أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسام أبو حامد - حركة -حماس- واستحقاقات مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة















المزيد.....

حركة -حماس- واستحقاقات مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة


حسام أبو حامد

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:31
المحور: القضية الفلسطينية
    


مع بدء الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، يمر الوضع الفلسطيني بلحظة تحول هامة, إن لم تكن مفصلية، على صعيد تحويل الانسحاب الإسرائيلي من غزة إلى نصر سياسي من خلال النظر إلى غزة كنواة لدولة فلسطينية مقبلة. لكن التناقضات الفلسطينية- الفلسطينية تفتح الباب على تكهنات بتفاقم الأوضاع تحت مظلة الصراع على السلطة والنفوذ بين حركة "حماس" والسلطة الوطنية الفلسطينية. ولا يمكن أن تسعفنا هنا ذاكرة مثقوبة للقبض على تفاؤل من نوع ما, لاسيما أن المواجهات المسلحة الأخيرة بين قوات الأمن التابعة للسلطة من جهة ومسلحين من حركة "حماس" من جهة أخرى لا تزال حاضرة في الأذهان، ومعها يحضر القلق على استقرار الوضع الفلسطيني في قطاع غزة. ولا تسعفنا هنا أيضاً التصريحات الصادرة عن هذا الطرف أو ذاك والتي تؤكد التمسك بالوحدة الوطنية ورفض الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني التي طالما سمعناها قبل وبعد الصدامات الأخيرة، فلا تزال فوضى السلاح وتعدد المرجعيات والتناقض بين السياسي والعسكري تشكل عقبة في طريق الاستقرار السياسي والاجتماعي للشعب الفلسطيني.
كانت مرحلة ما بعد عرفات قد شهدت نوعاً من الغزل السياسي بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة "حماس" ، وقد أبدت "حماس" استعدادها للحوار مع السلطة, وتمخض عن هذه الحوارات اتفاق مشروط حول تهدئة تنتهي بنهاية السنة الحالية، وبدا للمراقبين أن حركة "حماس" قد بدأت بفتح الباب, وإن لم يكن على مصراعيه, لبعض البراغماتية السياسية مقدمة بذلك السياسي على الأيديولوجي. وقد تعززت هذه الاستنتاجات مع إعلان الحركة على لسان بعض قيادييها أنها ليست ضد التفاوض مع إسرائيل من حيث المبدأ، كما أن "حماس" لم تجد حرجاً في الاتصال ببعض الأطراف الأوروبية وحتى الاميركية. وبالرغم من أنها رفضت المشاركة في الانتخابات الرئاسية(؟) إلا أنها أعلنت عزمها على المشاركة في الانتخابات التشريعية، وشاركت بقوة في الانتخابات البلدية، لتحقق بذلك مشاركة إدارية في الإشراف على قطاع غزة. وكانت تلك المشاركات مشروطة دائماً بأن يؤخذ بعين الاعتبار وزن وثقل الحركة على الأرض. كما أن الخطاب السياسي والإعلامي للحركة بدأ يشهد تحولاً في بعض مفرداته الأيديولوجية لصالح مفردات تؤكد على المشاركة والتعددية السياسية والديمقراطية...الخ، فاحتوى عبارات لم يألفها خطاب حركة "حماس" مقارنة بخطابها الراديكالي الأيديولوجي لاسيما في مرحلة حصار الرئيس عرفات, بل دعا بعض مسئوليها إلى بناء " نظام ديمقراطي عصري".
لكن هذه المرونة وهذا التوجه البراغماتي اللذان أبدتهما حماس تراجعا بعد تبني الكنيست الإسرائيلي خطة أرييل شارون حول الانسحاب من قطاع غزة, فسارعت "حماس" إلى المطالبة بتوزيع مسؤولية الأراضي التي سينسحب منها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفصائل الفلسطينية، بحجة فساد السلطة الوطنية والخشية من أن توزع تلك الأراضي على مسئولي السلطة. وكان ذلك بمثابة إشارة واضحة إلى أن "حماس" لن تقبل بأن تنفرد السلطة الوطنية في حكم قطاع غزة، لاسيما وأن القطاع تقليديا هو معقل حركة حماس ومركز ثقلها في الساحة الفلسطينية.
