أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جول هيناس - 1918: ثورة المجالس العمالية في ألمانيا















المزيد.....

1918: ثورة المجالس العمالية في ألمانيا


جول هيناس

الحوار المتمدن-العدد: 4637 - 2014 / 11 / 18 - 08:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



الكاتب/ة: جول هيناس.

ترجمه‫/‬ته الى العربية‫:‬ وليد ضو




‫قليلة، ربما، هي المرات التي زورت فيها الأحداث التاريخية كما حصل مع الثورة في ألمانيا التي اندلعت في الأيام الأولى من شهر تشرين الثاني عام ١٩١٨ واستولت خلال أقل من أسبوع على العرش البافاري والرايخ الثاني الألماني. وسواء في التاريخ الذي يدرس في ألمانيا أو خارجها، يتم تداول أكاذيب متعمدة ويصمت المعنيون بشكل يؤدي إلى إخفاء مسألة أساسية متعلقة بالهجوم على هذا العالم القديم الذي أثبت ما كان قادرا على فعله: أربع سنوات من مذبحة عالمية لا سابق لها. الثورة في ألمانيا التي كانت تشكل عام ١٩١٣ قوة صناعية مهيمنة، شهدت ثورة جذرية على هيمنة رأس المال.‬

‫مدينة كيل، الأحد ٣ تشرين الثاني عام ١٩١٨. توجه بحارة الأسطول الثالث في البلطيق للاجتماع في مقر النقابة، التي وجدوها مقفلة. فعقدوا اجتماعا في الساحة العامة، وانضم إليهم العمال. وكان ذلك إشارة لاقتراب اندلاع حدث سيهز جميع أنحاء المدينة. في زاوية الشارع، وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع دورية للشرطة بقيادة ملازم، الذي أمر بتفريقهم. لم يتحرك أحد. فأصدر أمرا حادا: "أطلقوا النار!". فقتلت تلك الرصاصات ٩ أشخاص وجرحت ٢٩ آخرين. ولكن، وخلال تفرق الحشد، حمل بحار بندقيته وقتل الملازم شتينهاوسر. فشكل هذا الرد- الصفعة بداية الثورة في ألمانيا.‬

‫صباح يوم ٤ تشرين الثاني، عرف البحارة أن ما ينتظرهم هو أكبر من إمكانية إعادة العقارب إلى الوراء. فانتخبوا مجالس للجنود، وجردوا الضباط من سلاحهم ورفعوا الأعلام الحمراء على السفن. وبعد ذلك، انتشروا في الطرقات مسلحين، تحت إشراف مجالسهم، من بينهم أرتيلت، زعيم حي، الذي سار في المقدمة؛ واحتلوا دون مقاومة السجن العسكري وأطلقوا رفاقهم وثوار تورينجا وهيليغولاند- أكثر من ألف سجين- الذين كانوا قد نقلوا من فيلهيلمسهافن قبل ثلاثة أيام. وسيطر آخرون على مبان حكومية، ومحطة القطار، مكذبين لينين الذي سخر من الثوار الألمان مدعيا أنه لا يمكنهم احتلال محطة قطار قبل أن تفتح شبابيك بيع التذاكر- من أجل شراء تذكرة.‬

‫بعد الظهر، أرسلت فرقة من الجيش للحد من انتفاضة البحارة، لكنها انضمت إليهم. وخضع قائد الفرقة لسلطة مجالس الجنود. وأظهر الجنود تضامنهم. وأعلن عمال الموانئ عن بدء الإضراب العام. في الليلة نفسها، باتت مدينة كيل تحت سيطرة أربعين ألف جندي وبحار ثائر.‬

‫في ٩ تشرين الثاني، سيطرت مجالس العمال والجنود على برلين. خلال خمسة أيام، أي من ٥ إلى ٩ تشرين الثاني، انتشرت مجالس العمال في كل ألمانيا. وأجبر القيصر فيلهلم الثاني على الهروب من البلاد.‬

‫في تشرين الثاني عام ١٩١٨، كانت ميونخ إحدى معاقل الثورة في ألمانيا. الخميس ٧ تشرين الثاني، عقد اجتماع حاشد في تيريزينوايز. وصعد المتحدثون الاشتراكيون كل بدوره إلى المنبر ودعا الصحافي كورت إيزنر الجنود للتمرد والاستيلاء على الثكنات، وهذا ما فعلوه دون أي تأخير؛ كما أنهم سيطروا على الشوارع والمباني الرسمية. وشهد الاجتماع انعقادا لأول جمعية عمومية للمجالس، وخلاله أعلنت الجمهورية وعين إيزنر رئيسا للمجلس.‬

