أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حارث محمد حسن - دعهم يخرجون - العلاقة مع الاسلامويين















المزيد.....

دعهم يخرجون - العلاقة مع الاسلامويين


حارث محمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 09:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك طريقتين لمواجهة الخطر ، ان تردعه او تتركه يفرغ ما في جعبته لينكفئ .التيارات الاسلاموية ذات التوجه التكفيري والعنفي هي من ابرز المخاطر التي افرزتها مرحلة انكفاء الحداثة في العالم العربي ، على الاقل من زاوية ماتبقى حيا من منجزات تلك الحداثة. والتعامل مع هذه التيارات وخطابها السياسي ومنطقها الفكري ظل لزمن غير قليل منحصرا في صورة ردع الخطر واستخدام اليات الكبت المعتادة لدى الأنظمة الديكتاتورية الفاقدة للمشروعية السياسية والاجتماعية ، والنتيجة هي رد فعل عكسي تمثل بصعود قدرة هذه التيارات على التحشيد والتعبئة مستثمرة مجمل المناخ الاجتماعي والفكري الناكص عن الحداثة والتأثير المستمد من التلاعب بالخطاب الديني وتطويعه وفق منطق يدغدغ المشاعر الشعبوية ويجد فضاءا مقبولا في الحيز الذهني الضيق الناتج عن تراكمات القمع الفكري وغياب اليات التجدد الاجتماعي والفكري التلقائي.
من هنا فان المدرسة المخابراتية انتهت الى الفشل في تعاملها مع هذه التيارات ان درسنا الأمر من منظور الافق الأبعد. لقد استمدت الأنظمة المخابراتية التي حكمت العالم العربي منذ الستينات فلسفة التعامل مع هذه التيارات من رؤى قصيرة الأمد توازي الطبيعة الظرفية لهذه الأنظمة وعلاقاتها القسرية مع بيئاتها الاجتماعية. فكانت " حلولها " اجراءات ذات تأثير تغذوي في الغالب خصوصا عندما غاب عنها الأفق الاجتماعي وقدرة الارتقاء بمستوى الفهم الى الأسباب الأكثر جذرية وهي في كثير من الأحيان نفس الأسباب التي انتجت هذه الأنظمة . القمع البوليسي للحركات الاسلاموية زاد من قبولها الاجتماعي عندما تم التعامل مع هذه الحركات كظاهرة سطحية يغيب عنها العمق الاجتماعي والثقافي في الوقت الذي ظلت هذه الأنظمة تحتكر ذات الخطاب السياسي المجاري لخطاب هذه الحركات وتسهم في اعادة انتاج ذات الاطر الثقافية والمعرفية المواتية لتسريب فكر هذه الجماعات وتأكيده اجتماعيا ، فصارت هذه الأنظمة عدوا وصنوا في آن واحد للاسلامويين ، ليلتئم الطرفان في كثير من الاحيان ضمن تحالف شاذ حافظا خلاله على مساحات نفوذهما ضمن الحيز الاجتماعي وعلى مستويات معينة من الصراع لاتضر باتفاقهما الضمني على الانقضاض المتواصل على متجليات الحداثة حيثما بدت مغذية للتمرد على السائد السياسي والأجتماعي.
فوجدنا الطرفان ( الأنظمة والاسلامويين ) يتبنيان خطابا متشابها احيانا ( تحرير فلسطين ، محاربة الامبريالية والصهيونية ، الماضي المجيد ) في اطار التسطيح المتواصل للواقع السياسي والهروب من مواجهة الاستحقاقات التي تفرضها العملية غير المنجزة لبناء الامة في جميع هذه البلدان ،وتشجيع الهروب الاجتماعي نحو مشاكل ما وراء الحدود باستغلال الميوعة الجغرافية المرتبطة بدورها ايضا بمشروع بناء الامة غير المنجز . الأنظمة ترى في هذا الخطاب وسيلة لترقيع مشروعيتها الناقصة ومحاكاة المخيال الجمعي ، والاسلامويين يعتبرونه وسيلة مزايدة لاحراج الانظمة ولسد النقص في المشروع السياسي لتنظيماتهم الذي يغيب عنه الفهم التاريخي ويتغذى على مائدة التيهان الفكري الناتج عن المنطق مابعد الحداثي للرأسمالية التفكيكية.
