أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الشريف قاسي - ارتباط الديكتاتورية بالمقدس















المزيد.....

ارتباط الديكتاتورية بالمقدس


محمد الشريف قاسي

الحوار المتمدن-العدد: 4670 - 2014 / 12 / 23 - 21:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن أخطر إهانة للمقدسات هو إستعمالها و إستغلالها وإستثمارها في تبرير الإستبداد و التعسف في إستخدام السلطة و نشر الفساد. لقد أعتدي على الدين الإسلامي الحنيف من طرف أبنائه أكثر من أعدائه ، إلا أننا لا نمارس النقد الذاتي نحن المسلمون ، و إلا لعرفنا أننا بعيدين عما يريده هذا الدين للبشرية، بل أننا نعاديه و نبعد الناس عنه بسبب ما نقوم به من تصرفات و سلوكات لا إنسانية و نبررها بالدين. و لذلك يجب أن نكون إنسانيين قبل أن نكون مسلمين فكم من طاغية مستبد حكم الأمة حسب شهوته و هواه
و إستعبدها و أذلها و إرتكب من المجازر و الجرائم مما لم يرتكبه حتى فرعون ، و وجدنا له الأعذار و المبررات، بل أعطيناه الغطاء و الصبغة الدينية و القدسية ( أمير المؤمنين، الخليفة، ناصر الدين ، خادم الحرمين، آية الله العظمى، الزعيم، القائد الأعلى) و نصور لغير المسلمين أن هذا هو الإسلام، الذي ندعوكم إليه ، مسحنا كل عيوبنا و إخفقاتنا السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية في الإسلام، ثم نقول أن الغرب يعادي الإسلام، أو أنه لما يعادينا لسلوكاتنا و جرائمنا
( المنافية للإسلام) نقول أنه يعادي الإسلام، ويكأنه نحن الإسلام، و لذلك يجب أن لا ندخل الإسلام في كل صراع، لماذا كل أصحاب الديانات الأخرى لا يدخلون دياناتهم في صراعاتهم الداخلية أو الخارجية إلا نحن المسلمون، نقحم الدين في كل شيء رغم أننا لا نلتزم به كما أمر، لماذا هذا الإستغلال المشين لهذا الدين العظيم، خاصة الإستغلال السياسي، فجعلنا من هذا الدين، دين عنف و إرهاب أو دين فساد و إستبداد أو دين تخلف و جمود. لقد لام الله اليهود لما لم يتمسكوا بتعاليم التوراة، و لم يستفيدوا مما فيها من التعاليم و القيم الإنسانية، فقال ( كالحمار يحمل أسفارا) كما لام و وبخ الشعوب التي جعلت مما يسمى برجال الدين، من أصحاب العمائم( الذين قاموا بإستغلال الدين في تبرير شهوات الحكام و ظلمهم لشعوبهم، كما أنهم جعلوا الدين مصدر إسترزاق لهم و لعوائلهم) فقال تعالى ( إتخذوا أحبارهم
و رهبانهم أربابا من دون الله) فالإسلام جاء لتحرير العقل
و للعمل به و لقد ذم التقليد و التقيد بكل ما هو قديم، فقالوا
( إن وجدنا أبائنا على أمة و إن على آثارهم مقتدون) كما ذم سبحانه الإتباع بلا علم و إستعمال عقل للمشايخ و العلماء، فقال عنهم ( إذ تبرأ الذين أتبعوا من الذين أتبعوا و رأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب) فعلينا عدم الإستهانة بالعقل المفكر، هذه النعمة الإلهية الكبرى التي إستطاع العقل الغربي و الشرقي( اليابان و الصين و كوريا ) لما تحرر من الخرفات و الأوهام أن يتقدم في كل ميادين الإيدولوجيا و التكنولوجيا لخدمة البشرية جمعاء، جزاهم الله عنا خيرا، فالإتباع
و التقليد بلا علم و لا عقل و ترديد كلام الأخرين كالببغاء،
و تعطيل عقول الناس و فرض الوصاية عليها ( كما يقولون من تمنطق تزندق) و ملء عقول الأتباع بالخرافات و الأوهام و تخميرها (الخمر ذهاب العقل) و تخديرها (المخدرات) لسنين طوال، و إتباع قاعدة( إتبعي و لا تناقشني) و(بيع صكوك الغفران) كل هذه الأساليب و الخدع لا تخفى على عاقل، و التي يقوم بها دعاة الإستكبار بدعوى الفهم و العلم
