أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - كلنا.. «شارلي»؟














المزيد.....

كلنا.. «شارلي»؟


نعوم تشومسكي

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفاعل العالم برعبٍ مع الهجوم الذي تعرّضت له أسبوعية «شارلي إيبدو» الفرنسيّة الساخرة. وصف المراسل المخضرم لصحيفة «نيويورك تايمز» في أوروبا ستيفن إرلانغر الآثار المباشرة للحادثة، التي اعتبرها كثيرون «11 أيلول فرنسية»، بقوله: «إنّه يوم صفارات الإنذار، وطائرات الهليكوبتر، ونشرات الأخبار المحمومة، والأطواق الأمنية، والحشود القلقة». وترافق الغضب الهائل في أنحاء العالم مع التفكير في الجذور العميقة لهذه الوحشية. «كثيرون باتوا يتوقعون صراع حضارات»، قالت «نيويورك تايمز» في واحد من عناوينها.
ردّ الفعل الذي تلا الهجوم له ما يبرّره. كذلك كان البحث في الجذور العميقة للمسألة. وينبغي أن تكون ردود الأفعال مستقلة تماماً عن موقفنا من «شارلي إيبدو» وما تنشره. يجب ألّا يكون المقصود من الهتافات المتعاطفة، «أنا شارلي» وسواها، الإشارة، أو حتّى التلميح إلى الارتباط بالصحيفة. بل يجب أن تدافع عن الحق في حرية التعبير، مهما اختلفنا مع المضمون الذي تقدّمه الصحيفة، حتى لو اعتبرناه كريهاً أو منحرفاً.
كذلك يجب أن تعبّر الهتافات عن إدانة لأعمال العنف والإرهاب. وفي هذا الاطار، يبدو أنّ رئيس «حزب العمل» الإسرائيلي، المنافس الرئيسي في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، اسحق هرتسوغ، محق بقوله إن «الإرهاب هو الإرهاب، ولا يمكن التعاطي معه بموقفين مختلفين». كما أنّه مصيب باعتباره أنّ «الأمم التي تسعى للسلام والحرية تواجه تحدياً هائلاً» بسبب الإرهاب القاتل. طبعاً، نضع جانباً تفسيره الانتقائي لهذا «التحدي».
يصف مراسل «نيويورك تايمز» بوضوحٍ مشهدَ رعب. ينقل عن أحد الصحافيين الناجين قوله إنّ «كل شيء تحطّم، لم يكن هناك مخرَجٌ، الدخان كان يلفّ المكان، المشهد كان فظيعاً، والناس كانت تصرخ. كان الأمر أشبه بكابوس». فيما ينقل عن صحافي آخر نجا من الهجوم أنّ «الانفجار كان ضخماً، وتحول معه كل شيء إلى ظلام». وفقاً لإرلانغر، فإنّ المشهد كان مألوفاً لناحية «الزجاج المهشم والجدران المحطمة والأخشاب الملتوية والطلاء المحروق». قتل عشرة أشخاص وفق تقارير أولية تلت الاعتداء وفقد عشرون آخرون، «يفترض أنهم دفنوا تحت الأنقاض».
على أن الاقتباسات الأخيرة، كما يذكّرنا الصحافي الأميركي ديفيد بيترسون، وخلافاً لتلك الواردة مطلع المقالة، لا تعود إلى كانون الثاني 2015، بل إلى تحقيق لإرلانغر نشر في 24 نيسان 1999، في الصفحة السادسة من النسخة المطبوعة لصحيفة «نيويورك تايمز»، حيث لم يعطَ أهميّة الهجوم على «شارلي إيبدو». كان إرلانغر يوثّق الهجوم الصاروخي الذي شنّه «حلف شمال الأطلسي» (أي الولايات المتحدة) على مقر التلفزيون الحكومي الصربي، والذي تسبّب بوقف بثّ «راديو وتلفزيون صربيا».
على أن المسألة بُرّرت رسمياً يومها. «دافع مسؤولون أميركيون وآخرون في «الحلف الأطلسي» عن الهجوم، على اعتبار أنه يخدم مساعي تقويض نظام الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش»، وفقاً لإرلانغر. وفي غضون ذلك، اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية آنذاك، كينيث بيكون، في مؤتمر صحافي، أنّ «التلفزيون الحكومي الصربي يُعتبر جزءاً من آلة القتل التابعة لميلوسيفيتش، تماماً كجيشه»، وهو لذلك يُعد هدفاً مشروعاً.
ردّت الحكومة اليوغوسلافية بالقول إنّ «الأمة كلّها مع رئيسنا سلوبودان ميلوسيفيتش». «لم يكن واضحاً كيف تمكنت الحكومة من معرفة ذلك بهذا القدر من الدقة»، علّق إرلانغر في تقريره متهكماً.
لم نجد مثيل هذه التعليقات الساخرة عندما قرأنا أن فرنسا تنعى قتلى «شارلي إيبدو»، وأن العالم بأسره غاضب جراء الجريمة. لم تكن هناك حاجة للتحقيق في الجذور العميقة للمسألة، ولا للتساؤل عمن يقف مع الحضارة، ولا من يقف مع الهمجية.
يتبيّن إذاً أن هرتسوغ كان مخطئاً بقوله إنّ «الإرهاب هو الإرهاب، ولا يمكن التعاطي معه بموقفين مختلفين». هناك موقفان بالتأكيد: الإرهاب ليس إرهاباً عندما يُنفَذُ هجومٌ أفدح من جانب «الصالحين» بحكم قوتهم، والهجوم لا يُعتبر اعتداءً على حرية التعبير عندما يدمّر «الصالحون» قناة تلفزيونية تابعة للحكومة التي يحاربونها.
وفي هذا السياق، لنا أن نفهم تعليق محامي الحقوق المدنية فلويد آبرامز في صحفية «نيويورك تايمز»، عندما دافع بقوّة عن حرية التعبير بقوله «إن الهجوم على «شارلي إيبدو» هو الاعتداء الأكثر تهديداً للصحافة في ذاكرتنا الحية». فهو محق بشأن «ذاكرتنا الحية» التي تصنّف أعمال الإرهاب والاعتداءات على الصحافة إلى فئات تتناسب وتوجّهاتها: إرهابهم البشع، وإرهابنا الفاضل الذي يمكن محوه بسهولة من الذاكرة.
تلك الحادثة ليست سوى واحدة من جملة اعتداءات نفذها «الصالحون» على حرية التعبير. سأذكّر بمثال آخر سبق أن تم محوه بيسرٍ من «الذاكرة الحية»: هجوم القوات الأميركية على الفلوجة في تشرين الثاني 2004. وهذا، بالمناسبة، من أسوأ جرائم غزو العراق، وقد افتُتح باحتلال مستشفى الفلوجة العام. إذ إنّ الاحتلال العسكري للمستشفى، في حد ذاته، يعتبر جريمة حرب، بصرف النظر عن الطريقة التي تمت فيها عملية الاحتلال.
في تقريرها الذي نشرته على صفحتها الأولى عقب الجريمة، علّقت «نيويورك تايمز» بالقول إن «الجنود أجلوا المسلحين المرضى وموظفي المستشفى من الغرف، وأمروهم بالجلوس أو الاستلقاء على الأرض، فيما أيديهم مقيدة خلف ظهورهم».
اعتُبرت الجريمة جديرة بالتقدير، وبُررت بقول الصحيفة إن الهجوم «أوقف ما قال الضباط الأميركيون إنّه سلاح دعائي للمتشددين: مستشفى الفلوجة العام وسيل تقاريرها عن الضحايا المدنيين».
طبعاً، لا يُعقل أن يُسمح لهذه الآلة الدعائية بأن تسوّق كلامها المبتذل ـ طالما أنه «كلامهم»، لا «كلامنا».
ترجمة: ملاك حمود



#نعوم_تشومسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أميركا.. الدولة الإرهابية الرائدة
- خطوة أوباما «التاريخية» 2
- حركة صادقة من أجل تغيير اجتماعي
- «الحقائق» على أرض الواقع
- «داعش» والمرحلة.. وبومة منيرفا
- كابوس في قطاع غزة
- الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب..
- عن كابوس غزة
- حصاد الفوضى غير الخلاقة!
- تسريبات «سنودن».. وانكشاف النفوذ
- احتمالات البقاء
- الأمن وسياسة الدول
- مراجعة التاريخ.. وصلاحيات القوة
- ما هي المنفعة العامة؟
- عودة -محور الشر-
- لماذا لا يعرف الأمريكيون شيئا عن السياسات الامبريالية لبلاده ...
- وضع حد لأمركة العالم
- ملاحظات حول الوضع الراهن في الشرق الأوسط
- عقيدة أوباما السياسية
- -الوسيط الصادق- ليس أهلاً للثقة


المزيد.....




- واشنطن تحضر حزمة مساعدات لأوكرانيا وبوتين يوقع مرسوما لمصادر ...
- -تاريخ لبنان الحديث- يثير تفاعلا على مواقع التواصل بعد إصابة ...
- السعودية.. توجيهات ملكية بخصوص واقعة أثارت ضجة كبيرة في المم ...
- إصابة رئيس التشيك بجروح أثناء قيادته دراجته النارية
- شولتس: الاتحاد الأوروبي لن يمتلك أسلحة نووية خاصة به
- وزير إيطالي يشكك في إمكانية استخدام الأصول الروسية المجمدة
- -أكسيوس-: مدير الـ-سي آي إيه- يتوجه إلى أوروبا لإنعاش المفاو ...
- مصرع شخصين اثنين في هجوم على شبه جزيرة القرم الروسية
- الأمن المصري يضبط أكثر من نصف طن من الكوكايين بميناء شرق بور ...
- بمشاركة عراقية.. الملحقون العسكريون الأجانب في روسيا يزورون ...


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - كلنا.. «شارلي»؟