وفي ظل هذه المعادلة ، بدا إن الفضاء السياسي والاجتماعي في العالم العربي قد اغلق على علاقة شاذة بين خصمين يكملان بعضهما بقدر ما يمارسان العداء تجاه بعضهما ، القمع الذي استخدمته الأنظمة ضد الاسلامويين عمق من مشروعيتهم الاجتماعية وأحيانا السياسية ، في الوقت الذي اسهم ذلك في تعميق المشروعية الدولية لهذه الأنظمة حيثما طرحت نفسها وكيلا للنظام العالمي في سعيه لترسيخ دعائمه بمواجهة التطلعات الثورية او المنتجة للفوضى .
ليست قوة الاسلامويين ، بناءا على ما سبق ، نتيجة لبنائهم الفكري المتماسك او القدرة الاختراقية لأيديولوجيتهم ، بل لأنهم النتاج الممكن الوحيد في هذه البيئة المناوئة للحداثة السياسية ، وهم الامتداد الطبيعي للقمع السياسي والفكري لأنهم تربوا على المتاح الاجتماعي واوغلوا في المضي بعيدا في طريق النكوص عن الحداثة الذي قطعت الأنظمة خطواته الأولى ، وامتلكوا آليات البقاء عبر الاستثمار المنظم لغياب الوعي الاجتماعي والاستفادة من المنابر المتاحة شعبيا ومن الظرف التاريخي المغلف بقدر كبير من البؤس والنزعة القدرية ورغبة الاستئساد بالماضي في مواجهة العزلة الإجبارية عن المجتمع الحديث .
وفي بعض الأحيان صار الطرح الاسلاموي المناوئ للحداثة صريحا بعد ما بدا جزءا من عملية إثبات الهوية ، لقد ذهب الكثير من الاسلامويين الى حد اعتبار التخلف معيارا للنقاء فأصبحت قطيعتهم مع النظام العالمي اكثر تجذرا وانكشافا . وفي الوقت الذي يبدو ان القوة المركزية في النظام العالمي وهي الولايات المتحدة تتجه الى المواجهة المباشرة مع الاسلامويين ، تعيش الأنظمة أزمة وجود جديدة وتحاول بشكل او بآخر التأقلم مع الوضع الجديد باليات مختلفة ، فتارة تحاول الايحاء برغبة العودة الى مشروع الحداثة غير المنجز، وتارة اخرى تتخندق وراء ذات الخطاب الشعبوي السائد تشبثا بمشروعية داخلية تعوض تراجع مشروعيتها الدولية ، ورغم الطابع الإيحائي للسلوكين ، فانهما لا يخلوان من تنازلات تقدم للولايات المتحدة في الحالة الأولى ، وللاسلامويين في الحالة الثانية .
ان هذه الأزمة الوجودية هي نتاج لعملية تراكمية جذرها الأساسي هو الخيار القمعي في التعامل مع الإسلام السياسي ، فحيثما افتقد المجتمع إلى البنية الحداثية المنظمة ديمقراطيا والمعتمدة على آليات التنافس المفتوح ضمن الإطار السياسي الواسع ، كان الأداء القمعي ظرفي الأثر وآني النتيجة ويخلو من النظرة البعيد الأفق ، ولاينهي المشكلة بقدر ما يسهم في تراكمها واعادة إنتاجها وبلوغها أوج التعبير عن نفسها في لحظة إصابة هذه الأنظمة بالشيخوخة وقرب تقاعدها . إن قطع الرؤؤس واختطاف الرهائن والقتل بالجملة يعكس هذا التفاقم في رغبة التعبير عن الذات لدى الاسلامويين كما يعكس تأزمهم أمام نمط المواجهة الجديد الذي لم يعتادوا عليه ، وهو وان أبقى على اعتماد آليات قمعية فانه يرهن ذلك بمشروع تحديث واسع يتجاوز سيطرة الأنظمة الحاكمة وأحيانا يقضي عليها . لقد فشل المنطق القمعي في وضع حد للمشكلة وبات الخيار الممكن هو السماح للبؤر الاسلاموية بالتعبير عن نفسها سواء بالخطاب الديماغوجي او بالمعارضة الصريحة او بقطع الرؤوس وخطف الرهائن ، فالآلية الجديدة ذات الأفق الأبعد لا ترهن المستقبل باستحقاقات الحاضر ولاتسعى لسلام مؤقت على حساب مستقبل فوضوي ، بل تتقبل الفوضى المؤقتة التي يسعى الاسلامويون الى فرضها وتتسلح بالمناخ العالمي المتقبل للمواجهة الشاملة معهم من اجل استهلاك قواهم عبر إطلاقها لتصل إلى الذروة وليتبدى " مشروعهم " على حقيقته خاليا من أي مشروعية اضفاها القمع عليه ومن أي جاذبية تمتع بها بفعل التمظهر بصورة الضحية . هذا الخيار سيكون بشكل او بآخر سقوط لنتاج مرحلة الانكفاء عن الحداثة ، سقوط لأنظمة هذه المرحلة ، ولمعارضتها ، ولخياراتها ..انه السقوط اللازم لبداية جديدة.



#حارث_محمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حارث محمد حسن - دعهم يخرجون - العلاقة مع الاسلامويين