و السلطة و الجاه لإستعباد المغفلين و السذج من الناس ليكونوا حطبا لنار الفتنة و قضاء مصالح الكبار، و لذلك حذرنا ربنا في القرآن الكريم من هذا الصنف من الإستغلالين و الإستكباريين، فقال( فقال الضعفاء للذين إستكبروا إنا كنا لكم تبعا، فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) فالتنازل عن أخص خصائص الكرامة الإنسانية و الحرية الشخصية في التفكير و الإعتقاد و الإتجاه، و جعل الإنسان من نفسه تبعا لغيره مهما كان مستوى هذا الغير، يعد عند الأسوياء و العقلاء جريمة، فإدعاء الضعف و القصور ليس عذرا، فالله تعالى خلق الناس سواسية و كرمهم بالعقل على سائر المخلوقات، فلا (لحيوة الإنسان) فلسنا قطيع من البهائم نساق إلى حتفنا بأنفسنا، و لذلك يعاقب الله تعالى هؤلاء الضعفاء، ضعفاء العقول الذين نزلوا أنفسهم إلى مرتبة البهائمية و ذلك ما أسميناه القابلية للإستعباد وها نحن المسلمون نردد في كل يوم في صلاتنا ( إهدينا الصراك المستقيم ) و لو نظرنا لواقعنا نظرة نقدية و تأملية لوجدنا أنفسنا نحن الضالون و المغضوب عليهم أنظر إلى واقع المسلمين اليوم و ما يعانون منه من الضلال و التيه، ضلال في الفكر و الإيدولوجية وضلال في السلوك و التكنولوجية ، طفيليون و عالة على الأمم الأخرى في كل شيء، أي مثال قدمناه للعالم نحن المسلمون، أي دعوة و أي إسلام...أإسلام الطالبان أو إيران أو السعودية أو الصومال ، أإسلام بني أمية أو بني العباس أو الأتراك، هذا في التطبيقات، أما الإيدولوجية فأي إسلام نقدم للعالم، إسلام الشيعة أم السلفية أم الصوفية ... إني أتسائل دائما لو ولدت في اليابان أو أمريكا أو أروبا هل كان بإمكاني إعتناق الإسلام، و من الذي يدفعني لإعتناقه و أنا أرى حال أتباعه و ما هم عليه .
فكيف يحق لي أن ألوم هؤلاء القوم على ماهم عليه ، و هل حقيقة أكون سعيدا لو ولدوا في بلداننا العربية و الإسلامية
و ما إخترعوا لنا المصباح الذي يضيء شوارعنا في الليل
و منازلنا و الموبايل الذي طوى المسافات و قربها و جعلنا نقضي مصالحنا و نحن على أرائكنا و الكمبيوتر و الأنترنات الذي سهل لنا كل المهمات و جعلنا نتواصل و نذيب الفوارق الإيدولوجية و العنصرية و كأننا من أسرة واحدة، و الطائرة
و السيارة والمبرد، إلى غير ذلك من المنتوجات والمخترعات
و التسهيلات التي جاء بها هذا العقل الغربي الذي خمر و خدر في عالمنا العربي الإسلامي سنين طوالا. فلا يمكن أن ننتج
و نفكر بعقل مخمر و مخدر منذ قرون، لقد أصبنا حقيقة بالغيبوبة الفكرية و العقلية و لبد لنا من صحوة و صعقة كهربائية لعلنا نفطن من هذه الغيبوبة،أحيانا أتسائل من الضال التائه و المغضوب عليه، و أتسائل لو كان هؤلاء القوم
(الكفار لعنهم الله كما يقول مشايخنا )في كوكب أخر غير كوكبنا(لأنني أخشى دائما أن يجدوا كوكبا أخر فيه الحياة فيذهبوا إليه و يتركوننا هنا للفقر و التخلف والجهل والظلم) لو فعلوا ذلك، هل كان بإمكاننا أن نصل إلى ما وصلوا إليه اليوم . حتما نرجع للسيف و البعير و (القربة) و حكم القبيلة ، و العيش في الظلم و الظلمات كما كنا سابقا و لازلنا. كلما أرى على شاشة التلفاز( التي هي من صنع الكفار طبعا) كل يوم من إقتتال بالمجان بين السنة و الشيعة في العراق و إيران
و باكستان و أفغانستان، و ثورات سلمية و أحيانا دموية بين الشعوب المقهورة و الحكام في الجزائر و السعودية و إيران و مصر و تونس و ليبيا و البحرين و سويا و العراق و اليمن و السودان و الصومال، إلى غير ذلك من بلاد المسلمين
و العرب ، و تخلف في كل الميادين الحياتية و إستبداد و فساد على كل الاصعدة ، و لن تجد هذه الأحداث إلا في بلاد الإسلام و العرب، و بالمقابل تسمع عن إجتماع مجموعة الثماني
(G8) و عن الوحدة الأروبية، و أن مجموعة السلام الأخضر تعترض قافلة للمواد السامة و الملوثة للجو، و تعرض نفسها للخطر من أجل حماية الأرض و ما فيها من كائنات(حتى المسلمين)، و أن إمراءة عرضت نفسها للخطر من أجل إنقاذ حيوان من الغرق و أخرى من حريق... هل هؤلاء من عالم غير عالمنا، وهل هذا يدفع شعوب العالم إلى إعتناق هذا الدين العظيم الذي جاء ليقيم العدل و المساواة و يعطي الحريات
و يحقق الإستخلاف في الأرض و إعمارها و يدعو إلى فعل الخيرات، قال تعالى ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) و قال ( هو أنشأكم من الأرض
و إستعمركم فيها)وقال( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات و ما في الأرض و أسبغ عليكم نعمه ظاهرة
و باطنة) .