تصاعدت الحملة الإعلامية بين "حماس" والسلطة الوطنية الفلسطينية, فأعلنت "حماس" على لسان أحمد الغندور، وهو أحد قيادي الحركة الميدانيين، أن سلاح الحركة قضية مقدسة وغير قابلة للتفاوض. ترافق ذلك مع تصريح للسيد محمود الزهار، رأى فيه أن تفكيك كتائب عز الدين القسام "جريمة". وكان ظهور الغندور عبر شاشات التلفزة بزيه العسكري إحدى المرات النادرة التي يظهر فيها مسئول عسكري لحركة حماس بشكل علني، الأمر الذي يطرح سؤالاً هاماً يدور حول توقيت هذا الظهور. أضف إلى تكثيف ظهور القادة السياسيين للحركة بإعداد كبيرة وفي مؤتمر صحفي واحد. ومؤخراً كشفت حماس عن أسماء قادتها الميدانيين، مع إعلانها أن ذلك لا يهدف إلى استفزاز السلطة الوطنية أو حركة فتح.
هكذا تبدو الأمور مرشحة لمزيد من التصعيد لاسيما وأن السلطة الوطنية الفلسطينية من جانبها لن تقبل بازدواجية السلطة في قطاع غزة، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام فوضى السلاح وهي المسئولة أمام المجتمع الدولي بحكم تمثيلها للشعب الفلسطيني عن ضبط الأمن والاستقرار، وهو ما سيعني أيضاً بالنسبة للمجتمع الدولي أن الفلسطينيين قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم, وقادرين على بناء نظام سياسي واجتماعي يضع حداً للاحتلال والفوضى في آن معاً, ناهيك عن أن شارون لن يقف متفرجاً على صواريخ قسام أو استشهاديين ينطلقون من غزة وهو المتهم الآن من قبل المتشددين في إسرائيل بالتفريط بالقطاع.
لم ترسم حركة "حماس" منذ انطلاقتها في أواخر الثمانينات برنامجاً سياسياً واضحاً، وتأثراً منها بحركة الإخوان المسلمين، كان الكفاح المسلح في أدبيات الحركة يوصف بأنه الجهاد الأصغر في مقابل الجهاد الأكبر الذي هو إصلاح النفس والمجتمع. لكن وبالتزامن مع اندلاع "الانتفاضة" الفلسطينية الأولى أصبحت استراتيجية "حماس" هي الكفاح المسلح كخيار وحيد لتحرير فلسطين، الأمر الذي عزز وجودها على الساحة الفلسطينية وزاد باطراد رصيدها الشعبي والجماهيري. وهو العامل نفسه الذي كان فيما مضى قد عزز من موقع حركة " فتح" واتاح لها الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969م باعتبارها قائداً للنضال الوطني الفلسطيني ببعده الكفاحي المسلح، وهي المهيمنة اليوم على السلطة الوطنية الفلسطينية. لكن الكفاح المسلح المنطلق أساساً من المناطق (أ) التي تقع خارج السيطرة الإسرائيلية ما كان يمكن له أن يكون فاعلاً لولا المسار السياسي الذي وفر لمختلف الفصائل الراديكالية قواعد آمنة عسكرياً، بدليل أن عمليات المقاومة المسلحة لمختلف الفصائل شهدت تحولاً كمياً ونوعياً ابتداء من العام 1993م.
يمكن أن نضع يدنا على تناقض أساسي من حيث الطبيعة بين حركة حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية، فإذا كان غياب خط سياسي تسير عليه السلطة يفقدها أحد مبررات وجودها, فإن اعتماد خط سياسي من قبل حركة "حماس" يهدد جوهر استراتيجيتها بوصفها حركة كفاح مسلح. وهو التناقض الذي أريد له على ما يبدو أن يظهر على هيئة تناقض بين مرجعيتين في الساحة الفلسطينية، مرجعية تتمثل في العملية السياسية، أو التسوية كما يسميها البعض, وأخرى تتمثل في المقاومة. ومن هنا الإصرار على النظر إلى غزة على أنها قاعدة لانطلاق المقاومة. لكن عدم الرغبة في النظر إلى غزة على أنها أيضاًَ مساحة متاحة للبناء الاجتماعي السياسي، يحرم الشعب الفلسطيني من حقه في بناء كهذا يكون بالدرجة الأولى عامل دعم لصمود هذا الشعب في وجه الاحتلال. فكما أن للفلسطينيين الحق في الاستشهاد فإن لهم أيضاً الحق في الحياة. فما الذي يمنع حماس وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية من تطوير أساليب عمل ونضال وطني تكون أقل اعتمادا على السلاح وأكثر تركيزاً على النضال الشعبي والجماهيري على غرار ذاك الذي اتبع في "الانتفاضة" الفلسطينية الأولى؟ أوليس في طرح الكفاح المسلح كخيار أوحد ووحيد للنضال الفلسطيني مصادرة على حق الشعب الفلسطيني في تطوير أساليب مناسبة أخرى للنضال الوطني تستطيع الجمع بين العمل السياسي والشعبي والتنظيمي من جهة وبن الكفاح المسلح من جهة ثانية؟ كما أن وضع حد لفوضى السلاح لا يتعارض مع تمسك حركات المقاومة بما فيها حركة "حماس" بالسلاح. فما حاجة المقاومين لإشهار السلاح بعد الانسحاب الإسرائيلي في شوارع غزة في المسيرات وفي مختلف المناسبات من أفراح و أتراح؟ وهل تستطيع الفصائل الفلسطينية نفسها أن تضبط أفرادها المسلحين وأن تمنعهم من أية مبادرة أو تصرف فردي يكون عامل استفزاز لأطراف أخرى مسلحة وما قد ينجم عنه من صدامات محدودة أو قد تتوسع قبل أن تتم السيطرة عليها؟
لقد رفعت "حماس" شعار" شركاء الدم شركاء القرار" لكن الشراكة في القرار تتطلب أيضاً شراكة في البناء الاجتماعي السياسي، فليست المسألة صراعاً على النفوذ أو حول مرجعية الشعب الفلسطيني. وتغدو الموازنة بين الاجتماعي السياسي من جهة والنضال العسكري والجماهيري والشعبي من جهة أخرى مسألة ملحة في هذه المرحلة بالذات. فلا يمكن للعسكري أن يكون بمعزل عن السياسي وإنما هو في خدمة هذا السياسي وبتوجيه منه، و إلا سيكون العسكري غاية في حد ذاته وليس وسيلة لنيل الحقوق المشروعة والتي هي في النهاية حقوق سياسية. ويبقى سؤال مهم وهو: ما موقف حركة "حماس" وقد طالبت " بمجتمع ديمقراطي عصري" في حال خسرت أي انتخابات مقبلة أو امتنعت عن المشاركة فيها؟ هل ستأخذ دور المعارضة الديمقراطية التي هي إلى جانب حكومة ديمقراطية عماد الاستقرار السياسي للشعب الفلسطيني؟
صحيح أن الموازنة بين العسكري والسياسي لن تتحقق إلا عبر مشاركة أوسع في عملية صنع القرار السياسي تكون قاعدتها المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وتضع حدا لتناقض يتمثل في انفراد السلطة في القرار السياسي ورغبة أطراف أخرى بالإنفراد في الكفاح المسلح، لكن مصلحة الشعب الفلسطيني أيضاً، لا تقتضي السير وراء عواطف الشارع وحالاته الشعورية وردات فعله هكذا على عواهنها، بل إن قيادة الشعب الفلسطيني تتطلب ضبط نبض وإيقاع الشارع الفلسطيني ضبطاً عقلانياً يسخر كافة طاقات هذا الشعب في سبيل بلوغه أهدافه المشروعة بأقل كلفة ممكنة، وتحويل فعالية الشارع الفلسطيني من حال رد الفعل إلى الفعل الشعبي المنظم. وهذا لا يتم إلا من خلال رسم برنامج عمل سياسي واضح المعالم تخاطب به "حماس" وغيرها من الفصائل الشعب الفلسطيني والعالم.
في غزة يجب أن تسخر الطاقات لعملية البناء الاجتماعي والسياسي، أما في الضفة فيجب البدء بعملية تقنين الكفاح الفلسطيني عبر مزيد من النضال الشعبي والمدني والإعلامي. خصوصاً وأن مظاهر انخراط الشارع الفلسطيني في الاعتصامات والمظاهرات الاحتجاجية ذات الطابع الجماهيري الشعبي باتت ضئيلة بشكل ملحوظ، ويكفي للمتتبع أن يحصي الأعداد المشاركة في مسيرة احتجاجية على جدار الفصل العنصري، على سبيل المثال لا الحصر، ليجدها ضئيلة نسبياً مقارنة بمسيرة تتقدمها البنادق وإطلاق النار والرغبة في الانتقام.
إن المرحلة الراهنة تتطلب من حركة "حماس" أن توازن بين استراتيجيا ترسم خطوطها النهائية أيديولوجيا الكفاح المسلح، وبين استراتيجيا تتطلبها المرحلة الراهنة خطوطها العريضة بناء نظام اجتماعي- سياسي لإدارة أرض وشعب تتطلب القدر الكافي من البراغماتية والرؤية السياسية الشاملة. وإذا كان شارون أراد في انسحابه من غزة أن يجعل منها قنبلة موقوتة موجهة إلى الفلسطينيين، فعلينا أن نحول الضفة إلى قنبلة موقوتة تحت قدمي شارون، لكن قنبلة ُيقبض على الصاعق الذي لها من خلال برنامج عمل اجتماعي- سياسي واضح المعالم انطلاقا من غزة.



#حسام_أبو_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسام أبو حامد - حركة -حماس- واستحقاقات مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة