أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - هل من عودة أيها السندباد ؟















المزيد.....

هل من عودة أيها السندباد ؟


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4612 - 2014 / 10 / 23 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


إستضاف المقهى الثقافي العراقي في لندن الذي يديره الفنان فيصل لعيبي بتمويلٍ وجهد ذاتي مع مجموعة من المثقفين العراقيين المغتربين، المخرجة والكاتبة فيحاء السامرائي ومجموعة من الأطفال العراقيين ذي الموهبة الواعدة لتقديم ثلاث لوحات مسرحية أمْتعتْ جمهور المقهى كباراً وصغاراً.
العرض المسرحي تكون من ثلاث حكايات مختلفة، الحكاية الاولى بعنوان (سهام والأرنب الذكي) مُستلهمة من حكاية معروفة عن الصراع بين الثنائيات (الخير والشر/ القوة والذكاء/ الاخلاق وعدمها/ الصدق والكذب / الامانة والخيانة) التي تبدأ من وعي الأنسان بوجوده ولا تنتهي بموته.

تدخل الى منصة المسرح طفلة عراقية تغني بحيوية أغنية فلكلورية "أنا سهامة مثل الحمامة" تذكرها الكبار وشدّتْ إنتباه جمهور الأطفال الذين كانت كراسيهم الصغيرة تَشغل مقدمة القاعة. الفتاة الجميلة فرحة مستبشرة وتحيي الكائنات من حولها، الأشجار والعصافير. تصادف في طريقها أسد حزين مأسور في قفص صغير (جسدته الممثلة شميم وهي ترتدي السواد) وبعد حوار بسيط يعاهدها الأسد أن يكف عن أيذاء الآخرين شرط أطلاق سراحه، وبعد أن يصبح الأسد حراً يفكر بأكل الفتاة التي أطلقت سراحه لأنه جائع، وتبدأ أغنية جميلة من شطرين بين الأسد والفتاة (الخير موجود والعدل موجود والشر إله حدود والشر إله حدود) بينما يجيبها الأسد ب(الخير مفقود والعدل مفقود والشر ماله حدود الشر ماله حدود) ويتجاذبان حبل أبيض غليظ هو حبل الثنائيات المتناقضة بالتأكيد، ويتحاكمان الى ثلاث كائنات لحل مشكلتهما فيسألان أولا عصفور يبكي لأنه رجع بعد بحثه عن الطعام إلى عشه ولم ير أفراخه وينتهي العصفور الى القول (وين العدالة؟ الشر ماله حدود). ثم يسألان شجرة قديمة حزينة تبكي ذكريات ثمرها ومن لعبوا في فيئها وستُقطع تمهيداً لتعبيد شارع بمكانها وتنتهي الشجرة ب( وين العدالة ؟ الشر ماله حدود). وحين يمر بهما أرنب يتقافز (قامت بتجسيده الطفلة سمار ببراعة ) يحتكمان إليه فيتظاهر الأرنب بعدم تصديق إن الأسد الكبير كان مسجوناً في القفص الصغير ويطلب منه أن يريه كيف، يدخل الأسد الى القفص من جديد ويحكم الأرنب القفل عليه. تنتهي الحكاية الأولى بإنتصار العدالة والخير كما هو معروف سلفا، لكن اللغة المسرحية البسيطة مُلغَمة بأكثر من طبقة لتوصيل رسالتها وأثارت فينا كباراً وصغاراً أسئلة مقلقة هل نصدق النهاية السعيدة رغم إننا نعرف إن النهايات تعيسة غالباً وتفتقد الى العدالة؟ المتفرجون الصغار ربما صدقوا النهاية بينما الكبار وأنا منهم إعتبرتُ إن النهاية السعيدة هي مجرد سخرية من التعاسة واللاعدالة.
غياب الديكور في العرض المسرحي والإضاءة وقفص الأسد وزيّه والشجرة والعصفور جعلنا نعود الى خيالنا لتكملة وترميم المشهد المسرحي، وهذا الترميم جعل العرض المسرحي تجريبي وتجريدي أكثر منه عرضاً للاطفال عن حكاية تقليدية في المقابل كانت حركات الأطفال متقنة مهذبة بلا زوائد وإجادتهم للهجة العراقية جيدة أيضاً رغم إنهم ولدوا خارج العراق.
في اللوحة المسرحية الساخرة الثانية تأليف وإخراج وبطولة الممثلة الواعدة (شميم)، التي تقارب بها مجتمع لندن المُكَوَن من مختلف الأعراق والجنسيات، فهي إتخذت من لهجة الهنود والأفارقة والعراقيين حين يتحدثون الإنكليزية مدخلاً للكوميديا والسخرية اللاذعة بطريقة (ستناد-آب-شو)، ورغم الملل البسيط الذي إنتاب الجمهور بسبب إعتماد هذا السكيتش المسرحي على ممثلة واحدة وبدون ديكور أو مستلزمات أخرى من موسيقى أو إضاءة، لكن (المؤلفة/ الممثلة) أوصلت الرسالة كاملة في تعايش هؤلاء الناس القادمين من مختلف بقاع العالم وتواصلهم بإنكليزية تختلف كثيراً عن لغة الإنكليز. كان واضحاً تأثر الممثلة ومحاكاتها للكوميدي البريطاني الإيراني الأصل أُوميد جليلي حين ينتقد لهجات وسلوكيات الأقليات التي تتعايش في لندن .
اللوحة المسرحية الثالثة كانت بعنوان (رحلة السندباد الأخيرة) الحوار بالإنكليزية وقليلاً من العربية وهي الأهم في هذه البانوراما. الحكاية عن أطفال ومعلمتهم يزورون متحف الحكايا الشعبية وتقف طفلة منهم بجانب صورة السندباد وتغفو وتحلم إن سندباد يخرج من صورته ويتجسد أمامها ليأخذها معه في رحلته الثامنة الأخيرة، فهو يريد أن يتقاعد من أسفاره ويستقر في مدينته بغداد. تفرح الطفلة لأنها مشبعة بحكايات عن بغداد وحضارتها ونخلها ودجلتها كون أبويها عراقيي الأصل. وبدل بساط الريح والجمل، يذهبان الى بغداد بمساعدة الكلمات السحرية على الـ (سكوتر) ويضايقهما رجال الحدود ويُتَهمْ السندباد بالإرهاب، ويتخلص منهم بكلمات سحرية، يساعدهما أيضا (جني) حداثوي، يستخدم الآيباد ويخبرهما بأنه ليس عبدهما بل أنه مساعدهما. حينما يصلان إلى بغداد تصيبهما الصدمة بسبب غياب ملامح الحياة الطبيعية، تبدأ الطفلة وسندباد بالتساؤل أين ذهب الناس؟ وهل هذه بغداد؟ أين أضوائها وأمجادها؟ ويتفاهمان بطريقة ما مع طفلين مشردين، يخترقان الجمهور ويناديان (حب علج جكاير) مع خلفية من أصوات القذائف وأزيز الرصاص. ويبدأ الطفلان بسرد معاناتهما مع الفقر وتردي الأوضاع الأنسانية على كافة الأصعدة. ينتهيان الطفلة وسندباد الى إنهما يجب أن يعودا الى بغداد ويساهما في إعمارها من جديد رغم كل شئ.
تستعير المخرجة لحن أغنية (أحبابنا سيروا نغدو إلى النهر الجميل للفنان سامي قفطان السبعينية) بكلمات جديده حين تخاطب المغتربين الجالسين بأن (أوطانهم حلوة حلوة بس الوطن ماله مثيل ) مما أثارت شجون ودموع الجمهور. وتأتي رسالة المسرحية على لسان سندباد الذي يقرر البقاء في بلده وبناء مدرسة يعلم الأطفال فيها تجاربه، وتدعو الفتاة الناس الى المحبة والإهتمام بالأطفال بإعتبارهم أمل المستقبل.
قبل ختام اللوحة المسرحية الأخيرة وزعتْ المخرجة قصاصات ورقية تحوي نشيد الختام على الجمهور الذي إشترك بالغناء مع الأطفال الممثلين، لِتُخرجْ الجالس من كونه متفرج الى فاعل في المسرحية وصعدوا الأطفال المتفرجون الى خشبة المسرح لكي يشاركوا بلوحة الختام المؤثرة. رغم الإمكانيات البسيطة للمخرجة لكنها أبدعت مع الأطفال عملاً مسرحياً يستحق الإحتفاء والإشادة.
متى تلتفت وزارة الثقافة العراقية مُمَثلة بمراكزها الثقافية المفتوحة في أغلب عواصم أوربا للتجارب والمواهب المسرحية والسينمائية والفنية وغيرها من المواهب الواعدة من الجيل الثاني للمغتربين العراقيين وتدعمهم مادياً ومعنوياً وتوجه لهم الدعوات لعرض نتاجهم الإبداعي على أرض الوطن وتشعرهم إن وطنهم أولى بهم؟



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزان لموظفي الدولة
- سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
- الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
- قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
- ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - هل من عودة أيها السندباد ؟