‫وخلال توجه في ٢١ شباط لحضور جلسة الافتتاح للجمعية العمومية‬ سقط إيزنر برصاصات الكونت أركو فالي، الذي طرد من تولي لأنه أخفى أن والدته يهودية وقد قام بذلك لـ"يثبت أنه حتى النصف يهودي قادر على القيام بعمل بطولي"، كما كتب لاحقا مخترع هذه الكذبة العنصرية، رودولف فون سيبوتيندورف. إيزنر توفي على الفور. وبسبب انتشار جو من الذعر، تفرقت الجمعية العامة، فبقيت بافاريا دون حكومة. إضراب عام، وحصار. لم يكن هناك سلطة خارج سلطة المجالس. المجلس المركزي، الذي يرأسه إرنست نيكيش، حاول إجراء تسوية بين نظام المجالس، والأحزاب الاشتراكية والجمعية العامة. ولكن الجميع دعا إلى إقامة جمهورية المجالس، متشعين بإعلان جمهورية المجالس في هنغاريا يوم ٢١ آذار.

وكان داخل الحركة الثورية مجموعة من المثقفين على قدر كبير من النزاهة، مثل الشعراء التعبيريين مثل إريك موهسام وإرنست تولر، والأكاديميين مثل مؤرخ الأدب غوستاف لانداور، وإليهم يمكن إضافة الاقتصادي أوتو نورات وسيلفيو جيزيل. بالإضافة إلى ريت ماروت محرر نشرة "صانعو الحجارة"، التي كان صدور عددها الأول في ١ أيلول عام ١٩١٧ بمثابة قنبلة، إذ كان حجم ومظهر المجلة شبيه بحجر القرميد تحت غلاف أحمر متوهج.

في ليل ١٣ نيسان، فشل انقلاب عسكري ولكن نجح في توقيف عشرات من أعضاء المجالس وأبرزهم موهسام وماكس ليفين. وخلال المعارك العنيفة الجارية في الشوارع التي اندلعت في مارين بلاتز [مركز مدينة ميونيخ] وانتهت بعد خمس ساعات بعد اقتحام محطة شنيبنهورست، سارعت قوات حمراء مرتجلة بقيادة البحار رودولف ايغلهوفر إلى توجيه ضربة إليهم. وفر قادة الانقلاب في القطار. وجرت محاولة أخرى للسيطرة على ميونيخ بعد ثلاثة أيام ومنيت بهزيمة أيضا: في ١٦ نيسان تمكن "الجيش الأحمر" بقيادة الشاعر إرنست تولر من هزم أخصامه "البيض" في داخاو واحتل المدينة.

طلب ماكس هوفمان مساعدة غوستاف نوسكي. فأرسل الأخير عشرين ألف رجلا الذين دخلوا بافاريا من الغرب والشمال وتصرفوا كقوات احتلال. والأراضي التي سيطرت عليها ميونيخ باتت معزولة وتحت الحصار، ووصلت بسرعة إلى حافة المجاعة. لمواجهة النقص في العملة، قرر الشيوعي يوجين ليفين أن يتم الاستيلاء على الحسابات المصرفية واحتياطي المواد الغذائية، وكان قراره تدبيرا يائسا. في ٣٠ نيسان، دخلت قوات نوسكي مدينة ميونيخ من ثلاث جهات في وقت واحد. توقفت المقاومة بعد ظهر ٢ أيار. وانتشر "الإرهاب الأبيض" بشكل لم تعرفه ألمانيا من قبل. وجرت مطاردة "السبارتاكيين" لمدة أسبوع كامل. وانعقدت المحاكم العسكرية والخاصة: وتوالت أحكام الإعدام كحبات البَرَد.

وكان انفجار الجماهير في برلين يوم ٥ كانون الثاني، لسبب بسيط، حين طرد إيكهورن من مقر المحافظة، فرفض الامتثال. مساء السبت ٤ كانون الثاني، في مقر المحافظة، عقد اجتماع ضم إيكهورن وجورج ليديبور (رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل الألماني) ومنتدبين ثوريين وليبكنخت وفيلهلم بيك (من الحزب الشيوعي الذي جرى تأسيسه في ٣٠ كانون الأول) ودعوا إلى "فرض الاجتماع في سيغيسالي" اليوم التالي الساعة ٢ بعد الظهر. يوم الأحد، ومنذ الصباح، خرجت حشود ضخمة، في أغلبها مسلحة، وتجمعت في وسط برلين، مصممة على العمل. فاقتحمت حي الصحافة، واحتلت دور النشر الرئيسية (شيرل، أولستين، موسي، فورفارتس)، وتوقفت المطابع عن العمل. واستولت مجموعات أخرى على محطات القطار الرئيسية. وتفاجأ المنظمون بالانهيارات المتتالية الجارية. في المساء، اجتمع ٨٦ شخصا في مقر المحافظة (من بينهم ٧٠ ثائرا و١٠ ممثلين من الجناح اليساري للحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل الألماني) لإنشاء "اللجنة الثورية المستقلة" التي ضمت ٥٣ عضوا، التي أعلنت في الليل:

"أيها العمال! أيها الجنود! أيها الرفاق!

