالة عن طريق مندوبهم جدعون رافائيل في 21 مايو يُعلن فيها: "أن إغلاق الخليج أو سحب قوات الطوارئ أو حشد الجيش في سيناء في تشكيلات هجومية أو السماح للمُخربين بالعمل من الحدود المشتركة، هي قضايا وطنية سنُحارب من أجلها" سافر يو ثانت إلى القاهرة في 23 مايو بعد أن لم يتلقَّ أي رد على رسائله المُتعددة وفي القاهرة رفض الجميع مقابلته فعاد من المطار ووصل باريس في صباح 24 فقيل له: "أغلق عبد الناصر الخليج وطلب سحب قوات الطوارئ" فرد: "وقعت الحرب"، والباقي معروف ومتوقع إنضمت الأردن إلى مصر وسوريا تحت قيادة مشتركة وبمساهمة جيوش عربية أخرى متعددة. وفى صباح 5 يونيو شنّت إسرائيل الحرب ولم تمضِ ساعات حتى كانت الجبهات العربية قد إنهارت كلها بالكامل بعد تدمير سلاح الطيران في الدول الثلاث. وقبِل العرب قرار وقف النار بالرغم من أنه: لم ينُص على العودة إلى حدود ما قبل الحرب في إعتراف صريح أنهم المُعتدون. وانقشعت الحرب وإسرائيل تحتل سبعة أمثال مساحتها مع مدينة القدس. كان عبد الناصر قد حصل على مكسب هام وهو التخلُص من المشير عامر بالقتل (وهذا ثابت بتقرير طبي جنائي) وفكّكَ كل الحلقات الموالية له في الجيش والمخابرات والدولة والدعاية بعد أن كانوا على شفا الإنقلاب عليه وكان أول سؤال وجههُ عبد الناصر لعامر في المرة الوحيدة التي تقابلا فيها بعد الحرب: "إنت كنت بتتآمر عليا يا عبد الحكيم؟" فرد:"لا والله ده أنا مستعد أدبح لك عيل من عيالي". كان السؤال المُلح المحيّر طالما أعلنتُم الحرب لماذا لم تهاجموا؟ وكانت إجابة عبد الناصر: "أن السفير السوفيتي زاره في الفجر في غرفة نومه وحذره من الهجوم" ونفى الإتحاد السوفيتي الواقعة تماماً، ولم يُثبت أصلاً أنه كانت هناك خطة للهجوم ولكنها كانت رقصة الموت العشوائية الأخيرة من عامر وجنرالاته.
ولابد من التنويه قبل الختام أن النزعة الإنقلابية في جمهورية العسكر تتابعت وحتي الآن، إذ إنقلب السادات علي عصابات عبد الناصر في مايو 1971 وكان إغتيال الجنرالات للسادات مجرد إنقلاب خوفاً من توابع اتفاق السلام مع إسرائيل داخلياً وخارجياً وأولها السير بإتجاه الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة وهو ما يضع أنشطة الجيش الاقتصادية والامتيازات تحت الرقابة ثم تقع الطامة الأكبر وهي الحكم المدني بالتالي، ثم إنقلب مبارك على شركائه في إغتيال السادات وعلي رأسهم أبو غزالة في 1987، وحديثاً لدينا إنقلاب المجلس العسكري علي مبارك وعلي ثورة 25 يناير في 10 فبراير 2011 وإنقلاب مرسي والسيسي على المجلس العسكري في 2012 وأخيراً وليس آخراً إنقلاب السيسي وجنرالاته على حلفائهم الإخوان في يوليو 2013 ، وإذا كان يبدو غريباً أن يستعين عبد الناصر بإسرائيل لحسم معركته على السلطة، أعترف أنني لا أجد فيها أي قدر من الغرابة بالنسبة لدكتاتور عسكري إنقلابي، وخاصة أنه من المؤكد في الوقت الحاضر دعم إسرائيل للسيسي وترويجها له في عواصم الغرب، وتوسطها لتزويده بالأسلحة الأمريكية، وأيضاً تعاونه المخابراتي والعسكري المباشر معها ضد غزة وضد التمرد في سيناء. وسيستمر ذلك بالتأكيد طالما استمر حكم العصابات العسكرية.
وإذا كان لدينا هنا درس مستفاد فهو أن عسكر العالم الثالث لا يُتقنون الحرب ولا السلام ولا السياسة؛ إنهم قوة بيولوجية عضوية تُحركها اللّذة والغرائز وأهمها غريزة التسلّط والرفاهية والصلف الرجعي الجاهل المُعادي للعمل والمعرفة والحرية والحداثة، وهذه أسباب الاستدعاء الحقيقية لـ "عبد الناصر" الآن وما يناسب هذا الموقف - فى إعتقادى - تكرار قول ماركس: "التاريخ يُكرر نفسه ولكنه في المرة الأولى يكون علي هيئة مأساة، وفي الثانية يكون علي هيئة مهزلة"، وهي هنا مهازل ومساخر.
الإسكندرية في 26 يوليو 2015



#أمين_المهدي_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر: الديكتاتورية العسكرية وإنهيار الدولة.. شئ واحد
- داعش وأخواتها والفوضي . . ألحصاد الصحيح للفاشيات العربية
- الإقطاع العسكرى فى مصر: سلب ملكيات المجتمع وموارد وطنه وأخير ...
- الاغتصاب .. العنوان الحقيقي للثقافة والعلاقات في مصر تحت حكم ...
- المُلّا عدلى منصور الرئيس المؤقت وخطاب التطرف والفتنة
- الأقباط: قربان أضحوى على مذبح الدكتاتوريات العسكرية الدينية
- مصير مصر بين العسكر والإخوان والقوى المدنية
- رؤية للخلاص الوطنى فى مصر
- مصر والخروج من حذاء صيني صدئ (3 /2) -


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - أمين المهدي سليم - كارثة يونيو 1967: مجرد إنقلاب استعان فيه عبد الناصر بإسرائيل