أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي البهلول - تأملات ارتكاسية














المزيد.....

تأملات ارتكاسية


علي البهلول

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 17:43
المحور: كتابات ساخرة
    


تصدير:
"يقتضي العيش في عزلة أن يكون المرء حيوانا أو إلها كما قال أرسطو لكن توجد حالة ثالثة و هي التي تقتضي كلتا الحالتين...أن يكون المرء فيلسوفا". "نيتشه"
لست أدري كم كانوا حينها و من كان سادسهم بل كنت اعلم انه لبث حينها ساعة أو بعض يوم و هو كالغريب في نفس المكان يحاول إيجاد طريقة أخرى للعزلة و للبحث عن البعد.
يريد الخروج عن المألوف و ما ساد حياته طيلة أربعين سنة من الوهم و الضن و الأخطاء.لم يعد يستطيع الكتابة ولا حتى ترتيل آيات قديمة. فقد ظل طيلة تلك الفترة يسخر من حاله و من عبادته التي صدأت و انتهت و كان يسخر من مدينته التي تحدث عنها حكيم قبله ولم يعد بإمكانه عرض بضاعة فكره في سوق المزاد أو حتى معرفة أصله و نسبه الأول.
كل ما كان يعرفه أنه فعل مضارع في المجهول، ما أذكره انه بقي كالغريب يفتش عن مكان لربما يكون قد رسخ في ذاكرته مذ كان يتعلم شيئا شبيها بالحكمة.
لم يعد لديه من طعام كثير فقرر النزول إلى سوق العرض و الطلب و فور وصوله يبدأ قلبه بالخفقان كأنما قد أصيب بنوبة خفيفة أو رأى في يقظته حلما قديما...
كانت البضاعة متناثرة وكانت الحيوانات رغم قلتها هائجة تحاول البحث عن مار ليشتريها. وبينما هو كذلك وقع نظر الغريب على شيء شبيه بالحيوان يقال أنه "العجل".
فسلّم الغريب عليه و مسح بيده على جبينه و اشتراه من صاحبه ببعض الدراهم المنسية لكن العجل أبى الذهاب معه لأنه كان متزوجا من ناقة حمراء والتي لا يستطع فراقها و لا حتى تقبيلها .إلا أن الغريب في تلك اللحظة عظّ لسانه واشترى الزوجة المتبقية و من ثم مر بحانة مغلقة، فطرق بابها و استلم أمانته متمنيا له صاحبه نشوة كالنشوات المعتادة.
بعد قضاء الحاجيات قال الغريب في نفسه :
"اليوم لدي عجل و غدا لدي ناقة و بعد غد لا شيء إذن يمكن أن يكون يوم غد راحة أسبوعية أو يوم حساب".
اكتمل النصاب و أصبحوا ثلاثة:واحد يمشي على اثنين و الاثنان يمشيان على أربع فقرر أن يمشي على أربع كما فعلوا من قبله أبناءه اليتامى.أسرع الغريب بخطاه نحو الشمال في اتجاه جبل البركان حتى يتسنى له ممارسة طقوسه مرة أخرى.
فور وصوله اتخذ من القصب نارا له و بعدها ذبح العجل بيده اليسرى و شرب من دمه ما تيسر...
بعد لحظات من النشوة و التلذذ شعر بالدوران و الخفقان فصعد البركان ليحاول حينها إنشاد أبيات من الشعر التي حفظها قديما فتسمعه يقول :


"الكواكب تنازع أسوارنا يا إلهي
و كنت حينها وصية لزمان يتيم السنابل
من ينقذ السنابل الآن قلت"
و فجأة ينقطع عن الإنشاد و بدأ بالبكاء لتفطنه لموت العجل و بأنه سكر من دمه فيصرخ ناشدا مرة ثانية:

"إلهي أريد رضيع ناقة من أبي
كي يصبح الشعر ذكرى مولد العجل"
و بعد إتمام كلامه يلاحظ شيئا من الطين قد تشكل على هيأة رضيع ناقة وقد عاد عجله حيا فيبكي الغريب مرة ثالثة و يقول :
"الهي كيف كانت خلايا الطين أضلعا؟
و كيف عاد العجل حيا؟"
لم يجد الغريب إجابة في تلك الليلة فقرر النزول من فم البركان و نام بجانب أصدقائه الثلاثة و هناك راوده حلم جعله يستيقظ في الهزيع الأخير فقد رأى نفسه يأكل شيئا من التفاح القديم و في كل قضمة من التفاحة تخرج من جنبه الأيسر حورية من الحوريات العاريات فاجتمعت به اثنا عشرة حورية وكل حورية سألته سؤالا واحدا فالأولى سألته عن نسبه و الثانية عن ولده و الثالثة عن عجله و الرابعة عن رغبته و الخامسة عن رجولته و السادسة عن ناقته و السابعة عن حلمه و الثامنة عن شعره و التاسعة عن هجره و العاشرة عن سؤاله .
أما الحوريتان المتبقيتان فقد كانتا مصابتين بالصم و البكم و في كل مرة لم يجد الغريب الإجابة فقرروا طرده من ارض أجداده و حرمانه من الحلم إلى آخر حياته.
في تلك الليلة لم يستطع الغريب النوم و لم يجد آية تفسر لذلك الحلم فقال في نفسه :
"لقد هجرت المدينة بحثا عن الفضيلة فوجدت في الغابة تشكّلات إلهية و في الحلم حوريات عاريات".
بعد إتمام تمتماته امتص شيئا من ثدي الناقة ليطّهر فمه من بقايا الدم العالقة بين ضروسه و من ثم غسل وجهه ثلاثا :مرة ليعيد و عيه و مرة ليزيل من عينيه ما شاهده و مرة ليتطهر من ما صدر عنه ليتخذ من بعدها البركان منبرا ليتلو على أصحابه خطبة البداية ليقول لهم :
" يا معشر الأشباه لقد كبرتم حتى صرتم ، و نمتم حتى حلمتم آن الأوان ان تطبقوا وصية تحدث عنه القدامى قوموا و أذنوا , تزوجوا و لا تضاجعوا و اتخذوا الوديان أوطانا لكم".
بعد إتمام الخطبة أو الوصية احتلم الأصدقاء الثلاثة و بعدها ألقى الغريب بنفسه في البركان و على وجهه وجعه القديم و الجديد.
تعجب الأصدقاء مما فعله كبيرهم هذا لكنهم لم ينتحبوا كما فعلوا في المرة الأولى بل ضحكوا و قالوا:
"لقد مات كبيرنا هذا فهلمّوا لننظم فيه أبياتا رثائية لكي تكون شاهدا على موت صديقنا الحكيم فقالوا بصوت واحد :
"لقد كنت منا...رثائك علينا...
لأن الخريف طويل...فمنك صباحنا
و منك قصيدنا...فباسم القصيد تكون شهيدا علينا...
و أمك تكون نبيا لعرش خطانا..".

**تمت**
22/02/2012
الكاتب علي البهلول



#علي_البهلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقاصيص تجري في غير مجراها للدكتور محمد الخبو ابداع في اللامت ...
- الاعاقة الذهنية الواقع والتحديات التريزومي 21 نموذجا:مقتطف م ...
- قراءة في شذرات من كتاب جدل التنوير لماكس هوركهايمر وثيودورف ...
- حلم على وتر التردد لوغوس ووعي بالذات للشاعر التونسي شاهين ال ...
- أبو الهول وحادثة العين
- هل سينجح الفريخة والسلامي في حل مشاكل صفاقس


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي البهلول - تأملات ارتكاسية