يقول الإمام محمد عبده : " كل ما يُعاب على المسلمين ليس من الإسلام ، وإنما هو شيء آخر سمّوه إسلاماً".
ويقول المفكر عمر عبيد حسنة : " هل أخطر من أن نأتي إلى صوَر من تخلفنا فنرفع فوقها شعارات لتصبح هي الإسلام ؟!"
ويقول المفكر مالك بن نبي : " التخلف هو عقوبة إلهية أوقعها الإسلام بأتباعه جرّاء تخلّيهم عنه ، إن المسلمين تأخروا لأنهم تركوا الإسلام لا لأنهم تمسكوا به ، فحقّ عليهم قوله سبحانه : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))
وقد نجح الإعلام الغربي – للأسف – باستغلال تخلف المسلمين فوظفه لصالح أطروحاته المعادية للإسلام والعرب .
يقول الأفغاني : " أفضل وسيلة لإقناع الغربيين بالإسلام، أن نقنعهم أولاً بأننا لسنا مسلمين كما ينبغي"
هكذا يقول أهل الفكر المتنور و الغيورين على حال أمتهم، بهدف إستنهاظ الأمة من غيبوبتها و سباتها العميق، أما أن نبقى نمدح في تخلفنا أو نبكي على الأطلال و عن ماض تليد، وحتى لا ننسى واقعنا المر و مستقبلنا المظلم، فلنقم بغربلة تراثنا و نبني مستقبل أنبائنا.



#محمد_الشريف_قاسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مظاهر تخلفنا
- تهادوا تحابوا


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الشريف قاسي - ارتباط الديكتاتورية بالمقدس