لقد أثبتم يوم الأحد حتى آخر طاقة لإرادتكم بأنكم لن تتركوا دون عقاب حكومة إيبرت-شيدمان الملوثة بالدماء. علينا اليوم أن نمضي قدما. يجب وضع حد لكل الأعمال التي تقوم بها الثورة المضادة! أخرجوا من المصانع! تجمعوا اليوم الساعة ١١ في سيغيسالي! لتقوية الثورة وللمضي قدما. نحو الاشتراكية! لنناضل من أجل سلطة البروليتاريا الثورية! ولتسقط حكومة إيبرت-شيدمان!"

خرجت حشود العمال إلى الشوارع، ولكن مع تنفيذ احتلالات متفرقة على يد مجموعات معزولة عن بعضها البعض، فلم يحصل أي شيء. فقوى الحماية العسكرية ترددت في دخول المعركة. وأعلن قسم البحرية الشعبية عن حياده في هذه المعركة. اللجنة الثورية، والتي نقلت إلى مارستال، أجبرت على الفرار. وتفرقت التجمعات تدريجيا. مساء يوم ٦ كانون الثاني، وعلى الرغم من عدم معرفة أي شيء حتى الآن، كانت الثورة قد ماتت. في الأيام التالية، تردى الوضع ببطء. وعرضت اللجان المستقلة المطرودة الوساطة، وقَبِل إيبرت بذلك بكل سرور، الأمر الذي سمح لحزب الاشتراكي الديمقراطي بـ"رفع رأسه". اندلعت معركة حادة بين ٩ و١٢ كانون الثاني. انتشرت في شوارع برلين، مجموعات القمع، الشديدة التباين- من "الخنافس" المشهورين، والقناصة، و"فوج القيصر" الجديد تحت ولاية إيبرت، وفوج المتطوعين من اليمين المتطرف بقيادة راينهارد الذي تشكل بمناسبة عيد الميلاد، ومجموعات بوتسدام، المنظمة بعد فشل الهجوم على القلعة تحت قيادة الميجور فون ستيفاني، واشتبكوا في معارك من منزل إلى آخر ومن مبنى محتل إلى آخر. وكان احتلال فورفارتس صاعقا إذ أغرقت ببحر من الدماء. وكان مقر المحافظة هو آخر الأمكنة التي سقطت وذلك يوم الأحد ١٢ كانون الثاني.

سحقت الثورة، ودخل جنود جورج مايركير وفالتر فون لوتفيتز إلى العاصمة برلين دون أي معارضة وسط هتافات مؤيدة من البرجوازية. وبدأت في وقت لاحق عملية احتلال أحياء الطبقة العاملة في شمال وشرق المدينة، لكن هذه المظاهرة لم تكن سوى البداية. فقامت فرقة من الخيالة التابعة لحرس الكابتن فالديمار بابست الذي جعل من فندق عدن مقرا له، ونشرت ملصقا لها كتب عليه العبارة التالية: "لا تتركوا العاصمة قبل استعادة النظام". ومنذ دخولها في ١٥ كانون الثاني، قدمت برهانا على برنامج عملها: قتلت كارل ليبكنخت وروزا لوكسمبورغ.

حينها دقت الساعة الأخيرة من الثورة. أحد أشجع الرجال في الحركة الثورية والمنظرة الأكثر وضوحا في جيلها، الوحيدة القادرة على نقد في وقت واحد أوغست ببل وكارل كاوتسكي، ولينين وتروتسكي، وجان جوريس وجوزف بيوسودسكي، فألقيا تحت "رحمة" الجنود وقتلا كالكلاب.

يمثل اغتيالهما شجاعة ميزتهما، لا مثيل لها، وذكاء متوقدا، وقتلهما أكد على هذه الحقيقة الدامغة. لكن هذه الجريمة شكلت نقطة انطلاق لارتكاب الآلاف من جرائم القتل التي دمغت عهد نوسكي الدموي، معلنة بداية مسلسل القتل الذي سيفضي إلى بداية عهد هتلر. وأثبت الاشتراكيون الديمقراطيون أنهم لا يحسدون إجرام جنود حكومة فرساي على الإطلاق.

نشرت المجلة الشهرية cqfd هذا النص، للمرة الأولى باللغة الفرنسية، تحية للكاتب والشاعر أرتور، الذي توفي منذ فترة قصيرة. وقد صدر بالاسبانية بعنوان:

« 1918. Alemania. La revolución de los consejos » dans l’ouvrage DÍAS REBELDES, 2009.



#جول_هيناس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جول هيناس - 1918: ثورة المجالس العمالية في ألمانيا